معرض متعدّد الوسائط في «أيام غاليري» بدبي

خالد جرار: القلاع المبنية من الرمال ستنهار

صورة

«القلاع المبنية من الرمال ستنهار» بهذا العنوان حاول الفنان الفلسطيني، خالد جرار، أن يقدم واقع فلسطين الذي بدأ ينعكس في أعماله خلال السنوات الـ10 الأخيرة. يسلط الفنان الضوء على الحدود، الجدران العازلة والفاصلة، التفتيش، الأسوار، ليبرز هشاشتها، وكيف ستكون نهايتها الانهيار لا محال. تتقاطع الهموم السياسية مع الرؤية البصرية في المعرض الذي افتتح أخيراً في «أيام غاليري»، والذي يستمر حتى السابع من يناير المقبل، فهو يطلب من المشاهد إعادة النظر في كل هذه القضايا التي يقدمها اليه بقالب بصري لا تأسره مادة واحدة.

سيرة فنية

ولد خالد جرار في جنين عام 1976، وعاش وعمل في رام الله. درس التصميم الداخلي وتخرّج عام 2011. يعمل في المجال الفني من خلال الفيديو والتركيب والتجريب، وفاز بجائزة خاصة بالأفلام في مهرجان دبي السينمائي في نسخته التاسعة. قدم مجموعة من المعارض في فلسطين، جنيف، باريس، الى جانب مشاركته في عرض الأفلام السينمائية، كما شارك في معارض عالمية، منها بينالي برلين.

يطوّع جرار الوسائط الفنية في العمل من أجل خدمة الفكرة، يبدأ أولاً مع المجسمات البرونزية لأرغفة الخبز الدائرية التي وضعها في صناديق زجاجية، ثم السلّم المعلق في وسط الغرفة، والذي يهدف من خلاله الى كسر هيبة الجدار والسور وفكرته، لننتقل من خلال فتحة تثقب جدار صالة المعرض على شكل خارطة فلسطين، الى غرفة صغيرة، حيث عرض هناك الفيديو آرت، الذي يقدم المفهوم ذاته المرتبط بالبقاء والجدران. البداية في المعرض صنو النهاية، لا يسعك أن تجد التداخلات في ما يطرحه جرار، فالفنان يدرك تماماً جوانب القضية التي يعمل عليها، ويتناولها بزوايا عديدة ليؤكد وجهة نظره، فتأتي أعماله بمثابة تعبير مخلص لكل ما يعتريه من مشاعر تجاه ما يحدث في بلده، وكذلك في بلدان أخرى شهدت تشييد الجدران الفاصلة. على الرغم من كون التأثير العاطفي هو الذي يسيطر على المتلقي عند رؤية المعرض، إلا أنه لا يمكن نكران بروز تراكم التجربة الفنية لدى جرار من خلال أعماله التي تحاكي الفن المفاهيمي المعاصر غير الأحادي الشكل.

تتوسع فكرة الجدار والأسوار مع الفنان وتتطور الى الحصار ومحاولة الفرار، فنجده يستعرض في الفيلم أحداثاً تتعلق بكيفية النضال من أجل كسر قيود هذه الجدران الوهمية، فنجد كيف يمررون الخبز من ثقب صغير في هذا الجدار. هذا الثقب الصغير الذي لا يتسع إلا لمرور رغيف خبز واحد، هو فرصة النجاة، وهو الذي يبرز هشاشة الجدران الفاصلة والعازلة التي تحمل أبعاداً سياسية وعنصرية واقتصادية بالدرجة الأولى. كما يستتبع جرار سرد المعاناة مع الفيلم الذي يبرز محاولة الفرار من خلال نفق لمياه الصرف الصحي بهدف الانتقال الى بيت حنين المقسمة الى قسمين من قبل إسرائيل، فيبرز معاناة الناس في الانتقال. على الرغم من تركيز الفنان على هذه الجوانب، التي تكون مظلمة ومتعبة في حياة الشعوب، إلا ان عرضها بأسلوب منغمس بالأمل يجعلها تطلق ما يشبه اليقين بتغيير أفضل سيأتي وفي وقت ليس ببعيد.

وقال خالد جرار عن معرضه، لـ«الإمارات اليوم»، «بدأت عملي مع الجدار في فلسطين، فركزت على كيفية التخلص منه، لاسيما أنني وجدت اننا نحكي عن الجدار باستمرار ونكتب عليه واحياناً نلونه ونجمله، لذا أعدت تكوينه الى قطع فنية تطرح مجموعة من التساؤلات، لاسيما ان الاحتلال هو احتلال اقتصادي، إذ بني الجدار كي يمنع الفلسطيني من العمل في بلده». وأضاف «وجدت في بلدان العالم جدراناً من نوع آخر، ففي فنلندا كانوا يقصون لحاء الشجر ويطحنونه ويخبزونه ليتناولوه بسبب الجدار، وبنيت منه جدار الجوع، وتطور العمل معي الى أرغفة من البرونز، بينما في أميركا وجدت جدار العنصرية المبني على حدود المكسيك، والذي زرع في عقول الناس أن المكسيكيين لصوص ومعتدون من أجل تبرير بقاء الجدار». وأشار جرار الى أنه سعى الى تقديم العناصر البسيطة، من خلال فكرة الجدار، لأن الانسان ضعيف جداً، وأن الجدران كلها والقلاع والامبراطوريات، ستنهار، فهي تبقى لفترة بسيطة وتزول، مهما بلغت عظمتها.

أعمال جرار تحمل رمزية عالية مع الكثير من الوسائط، وهذا ما فسره باعتباره العمل قصة ورمزاً، فهي طريقة شاعرية يخاطب فيها المرء المجتمع بصورة بصرية، ويبرز كيف يقلق ويهتم بالأرض التي هو عليها. ولفت جرار الى أنه يحب الشاعرية المبنية على قواعد وأسس بهدف طرح تساؤلات، لايجاد علاج لأي معضلة، فليس المطلوب تجميل الجدار، بل تكسير الجدار العنصري والفاشي. وشدد على انه لا يعبر عن هذه القضية لأنها قضية الفنان الفلسطيني، اذ يرى ان القضية الفلسطينية، هي قضية الشرق الأوسط كله، وهي قضية إنسانية، منوهاً بأن كل القضايا العادلة التي فيها نضال للحرية، هي قضيته كفنان، ويطرحها من باب الشعور بالمسؤولية.

الفن المتعدد الوسائط هو السبيل بهدف إيصال الرسالة، فالمادة تساعد جرار على إيصال المفهوم، البرونز والزجاج والحديد والباطون كلها مواد ذات معنى بالنسبة إليه. وأكد جرار أن على الفنان أن يتجاوز المادة التي يعمل بها كي يتحدى نفسه، ويقدم أفكاراً جديدة.

تويتر