تجربة إماراتية رائدة في الاستدامة والتقنيات النظيفة

«مصدر».. مدينة من المستقبل

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية».


تمثل مدينة مصدر تجربة فريدة، باعتبارها أكثر مدن العالم استدامة، وهو ما يعزز مكانة الإمارات عموماً، وإمارة أبوظبي خصوصاً، مركزاً عالمياً رائداً للتميز في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.

بصمة كربونية منخفضة

يلعب مشروع مدينة مصدر ببصمته الكربونية المنخفضة دوراً محورياً في تحويل اقتصاد أبوظبي، القائم على النفط، إلى آخر قائم على المعرفة والابتكار.

ويستخدم نظام النقل العام في مدينة مصدر القطارات الخفيفة والحافلات والسيارات الكهربائية، وسيتم ربط هذه الأنظمة بشبكة الطرق الرئيسة وخطوط السكك الحديدية التي ستشكل حلقة وصل مع المناطق الأخرى خارج المدينة.


2006

بدأ مشروع «مصدر»، بعد أن أطلقته شركة أبوظبي لطاقة المستقبل.

2025

العام الذي من المقرر أن تنتهي فيه مراحل مشروع مدينة مصدر كاملة.

بدأ العمل في مشروع «مصدر» عام 2006، بعد أن أطلقته شركة أبوظبي لطاقة المستقبل بهدف إقامة مدينة تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، وإيجاد بيئة خالية من الكربونات والنفايات. وتقع المدينة على بعد 17 كيلومتراً من وسط مدينة أبوظبي بالقرب من مطار أبوظبي الدولي، وتمتد على مساحة إجمالية تبلغ 700 هكتار، ويجري تطويرها على مراحل ليتم الانتهاء من المشروع بشكل كامل بحلول 2025. ومن المتوقع أن تستضيف «مصدر»، بعد استكمالها، نحو 40 ألف مقيم، و50 ألف زائر، سيتنقلون يومياً في أرجائها للعمل أو الدراسة.

منصة للابتكار

يعد «معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا» منصة كبرى للابتكار في قلب «مدينة مصدر»؛ وهو جامعة بحثية متخصصة في إيجاد الحلول المتطورة في مجالات الطاقة والاستدامة. ويمثل المعهد نواة مدينة «مصدر»، إذ يسهم في حفز روح الابتكار في مختلف أرجائها؛ ويمكن للشركات العاملة فيها إرساء علاقات وثيقة مع المعهد بما يعزز النمو الاقتصادي، ويسرع وتيرة انتشار الابتكارات التكنولوجية المتقدمة في الأسواق.

تعد «مدينة مصدر» من أكثر المناطق استدامةً في العالم، إذ صممت على نحو يسهم في ترشيد استهلاك الطاقة والمياه. ويجسد التصميم المعماري للمدينة مزيجاً متناغماً بين فنون العمارة العربية التقليدية والتكنولوجيا العصرية، بهدف إنشاء مبانٍ تقلل من استخدام الطاقة وتستخدم التهوية الطبيعية التي توفرها أبراج الرياح، كما تستفيد من حركة مرور الهواء المنعش فيها لتوفير برودة طبيعية تضمن أجواءً مريحة خلال ارتفاع درجات الحرارة صيفاً.

كذلك تتضمن المدينة شبكة نقل ذكية ومتكاملة تعزز فرص الوصول إليها والحياة فيها. وتعتبر المدينة بمثابة بيئة اختبار مركزية للشركات العالمية المختصة بمجالي التكنولوجيا والطاقة المتجددة. ويهدف تصميم المدينة بحد ذاته إلى تحقيق أقصى درجات الراحة والحد من الآثار البيئية الضارة.

وزودت المرحلة الأولى من المشروع بمحطة توليد للطاقة الشمسية باستطاعة 10 ميغاواط مدعومة بسلسلة من النظم الصغيرة المثبتة على الأسطح لترفد المدينة بمعظم احتياجاتها من الكهرباء، وتحد من الحاجة إلى الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري.

وارفة الظلال

تستفيد مدينة «مصدر» من أشعة الشمس أيضاً، إذ يتم توليد الطاقة الكهربائية النظيفة باستخدام تكنولوجيا الألواح الشمسية المثبّتة على أسطح المباني، فضلاً عن امتلاكها أحد أضخم التجهيزات الكهروضوئية في منطقة الشرق الأوسط. كما صممت طرقات المدينة لتوفر بيئة وارفة الظلال طوال اليوم، واستقطاب نسمات الهواء العليلة وخفض درجات الحرارة، وبالتالي الحد من استخدام مكيفات الهواء. وتوفر المدينة مزيجاً متكاملاً من المساحات المخصصة للسكن والتعليم والترفيه وتجارة التجزئة والتصنيع والمكاتب، ما يتيح للزوار والمقيمين سهولة الوصول إلى جميع مستلزماتهم، ويقلل الحاجة إلى استخدام وسائل النقل. كما صممت المباني بحيث تتسع لأعداد غفيرة من القاطنين الذين يمكنهم العمل والعيش ضمن مكان واحد، وبالتالي تقليل الحاجة إلى خدمات التدفئة والتبريد ووسائط النقل الداخلية.

حاضنة للمعرفة

إلى جانب أهميتها نموذجاً للاستدامة؛ أصبحت مدينة مصدر اليوم حاضنة عالمية للمعرفة والأفكار والأعمال التجارية وأعمال البحث والتطوير، حيث توفر بيئة مساندة للابتكار وروح الريادة، ما جذب اهتمام العديد من الشركات العالمية لاتخاذها منصة لإطلاق المبادرات والابتكارات الجديدة في مجال الطاقة المتجددة. كما تعمل المدينة منطقة اقتصادية تركز على التقنيات النظيفة والطاقة المتجددة، بما يجعلها مقراً للعديد من المشروعات التجارية والتصنيعية العاملة في مجال تصنيع منتجات صديقة للبيئة، وتتيح للشركات فرصة الاستفادة من إمكانية اختبار التقنيات النظيفة وعرضها وتطويرها وتسويقها تجارياً. كذلك توفر المدينة العديد من المزايا لإقامة مشروعات الطاقة النظيفة؛ منها «النافذة الموحدة للخدمات» التي تسهل إجراءات الترخيص والتوظيف، فضلاً عن العديد من التسهيلات التي تتمتع بها المناطق الحرة.

وتكريساً لأسس الاستدامة والحفاظ على البيئة؛ تضمن المدينة ترشيد استهلاك المياه من خلال استخدام تطبيقات عالية الكفاءة مثل صنابير الدش منخفضة التدفق، وإصدار تعرفة للمياه، وعدادات المياه الذكية، فضلاً عن أجهزة معالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في ري النباتات.

كذلك تحاول المدينة تقليل كمية النفايات إلى الصفر، إذ تستخدم النفايات البيولوجية في الحصول على تربة وأسمدة غنية، فيما يمكن تحويل بعض هذه النفايات، عن طريق الحرق، إلى مصدر إضافي للطاقة. أما النفايات الصناعية؛ مثل البلاستيك، فيتعامل معها بإعادة تدويرها أو إعادة استخدامها في أغراض أخرى. ويحظر استخدام السيارات داخل مدينة مصدر، إذ تعتمد المدينة على أنظمة النقل التي تشغلها الطاقة النظيفة، منها نظام النقل العام ونظام النقل الشخصي السريع الذي يستخدم حالياً في الحرم الجامعي لمعهد مصدر، مشروعاً تجريبياً.

تويتر