رشا محمد: الفضائيات الهابطة أفــسدت البرامج المنوّعة

رشا محمد: تحقيق طموحي المهني في سن مبكرة دفعني إلى استيلاد آمال أكبر. أرشيفية

ربما لا يلتفت كثيرون إلى أن المذيعة الشابة رشا محمد، التي تحولت ببرنامج «غني خليجي» إلى «غني عربي» على شاشة قناة دبي الفضائية، هي نفسها الفتاة الصغيرة التي كنا نطالعها تلفزيونياً في برامج موجهة للأطفال، وأخرى خاصة بمهرجان دبي للتسوق، لاسيما أن رشا التي ظهرت للمرة الأولى على شاشة دبي الفضائية في تغطية مسابقة «نجم الخليج» للمواهب الشابة جددت كثيراً في لهجتها ونبرة صوتها، وأيضاً في مظهرها، من أجل مزيد من التناسب مع التغير المتوقع لشريحة مشاهدين برنامجها الغنائي الذي تحول من «غني خليجي» إلى «غني عربي» .

وفي حوارها مع «الإمارات اليوم»، بدت رشا التي تعد أيضاً البرنامج أكثر نضجاً من حقيقة كونها لم تحتفل بعد بعيد ميلادها الـ،22 وما زالت تدرس الإعلام في جامعة عجمان، بعد أن حولت مسارها التعليمي من العلوم الهندسية إلى الإذاعة والتلفزيون، في خطوة اعتبرتها تصالحاً مع قدراتها ومواهبها التي سعت إلى تنميتها ذاتيا» .

ورأت مذيعة «غني عربي» أن هناك ظلماً كبيراً واقع على المذيعات الحقيقيات في مجال البرامج المنوعة، وبشكل خاص الغنائية منها، بسبب الدور السلبي للفضائيات الهابطة التي تخلط بين مواصفات المذيعة ومواصفات فتاة الفيديو كليب أو عارضة الأزياء، وقالت «كثيرات من هؤلاء المذيعات لا يمتلكن المؤهلات الثقافية والشخصية التي تجعلهن جديرات بتقديم برامج تلفزيونية، ما يدفعهن إلى الاستعاضة بغير المقبول أخلاقياً، أو الاشتغال على عمليات التجميل وصرعات الاكسسوارات أكثر من اشتغالهن على أدائهن المهني من أجل استمالة المشاهد».

استثمار النجاح

وأضافت رشا «يبقى قدر من الجمال الذي يرادف القبول، وليس الإغراء أو الميوعة المتعمدة، شرطا أساسياً لمذيعة تطل عبر شاشات التلفزيون على آلاف الأسر التي تضم أفراداً ينتمون لشرائح عمرية مختلفة، ويبقى الأهم الأدوات الحقيقية لمقدم البرامج، مثل الثقافة المتنوعة والحضور وقوة الشخصية واللباقة وسرعة البديهة وحسن التصرف، والمقدرة على التجديد»، مؤكدة «تجربتي الشخصية، وكذلك تجارب زملائي، تؤكد أن ليس هناك من واق لمقدم البرنامج من مفاجآت التقديم المباشر سوى الإمكانات الذاتية وتجويد الأدوات الإعلامية» .

وعلى الرغم من أن «غني خليجي» انطلق بالأساس للترويج لبرنامج آخر عام ،2006 هو «نجم الخليج»، عبر لقاءات تلفزيونية تستقبل فيه المذيعة العشرينية ضيوف برنامج المسابقات الذين كان معظمهم من عمالقة الغناء الخليجي، أمثال محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد وعيضة المنهالي، إلا أن ختام «نجم الخليج» وعدم اعتماده في دورات برامجية لاحقة لم يعن توقف البرنامج الذي انبثق عنه حينها «غني خليجي»، ما فسرته رشا بأنه كان هناك تفاعل كبير من المشاهدين مع البرنامج، وارتأت إدارة القناة استثمار النجاح الذي حققه بشكل أكبر رشحه لأن يكون برنامجاً أساسياً في مختلف الدورات البرامجية اللاحقة.

