المبادرة تفتح الآفاق لعقود المعرفة وتمهّد لتجدد ازدهار الثقافة

مثقفون ومبدعون: «إعلان 2016 عاماً للقراءة» احتفال إماراتي بـ «الـكتاب»

مثقفون رأوا أن الشرائح العمرية المعنية بالتفاعل بشكل أكبر مع المبادرة هم الطلبة والشباب. أرشيفية

استقبلت الأوساط الثقافية الإماراتية قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بإعلان عام 2016 عاماً للقراءة، باستبشار وتفاؤل شديدين، حوَّلا الإحباط بخصوص مؤشرات نسب القراءة عموماً إلى الضد.

عادل خزام: باتجاه المستقبل

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/411825.jpg

قال الشاعر والروائي عادل خزام إن الإمارات تذهب إلى المستقبل بفعل القراءة لتبقى دوماً مستعدة لتجاوز التحديات، على الرغم من الواقع الخجول للإقبال على القراءة، بمفهومها المعرفي عربياً.

وتابع «بهذه المبادرة المعرفية تعيد الإمارات فعل القراءة إلى واجهة اهتمام مؤسسات المجتمع المختلفة، وبعد أن اضمحلت صناعة الكتاب، يعود للمثقفين والمبدعين الأمل من جديد، بأن ثمة انتصاراً قريباً للكتاب، نأمل من خلاله أن تتحول الدولة إلى مركز لصناعة الكتاب وإنتاجه وترويجه وتسويقه».


علي عبيد: تفاؤل مشروع

يخالف الأديب علي عبيد الإحصاءات المؤشرة لتواضع الإقبال على القراءة عربياً، ويرى أن «الواقع الفعلي أكثر تفاؤلاً»، مضيفاً: «من يرى إقبال الشباب على شراء الكتب في المعارض المختلفة، وحرصهم على تداولها ومناقشتها في مجاميع يقومون بتكوينها، لا يملك سوى أن يعلن تفاؤله».

وتابع «السنوات الأخيرة تختلف عن سابقتها، ومع مبادرة القراءة، فإن القادم من دون شك أدعى لمزيد من التفاؤل، لاسيما أن مؤسسات الدولة المعنية بالأمر ستشرع في المرحلة المقبلة بوضع الاستراتيجيات التي تفعل من خلالها توجيهات عام القراءة».

وتوقع أن يكون 2016 بمثابة أساس وقاعدة لنهضة وتنمية مستدامة تبقى فيها القراءة بكل ما يحمله هذا الفعل من تحريض على المعرفة بمثابة أحد الأسس الثابتة لازهار وتقدم الدولة.


خالد الظنحاني: الشعر مستفيد «غير» وحيد

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/411826.jpg

وصف الشاعر خالد الظنحاني إعلان 2016 عاماً للقراءة بأنه تتمة للمبادرات الكبرى المرتبطة بالمعرفة والابتكار وقاطرة لتنمية مستدامة تبقى فيها المعرفة عمودها الرئيس.

ورأى أن الشعر سيعود للتألق في ظل الدعوة للقراءة، لاسيما في ما يتعلق بالدواوين التي أصيبت بحال من الزهد في طباعتها وتداولها، بتأثير من معطيات الحداثة، لكنه أكد أن الشعر ليس الجنس الإبداعي الوحيد المرشح للازدهار، بل سائر أجناس الإبداع الأدبي، ومختلف دروب الثقافة والمعرفة.


حبيب غلوم: الكرة في ملعب «التربية»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/4116651.jpg

رأى مدير إدارة الأنشطة بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الدكتور حبيب غلوم، أن توجيهات رئيس الدولة بأن يكون 2016 عاماً للقراءة، هي توجيهات جاءت في الوقت المناسب لتنفيذها، في ظل الحاجة الماسة لأن تتبوأ قيمة المعرفة الموقع الرائد المناسب لها في النسق الحضاري للدولة.

لكن غلوم رأى أن «الكرة تبقى بشكل أكبر في ملعب وزارة التربية والتعليم»، مشيراً إلى أن هناك حاجة ماسة لتقليص المهام المطلوبة من طلبة المدارس خصوصاً، وهو ما سيتيح وقتاً يمكن أن يستغل معرفياً حسب ميول واتجاهات كل طالب. ورأى غلوم أن هناك أجيالاً فاتها بالفعل قطار «القراءة»، وأن الحل الأمثل يبقى في تدارك الأجيال ذات الشرائح العمرية الأكثر حداثة.


