البعض يراها «تجارة».. وفنان يعتبرها «زكاة أعماله»

الأغاني الدينية.. وجهــة المطربين في رمضـان

سامي يوسف.. جماليات التصوير في أغانيه لم تؤثر في مستواها الفني. أرشيفية

مع اقتراب شهر رمضان المبارك بدأت بورصة الأغاني الدينية في الارتفاع، وسط إقبال عدد كبير من الفنانين لتقديم أغنيات وأدعية دينية تتناسب مع طبيعة الشهر الكريم، من بينهم الفنان المصري إيهاب توفيق، الذي أشار في تصريح لـ«الإمارات اليوم» خلال زيارة له لأبوظبي؛ إلى انه يستعد لتسجيل ألبوم أدعية وأغنيات دينية لتعرض خلال شهر رمضان المقبل، الذي قد يشهد كذلك أولى تجاربه في تقديم البرامج، كما سيقوم بتصوير جانب من هذه الأغنيات والأدعية. بينما اختار مواطنه طارق فؤاد، العودة إلى الساحة الفنية بألبوم ديني بعنوان «يا سيدي»، دون أن يوضح إن كانت عودته ستقتصر على الأغنيات الدينية أم ستشمل الأغنيات العاطفية أيضاً.

أغنيات مسيحية

الفنان اللبناني وائل جسار أثار دهشة الجمهور والمتابعين بإعلان اعتزامه تقديم ألبوم جديد خاص بالأغنيات المسيحية سيطرحه قريباً، بعد النجاح الواضح الذي لقيه ألبومه الديني الإسلامي «في حضرة المحبوب» الذي تم إعداده بمناسبة المولد النبوي الشريف هذا العام، ويجري التحضير لطرح الطبعة الرابعة منه بعد نفاد الطبعات السابقة، وفقاً لمنتج الألبوم محمد ياسين؛ حيث أثار جسار العديد من التساؤلات حول محتوى الألبوم الجديد، الذي يعد الأول من نوعه، وطبيعة محتواه، فالمعروف أن الأغنيات الدينية في الدين المسيحي عبارة عن تراتيل مستمدة من الإنجيل والنصوص القديمة، فهل سيقدم جسار «التراتيل»؟ بل زاد من دهشة المتابعين أن د. نبيل خلف الذي تولى كتابه الألبوم الأول هو من سيتولى كتابه أغنيات الألبوم الجديد الذي سيضم خمس أغنيات، كلها من تلحين وليد سعد، وتوزيع عادل عايش، وهما أيضاً من قاما بالعمل في الألبوم الأول.

وبرر جسار تقديمه لألبوم ديني مسيحي برغبته في مخاطبة كل جمهوره، لذا كان عليه ان يتوجه لجمهوره المسيحي، عقب أن توجه بالألبوم الأول للمسلمين، حتى لا يتم تفسير هذه الخطوة بشكل خطأ باعتباره متحيزاً للدين الإسلامي، بينما يؤمن هو بالتسامح والانفتاح على كل الأديان. معتبراً ان تجربة تقديم أغنيات دينية من أصعب التجارب التي قدمها. كما حرص على تأكيد أن هذا التوجه لتقديم أعمال دينية لا يعني اعتزاله تقديم الأعمال الأخرى والأغنيات العاطفية التي اشتهر بها. مشيراً إلى انه ليس هناك تعارض بين تقديم الأعمال الدينية والأعمال العاطفية، طالما يلتزم بالمضمون الراقي بعيداً عن الابتذال، حيث يعمل حالياً على الانتهاء من مجموعة من الأدعية الدينية التي سيقدمها في رمضان المقبل، كما يحضر لألبومه العاطفي المقبل.

من جانبه، أشار د.نبيل خلف الذي ارتبط اسمه بالعديد من الأغنيات الناجحة، كما يمثل العامل المشترك بين غالبية الأغنيات الدينية التي قدمها الفنانون في الفترة الأخيرة، ان ألبوم «في حضرة المحبوب» يمثل تجربة جديدة، فهو الألبوم الأول الذي يتضمن أغنيات حول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد قام بالاستعانة بالعديد من الكتب والموسوعات الدينية لتحري الدقة في المعلومات والوقائع التي تتناولها الأغنيات. مشيراً إلى انه تمت إضافة أغنيتين عن السيدة مريم العذراء وعيسى عليه السلام، بعد أن اقترح وائل جسار تقديم أغنيات لجمهوره من المسيحيين، حتى يتوجه بالعمل لجمهوره بالكامل. معتبراً أن مثل هذه الأعمال التي تبرز جوهر التسامح بين الأديان والتقارب بينها، هي خير رد على مثيري الفتن الطائفية.

