حســن حبيب: الفضائيات أنهت عصر «النجومية المجانية»

حسن حبيب: قانون العرض والطلب أفسد العلاقة بين المذيعـين والقنـــوات الفضائية. تصوير: محمود الخطيب

إصرار الإعلامي الإماراتي حسن حبيب المذيع في قناة «دبي الرياضية» على سرد بداية مشواره مع الإعلام الذي يعود لنحو 10 سنوات مضت، في مستهل اللقاء معه يأتي في سياق تعريفه لطبيعة العلاقة التي تربطه بمؤسسة دبي للإعلام، والذي يرى أنه «جندي في ميدانها، جاهز دائماً للعطاء في أي مجال يتم تكليفه به»، وعلى اعتبار أن الولاء أحد أهم شروط الجندية الحقيقيةـ لا يتردد حبيب الذي لمع صيته من خلال برنامجه الشهير «الجماهير» على «دبي الرياضية» في التصريح دائما: «إعلان في جريدة قرأته يدعو من يرى في نفسه القدرة على شغل وظيفة مذيع للتقدم إلى قناة دبي الرياضية التي كان يديرها حينئذ العضو المنتدب لمؤسسة دبي للإعلام والمرافق الإعلامي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أحمد الشيخ كان هو بدايتي مع الإعلام».

ويضيف حبيب لـ«الإمارات اليوم»: «على الرغم من اندهاش أحمد الشيخ الذي كان يرافقه في المقابلة الوظيفية راشد أميري المدير الحالي للقناة، من جرأتي في شغل وظيفة لا أملك أي خبرات سابقة فيها، فإنه شد من أزري بعد أن قام باختباري بشرني بأنني أصبحت بالفعل في الوظيفة الأكثر مناسبة لقدراتي، ليتحقق أحد أهم أحلامي بعد خضوعي لدورات تدريبية في أساليب التقديم التلفزيوني».

ولاء الجندي

يرى المذيع الشاب حسن حبيب أن ظاهرة تنقل المذيعين بشكل دائم بين القنوات الفضائية المختلفة غير صحية إعلامياً، معتبراً أن «قانون العرض والطلب وفق آلية (البيزنس) لا ينطبق على المجال الإعلامي المرئي بشكل خاص الذي يستدعي نوعاً من الألفة التي يفسدها هذا التنقل بين المذيع والمشاهد».

ويضيف « أشعر بعلاقة التزام أشبه بتلك التي تحكم ولاء الجندي لقيادته، وأطمح دائماً لخدمة أهداف المؤسسة في أي مجال ترشحني فيه، وإن كان بعيداً عن سحر التقديم الذي أجد فيه ذاتي، لكنني ربما أختلف عن الجندي التقليدي في أن ولائي للمؤسسة لا تحكمه سنوات خدمة محددة».


ويرى حبيب أن التعدد الرهيب للفضائيات، سواء المتخصصة منها أو العامة، وأيضاً المجانية والمشفرة، أنهى تماماً عصر الشهرة والنجومية المجانية للمذيعين الذين كان يعرفهم المشاهدون بسبب تكرار ظهورهم على الشاشة، لتختفي فترة الفرص الإعلامية المقدمة على أطباق من ذهب لمصلحة مرحلة جديدة نعيشها الآن، يجب أن يصنع فيها الإعلامي فرصته بذاته معتمداً على تطوير قدراته، واستثمار إمكاناته في الموقع الأكثر مناسبة لها.

وعلى الرغم من بدايته الأكاديمية التي جعلته يتخصص في دراسة الأحياء، فإن حبيب عاد ليعدل مسار دراسته مرة أخرى ليتخرج من كلية التربية الرياضية في جامعة الإمارات عام ،1997 قبل أن يجد ضالته في مجال الإعلام الرياضي تحديداً، بالإضافة إلى تقديمه مناسبات وطنية ورسمية واجتماعية مهمة كثيرة، ومنها تقديم احتفالات « ليالي دبي» التي تزامنت مع الذكرى الأولى لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقاليد الحكم في دبي، والاحتفال التكريمي للموظفين المتميزين في مؤسسة دبي للإعلام هذا العام، و27 برنامجاً منها «هنا دبي، الصحة والرياضة، واحة دبي، عيدية رياضية».

ويفصل حبيب بعض محطات مشوار التحاقه ب «دبي للإعلام»، قائلاً «بعد أن استغرب أحمد الشيخ طلبي، تم إخضاعي لاختبار كاميرا منحني للاستعداد لها 60 دقيقة فقط، لأنني كنت قد تقدمت للتلفزيون بطلب وظيفي فحسب، وبالفعل كان الاختبار متعلقاً بالقدرة على تقديم نشرة أخبار، ليكون تسجيل تلك المحاولة الأولى ودراسة الأخطاء بداية التصحيح عبر دورات تدريبية متخصصة».

