فارس ويوسف وأستادي.. الأفضل في التأليف والإخراج والتمثيل

«العاصفة» تحصد جوائز مسرح الشباب

ماجد بن محمد بن راشد في صورة تذكارية مع الفائزين بجوائز المهرجان. تصوير: أشوك فيرما

حصدت مسرحية «العاصفة» لمسرح الشباب للفنون في دبي معظم جوائز الدورة الرابعة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي اختتم مساء أول من أمس، بندوة الثقافة والعلوم في حضور سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، إذ حصلت أسرتها على خمس جوائز كاملة، هي بالإضافة إلى أفضل عمل متكامل، جائزة أفضل إخراج التي ذهبت للفنان حسن يوسف، وجائزة أفضل نص مسرحي لمؤلفها حميد فارس، وجائزة أفضل ممثل التي حازها الفنان إبراهيم أستادي، بالإضافة إلى جائزة الأزياء التي ذهبت لحسن يوسف أيضاً.

ولمس رئيس لجنة التحكيم الفنان جمال مطر تناغماً واضحاً بين اختيارات اللجنة وآراء حضور الحفل الختامي عندما ترك فسحة من الوقت للجمهور من أجل توقع هوية المسرحية الفائزة بجائزة أفضل عمل متكامل، دون أن تعلو الأصوات بغير «العاصفة»، وهو أمر تكرر في أكثر من حقل لحظة الكشف عن هوية الفائزين باستثناء منح مسرحية «باب» التي لقي عرضها انتقادات لاذعة، جائزة أفضل ديكور، حتى في مفردات تتعلق بالأداء، فيما جاءت مسرحية «زلة عمر» لمسرح أم القيوين الوطني في المركز الثاني بعد «العاصفة» في عدد الجوائز، بحصولها على جوائز أفضل إضاءة وأفضل مؤثرات صوتية، بالإضافة إلى حصول أحد ممثليها وهو صلاح محمد على جائزة أفضل ممثل دور ثان مناصفة.

وفي المركز الثالث من حيث عدد الجوائز أيضاً تساوت مسرحيتا «راح ملح» لمسرح دبي الشعبي، و«باب» للمسرح الحديث بالشارقة، فقد حصلت الأولى على جائزتين هما أفضل ممثل دور ثان مناصفة، من خلال الممثل نواف المطروشي، وأفضل جهد عربي مميز الذي حافظ عليه للعام الثاني على التوالي رائد الدالاتي، فيما حققت «باب» جائزتي أفضل ديكور التي اصطلحت اللجنة على تسميتها أفضل مشهد مسرحي، وانفردت بجائزة أفضل ممثلة دور ثان التي ذهبت لعلياء المناعي.

وعكس قرار لجنة التحكيم حجب جائزة أفضل ممثلة تراجع حضور المرأة في مشاركات الدورة الحالية ليس على مستوى عدد المشاركات فقط، بل نوعياً أيضاً لا سيما في ما يتعلق بالأدوار الأولى، إذ لم تستعن أي مسرحية بجهود ممثلات إماراتيات في هذا الدور إلا مسرحية وحيدة هي «سرداب» التي شاركت فيها الممثلة إلهام محمد التي ابعدها أداؤها عن الفوز باللقب من دون منافسة، في حين كانت الممثلة اللبنانية هند باز المنافسة الوحيدة على أفضل أداء نسائي دون استحقاقها الجائزة بالأساس حسب لوائح المسابقة المقصورة جوائزها على الفنانين والفنانات الإماراتيات الشباب، باستثناء جائزة أفضل جهد عربي.

قرار الحجب أيضاً طال جائزة أفضل ماكياج رغم توجيه لجنة التحكيم على لسان عضوها إبراهيم سالم تنويهاً بشكر فني الماكياج في مسرحية «راح ملح» ياسر سيف في هذا السياق، ما يعني أنه لا تميز في هذا المجال لأي من المسرحيات الثماني المشاركة يكفي لحصول إحداها بالفعل على الجائزة.

وقدمت لجنة التحكيم عدداً من التوصيات للجنة العليا المنظمة للمهرجان جاء في مقدمتها التوصية بإقامة ورشة متخصصة للكتابة وتأهيل الكوادر التمثيلية قبل شهرين من انطلاقة المهرجان مدتها شهر على الأقل، منوهة بشكل خاص بالجهود الكبيرة التي بذلها المخرجون لتحمل أعباء ضعف النصوص تارة، وضعف الأداء التمثيلي تارة أخرى.

