أكد أن الحلول في إصلاح الفكر وتكريس الجهد المعرفي التنويري

سلطان: أمتنا العربية قادرة على النهوض مجدداً

صورة

قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إن دولة الإمارات، دولة لا مركزية، وإن القانون الذي رسم بوضوح العلاقة بين «الاتحادي» و«المحلي» قاد الدولة إلى النجاح والازدهار، في حين كان الإخفاق مصير اتحادات عربية أخرى، لم تراعِ هذا الأمر.

وقال سموه خلال لقائه رؤساء ومديري تحرير الصحف الإماراتية أثناء زيارته إلى معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في ألمانيا، إنه لا تصادم بين الاتحادي والمحلي، وإن كل إمارة تتمتع بحرية في الحركة، لكنها حرية «محدودة وغير مطلقة»، وإن «القانون يحمي من التصادم المعطل للعمل».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/552634.jpg

حاكم الشارقة:

- «عمر التطور الذي تسير فيه دولة الإمارات بات يقاس بالأيام، في الوقت الذي يقاس عمر الشعوب في العالم بالسنين».

- «الشارقة تطرح المبادرات والمشاريع بصورة يومية، ولا تتوقف جهودها على الإمارة وحسب، وإنما تتعدى ذلك لتصل إلى مجمل البلاد العربية والإسلامية».

- «الثقافة العربية منظومة واحدة لا يمكن تجزئتها لثقافات متعددة.. ونحن أمة واحدة يجمعها اللغة والهوية والثقافة والتاريخ والمستقبل».

- «أعمل على كتاب يتناول تاريخ الحضارات التي استوطنت الخليج العربي».


-«(الخارجية) و(الدفاع) و(الأمن) شؤون اتحادية.. ولا تشريع محلياً يخالف ذلك».

وأوضح أن «الإمارات قبل الاتحاد كانت لها دساتيرها، والاتحاد جاء ليكمل ما هو موجود، فأخذ منها بعض الصلاحيات وأعطاها أخرى حسب الضرورة».

ولفت صاحب السمو حاكم الشارقة إلى أن الإمارات سابقاً كان لها علاقاتها الخارجية، لكن هذا الأمر بعد الاتحاد أصبح منوطاً بالدولة الاتحادية، كما كان لكل إمارة حرية التسلح، فأصبح هذا الشأن وأمور القوات المسلحة جميعها من الشؤون الاتحادية. وتابع سموه «هناك خطوط لا يتم التجاوز عليها، ولا يمكن المساس بها، من أي من الإمارات»، مضيفاً أن «الخارجية والدفاع والأمن شؤون اتحادية، ولا يمكن أن تشرّع إمارة تشريعاً يخالف ذلك». وأضاف أن «دولة الإمارات تأسست تأسيساً صحيحاً، لذلك صمد اتحادها، فيما تفككت تجارب أخرى».

وأفاد سموه بأن «الدولة الاتحادية هي المسؤولة عن التشريع، وأن الحكومات المحلية، تنفذ فقط، وأي إمارة تضع تشريعاً مخالفاً لذلك، يكون فعلها خارج السياق القانون»، وتابع «نحن ننفذ التشريعات ولا نشرعها».

وكشف سموه عن أنه تدخل لمنع بعض الموظفين من التجاوز على القوانين الاتحادية. وقال «منعنا بعض الموظفين من التدخل والشطط، وألزمناهم بتنفيذ التشريعات الاتحادية، وعلى سبيل المثال في مشروع قانون الشركات أكدنا على الموظفين ضرورة الالتزام به، حماية لحقوق المستثمرين الأجانب».

وأضاف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن الأزمات الحالية التي يشهدها عدد من البلدان العربية لا تشكل عامل إحباط أمام نهوض ثقافتنا، موضحاً أن الحلول التي يجب العمل عليها تتمثل في إصلاح الفكر، وتكريس الجهد المعرفي التنويري القائم على جهد الأجيال الجديدة وقدرتها على مواكبة حاضرها، والمضي قدماً برؤى متينة راسخة، يشيّدها الأدب، والثقافة، والتعليم، والفكر.

وأكد سموه أن «الثقافة العربية منظومة واحدة لا يمكن تجزئتها لثقافات متعددة، وأننا إذا ما أردنا النهوض بثقافة أي دولة عربية فلابد من الالتفات إلى ثقافات الدول العربية الأخرى والنهوض بها أيضاً لأننا أمة واحدة يجمعها اللغة والهوية والثقافة والتاريخ والمستقبل». وكشف سموه، عن تفاصيل أبزر المشروعات الثقافية والاستثمارية التي تستعد إمارة الشارقة لإطلاقها خلال الفترة المقبلة، مبيّناً أن الإمارة تعمل على إنشاء مشروع مركز معارض جديد لتوسعة المساحة المخصصة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، إلى جانب المعارض والفعاليات الثقافية والأدبية والفنية الأخرى، مؤكداً أن الميزانيات قد رصدت ليتوسع المعرض بحيث يستوعب حجم المشاركات المحلية والعربية والدولية، التي باتت ترى في الشارقة محوراً للفعل الثقافي والفني بالشرق الأوسط والمنطقة العربية، وبما يتماشى مع النمو المتواصل لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في أعداد المشاركين، والزوار، والفعاليات، والمبيعات.

