«جناح أم الإمارات» يتتبع دورها قديماً

المرأة الإماراتية.. مسيرة نجاح تخطـت «أصعب المهام»

صورة

على مر التاريخ، كانت للمرأة الإماراتية إسهاماتها الواضحة في مجتمعها في مختلف المجالات، إذ لم يقتصر دورها على رعاية أطفالها وأسرتها داخل البيت فقط، لكنها كانت تسهم في النشاط الاقتصادي في مجتمعها، على بساطته قبل اكتشاف النفط، وكانت تمارس العديد من الحرف والأنشطة التي تنوعت باختلاف البيئة التي تعيش فيها، سواء صحراوية أو بحرية أو جبلية.

صورة المستقبل

يستلهم جناح «أم الإمارات» رؤية وقيم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك. وتصدرت الجناح مقولة سموها: «إنني أرى أمامي صورة مستقبل المرأة في بلادي، أراها وقد أصبحت أكثر وعياً وفهماً لكل ما يحيط بها من ظروف، وما هو مطلوب منها من واجبات، أراها قد تخلصت من أميتها العلمية والاجتماعية والأسرية التي هي العدو الأول للمرأة والمجتمع، أراها قد وضعت يدها في يد أختها التي فاتتها فرصة التعليم والخبرة، لتصعدا معاً سلم التقدم والحضارة الراسخة بأصول ثابتة، وبلا تعال أو تصور بأن لواحدة فضلاً على الأخرى، فهذا أول طريق رد الجميل للوطن الأم».

معلمات القرآن

لم يقتصر دور المرأة على المهن اليدوية فقط، فقد لعبت النساء دوراً مهماً وفعالاً في مجال التعليم ونقل المعرفة منذ القِدم، على الرغم من أن التعليم الرسمي للبنات في المنطقة لم يبدأ حتى منتصف القرن الـ20، إذ عملت المطوعات «معلمات القرآن» على مدار قرون من الزمان، من خلال مدارسهن التي كانت في الغالب مفتوحة في الهواء الطلق، على تقديم مختلف علوم القرآن والعلوم الشرعية والأساسية للبنين والبنات.

ولطالما شكلت المرأة عنصراً رئيساً في مشهد الحياة الثقافية والإبداعية في الإمارات، بحسب ما توضح المعلومات التي يقدمها الجناح لزواره، كما يعرض صورة لفتيات صغيرات خلال حفل ختم القرآن الذي كان يعرف باسم «التومينة»، وصور من مدارس في مدينة أبوظبي ومنطقة الظفرة في بداية التعليم النظامي.

وفي إطار تركيزه على تسليط الضوء على مسيرة المرأة في الإمارات على مر التاريخ، يستعرض جناح «أم الإمارات» في الدورة الثانية من «مهرجان أم الإمارات»، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على كورنيش أبوظبي، ويستمر حتى الرابع من أبريل المقبل، جوانب من إسهامات المرأة في المجتمع، وما كانت تقوم به من عطاء وجهد لخدمة الأسرة والمحيطين بها بمختلف الأشكال، وهو ما يؤكد أن ما حققته المرأة الإماراتية حالياً من نجاحات في مختلف المجالات ليس حديثاً أو وليد المصادفة، لكنه ثمرة جهد طويل قامت به المرأة على مر العصور.

ونظراً لأن مهنة تجارة اللؤلؤ هي المسيطرة على اقتصاد المنطقة في أوائل القرن الـ20، وكان معظم الرجال يخرجون خلال موسم صيد اللؤلؤ لقضاء فترات طويلة من الزمن في عرض البحر للغوص والبحث عن اللؤلؤ، وخلال موسم الغوص، كانت النساء تقدم نموذجاً مميزاً في رعاية ودعم عائلاتهن، وتوفير احتياجاتهن من خلال ممارسة التجارة والزراعة.

صور وأنشطة

ويعرض جناح «أم الإمارات» صوراً تعود إلى فترة الستينات، تعبّر عن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تقوم بها المرأة في المجتمع، ومنها صورة لامرأتين تجلسان في أحد الأسواق القديمة، تبيعان بعض المنتجات أمامهما.