وطالبت اللجنة أيضاً بإعادة النظر في سن المسموح لهم بالمشاركة في المهرجان بحيث يستوعب الفئة العمرية من 18 إلى 35 عاماً، فضلاً عن إيجاد حلول لتقلص عدد المشاركات النسائية في المهرجان، في الوقت الذي جاءت إحدى توصيات لجنة التحكيم متعلقة بأسلوب إدارة الندوات التطبيقية لجهة تحفيز سيادة النقد المسرحي الجاد والبناء بعيداً عن سيادة لهجة المجاملات والثناء غير الموضوعي، وهي ملاحظة تناقضت مع تقليد عدم حضور أعضاء لجنة التحكيم تلك الندوات وعدم حضور أي من أعضائها بالفعل كل الندوات الثماني التي اشتمل عليها المهرجان في هذا الجانب.

آخر توصيات لجنة التحكيم لم تحمل في طياتها مفهوم التوصية بقدر ما جاءت ثناء وتثمينا لجهود هيئة دبي للثقافة والفنون في تبنيها ودعمها للمهرجان المسرحي الوحيد بالإمارات الذي يعنى باحتضان المواهب والطاقات الشابة، وما يوفره ذلك من دعم للحركة المسرحية المحلية.

وجاء حفل ختام المهرجان الشبابي مسرحياً بامتياز سواء من خلال عرض مشاهد مختزلة للمسرحيات الثماني المشاركة بالمهرجان، أو عرض تقارير مصورة عن مسيرة المهرجان الذي انطلق في مطلع أكتوبر بكثير من الألق والجهد التنظيمي الذي تصاعدت وتيرته بتوالي دورات المهرجان، فضلاً عن تخصيص تقرير لتكريم شخصية العام المسرحية الفنانة موزة المزروعي، رغم ملاحظة أن الفنانين الذين استرجعوا تمثيلهم تلك المشاهد خلال أيام المهرجان لم يكونوا مستعدين بالشكل الكافي لذلك، خصوصاً في ما يتعلق بعناصر الأزياء والماكياج، رغم أن المشاركة في فقرة بالحفل الختامي لا تقل أهمية على الإطلاق عن المشاركة في المسرحية ذاتها، لما يعكسه الأول من انطباع يدوم حول السوية الفنية للأعمال المشاركة.

الحفل الذي قدمته المذيعة الشابة بقناة «نور دبي» حمدة حسن، أشار في مقدمتــه نائب المدير العام لهيئة دبي للثقافة والفنون سعيد النابودة، إلى نجاح المهرجان في الكثير من أدواره الاستراتيجية المعلنة وفي مقدمتها المساهمة في دعم المواهب المسرحية الشابة، وحـــثها نحو مزيد من النضج الفني والفكري، ونسج خيوط للتواصل واستلهام الخبرات المسرحية التي يمكن أن تكون ملهمة في مســـيرة الشباب، مؤكداً أن المهرجان بكل جهوده وإمكاناته مجرد خطوة أولى يظل استكمال مشوارها مرهوناً بطاقات المـــواهب الشابة نفسها التي خبرت طريق تميزها على خشبة مهرجاناته المختلــفة، لافتاً بشكل خاص إلى أحد مظاهر الألق المهرجاني هذا العام، وهو الحضور الجماهيري المميز الذي جاء مستمتعاً، وليس متابعاً فحسب لأعمال الشباب .


 مذاق مختلف

قال الفنان إبراهيم أستادي الذي حصل على جائزة أفضل ممثل لهذا العام من لجنة التحكيم، مقارناً بين منحه الجائزة نفسها في الدورة الثانية للمهرجان من قبل اللجنة الإعلامية للمهرجان، «مذاق الجائزة الرسمية حتماً مختلف عن الأخرى الشرفية رغم تقديري لكلتيهما، أشعر بأنني الآن أحلق سعادة، قبل المهرجان كنت أتمنى الجائزة وأتوقعها، وعقب العرض احتفظت بالأمنية ذاتها وافتقدت التوقع».