مشروع تنموي

وتحدث صاحب السمو حاكم الشارقة عن آخر المؤلفات والكتب التي يعمل عليها، موضحاً أنه يواصل العمل على كتاب منذ 15 عاماً يتناول تاريخ الأمم والقوميات التي شكلت الحضارة في بلدان الخليج العربي، وأن ملامح الكتاب باتت تتكشف رغم أنه لايزال في فصوله الأولى.

وبيّن سموه في حديثه عن مشروع الإمارات التنموي ومسيرة نهوضها بعد 45 عاماً من قيام الاتحاد، أن عمر النمو والتطور الذي تسير فيه دولة الإمارات بات يقاس بالأيام، في الوقت الذي يقاس عمر الشعوب في العالم بالسنين، لافتاً إلى أن تأسيس دولة الاتحاد منذ البداية كان متيناً بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتم التأسيس لتشريعات قوية ومدروسة تتناسب مع التطلعات التي كنا نسعى إليها في دولتنا، وكانت التشريعات مرنة وغير مركزية بحيث لا تتعطل حركة القرارات وتعيق التطور الذي تسعى له الدولة بصورة عامة.

واعتبر أن الحديث عن النهوض الحضاري، وقيادة مشروع ثقافي يحتاج إلى عمل متواصل ورؤية بعيدة المدى حتى تتكشف ملامحه، مستعرضاً بذلك تجربة مشروعه الثقافي الذي أطلقه منذ عام 1982. وقال: «إن الشارقة تسير بخطى حثيثة لتحقيق رؤيتها، إذ تطرح المبادرات والمشاريع بصورة يومية، ولا تتوقف جهودها على الإمارة وحسب، وإنما تتعدى ذلك لتصل إلى مجمل البلاد العربية والإسلامية، فمنذ البداية كنت مؤمناً أنه إذا أردت النهوض ببلدي عليّ أن أنهض بمجمل البلاد العربية». وأوضح سموه أنه منذ أن بدأ مشروعه الثقافي كان ينظر نحو المدى البعيد، وما يمكن لهذا المشروع أن ينتج في المستقبل من أجيال متعلمة ومثقفة تعي مدى أهمية الكتاب والعلم في صنع الحضارات والإنجازات، وأن كل ما قام به خلال العقود الماضية هو بذور لثمار ستؤتي أكلها لاحقاً، وقال سموه: «كل ما أسعى إليه هو أن أضع القوافي في قوالبها الصحيحة».

رؤى ثقافية

ولفت صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، إلى أن مشروع الشارقة الثقافي تتشكل رؤاه بتتبع الجهد الذي تبذله الإمارة على المستويين العربي والعالمي، وأن عائلته تعمل على دعم المشروع الثقافي العربي بشكل عام، فالشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين، تتولى دعم ومتابعة مشروع النشر وصناعة الكتاب، وتعقد زيارات واتفاقيات مع مختلف الجهات المعنية في بلدان العالم للنهوض بصناعة النشر العربية، وتبذل الكثير من الوقت والجهد لإيمانها بضرورة تطوير وتنمية هذه الصناعة ليس فقط في دولة الإمارات وإنما أيضاً على المستوى العربي كاملاً، فيما تمضي الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، قدماً في خدمة مشروع الفن العربي، وتزور البلدان العربية لتحيي التجارب الفنية، حيث عملت أخيراً على دعم الحركة التشكيلية الفنية في مصر.

وثمن صاحب السمو حاكم الشارقة، الدور الفعال والجهود الكبيرة لقرينته، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، في مجال القضايا الإنسانية والاجتماعية والصحية، وقضايا الارتقاء بالمرأة وحماية الأطفال والاستثمار في مستقبلهم، وحرصها على إطلاق المبادرات التي تتمحور حول حماية الأطفال واللاجئين، وتمكين الفتيات والنساء، مشيداً برؤيتها العربية الشاملة للارتقاء بالمرأة وتمكينها في مختلف المجالات، وأيضاً بالاستراتيجيات التي تتبعها إزاء تنمية الأطفال وحمايتهم. موضحاً سموه أن ما يقوم به وعائلته تجاه تلك القضايا المختلفة يقومون بها من منظور عائلي ليتلقاه الآخرون بمحبة وقناعة، وبالتالي تثمر تلك الجهود نتائج مستقبلية طيبة تسهم في تشكيل ما نطمح إليه في دولتنا الإمارات، ووطننا العربي الكبير.