وحول مراحل تطور البرنامج، أوضحت رشا أنه تم استثمار «غني خليجي» للترويج لبرامج القناة الأخرى خلال نحو الدقيقتين على الهواء، يتم فيهما إعلام المشاهد بمضامين البرامج الأخرى، على نحو مبتكر وطريف، ثم ارتؤي أن يتم تحويل مسماه إلى «غني عربي»، بهدف زيادة القاعدة الجماهيرية المستهدفة له، بالإضافة إلى إضفاء مزيد من الحرية والاتساع لفرصة استضافة مزيد من النجوم، لاسيما وأن دبي تبقى دائماً متألقة بعدد كبير من نجوم الأغنية العربية على نحو دائم طوال العام، من دون أن تتم الاستفادة بشكل مثالي إعلامياً من هذه الميزة، فضلاً عن رغبة عدم التعارض من الأهداف الخططية لقناة «سما دبي» التي تبقى الأكثر تخصصاً من «دبي الفضائية» في ما يتعلق بمخاطبة المشاهد الخليجي .

ورأت مقدمة «غني خليجي» أن الحفاظ على المفردة الأولى من مسمى البرنامج الأول «غني خليجي» كان بمثابة إيعاز للمشاهد بأن البرنامج لم يُلغ، بل تطور، فيما لا يعني ظهور بـ«لوك» جديد، وربما لهجة جديدة في تقديم البرنامج، سوى مسايرة للمستجدات التي طرأت، وأهمها اتساع قاعدة المشاهدين الذين يجب أن نسهل تواصلهم مع البرنامج من خلال لهجة بيضاء سهل استيعاب المشاهد العربي لها على اختلاف انتماءاته القطرية».

وبحس صحافي، تسعى عبره إلى القفز على أسئلة مكررة يتوقعها المشاهد، تحاول رشا تقديم جديد في برنامجها، وتقول «لست على استعداد أن أستنفد وقت الضيوف النجوم في أسئلة مستهلكة إعلامياً من قبيل: ما جديدك، أين ستصور أغنية الفيديو كليب، مع من تتعاون في ألبومك المقبل من الشعراء والملحنين، لذلك استحدثت نمطا جديدا في الحوار مع الضيف بعنوان «30 سؤالا في 30 ثانية»، اكتشفت بعدها أن المساحة الزمنية لتسجيلها في حاجة إلى دقائق، وليس إلى ثوان». وتضيف رشا «تتم الاستعاضة عن تقديمي السؤال بكتابته أسفل الصورة، من أجل مزيد من الاختصار لوقت البرنامج، ويتم الاتفاق مع الضيف على الإجابة بنعم أو لا أو على الأقل اختزالها في أقل عدد ممكن من الكلمات، وعلى الرغم من محاولتي تقديم أسئلة تلقى قبولاً لدى الضيف والجمهور معاً، فإنني أحرص على عدم تكرار الأسئلة على مدار الحلقات المتتالية».

وحول آلية اختيارها الموضوعات الاجتماعية التي يتطرق إليها البرنامج كل حلقة، قالت: «تعود شرارة الموضوعات المثارة في «غني خليجي» إلى موقف ما مررت به أو اقتراح من زميل من أسرة البرنامج الذين يملك أحدهم خبرة تمتد إلى 30 عاماً في المؤسسة، وهو مهندس الصوت الخاص بالبرنامج، وربما اتصال من أحد مشاهدي البرنامج يكون فحواه موضوعا تاليا مرشحا للتحليل في «غني خليجي».