سلطان السويدي: مواكبة للتنمية الاقتصادية

قال رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم سلطان السويدي، إن إعلان عام 2016 عاماً للقراءة يأتي ليرسخ حقيقة اعتماد الإمارات على استراتيجية بناء الإنسان باعتباره ثروة الوطن الحقيقية، وهو ما ينجز تنمية مستدامة تتوازى فيها النهضة المعرفية مع النهضة الاقتصادية الشاملة.

وأضاف السويدي «في ظل التوجيهات السامية من رئيس الدولة نأمل أن تحتفي الإمارات بمحو كامل للأمية مع ختام المرحلة الزمنية المخصصة لاستراتيجية 2020».

وأكد السويدي على أن «الندوة» ستواكب في شتى برامجها المختلفة كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق ما تصبو إليه القيادة الرشيدة، من تنمية معرفية، سواء في ما يتعلق بعام القراءة، أو سوى ذلك من استراتيجيات هدفها ترسيخ ازدهار ورقي الإمارات.

 

وبعد عام للابتكار، شهد التخطيط لإطلاق أول قمر اصطناعي إماراتي الى الفضاء لأغراض بحثية واستكشافية، وتخلله أسبوع تحت شعار «الإمارات تبتكر»، وكذلك إطلاق مبادرة تحدي القراءة، وغيرها من المبادرات التي ترسخ قيمة المعرفة عموماً، يرى مثقفون وأكاديميون استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم، بأن التنمية الاقتصادية والعمرانية والبنية التحتية المتطورة، والاستفادة القصوى من تكنولوجيا المعلومات في إطار بيئة خدمات ذكية، مرشحة لأن تواكبها تنمية موازية في عالم الثقافة والمعرفة والاطلاع، تبشر بعودة اكتشاف ازدهار الكتاب تأليفاً ونشراً وتداولاً.

 

وجاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لمرسوم «جائزة محمد بن راشد للمعرفة»، ترسيخاً لهذا الاتجاه من القيادة الرشيدة بتفعيل حضور المعرفة بشتى صنوفها في المشهد الحضاري الإماراتي المعاصر، مشيرين إلى أن هذا التاريخ الذي يصادف الخامس من ديسمبر، سيذكر في سجل مسيرة الدولة على الدوام بكل فخر واعتزاز.

المثقفون والأكاديميون المستطلعة آراؤهم أبدوا حماستهم الشديدة وعزمهم على إنجاح ودعم «إعلان 2016 عاماً للقراءة»، بعد أن تراجع فعل القراءة على نحو كبير بين الأجيال الأكثر حداثة على وجه الخصوص، مدفوعين بعوامل كثيرة، في مقدمتها طغيان ثقافة المرئي، وجاذبية مواقع التواصل الاجتماعي، بما تحمله من تصفح، لا يدخل يقيناً في واقع ممارسة القراءة بمفهومها من حيث كونها الأداة أو الوسيلة الرئيسة لاكتساب المعرفة.

رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم سلطان صقر السويدي، رأى بأن المبادرة الجديدة بمثابة تحدٍّ جديد يضاف إلى قائمة التحديات التي نجحت فيها الدولة، ممثلة بقيادتها الرشيدة وأجهزتها المختلفة، وشعب الإمارات الذي يؤكد مساره بالفعل صدق مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بأن «المستحيل ليس إماراتياً».

واعترف السويدي بأن الأرقام المرتبطة بإحصاءات القراءة عربياً «مخجلة»، لكنه أشار عموماً إلى ان الاتجاه الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو أن بناء الإنسان الإماراتي هو أساس تقدم الدولة، أسهم في التحفيز باتجاه العلوم والمعرفة في شتى المجالات.

وتابع أن «قيام الاتحاد هو المفجّر الأساسي لطاقة تجاوز التحديات، وبعد أن كان الطلبة المبتعثون لا يعدون إلا على أصابع اليد الواحدة، قام المغفور له الشيخ زايد بتشجيع الطلبة الإماراتيين على تحصيل العلوم في أرقى الجامعات، وهو ما انعكس على إيقاع التطور السريع الذي صارت عليه الدولة في تلك المرحلة المبكرة من عمر الاتحاد».

