أحمد الماجد: «دبي هذا الصباح» أنضجني إعلامياً

«صباح الخير
»
يا دبي جلسة صباحية تراهن على عفوية التقديم وتلقائية الضيوف. تصوير : عمران خالد

حينما تخفت أضواء الإضاءة فجأة لعطل طارئ أصاب نظامها، فإن اقتراحاً بتقديم البرنامج في طقوس «صباحية حالمة» من الإعلامي الشاب أحمد الماجد، مقدم برنامج «دبي هذا الصباح»؛ يغدو عبقرياً، وعندما يفاجئ المذيع ذاته في أثناء مناقشته قضية «الكلمة لمن بين الأزواج؟» بمتصلة تحول النقاش العام إلى شخصي باتجاه المذيع، فإن القفز على حرج قد يؤدي إلى ارتباك الأخير، يعد مهارة أخرى يفتقر إليها بعض مقدمي البرامج المباشرة، لكن الأهم من وجهة نظر الماجد هو «عدم تحميل المخرج أو أي من الزملاء الذين يعملون خلف الكاميرا مسؤولية أخطاء قد يلاحظها المشاهد» .

وبخفة ظل ملحوظة، يستمد مشروعيتها مع ضيوفه من تواصل جيد يسعى إلى نسجه معهم قبل التصوير ويقوده أحياناً إلى مقار عملهم أو للقاءات حميمية بعيدة عن الرسمية، يقفز الماجد على مفاجآت غير سارة على الهواء بعيداً عن استسهال تعليقات من قبيل «هناك مشكلات بالصوت»، «المخرج غير منسجم معنا اليوم»، مضيفاً «الاستوديو الذي أعمل فيه هو بيتي الذي يتوجب علي ألا أنشر زلاته»، مشيراً إلى أن «(دبي هذا الصباح) على الرغم من نجاحاته لم يشبع سوى 20٪ من طموحي الإعلامي الذي يحتاج ربما عقوداً لإنجازه».

على الرغم من ذلك، فإن خبرة الماجد الذي يقول مشاهدون إنهم يتعرفون إلى ملخص أحداث دبي من برنامجه الصباحي، لا تتعدى ثماني سنوات في العمل الإعلامي، قادته بداياتها بالمصادفة إلى تلفزيون دبي، بدأها في العام 2000 في إذاعة «دبي إيه إم»، ليكون وجهاً عشرينياً نادراً وسط زملاء مخضرمين، ساهموا في اكسابه خبرات عملية مهمة في تجربته الأولى التي كانت بتكليف من كلية الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات، كمرحلة يجب أن يتجاوزها قبل حصوله على درجة البكالوريوس في مجاله.

المصادفة الأولى التي جعلته ضمن الطلبة الموزعين على تلفزيون دبي لم تكن الوحيدة المؤثرة في مشوار الماجد، كما يوضح في حواره مع «الإمارات اليوم»، حيث يضيف «كان مجرد الوجود في إذاعة دبي في حد ذاته مكسباً كبيراً لطالب في السنة النهائية من دراسته، كثيراً ما كنت أكتفي بمراقبة حركة العمل حولي التي يدير معظمها زملاء في عقدهم الخامس من العمر، وكانت الاستعانة بي تتم في حدود ضيقة لا تتعدى مهام مذيع الربط، أو تقديم عناوين الأخبار ».

يستطرد الماجد في تفصيل المصادفة التي يراها أكثر أهمية من سابقتها، «نظراً لكون مبنى الإذاعة بالأساس في نطاق مبنى التلفزيون نفسه، فقد تم ترشيحي من دون سابق تمهيد لتقديم تقرير تلفزيوني بصوتي، وكانت الإعلامية القديرة مايسة محمود حينها تقدم برنامجها ذائع الصيت «هذه دبي»، وتصادف سماعها صوتي، فما كان منها إلا أن طلبت انضمامي إلى «هذه دبي» بشكل رسمي، وهي مصادفة غيرت مساري الإعلامي من الإذاعة إلى التلفزيون، على الرغم من أن العمل في أثير الأولى مازلت أحمل له حنيناً إعلامياً شديداً.

