محمد المر: معلوف ينظر إلى التاريخ بإنصاف وغرام معاً

«ندوة الثقافة» تبحر إلى «موانئ المشرق»

صورة

في تجربة لاتزال بمستهلها على ندوة الثقافة والعلوم، احتضنت قاعة المؤتمرات الرئيسة في مقرها بالممزر، مساء أول من أمس، ثانية جلسات صالون بحر الثقافة بدبي، التي أبحرت لنحو 100 دقيقة بين جماليات رواية «موانئ المشرق» للمبدع الفرنسي - اللبناني أمين معلوف.

نقاش مثمر

بدا الأديب محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، سعيداً بحالة نقاش وتبادل رؤى، فرضها سياق مناقشة «موانئ المشرق»، للروائي أمين معلوف، لقراء متبايني الاهتمامات، توافقوا على مناقشة جمالياتها في «الندوة»، بعد إتمام قراءتها.

أكملتها معكم

لم يخفِ رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، عدم إكماله الفصول الأخيرة لـ«موانئ المشرق»، التي حصل عليها قبل 24 ساعة فقط من موعد الجلسة، لكنه أكد أن القراءات التأويلية المختلفة بالجلسة، قادته إلى نهايات متعددة لفصولها الأولى.

100

دقيقة، استغرقتها النقاشات حول  «موانئ المشرق»، التي اجتذبت طيفاً متنوعاً من القراء.

وجمع الصالون، الذي يأتي بالشراكة مع مؤسسة بحر الثقافة بأبوظبي، مثقفين، وأكاديميين، ومنتمين إلى مؤسسات مختلفة، وطلبة، وغيرهم، لتصبح ألقاب جميع الحضور «قارئاً».

شارك في المناقشة رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، محمد المر، ورئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، والأديب عبدالغفار حسين، والدكتورعبدالخالق عبدالله، وآخرون، بينما أدارتها الكاتبة عائشة سلطان.

المر، الذي رحب بفكرة التئام الصالون الأدبي، وآلية اختيار الرواية محور القراءة عبر تداول الآراء بين أعضائه، استهل النقاش بالإشارة إلى أن الحركة التاريخية، واشتغال معلوف بسياقها المنطقي شكل ناظماً رئيساً، وربما اضطرارياً لتفاصيلها، على نحو بدا محورياً، وغير قابل لكسر نمطه المتوالي والمتسارع. وأشار إلى أن هذا الإطار، الذي ألزم به معلوف نفسه، في «موانئ المشرق»، أسهم في غياب التكثيف الدرامي، ودفعه أيضاً إلى رسم الشخصيات، من خلال الحركة التاريخية في العمل.

وتابع المر: «هناك الكثير من الحقائق التاريخية فرضت سياقات بعينها على نسق الرواية، فظروف الحرب اللبنانية هي التي اضطرت بطل (موانئ المشرق) للهجرة لفرنسا، فأضافت إلى شخصيته تلك الحالة من اللهاث الدائم؛ ما يذكرني برواية سباق المسافات الطويلة لعبدالرحمن منيف». وقال إن «مبدع (موانئ المشرق) ينظر للتاريخ بإنصاف وغرام معاً، وبحكم عمله الصحافي في بداياته، فالتاريخ، وحقائقه، وتسلسله المنطقي، تشكل أساساً موضوعياً في مختلف أعماله، في حين يتبدى في نتاجه أيضاً انشغاله بحالات انحدار الإمبراطورية العثمانية، وما تلاها من تعددية قومية فرضت أسئلة مفتوحة، في سياق البحث عن الهوية».

من جانبها، قالت عائشة سلطان إن «معلوف يكتب الرواية ولا يكتب التاريخ، لكنه يتكئ عليه، فمشروعه واضح وموفق في الانطلاق من مرحلة تاريخية إلى أخرى». ورأت أن معلوف في «موانئ المشرق»، كما في غيرها من رواياته، ينطلق من دائرة قضية كبرى تمثل هاجسه ومحرضه الكتابي الأول، وهي حوار الحضارات المتباينة، وتسامح الثقافات التي نشأت من رحم أعراق متعددة، ليكون الاتكاء على التاريخ بالنسبة له مدخلاً لمضمون الرواية، وليس العكس.

بينما قال الدكتور عبدالخالق عبدالله إن «موانئ المشرق» يجب أن تُقرأ فكرياً في سياق صراع الهويات، مضيفاً: «بطل الرواية مسلم لأم مسيحية، تزوج يهودية، وفي سياقها نعرج على قوميات متعددة من الفرنسية إلى الأرمينية، والتركية، وغيرها، وهذا هو مشروع معلوف».

وطالب بأن تشمل القراءات في المناسبات المقبلة تنويعاً في الخيارات، مضيفاً: «الكتب غير الروائية تعيدنا إلى الماضي، والروائية تستمسك بالحاضر، في حين تبحر بنا كتب الخيال العلمي إلى المستقبل، ونحن نريد أن نظفر بنتاج الأنواع الثلاثة معاً، عبر تنوع الخيارات».

وأيد سلطان السويدي الفكرة، وقال: «نريد الخروج من فكرة الأحكام المسبقة، والإقصاء الجاهز، فما دمنا في حضرة صالون أدبي، وما دمنا في حضرة الثقافة، فنحن منفتحون على قبول مختلف التيارات الإبداعية والثقافية والفكرية».

الروائي ناصر عراق شدّد، في مداخلته، على أهمية الحفاظ على حيادية الحقائق التاريخية في متن الرواية، وعدم تمرير معلومات غير دقيقة لخدمة الخيال، مضيفاً: «حينما يتناول كاتب مرحلة الحملة الفرنسية على مصر، لا يمكن أن يكون مسموحاً بأي تحريف أو تحوير لتلك الحقائق، لكن قد يكون مسموحاً بل إيجابياً وضرورياً الإبحار في خيالات الشخصيات التاريخية، التي تتحول حينها إلى شخصيات روائية».

وذهبت القارئة، التي عرفت نفسها بالمهندسة هالة عادل، إلى أن الحرب العالمية، وانهيار الإمبراطورية العثمانية، كانا الحافز الأكبر لتسارع أحداث الرواية، إضافة إلى التناقض الذي عاشه القارئ، في شخصية بطلها الرئيس، الذي كان أميناً في قص تحولاته الحياتية المختلفة، لعابر سبيل بالنسبة له، هو الروائي نفسه، في حالة «موانئ المشرق».

تويتر