دقائق سحرية

واعتبرت رشا، أن ورود اتصالات مربكة أمر طبيعي ومتوقع في البرامج المباشرة التي يستحيل أن تكون مرضية للمشاهدين كافة، وترى أن الأمر يتوقف على كيفية تعامل مقدم البرنامج معها من دون انفعال أو تفريط في حقوق المشاهدين الآخرين، الذين يتوقعون دائماً ألا تدخل بيوتهم عن طريق «غني عربي» لفظة أو موقف غير مقبول، مضيفة «اقتضى الأمر في إحدى المرات من المخرج قطع الاتصال بشكل فجائي، فيما تواصلت مع اتصال غزلي بهدوء، لم يخرج صاحبه عن حدود اللباقة قبل أن يقوم المخرج أيضاً بقطعه، تحسباً من استطراد قد لا يليق بطبيعة البرنامج».

وفي ما يتعلق باللحظة الأكثر إبهاراً في مشوارها مع مؤسسة دبي للإعلام، قالت رشا «تقديمي حفل «ليالي دبي»، الذي جاء متزامنا مع احتفالات المؤسسة بالذكرى الأولى لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقاليد الحكم في دبي، كانت الدقائق العشر الأكثر ألقاً في مشواري الإعلامي القصير، لا سيما أنها قادتني لتقديم فنان لطالما سعيت كعراقية إلى لقائه ولو مصادفة، فضلاً عن تقديمه بصحبة الفنانة أصالة في حفل يتابعه ملايين المشاهدين، عبر شاشة دبي الفضائية الساحرة».

حلم حياتي 

 

وصفت رشا محمد، مقدمة برنامج «غني عربي» على شاشة دبي الفضائية، خطوة التحاقها بمؤسسة دبي للإعلام بـ«التاريخية»، على صعيد سيرتها المهنية، مستطردة «كنت أترقب صور المذيعين والمذيعات التي تعلو لافتات دعائية عملاقة في شارع الشيخ زايد بكثير من التمني أن أكون زميلة عمل لهن، مستبعدة في الوقت نفسه أن يتحول حلم حياتي إلى واقع في حديث داخلي يجعلني أجزم بأن حظاَ استثنائياَ أو واسطة كبيرة، يجب أن تحملني إلى هذا المكان». وتضيف «طردت أوهام اليأس، وعمدت إلى تطوير مهاراتي وأدواتي الإعلامية، لجأت إلى القراءة المستديمة من أجل تنويع ثقافتي واخترت الالتحاق بكلية الإعلام، على الرغم من استباقي التقديم التلفزيوني للدراسة النظرية، فقادني التوفيق إلى هناك»، مؤكدة أن شخصين كانا يدفعانها إلى تجاوز صعوبات البدايات، وهما والدتها مدرسة اللغة العربية، ومدير قناة دبي الفضائية عبداللطيف القرقاوي.

 
مطبات هوائية

تتحسب رشا محمد بإعداد دقيق إلى ما وصفتها بـأنها «مطبات هوائية»، تشير في مصطلح التقديم التلفزيوني إلى حدوث مفاجآت غير سارة، مثل عدم ورود اتصالات في توقيت بعينه أو تلف شريط الأغاني، ما يجعل هناك فراغاً ما بالبرنامج، أو ورود مكالمة غير لائقة من متصل تستدعي تصرفاً لبقاً وحازماً.

وفي ما يتعلق بالأولى، توضح مذيعة «غني خليجي» أن الإعداد الجيد يتيح لها الحديث باستفاضة عن الموضوع المثار حينما تقتضي الضرورة ذلك، وقالت إنها تسعى في تقديمها إلى إشعار المشاهد دائماً حسب موقعه الأسري بأنه أحد أفراد أسرتها، عبر مخاطبتها له بـ «أخي» أو «أبي»، وأيضا «أمي» و«أختي»، مؤكدة أنها الصيغة المثلى في التعامل مع مشاهدين، تشعر بالفعل بعلاقة شديدة الحميمية معهم.
تويتر