تراكم الخبرة

التعليق على التقارير كان وسيلة الماجد الأولى للوجود في البرامج التلفزيونية اللاحقة، قبل أن يتلقى مزيداً من ثقة تلفزيون دبي في إمكاناته عبر تغطيات كاملة، وبشكل خاص خلال مهرجانات دبي للتسوق التي كان عريفاً لحفلها في مناسبات كثيرة، وكذلك احتفالات تخريج طلاب كلية الشرطة، وطلاب الدفعة العسكرية، فضلاً عن تعاون مع محطات أخرى في هذا التوقيت، مثل ديسكفري، والكويتية، والعمانية، واليمنية، وغيرها. لكن المرحلة الأبعد تأثيراً من وجهة نظر المذيع الشاب تمثلت في ارتباطه ببرامج كثيرة في التلفزيون في وقت واحد، إلى جانب تكليفه بالعمل في مجال مختلف، وهو البرامج الوثائقية، مضيفاً «كنت أوفق في الوقت بين العمل في برامج وثائقية بعينها، واشتراكي في فقرات متعددة من البرامج ذات الطبيعة المختلفة، مثل «سيكام بحرية» و «من هنا وهناك» وفقرات خاصة بصناعة السينما، وإنجاز تقارير من المنطقة الشرقية، وهي مرحلة بالنسبة لي تُوجت بترشيحي لتقديم برنامج (هذه دبي) مرتين في الأسبوع، على الرغم من أنني لم أكن اشعر حينها بالنضج الإعلامي».

احتراف

النقلة التاريخية في مسار مؤسسة دبي للإعلام العام ،2004 حينما تم إنشاء كيان جديد شامل تحت مظلة مؤسسة دبي للإعلام، كانت كذلك بالنسبة للماجد أيضاً ، يقول «شعرنا جميعاً في ظل التطورات الجديدة أن الأمور أخذت منحى احترافياً مطورا، سواء في ما يتعلق بالتفاصيل الإدارية أو دورات العمل والتكليفات، وتم ترشيحي لوظيفة محرر مراسل تابع لمركز الأخبار الذي كان حينها في طور البناء في مدينة دبي للإعلام، وبالفعل أنجزت في هذه المرحلة تقارير خارجية مهمة كثيرة، وخصوصا في المجالين السياسي والعسكري» .

ويستطرد الماجد «كانت كل خطوة من هذه التغيرات المتلاحقة والمتطورة تلبي جزءاً من نهم وطموح إعلاميين، يدفعانني إلى العمل على الاشتغال على أدواتي الإعلامية، وفي مقدمتها تنويع المهارات واكتساب خبرات جديدة والسعي الدائم إلى التثقيف الذاتي. لذلك، رأيت في ترشيحي لتغطية الفقرة الرياضية في نشرة أخبار العاشرة مساء فرصة جديدة لاكتساب مهارات مختلفة، وهو أمر تطور مرة أخرى مع بدايات 2008 التي أسندت لي فيه فقرة خاصة داخل النشرة بعنوان (من الإمارات)».

ضد المألوف

وعلى الرغم من أن الماجد، ببلاغة إعلامية، يشعرنا بأن كل نقلة مهنية في مشواره هي الأهم إعلامياً بالنسبة له، إلا أنه يؤكد مرة جديدة أن تاريخ 8 مايو 2008 هو الأهم على الإطلاق، وهو وقت تكليفه بالاشتراك في تقديم «دبي هذا الصباح». يقول «كانت المهمة الأساسية التي واجهناها في بداية انطلاقة البرنامج هي تقديم برنامج صباحي لا يساير المألوف نمطياً في هذه النوعية من البرامج، ويسعى دائماً إلى الإفادة الخبرية والعملية بجانب الجرعة الترفيهية في قالب ينسجم مع القيم المجتمعية العربية، ويحترم ثقافة وعقلية المشاهد بعيداً عن الرسمية في الوقت نفسه، وفي حين احتفظت بموقعي في تقديم البرنامج بشكل يومي ارتُئي أن يتم تناوب أربع زميلات لي في ما بينهن على تقديمه قبل أن يتم إعفاء الزميلة دينا لانشغالها ببرنامج «المرأة الخليجية»، حيث تتناوب حالياً الزميلات دانا وسحر ووئام على مشاركتي تقديمه».

