«دبي للثقافة»: 250 مليون درهم ذهب معظمها لأنشطة تتعلـق بمعارض تشكيلية

داعمو الفنون زاهدون في تمويل الأعمال الأدبية

محمد المر: الإمارات لديها مواهب متميزة تستحق التقدير والتشجيع.

كشفت إحصاءات هيئة دبي للثقافة والفنون حول مؤشرات ونسب دعم الجهات المختلفة للحركة الثقافية والفنية في الدولة، أن المساحة الكبيرة من الدعم موجّهة إلى فعاليات الفنون التشكيلية، على حساب الكثير من المشروعات في حقول الإبداع الأخرى، لاسيما في مجالي الفنون الأدائية من مسرح ودراما تلفزيونية وسينمائية، والفنون الأدبية التي لم تنل من الدعم المادي سوى 2٪، في مقابل 61.5٪ للفنون التشكيلية، التي حظيت أيضاً بما يقارب ثلاثة أضعاف الدعم الموجّه إلى الفنون الأدائية.

وجاءت الإحصاءات منسجمة أيضاً مع تصاعد صعوبات البحث عن التمويل بين المبدعين الشباب في مجالات التأليف وما يستتبعه من نشر، والمسرح والإخراج وما يتطلبه من وجود جهات ممولة، خصوصاً للأعمال السينمائية التي مازال يُنظر إليها على أنها مشروعات خاصة بالمخرج وكاتب السيناريو، في حين تحظى معارض تشكيليين موجودين بقوة على الساحة الفنية بدعم هم قادرون بالأساس على الاستغناء عنه، وهو ما يبرر دائماً برغبة الجهات الداعمة التي تخصص أموالها لمشروعات بعينها.

وأعلنت الهيئة تلك النسب المتعلقة بجوائز وتكريم داعمي الفنون في الإمارات، خلال ثلاثة أعوام متتالية انتهاء بالعام الماضي، والبالغ مجموعها 250 مليون درهم، خلال أمسية ثقافية استضافها فندق «رافلز» في دبي مساء أول من أمس، تطرق المتحدثون الرئيسون فيها إلى الكشف عن بعض تفاصيل مهرجان «طيران الإمارات للآداب» في دورته المقبلة.

دعم

أكد نائب رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، الأديب محمد المر، أهمية جائزة محمد بن راشد لداعمي الفنون، وكذلك الشراكة بين هيئة دبي للثقافة و«طيران الإمارت»، لافتاً إلى أن الإمارات لديها مواهب متميّزة تستحق كل التقدير والتشجيع، فتقاليد الأدب العربي الأصيل مازالت متجذرَةً في فكر الكتاب الشباب، الذين ينتظر العديد منهم الفرصة والدعم المناسبين ليحظوا بالاهتمام الذي يليق بإبداعاتهم».

وقال إن «هيئة دبي للثقافة والفنون ملتزمة بتوفير الدعم للمبدعين، لاسيما أن مستقبل المشهد الثقافي والأدبي لمدينة دبي هو بين أيديهم. ولا تقتصر أهمية أعمالهم على التعريف بفكرهم ورؤاهم الخاصة، بل هي في الوقت ذاته إثراء للهوية الثقافية الاستثنائية التي تنفرد بها دبي».

وذكر المر أن مثل هذه اللقاءات التعارفية تساعد الكُتاب الشباب على التواصل، وفتح قنوات الحوار مع الداعمين، معترفاً بأن «الأدب لا يحظى بدعم يماثل الاهتمام الذي يتوافر للفنون البصرية والموسيقية»، محيلاً نمو أي مبادرة ثقافية، بصورة رئيسة، إلى الداعمين «الذين يفضلون غالباً البقاء بعيدين عن الأضواء ليساعدوا الفنانين على خلق المحتوى الإبداعي الأصلي، ويمنحوهم فرصة التعريف بمواهبهم وتقديمها للعالم أجمع، دون تدخل مباشر».

 الخميسي: أزمة ثقافية

 

قال الكاتب المصري، خالد الخميسي، إن «أحد أبرز آفات الثقافة العربية المزمنة هو عدم الالتفاتة الرسمية لأهميتها في المناهج التعليمية، بدءاً من التعليم الابتدائي مروراً بالجامعي»، لافتاً إلى أن «كثيراً من الدول عندما سعت إلى الاهتمام بالثقافة قامت بتدعيم البنية التحتية للفعل الثقافي، وليس الفعل الثقافي نفسه، الذي يتعدى همه مجرد إقامة فعاليات ومعارض بين فترات زمنية متباعدة».