ويثمّن عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور خالد الخاجة، توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بإعلان عام 2016، عاماً للقراءة، مشيراً إلى أن «القيادة الرشيدة وضعت أيديها على داء خطير، ولأن الإمارات تبقى دوماً سباقة في مجابهة التحديات، ولا تنتظر انعكاساتها، حتى تشرع في معالجتها، فقد جاء هذا التوجيه الحكيم في توقيت مناسب ومثالي للغاية».

وتابع «تراجع فعل القراءة، ليس محلياً فقط، بل عربياً بشكل عام، وهو أمر له أسباب عديدة في مقدمتها طغيان حضور شبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تشوه مفهوم الرعاية الأسرية، الذي أصبح لدى كثير من الأسر متبلوراً حول الرعاية المادية والجسدية، دون الرعاية الذهنية والمعرفية».

وأضاف «دور المؤسسات التعليمية أيضاً يبقى من أهم عوامل تراجع فعل القراءة، من خلال الدفع باتجاه التلقين والتركيز على تقديم العلوم والمعارف بصورة نمطية مقولبة بعيداً عن التحفيز باتجاه البحوث التي تستلزم استغراقاً معرفياً».

واعتبر الخاجة أن اتجاه الكثير من كليات العلوم الإنسانية عموماً إلى تدريس مساقاتها المختلفة باللغة الإنجليزية، واحد من أوجه تكريس هجر القراءة، مضيفاً أن «تحصيل الطالب العلوم الإنسانية بخلاف لغته الأم يبقيه في إطار التفكير، ويكرس الفجوة بينه وبين التفكير التأملي الابتكاري الخلاق، ولا يوجد مبرر حقيقي لاعتماد لغة أجنبية كأداة تدريس العلوم الإنسانية، بخلاف نظيرتها العلمية التي قد يجوز فيها ذلك».

مدير إدارة الأنشطة في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الدكتور حبيب غلوم، بدا متحمساً أيضاً لتوجيهات القيادة الرشيدة بشأن إعلان 2016 عاماً للقراءة، مؤكداً أن المبادرة المهمة تأتي في توقيت شديد الأهمية، ويمثل تحدي المعرفة والقراءة تحدياً رئيساً وجوهرياً بالفعل خلال المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أنه يتوقع أن تهب مختلف مؤسسات الدولة لتقديم خطط عملية تواكب تلك التوجيهات السامية التي تعالج الواقع وترنو إلى مستقبل مزدهر على الصعد كافة.

ورأى غلوم أن أهم مكامن التحدي يقبع في خيارات وزارة التربية والتعليم، مضيفاً أن «التربية والتعليم خصوصاً هي أكثر الوزارات المعنية بهذه المبادرة المهمة، لذلك نأمل من المعنيين بالأمر إيجاد حلول حقيقية لواقع أزمة المناهج وحقيقة حشو التلقين والكم الذي يزحم أدمغة الطلبة على نحو يصعب من أي محاولة للارتقاء بفكر ومخيلة الأبناء خارج إطار منهج دراسي لا يشجع بالأساس على ذلك».

وأشار غلوم إلى أن الشرائح العمرية المعنية بالتفاعل بشكل أكبر مع مبادرة القراءة هم طلبة المدارس ذوو الأعمار السنية الأدنى خصوصاً، مضيفاً «هناك أجيال تجاوزتهم فرصة تحريضهم على فعل القراءة، لأن تلك الثقافة يجب أن تواكب النشء، وعلينا الآن ألا نسمح بضياع فرص أخرى مع الأجيال المقبلة».

ورأى غلوم أن كل المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية بالأمر يجب أن تدلي بدلوها بشكل عملي وفعال، بعيداً عن الشعارات، لافتاً إلى أن «كثيراً من الجهات لم تكن على المستوى التفاعلي المأمول بشأن مبادرة دعم اللغة العربية، وأنه من أجل ضمان أكبر قدر من الاستفادة من المبادرة الجديدة يجب أن يكون هناك استراتيجية واضحة لدى كل المؤسسات من أجل دعمها بصيغ عملية».

«التفاؤل الشديد» هو الانطباع الأبرز لدى الأديب علي عبيد، الذي يؤكد على أن هناك حراكاً إيجابياً عكس اتجاه المؤشرات الإحصائية الزهيدة عربياً بصدد الإقبال على القراءة، مضيفاً «الاحتكاك والمراقبة المباشرة لكل من هو على تواصل مع حركة طباعة الكتب ودور النشر، يؤشران إلى أن هناك في السنوات القليلة الماضية ارتداداً محموداً للقراءة محلياً وخليجياً، وعربياً أيضاً، وهو أمر يتجلى في إحدى صوره خلال الإقبال على شراء الكتب في المعارض المختلفة، فضلاً عن تكوين مجموعات عديدة تجتمع دوراً حول مناقشة كتاب أو ظاهرة تخص التأليف عموماً».