أستادي الذي كان أداؤه الفني بالفعل في مسرحية «راح ملح» مميزاً رغم عدم مقاربته لمستواه الأصيل الذي أفصح عنه سابقاً عبر مسرحية «عنبر» كان بالفعل أكثر الصاعدين إلى خشبة المهرجان سيطرة على متطلبات دوره، رغم توجيه بعض الانتقادات له بأنه حمل دوره في المسرحية الذي جسد عبره شخصية مؤلف كتاب يواجه تحاملاً من شخصيات تاريخية يسعى إلى الكتابة عنها بمستوى أعلى من الأزمات التي أرادها منه العمل المسرحي، لاسيما أن استادي الذي يعمل مذيعاً في إذاعة «نور دبي» مازال يواصل دراسته الأكاديمية، جامعاً بين ثالوث العمل الإذاعي والهواية المسرحية والدراسات الإعلامية.

في السياق ذاته لم يتمالك حسن يوسف السيطرة على مشاعر منحه جائزة أفضل إخراج وتوقف في محطات كثيرة لتقبل التهنئة قبل صعوده لتسلم جائزته على منصة المسرح، مضطراً إلى استبدال التهنئة بقبلات هوائية وزعها في مختلف الاتجاهات. أما الفنان القدير سعيد سالم مشرف مسرحية «زلة عمر» التي حصدت ثلاث جوائز لمسرح أم القيوين في أولى مشاركاته بالمهرجان فقد كان بمثابة ملك غير متوج، وحملت تصريحاته نبرة الفرح التي سادت الفائزين، قائلاً عن ليلة المهرجان الختامية «أظنها لن تمحى من الذاكرة».


 يوسف غريب: أبناء «عنبر»

غاب مسرح دبي الأهلي صائد جوائز المهرجان في الدورة الثانية عن دورة هذا العام بشكل تام، لكن أبناءه كانوا محطة مهمة لحصول مسارح أخرى على العديد من الجوائز، حسب رئيس مجلس إدارة «دبي الأهلي» يوسف بن غريب، الذي أضاف لـ«الإمارات اليوم»: «الكثير من المسرحيين الذين حصدوا الجوائز هم أبناء (دبي الأهلي) الذي استولدهم على خشبة مهرجان الشباب من خلال مسرحية (عنبر)، مثل صاحب جائزة أفضل إخراج الفنان حسن يوسف، والحائز على جائزة أفضل ممثل إبراهيم أستادي، وهما بطلا مسرحية (عنبر) التي حصدت لـ(دبي الشعبي) ست جوائز سابقة في المهرجان، فضلاً عن مروان عبدالله وطلال محمود اللذين فازت مسرحيتهما (راح ملح) بجائزتين، وغيرهما من شباب المسرحيين».

وأبدى بن غريب تحفظه على مشاركة مسرحه هذا العام بمسرحية «السرداب» لمحمد عطية أهلي، مضيفاً «العمل كان مرشحاً له حسن يوسف، لكن مجلس الإدارة أصدر قراراً أثناء وجودي في تركيا بإسنادها لأهلي، ولدي تحفظات على قدراته الإخراجية في تلك المرحلة، متذرعاً بتأخر حسن يوسف عن إنجاز تصوره الإخراجي لنص عبدالله صالح، وهو أمر في تقديري لا يخلو من شبهة الم لأهلي»


 «أهديها لذاتي»

باختزال شديد عبرت الممثلة الشابة عليا المناعي عن عدم وجود الحاضن لموهبتها التمثيلية بعد فوزها بالجائزة التمثيلية الوحيدة الممنوحة للأدوار النسائية، وهي جائزة أفضل ممثلة دور ثان بعد حجب جائزة صاحبة الدور الأول، وقالت لـ«الإمارات اليوم» «أهدي الجائزة لذاتي، فأنا عشقت المسرح من دون تحفيز، وحرصت على الوقوف على الخشبة للمرة الأولى من دون مساعدة حقيقية في هذا المجال، وكل ما أطمح إليه مستقبلاً هو أن أُلهم القدرة على مواصلة الصعود إلى الخشبة».

وأضافت المناعي التي تلقت انتقادات من أشخاص في الندوة التطبيقية لمسرحية «باب»: «لم تحبطني الانتقادات، وسأسعى إلى الاستفادة من مختلف جزئياتها»، مشيرة إلى أنها تلقت دعماً مهماً في الدراما التلفزيونية من الفنانة سميرة أحمد التي قدمتها للجمهور على شاشة «سما دبي» في عملين مختلفين ، آخرهما «بنات شمة» الذي عُرض خلال شهر رمضان الماضي.

تويتر