واستشهد الخميسي بتدهور الوعي الثقافي العربي بحجم الأزمة التي خلفتها مبارة في كرة القدم بين مصر والجزائر، لافتاً إلى أن حلول التنمية العربية الأنجع لن تأتي بعيداً عن بوابة الثقافة، وهو ما بشر به في النصف الأول من القرن الـ20 الأديب طه حسين، لكن تباشير تطبيقه تأخرت في كثير من البلدان العربية حتى بدايات القرن الـ21». واعتبر الخميسي مهرجان «طيران الإمارات للآداب»، أول مهرجان عربي للآداب، متوقعاً أن يكون «بداية حقيقية لأن ترسخ الثقافة حضورها في المجتمعات العربية»، مضيفاً «لا تنمية من دون ثقافة، ولا ثقافة من دون فعاليات ثقافية حقيقية مثل (طيران الإمارات للآداب)» .

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/309357.jpg

إحصاءات

قال مدير المشاريع بالهيئة سالم باليوحة، لـ«الإمارات اليوم» إن الإحصاءات المتعلقة بالعام الجاري لم يتم إنجازها بشكل نهائي، متوقعاً أن تظل الفنون التشكيلية في مقدمة اهتمام الداعمين، مضيفاً «تجذب سهولة دعم إقامة فعاليات ومعارض فنون تشكيلية معظم الداعمين، بفضل سهولة إقامة هذا النوع من الفعاليات، بخلاف مشروع نشر كتاب على سبيل المثال، إذ ربما يحتاج إلى التواصل مع أكثر من جهة، فضلاً عن احتياجه لمتابعة ومساحة زمنية أوسع».

وتابع: «هناك حالة من غياب الوصل بين داعمي الفنون المفترضين وأصحاب المواهب الأدبية، وهو أمر يستدعي إقامة المزيد من اللقاءات التعريفية المماثلة، لما يتم في هذا الحدث الذي قمنا من خلاله بدعوة العشرات من داعمي الفنون والناشرين والأدباء على اختلاف حقول إبداعهم، فيما تعتزم الهيئة إقامة فعاليات مماثلة ترتبط ايضاً بالمبدعين في مجالي السينما والمسرح»، مستشهداً في هذا الإطار بدعم هيئة دبي للثقافة والفنون فيلم «دار الحي» للمخرج الإماراتي علي مصطفى.

ثقافات

طرحت مديرة مهرجان «طيران الإمارات للآداب»، إيزابيل بالهول، سؤالاً افتراضياً عن أهمية الأدب، أجابت عنه بالإحالة إلى أهمية وحضور تأثير شخصيات مثل وليام شكسبير، أرنست همنغواي، والطيب صالح، ونجيب محفوظ، رغم مرور مساحات زمنية طويلة على رحيل بعضهم، مضيفة: «كيف سيكون مساء أحدنا عندما يغدو محروماً من كتاب يقرؤه؟ هي بالنسبة لي ستكون حياة مملة كئيبة».

ولفتت بالهول إلى أن المهرجان يسعى إلى تطوير آلياته مع بلوغ عامه الثالث، لافتة إلى مغزى التركيز على الناشئة، واستضافة أدباء من ثقافات متعددة، وذهاب فعاليات المهرجان إلى طلبة المدارس، واستضافت الأمسية أيضاً كيت إيدي، الصحافية السابقة في «بي.بي.سي» والإعلامية الحائزة العديد من الجوائز، والأديب المصري خالد الخميسي، والشاعر الإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم، الذي ألقى قصيدة بعنوان «الحياة» تمت ترجمتها على شاشة العرض باللغة الإنجليزية، وعدداً من داعمي الفنون الذين يشكلون ركيزة رئيسة في حفز نمو المشهد الثقافي والفني في دبي. وشهد أيضاً حضور نخبة من الشخصيات التي تم تكريمها في وقت سابق من العام الجاري بجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لداعمي الفنون، تقديراً لعطاءاتها المتميزة في مجال دعم الفن والثقافة في الإمارة.

ولفت المدير العام بالإنابة في «هيئة دبي للثقافة والفنون»، سعيد النابودة، إلى أن تعاون الهيئة مع مهرجان «طيران الإمارات للآداب»، هو في صميم رؤيتها الرامية إلى تسليط الضوء على أهمية توفير الدعم الكافي لحفز الإبداعات الأدبية والتعريف بإبداعات المواهب المحلية في هذا المجال. وقال النابودة: «تشكل جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لداعمي الفنون خطوة في غاية الأهمية نحو تقدير دور الرعاة، والتأكيد على أهميته في بناء المشهد الثقافي في الإمارة. وحرصنا على تنظيم مأدبة العشاء هذه لتوفر جسراً للحوار والتواصل بين المواهب الأدبية وداعمي الفنون، للتشجيع على توفير الدعم اللازم لتطور الحركة الأدبية في دبي».

تويتر