موضة

رغم وجودها منذ سنوات طويلة وارتباطها بشهر رمضان؛ إلا أن الأغاني الدينية شهدت في فترة سابقة، ومنذ ما يقرب العامين، حالة من الازدهار اعتبره الكثيرون «موضة» جديدة، ومحاولات لاستغلال النجاح الكبير الذي حققته أغنيات الفنان سامي يوسف، التي حققت انتشاراً كبيراً في الدول العربية، ولكن مع الفارق الكبير في حالة يوسف الذي اقتصر نشاطه الفني على تقديم الأغنيات الدينية فقط، وهو ما منحه صدقية افتقدها غيره من الفنانين الآخرين الذين لا تمثل الأغنية الدينية في نشاطهم سوى أغنية مناسبات ووسيلة للوجود على الساحة خلال شهر رمضان، الذي يشهد انصرافاً ملحوظاً من الجمهور عن القنوات الفضائية المتخصصة في تقديم الأغاني والفيديو كليب.

من ناحية أخرى؛ كان التميز الكبير في مستوى تصوير أغنيات سامي يوسف، وما عكسته من رقي في التصوير والأداء، إلى جانب الالتزام، دون أن يؤثر ذلك في جمالياتها الفنية. في المقابل تدور غالبية الأغنيات الدينية الأخرى في فلك أفكار مكررة وإخراج محدود، إذ تقوم على ظهور الفنان أو الفنانة في صحراء أو حديقة في ملابس بيضاء، وقد يتم الاستعانة ببعض الأطفال في ملابس بيضاء أيضاً لاستكمال المظهر الملائكي. ما جعل معظم هذه الأغنيات متشابهة، سواء الفردية منها أو حتى الجماعية التي اجتمع فيها أكثر من فنان وفنانة.

نغمات دينية

عامل آخر كان له أثره في زيادة الإقبال على تقديم الأغنيات الدينية، وهو استخدامها نغمات للهواتف المحمولة، وهي سوق موازية ظهرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت تلقى اهتماماً كبيراً من قبل شركات الإنتاج الفني في العالم العربي. وبفضل هذه السوق عاد اهتمام المنتجين بالأغنية الدينية بعد فترة طويلة من الإحجام عنها، باعتباره مادة يصعب تسويقها وتحقيق مكاسب مادية منها، وفي بعض الأحيان لا تغطي تكلفة الإنتاج، وهي عقبة كبيرة طالما كانت محل شكوى الفنانين.

جدل وأغنيات

في الفترة الأخيرة أيضاً؛ كانت الأغنيات الدينية محلاً للجدل والاختلاف لأسباب متعددة، أبرزها رفض العلماء أن يقدم التواشيح والأغاني الدينية، بما تحتويه من مضمون روحاني، الفنانون أنفسهم الذين يقدمون أغنيات عاطفية راقصة، بل وكثيراً ما تحتوي على ما يتعارض مع الدين وتعاليمه، وهو ما يعكس ازدواجية واضحة ووضعاً غير منطقي يرفضه العقل. وفجر هذا الموضوع الفنان سعد الصغير الذي قدم أغاني دينية، في الوقت الذي كان يُعرض له على الشاشات فيلم سينمائي يشارك فيه الراقصة دينا الرقص والغناء. أيضاً كان للفنان تامر حسني نصيب من الجدل، بعد أن قدم أغنية دينية يتحدث فيها عن رغبته في تغيير حياته والاتجاه نحو الالتزام، كما قام بغناء مقدمة برنامج للداعية عمرو خالد، ما أثار أقاويل حول اتجاه الفنان الشاب للغناء الديني، لكنه فاجأ الجميع بالعودة لتقديم أغنياته العاطفية الراقصة، ما اعتبره كثيرون نوعاً من الاستغلال للحالة الدينية للدعاية لنفسه وكسب المزيد من الجمهور لمصلحته.

كذلك كانت الفنانة شيرين محل انتقادات وخلاف كثير من العلماء بعد تقديمها أغنية دينية تؤدي فيها الأذان بصوتها. في حين جاء تصريح الفنان هشام عباس بأن الفنانين يقدمون الأغنيات الدينية باعتبارها زكاة أغنياتهم العاطفية، ليثير العديد من التساؤلات والانتقادات كأحد أغرب المبررات التي طرحت لتقديم الأغنيات الدينية.

تويتر