طموح متجدد

وحول طموحه الإعلامي، يشير حسن حبيب إلى أنه مشغول الآن بمزيد من التجويد لأدواته وتطوير المهارات ذات الصلة بالتقديم بشكل عام، مضيفاً «لا أرى حدوداً لهذا الطموح، وألمح في الأفق برنامجاً اجتماعياً قد لا يكون قريباً، لكنه يظل هدفاً في إطار الرسالة الإعلامية الشاملة التي أطمح بها وهي تقديم مادة إعلامية حقيقية ومفيدة ومؤثرة في حياة الناس وواقعهم، والاشتغال دائماً على ذلك الجانب المظلوم في الحضور الإعلامي، سواء في ما يتعلق بفئة بعينها، أو نوعية معينة من القضايا الشائكة التي قد يكون في استقصائها إعلامياً فتحاً جديداً لحقيقة غائبة».

ويتابع «من رحم تلك الرؤية، وُلد برنامج (الجماهير) الذي يعد البرنامج العربي الأول الذي يعنى بهذا الضلع المهم في المعادلة الرياضية، بعد أن لاحظت أن كل أضلاع الألعاب الشعبية من لاعبين وحكام ومدربين وغيرهم حاصلة على كامل حقها في البرامج الإخبارية والتحليلية، باستثناء ضلع الجماهير الذي كثيراً ما يكون الوحيد الحامل لحقيقة قضية ما».

صيغة توافقية

ومن هذا المنطلق، توصل حبيب إلى صيغة توافقية مع حقيقة ارتباطه بتقديم برنامج «الجماهير»، وهو تقديم برنامج مغاير بشرط ألا يؤثر في المساحة الزمنية اللازمة لإعداد مميز للبرنامج، بما في ذلك التواصل مع مصادر الأخبار التي يراها إحدى أهم أدوات المذيع الناجح، فضلاً عن وجود مساحة كافية أيضاً للعمل الميداني عبر التقارير التي يقوم في أحيان كثيرة بتسجيلها بنفسه.

وحول ما تشهده الساحة الإعلامية حالياً من عدم استقرار، يرجع في جانب منه إلى المذيعين أنفسهم الذين يتنقلون بسرعة كبيرة بين القنوات الفضائية، وفق آلية العرض والطلب، يقول «أعتقد أن غياب الثبات وعدم استقرار الإعلامي، وبشكل خاص المذيع في الظهور من خلال وسيلة إعلامية بعينها، أو قناة فضائية يألف تواجده فيها المشاهد يؤثر بالسلب في جماهيرية كل من المذيع والقناة معاً، نظراً إلى أن المشاهد في هذه الحالة سيفقد عنصرا مهما جداً من عناصر المتابعة، وهو الولاء الذي سينتقل في هذه الحالة إلى القنوات والمذيعين الأكثر استقراراً، حتى لو كان الأمر يتعلق بكفاءة مهنية أقل».

يؤكدٍ في الوقت نفسه أن المشهد الحالي يحمل في الوقت نفسه ظاهرة جديدة على الإعلام العربي، وهي وجود هامات مذيعين أعلى من المستوى الإعلامي للقنوات الفضائية التي يعملون فيها، حسب حبيب الذي يضيف «في الوقت الذي نجد فيه أيضاً قنوات أقصى ما تصنف في إطاره بأنها عادية تحمل مذيعين متميزين تسمح لهم خبرتهم وقدراتهم بالالتحاق بمؤسسات أكثر عراقة وحرفية، وهو مشهد لا يحمل أي تفسير منطقي». وفي هذا الإطار، ينتقد حبيب أيضاً ظاهرة «المذيع غير المتفرغ» التي انتشرت في الآونة الأخيرة، موضحاً أن «عناء العمل الإعلامي حينما يتعلق الأمر بالرغبة في البحث عن حقيقة، وتقديمها للجمهور بعيداً عن أغراض ملء فراغ البث، عمل لا يتيح في الغالب بجانبه مساحة لعمل ذي طبيعة مغايرة، فإذا كان المثل الشعبي أن «صاحب بالين كذاب»، فإن الأمر يغدو أكثر قساوة في الحكم على المزاوج بين التقديم الإعلامي وأي عمل آخر أكثر من ذلك التوصيف الذي يحمله المثل».
تويتر