ورأى عبيد أن «جيل الشباب على عكس الانطباع السائد بات يمتلك حنيناً للكتاب المطبوع، على الرغم من توافر نظيره الإلكتروني بمغريات عديدة، متوقعاً أن يولد طرح المبادرة أفكاراً عديدة لتفعيلها، سواء من قبل المؤسسات الحكومية، أو ذات النفع العام، أو الخاصة».

ولم يُخف الشعراء خصوصاً والمبدعون في مجالات القول المختلفة عموماً غبطتهم بإعلان 2016 عاماً للقراءة، معتبرينه مقدمة لعقود تبقى فيها المعرفة قاطرة الإمارات نحو التقدم والازدهار، حيث رأى الشاعر والروائي عادل خزام أن الإمارات ممثلة في قيادتها الرشيدة تتدخل لإصلاح خلل معرفي قائم، من اجل أن تنتصر لنور القراءة والثقافة، مضيفاً «لا أتوقع أن يقف تنفيذ التوجيهات السامية عند المدلول المباشر للتحريض على فعل القراءة، بل أتصور أننا أمام مفترق طرق للانفتاح على العلم والمعرفة بشتى ألوانها، لتعود القراءة المنفتحة الواعية إلى الصدارة، بعد أن توارت لمصلحة أدوات أخرى في مقدمتها الوسائط المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي».

ورأى خزام أن الخسائر التي تمنى بها معظم مبادرات طباعة الكتب، على نحو يعرقل تكرارها سوى مثابرة الكاتب نفسه، وتحمله لخسارة مادية في مقابل إخراجه إلى النور، قد تكون مرشحة للتلاشي في ظل رواج منتظر للقراءة يؤسس له «عام القراءة».

الشاعر خالد الظنحاني رأى توجيهات القيادة الرشيدة بشأن القراءة وما ارتبط بها من «جائزة محمد بن راشد للمعرفة»، وما سبقها من تحفيز على الابتكار، بمثابة جزء من استراتيجية إماراتية شاملة لتنمية يبقى فيها بناء الإنسان هو مقومها الأول.

وتابع «جميع أجناس المعارف والعلوم ستكون محل رواج وحضور كبيرين، ولا أتصور أن مجالاً بعينه سيكون أوفر حظوظاً من الآخر، في ظل معادلة كل أطرافها رابحة، سواء المبدعون أو جمهور المتلقين، ما يعني أن المجتمع بكل أطيافه رابح، لأننا بصدد فعل تنموي يترسخ على بنية ووعي معرفي، بالتزامن مع بنية ونهضة اقتصادية طالت إماراتياً أيضاً شتى المجالات».

خالد الخاجة: دعم للفكر والخيال

اعتبر عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور خالد الخاجة، أن توجيهات رئيس الدولة باعتبار 2016 عاماً للقراءة، بمثابة تحفيز لإثراء الفكر والخيال «لأن القراءة الواعية هي أهم فعل محرض لتنمية الفكر وإذكاء الخيال».

ورأى الخاجة أن عوامل النجاح في جني ثمار «عام القراءة» تبقى في جانب منها منوطة بدور الأسرة والمجتمع بمؤسساته المختلفة، وبصفة خاصة المؤسسة التعليمية التي رأى أنها مطالبة بتشجيع القراءة الواعية البعيدة عن التلقين والقولبة المنهجية.

وتابع «الإحصاءات الخجولة عربياً في ما يتعلق بمدى إقبال الناشئة والشباب على القراءة، على الرغم من عدم دقتها، إلا أنها مرشحة للتعديل الإيجابي إماراتياً، مهما كانت التحديات»، لأن «المستحيل ليس إماراتياً».

وأشار الخاجة إلى أن هناك حاجة ماسة لتشجيع المعلم أولاً على أن يقرأ، كي يكون بمثابة القدوة لطلبته، مستدركاً «لكنه أمر لن يتم إلا من خلال إعادة النظر في المهام العديدة والمتفرعة الملقاة على عاتقه».

تويتر