إصدار جديد لأكاديمية الشعر في أبوظبي يتزامن مع «معرض الكتاب»

«حديث الفرائد من أشعار الشيخ زايد».. عن أسرار اللغة وعلوّ الشاعرية

غلاف الكتاب.

صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي كتاب «حديث الفرائد من أشعار الشيخ زايد» للدكتور غسان الحسن، وذلك بالتزامن مع انطلاق فعاليات الدورة (25) من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي يحتفي بالشيخ زايد الشخصية المحورية هذا العام.

يبدأ الكتاب بمقولة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»: «إن تراثنا من الشعر الشعبي هو أحد ينابيع الحضارة التي تألقت فوق أرضنا»، وهي العبارة نفسها التي ختم بها الدكتور الحسن كتابه، ليؤكد على رؤيا المغفور له الثاقبة، ليقول عنها: «عبارة سمعتها قبل أربعة عقود وأنا اليوم أعيشها».

موهبة فطرية

من الملاحظ بعد القراءة التي خلص إليها الحسن أن الشيخ زايد لم يكن يطيل في قصائده، ولم يذهب إلى الإسهاب في عرض موضوعه وتفاصيل معانيه، وهذه سمة بارزة من سمات جلّ قصائده إن لم يكن كلها، ولعل ذلك عائد إلى أنّ الشاعر لم يكن لديه من الوقت ما يتسع للتطويل، فلديه من المهام والمشاغل ما يحتاج في اليوم الواحد إلى أيام، وفي الساعة الواحدة إلى ساعات، بل إنّ العجب كل العجب لرجل في قمة الهرم السياسي والاجتماعي والاقتصادي كيف يجد لنفسه فسحة من الوقت ليصوغ أبياتاً من الشعر فيها ما فيها من جمال اللفظ والمعنى وجمال الطرح والبناء وعلو الشاعرية. إنّ هذا ما كان ليحدث لولا موهبة فطرية أسبغها عليه المولى سبحانه، والشعر أساسه الموهبة.

ويقدّم المؤلف في كتابه قراءة في نصوص بعض قصائد الشيخ زايد، يقول: «إنها ليست بأية حال من الأحوال أكثر من رؤية شخصية وفهم ذاتي، ومحاولة فردية مستندة إلى معايشة طويلة لسبر أعماق هذه النصوص، وبيان جواهرها الفنية والموضوعية».

ويخلص الحسن في قراءته للديوان أنّه وبعد عقود من ولادة هذه القصائد التي هي محط دراسته فإنها مازالت بنفس شعريتها بل وأكثر، فهو يكتشف الآن ما لم يجده فيها وقتها، على الرغم من أن القصائد نفسها والشاعر نفسه والقارئ نفسه، غير أنّ «هذه القصائد لها من أسلوب شعري، وبما اختزنه بين ثناياها من لغة متفاعلة، وبما اكتنزه في جنباتها من معان حية، وبما دبجه في مبانيها من فنون قولية، وبما أودعه في مفرداتها من دلالات مدمجة، فجاءت هذه القصائد من النصوص الشعرية الولاّدة التي لا تعطيك من مكنوناتها إلاّ بمقدار ما تعطيها من تأملك وتمعنك، فهي لا تبوح لك بخفايا جمالها من جولتك الأولى، ولا تسمح لك باستقصاء طيوبها من نظرتك الأولى في محياها بل إن لك في كل نظرة حسنة، وإن لك في جولة بوحاً».

ويذهب الحسن في مجمل حديثه عن القصائد وجماليتها إلى القول وكأن الشاعر العربي قصدها حين قال: «يزيدك وجهه حُسناً إذا ما زدته نظراً»، وكذا قصائد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، فمع كل قراءة تكتشف الجميل من الشعر واللغة الشعرية المتفرّدة والمتميزة.

ويضيف الحسن من شواهد ذلك سيراه القارئ في تناولي قصيدة «بينونه»، فقد أوحت لي بثلاث قراءات مختلفة أثبتها جميعاً ولم أستطع أن أستغني بواحدتها عن الأخرى، فلكل قراءة منها منطلق ونتيجة، ولكل واحدة منها رؤية لا تعوض عنها مثيلاتها، ومكمن ذلك كله في ثراء النص وعمقه، وفي غزارة محتواه، ففيه من مكامن الجمال الكثير شكلاً ومضموناً.

ويتضمن الكتاب، الذي جاء في 318 صفحة من القطع المتوسط، تحليلاً وافياً موسعاً لـ14 قصيدة هي: «يا بوخدود موردات، إلتمحته حزّة المغرب، لي يحبك تعرف مسيره، قصيدة موحدة الشكل والمضمون، قصيدة بينونه، هات القلم، شطن بي الغزلان، دنيا محلا وطرها، ألا يا مرحبا حيّ بنفيحه، نسيم الشرق، يا مرحبا بالجيل، حبك ملك قلبي، آه من صُوّب وحانِ، مرحبا يا حي فضل الله».

وقسّم الحسن قراءته للقصائد إلى أقسام عدة، حيث تناول كل قصيدة في مختلف جوانبها الزمنية في محاولة فردية مستندة إلى معايشة طويلة لسبر أعماق هذه النصوص وبيان جواهرها الفنية والموضوعية، باذلاً في ذلك جهده، ومازال في نفسه بقية من كل نص، ومازال لكل نص حق عليه، عسى أن تسمح الأيام بأدائه، سواء بقلمه أو بأقلام السائرين في دروب الأدب الإماراتي الثري.

ومن الملاحظ بعد قراءة القراءة التي خلص إليها الحسن أن الشيخ زايد لا يطيل في قصائده، ولا يذهب في شعره إلى الإسهاب في عرض موضوعه وتفاصيل معانيه، وهذه سمة بارزة من سمات جلّ قصائده إن لم يكن كلها، ولعل ذلك عائد إلى أنّ الشاعر ليس له من الوقت ما يتسع للتطويل، فلديه من المهمات والمشاغل ما يحتاج في اليوم الواحد إلى أيام، وفي الساعة الواحدة إلى ساعات بل إنّ العجب كل العجب لرجل في قمة الهرم السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكيف يجد لنفسه فسحة من الوقت ليصوغ أبياتاً من الشعر فيها ما فيها من جمال اللفظ والمعنى وجمال الطرح والبناء وعلو الشاعرية. إنّ هذا ما كان ليحدث لولا موهبة فطرية أسبغها عليه المولى سبحانه، والشعر أساسه الموهبة. كما تألقت القصائد، من خلال معرفة الشاعر بأسرار اللغة وبمكامن جمالها ومغاليق بلاغتها، بدءاً بالمفردة والعبارة، وصولاً إلى بناء البيت وبناء القصيدة.

تويتر