سلسلة تجمع بين «العربية» و«الإنجليزية» تعيد اكتشاف عيون التراث

أبوظبي تهدي العالم «مــــكتبة الأدب العربي»

فيليب كينيدي متحدثاً عن المشروع خلال أمسية «من عنترة إلى فارس شدياق: فن التحرير في الترجمة». تصوير: نجيب محمد

دعا متخصصون إلى إعادة قراءة وتقييم الإنتاج العربي، الذي يعود إلى نهاية العصر العباسي وبداية العصر العثماني، وكذلك الأدب العربي الذي تم إنتاجه في إيران في القرنين الـ12 و13، وإعادة الحكم عليها بعيداً عن الأيديولوجيا؛ مشيرين إلى أن هناك الكثير من المناطق والأعمال، التي تحتاج إلى إعادة اكتشاف في الأدب العربي على مر عصوره.

وأشار المحرر العام في «مكتبة الأدب العربي» والأستاذ المشارك في قسم الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية لدى جامعة نيويورك أبوظبي، د.فيليب كينيدي، إلى أن مشروع «المكتبة العربية»، التي أُنشئت بموجب منحة من معهد جامعة نيويورك في أبوظبي، بالتعاون مع دار النشر التابعة لجامعة نيويورك، يهدف إلى نشر أعمال من عيون الأعمال التراثية العربية مع التركيز على الفترة من العصر الجاهلي إلى عصر النهضة، وإصدار هذه الأعمال بعد تحقيقها وترجمتها، في سلسلة كتب تجمع بين العربية والإنجليزية.

ابتعاد عن التكرار

المشروع يركز على عصر النهضة، رجوعاً في التاريخ إلى العصر الجاهلي، وهي فترة تمثل حقبة زمنية واسعة، وتتضمن نتاجاً مهماً، مع التركيز على تحقيق الأعمال قبل ترجمتها، والابتعاد عن تكرار الأعمال التي تترجمها المشروعات الأخرى.


75 عملاً

تتضمّن «المكتبة» عدداً كبيراً من الأعمال قد يصل إلى 75 عملاً، من بينها «المنثور والمنظوم»، وهو يتميز بأنه ليس كتاباً تراثياً بل أنطولوجيا للأدب العربي، ويصلح كتاباً لتدريس الأدب العربي في الجامعات الغربية، ويمنح طلاب الأدب المقارن فرصة التعرّف إلى ذخائر من مختلف عصور الأدب العربي. وأيضاً ترجمة «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري، وكتاب «دستور معالم الحِكَم ومأثور مكارم الشِيَم»، وهو ترجمة لأقوال الإمام عليّ بن أبي طالب، التي جمعها القاضي الشافعي الفاطمي محمد بن سلامة القضاعي.

ويتولى تحرير وترجمة الكتب نخبة من خبراء الدراسات العربية والإسلامية والباحثين من مختلف أنحاء العالم، منهم أعضاء لجنة التحرير، وهم: فيليب كينيدي، من جامعة نيويورك، وجيمس مونتغمري، أستاذ اللغة العربية في جامعة كامبريدج، وشوكت محمود تراوا، أستاذ مشارك في الدراسات العربية والإسلامية في جامعة كورنيل، ووليا بري (جامعة أكسفورد)، ومايكل كوبرسن (جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس)، وجوزيف لاوري (جامعة بنسلفانيا)، وطاهرة قطب الدين (جامعة شيكاغو)، وديفن ستيوارت (جامعة إموري).

وأضاف كينيدي، خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فرع أبوظبي، بالتعاون مع المكتبة العربية، بجامعة نيويورك - أبوظبي، مساء أول من أمس، بالمسرح الوطني، بعنوان: «من عنترة إلى فارس شدياق: فن التحرير في الترجمة» وقدمها الناقد الدكتور معن الطائي، أن «هذه السلسلة تعكس الريادة التي تتمتع بها أبوظبي، إذ حصلت السلسلة على العديد من الجوائز الدولية بفضل ما وفرته لها أبوظبي من رعاية ودعم سخي. وستظل السلسلة مرتبطة بالعاصمة الإماراتية لتنطلق منه إلى المجتمع العالمي».

وأوضح كينيدي أن اختيارات المكتبة لا تقتصر على الأدب فقط، مشيراً إلى وجود مشروعات أخرى متعددة في أماكن مختلفة من العالم، مثل المشروع الذي تنفذه جامعة شيكاغو، ولكن مجال المصادر التي يعتمد عليها المشروع أقل من المصادر التي تتيحها جامعة نيويورك - أبوظبي لـ«المكتبة العربية»، التي تعد عملاً طموحاً جداً مقارنة ببقية المشروعات المماثلة.

وعن كيفية اختيار الكتب التي تتم ترجمتها، أوضح كينيدي أن المشروع يركز على عصر النهضة رجوعاً في التاريخ إلى العصر الجاهلي، وهي فترة تمثل حقبة زمنية واسعة وتتضمن نتاجاً مهماً من مختلف الأجناس، مع التركيز على تحقيق الأعمال قبل ترجمتها، مع الابتعاد عن تكرار الأعمال التي تترجمها المشروعات الأخرى المقيدة بترجمات القرآن الكريم والحديث الشريف والفلسفة والشريعة وكتاب «ألف ليلة وليلة»، أو أجزاء منها، باعتبارها تمثل الأدب العربي للكثير من الغربيين.

ولفت إلى أن العمل في المشروع يتم بطريقة تعاونية، فيشترك المحرّرون الثمانية في اختيار النصوص، وتفويض المترجمين، ومقابلة المخطوطات والمراجعة النهائية للنصوص المحقّقة والمترجمة. وتقوم لجنة دولية مشكّلة من 25 عضواً بتقديم النصائح، ووضع الخطوط العريضة لتطوّر السلسلة على المدى البعيد.

من جانبه، تطرق المحرر في مكتبة الأدب العربي، ديفن ستيوارت، إلى التحديات التي تواجه العاملين في المشروع على تحقيق وترجمة الأعمال، وفي مقدمتها تحقيق المادة، وهي ما يمثل المرحلة الأولى في العمل، ويحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، خصوصاً أن هناك كثيراً من القضايا المتعلقة بالفقه والشريعة والقياس وهي مجالات واسعة، إلى جانب صعوبة إعادة إنتاج المادة المكتوبة باللغة العربية باللغة الإنجليزية، وتزيد صعوبة الأمر في ظل طبيعة الكتب التي تتم ترجمتها، وهي كتب تراثية والقارئ الغربي لم يعتد قراءة ترجمات عن أعمال تراثية بلغتها الراسخة. وأوضح «نبذل جهداً كبيراً في ترجمة النص بشكل صحيح، وفي بعض الأحيان نترجم المصطلحات ثم نقوم بكتابتها بين أقواس بالعربية بحروف إنجليزية. وبشكل عام هناك الكثير من الأمور المعيارية في الترجمة، إذ لا توجد طريقة واحدة معتمدة للترجمة، كما أن الكلمة الواحدة كثيراً ما تحمل أكثر من معنى، وعلى المترجم أن يختار المعنى الأنسب اعتمادا على فهمه للسياق»؛ لافتاً إلى أن هناك صعوبة أخرى تتعلق بتوضيح الأماكن التي يتحدث عنها الكتاب، خصوصاً كتب الرحلات، فيجب على المحرر أن يتحقق من الأماكن التي ترد في المادة، ودراسة الخرائط وما طرأ عليها من تغييرات في المراحل التاريخية المختلفة.

تويتر