الاستقرار.. الأساس

ونوه صاحب السمو حاكم الشارقة بأن أساس التنمية الصحيحة لأجيال المستقبل يبدأ من تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للمجتمع، وبالتالي يجب توفير كل ما من شأنه أن يسهم في ذلك الاستقرار. وقال: «في ظل ذلك لا يمكن أن نغفل دور المرأة في تكوين الأجيال الجديدة وتربيتهم، وقدرتها على الموازنة بين البيت والعمل، يجب أن نكون واعين أن عمل المرأة ومساهمتها في تنمية المجتمعات هي قضية محورية ورئيسة، وفي دولة الإمارات كانت المرأة منذ البداية شريكة وداعمة في مسيرة نهضتنا وحضارتنا، وما كنا لنصل إلى ما وصلنا إليه لولا وجود المرأة مع الرجل في التفاصيل كافة، إذ تشكل نسبة النساء من عدد سكان دولة الإمارات 45.3%، أي إنها نصف المجتمع بالأرقام أيضاً».

وأضاف سموه: «لذلك وفرّت الشارقة الكثير من الحلول في هذا الجانب، فأنشأت حضانات الأطفال في مختلف الدوائر الحكومية، ونعمل حالياً على تأسيس مشروع يضم 66 حضانة للأطفال ستكون مجهزة بكامل الخدمات، ويشرف عليها متخصصون بتربية الأطفال، انطلاقاً من اهتمام الإمارة بصحتهم وسلامتهم، وتمكين المرأة من تحقيق التوازن بين عملها وأسرتها، ووضعنا مواد تشريعية تمنح المرأة إجازات الأمومة، وتراخيص الرضاعة لأطفالها، والتقاعد المبكر في حال اختارت تربية أبنائها أو إعالة والديها».

جذور الأزمة

رسالة إلى الإعلام

وجّه صاحب السمو حاكم الشارقة رسالة إلى وسائل الإعلام في دولة الإمارات، قائلاً: «ينبغي أن تتحول قضايا المواطن في الدولة إلى مركز العمل الصحافي المحلي، وأن تعمل الصحف والوسائل الإعلامية على توفير مساحة أكبر للإبداع، والأدب، والشعر».

دعم الأدباء

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في رده على تساؤلات حول جهود الشارقة الثقافية في دعم أدباء المهجر «نحن لم نغفل عن هذا الجانب، حيث لعبت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة دوراً بارزاً في دعم وتكريم العديد من المبدعين العرب، من خلال نشر مؤلفاتهم ومنحهم الجوائز التقديرية، ونعمل في هذه المرحلة على استثمار جهود أدباء المهجر وتطويرها، إذ سيكون هناك مشروع يتم من خلاله طباعة أعمالهم، وتشكيل لجنة من النقاد بالتعاون معهم لنقل ثقافات العالم المختلفة إلى العربية».

وتحدث صاحب السمو حاكم الشارقة عن جذور الأزمة التي يواجهها العالم العربي، مستعرضاً سيرة العقود الأربعة الأخيرة التي خاضها الفكر السياسي العربي والأحزاب والتيارات التي تشكلت منذ تلك السنوات حتى اليوم. وقال: «علينا أن نتمسك بروابط الدين، والهوية، واللغة التي تجمع بين أمتنا العربية لمواجهة التحديات التي نمر بها، ولحماية الإنجازات المتحققة في العقود الماضية».

وحول الشأن المصري، أكد سموه أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يعمل جاهداً لعلاج الإشكاليات والأزمات التي خاضتها الدولة المصرية خلال الفترة السابقة، وكل ما يحتاج إليه هو الوقت لتتبيّن آثار تلك الجهود، مؤكداً أن مصر عائدة وبقوة إلى دورها المركزي والفاعل في العالم العربي، وأن تاريخ الشعب المصري شهد الكثير من التغيّرات والظروف التي تعد أصعب مما هي عليه اليوم، إلا أنه استطاع تجاوزها.

واعتبر سموه أن الكثير من المراقبين لحال البلدان العربية اليوم يشعرون بالإحباط مما يجري الآن، إلا أن التاريخ يؤكد أن ما نمر به ليس جديداً ولا نهائياً، وما زلنا قادرين على النهوض، فما مرت به البلاد العربية على يد المغول كان أكثر شدة مما نمر به اليوم، ولكنا استطعنا النهوض مجدداً، وتلك هي سيرة الحضارات بمجملها، فما بعد كل هذا المخاض سوى الولادة المشرقة، والمستقبل المنير.

وتوقف سموه عند أبرز المؤتمرات التي استضافتها الشارقة في الآونة الأخيرة، سواءً مؤتمر الاستثمار الأجنبي المباشر الذي نظمته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، أو مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي نظمته مؤسسة القلب الكبير، مؤكداً أنه كان حريصاً على طرح رؤيته في تلك المؤتمرات من خلال الخطابات التي ألقاها في افتتاح كل مؤتمر، حيث أكد أن ما تسعى إليه الشارقة في تعاونها مع مختلف الجهات والمؤسسات الدولية يمضي ضمن سلسلة القيم والمبادئ التي تتماشى مع الثقافة العربية الإسلامية، وضمن الخطط التي تخدم النهوض الاقتصادي والحضاري للإمارات بصورة عامة.

تويتر