وثمة صورة أخرى لامرأة تحمل حزمة من سعف النخيل لصناعة السلال (الجفير)، وثالثة لسيدة تطحن القهوة العربية في «المحماس» في واحة ليوا عام 1962، وإلى جانبها طفلتان تتابعان باهتمام ما تقوم به، وهو ما عكس وظيفة أكثر أهمية، كانت ومازالت تقوم بها المرأة في المجتمع، وهي الحفاظ على تراث الحرف والصناعات اليدوية، وأصالة التقاليد والعادات المتفردة لسكان المنطقة. ومن أهم الصناعات الحرفية القديمة التي كانت تمارسها النساء قديماً لتوفير الكثير من احتياجات السكان من النسيج والأدوات المختلفة، صناعة السدو، وهي أحد أشكال النسيج التقليدي الذي مارسته النساء البدويات باستخدام صوف الغنم، وشعر الماعز، ووبر الإبل، لإبداع أشكال هندسية جميلة ذات زخارف مميزة وألوان زاهية، وتستخدم منسوجات السدو بشكل تقليدي في بيوت الشعر، ومكونات وفواصل الخيمة البدوية، وتضمنت القاعة صوراً لنساء يقمن بصناعة السدو على النول التقليدي، الذي تم توظيفه أيضاً في ديكورات وتصميم القاعة.

جالبة المياه

لعل من أهم وأصعب المهام التي كانت تضطلع بها المرأة في الإمارات قديماً، مهمة البحث عن المياه وجلبها، فقد كان سكان الإمارات قديماً يحصلون على حاجتهم من مياه الشرب العذبة من الآبار التي يحفرونها على عمق معين، ولم يكن حفر الآباء عملية سهلة، بل كان محفوفاً بالمخاطر، نظراً لاستخدام آلات يدوية بسيطة في الحفر، وطبيعة الأرض الرملية، ما كان يعرض جدران البئر للانهيار في كثير من الأحيان، وكذلك كانت المياه المالحة تتسرب إلى البئر من باطن الأرض بعد أيام قليلة، لتصبح مياه البئر غير صالحة للشرب.

ويعرض جناح «أم الإمارات» شهادة ولواحدة من السيدات اللاتي عاصرن تلك الفترة عن عملية استخراج المياه من الآبار، وهي حمدة بنت حميد الهاملي، التي تقول في شهادتها: «كانت عملية حفر الآبار الأكثر مشقة وعناء. وأقول آباراً وليست بئراً واحدة، فما إن نحفر البئر ونضخ منها المياه الحلوة لسفينة واحدة من يومين إلى أربعة أيام حتى تغدو مياهها مالحة». وتضيف: «كانت المرأة منا تنزل إلى أسفل البئر وتحفر في قاعها، وحين تنتهي تمدّ زميلاتها الحبل إليها لتخرج، ولأن الطويان رملية، فإن عملية الحفر كانت مغامرة خطرة، إذ كثيراً ما تنكسر جدران البئر على المرأة المسكينة التي تكون بداخلها».

أدوات

كما يعرض جناح «أم الإمارات» بعض الأدوات المرتبطة باستخراج وتخزين المياه، مثل الفنطاس (مُعار من سيف محمد بالقيزي)، أو خزان المياه العذبة، الذي كان يوضع على ظهر مراكب صيد اللؤلؤ، لتوفير مياه الشرب لأفراد الطاقم والغواصين. وكانت النساء تملأ تلك الخزانات بالماء باستخدام (الجِربَة)، وهي وعاء للماء مصنوع من جلد الماعز، حيث تطلبت عملية توفير الكمية الكافية من المياه حفر آبار جديدة، وهي مهمة كانت شاقة ومحفوفة بالكثير من المخاطر، كما تعرض القاعة صورة لسيدتين تحملان مياهاً من الفلج في العين في الستينات.

تويتر