ابتكار يومي

وحول آلية اختيار الموضوعات المثارة في البرنامج، يقول الماجد «أنسق بشكل يومي مع رئيسة تحرير البرنامج سعاد بالعون، من أجل إيجاد صيغ يومية للابتكار في الموضوعات وأساليب طرحها ومعالجتها، وكذلك تحديد هوية الضيوف» مضيفاً «أميل دائماً إلى اختيار ضيوف البرنامج بنفسي وأقوم بالتنسيق معهم ومقابلتهم بعيداً عن الاستوديو، وهو أمر يوفر لي قاعدة معلومات جديدة غير تقليدية عنهم، بعيداً عن استسهال البحث على شبكة المعلومات الدولية، أو الاكتفاء بتلك التي يذكرها الضيف عن نفسه».

ويضيف الماجد «طبيعة البرنامج المتنوعة تتطلب جهداً كبيراً خارج الاستوديو، على الرغم من ثراء التقارير الداخلية والخارجية التي نستعين من خلالها بشبكة مراسلين كبيرة ، في مجالات الرياضة والفنون والسياحة، وأطباق الشعوب الذي تفطر فيه مراسلة البرنامج مع قناصل مختلفين، مستعرضة الأطباق وطقوس الإفطار الشعبية في بلدانهم، وغيرها من الفقرات الشيقة».

عالمية دبي

قال مقدم برنامج «دبي هذا الصباح» إن البرامج الصباحية تمتلك فرصة كبيرة للانتشار عربياً ، وتحقيق نسبة مشاهدة عالية، مضيفاً «الشرائح التي يفترض وجودها في توقيتات بث البرامج الصباحية شديدة الأهمية في التكوين الأسري، سواء في ما يتعلق بربات البيوت غير العاملات أو غيرهن»، كما أن «اخبار البرنامج الصباحي تظل مثار حديث يومي داخل السياق الأسري، في حال خروجها عن النمطية، فضلاً عن أن مؤسسات وشركات كثيرة أضحى ميسوراً لموظفيها ومراجعيها متابعة البث الفضائي في الأوقات الصباحية». وقال الماجد إن «أمام (دبي هذا الصباح) بشكل خاص فرصة أكبر من أي برنامج مماثل، لتخطي المحلية نحو أفق الاهتمامين العربي والعالمي»، مبرراً ارتباط البرنامج بمسمى دبي، ما يجعله يتجاوز بشكل تلقائي قيود المحلية نظراً لعالمية «دانة الدنيا».

«أفادني هذا الرجل»

لم ينكر المذيع الشاب أحمد الماجد أنه مازال يبحث عن شهرة إعلامية مشروعة، يشعر بمسؤوليتها حينما يستوقفه شخص ما من اجل صورة تذكارية معه، لكنه يضيف «على الرغم من ذلك، فإن جملة سحرية بالنسبة لي هي ما بت أتطلع إليها الآن، وهي دعوة مشاهد وجد ضالته في فقرة ما من فقرات البرنامج، يقول فيها (أفادني هذا الرجل.. جزاه الله خيراً)». وكشف الماجد أنه رفض أي اقتراح لتقديم أي فقرة خاصة تزامناً مع الاحتفاء بـعيد الحب «الفالنتاين» مضيفاً «لا نعرف في ديننا ومجتمعنا سوى عيدين، هما الأضحى المبارك والفطر السعيد، والبرنامج الذي سبق أن قدم شعائر الحج والعمرة، وأفضل الهدايا المستحبة وغيرها من التفاصيل المتعلقة بهما، لا يمكن أن يكون منصة للترويج لطقوس أقل ما يقال عنها إنها غير ذات أصل في قيمنا المحلية والعربية».

تويتر