اختارتها قبيلة بني ياس عام 1761 لوجود الماء فيها

أبوظبي.. حكاية عمرانية في «قصر الحصن»

صورة

تمثل الأسواق الشعبية جزءاً أصيلاً من ذاكرة المكان والسكان في أي مدينة، ومن هنا تستمد مكانة مميزة في تخطيط المدن، وكذلك في حياة وجدان السكان وتظل هذه المكانة حتى إذا هدمت السوق أو تغيرت ملامحها، مثل سوق أبوظبي القديمة التي كانت بمثابة قلب العاصمة، والتي كانت أيضاً محور المحاضرة في الجلسة الحوارية التي أقيمت أول من أمس، بعنوان «المدينة شاهد تاريخي: تطوير السوق المركزي في أبوظبي» ضمن برنامج حوارات «قصر الحصن» في «معرض قصر الحصن» بتنظيم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، التي تهدف إلى إلقاء الضوء على قصة أبوظبي وشعبها من خلال السرد الشفهي وعرض الصور التاريخية النادرة بهدف ترسيخ أهميته الثقافية، وليبقى خالداً في السنوات المقبلة. وشهدت الأمسية عرض العديد من الصور والشرائح والرسوم التوضيحية عن تطور المدينة في مراحلها الزمنية والعمرانية المختلفة.

وتتبع الدكتور أحمد صادق، من مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، في مداخلته تطور أبوظبي منذ الستينات من خلال ستة مخططات، والسابع قيد التنفيذ حالياً، مشبهاً المدن بالكائنات الحية التي قد تفنى وتذوب إذا لم تجد من يعتني بها، وأبوظبي ليست كذلك.

وأوضح صادق أن بداية مدينة أبوظبي كانت في عصر الشيخ ذياب 1761عندما اختارتها قبيلة بني ياس لتستقر بها لوجود الماء العذب بها ولأهمية موقعها الصحراوي والبحري، وقام الشيخ شخبوط ببناء قصر الحصن فيها. أما أول تخطيط عمراني رسمي لأبوظبي فكان في 1962، وكان عدد السكان في ذاك الوقت 4000 نسمة، وركز المخطط على تحسين نوعية الحياة في المدينة وإنشاء مركز إداري جديد، وتم فيه استحداث أحياء سكنية غربية الطابع بدلاً من الأحياء التي كانت مقسمة وفقاً للقبائل المقيمة في المدينة. في حين ركز المخطط الثاني على إقامة شبكة طرق وتوفير بنى تحتية للشوارع، وتم إنشاء مركز للوزارات، وفي 1968 تم تعيين المهندس عبدالرحمن مخلوف الذي قام بإنشاء دائرة التخطيط العمراني، وفي تلك الفترة تم إنشاء معالم بارزة عدة في المدينة، مثل المجمع الثقافي ومدينة زايد الرياضية، ومنطقة النادي السياحي، وظهرت البنايات المرتفعة على أطراف الأحياء في حين كانت الفيلات والمساكن المنخفضة في الوسط، مشيراً إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان يشرف على كل مخططات أبوظبي العمرانية بنفسه.

في حين ركز الأستاذ المشارك في جامعة الإمارات العربية المتحدة، الدكتور ياسر الششتاوي، في مداخلته على سوق أبوظبي المركزي، الذي كان يشكل عالماً جديداً ينطبع في ذاكرة السكان والزوار على السواء، وكان موضوعاً لكتابات عدد من الرحالة الأجانب الذين زاروا أبوظبي في مراحل زمنية مختلفة، موضحاً أن السوق تم بناؤها في مرحلة التخطيط التي أشرف عليها المهندس عبدالرحمن مخلوف، واعتمد الطابع الهندسي العربي فيه، ورسمت محاله في خطوط مستقيمة، لكن مع الوقت بدأت تتغير ملامحها العمرانية وتظهر محال أخرى غير منتظمة، وتكتسب طابعاً فوضوياً تميزت به. وقد كانت السوق مكاناً لتجمع والتقاء أبناء الجاليات المختلفة، خصوصاً في نهاية الأسبوع.

السوق

أشار الدكتور ياسر الششتاوي إلى أن السوق تم هدمها في الثاني من مارس 2005، وتم بناء برجين في مكانها، يتضمنان مبني المركز التجاري العالمي، والسوق المركز الذي اتسم بعمارته المستمدة من الطراز الإسلامي، مشيراً إلى أن المدن تتكون من طبقات عمرانية مختلفة.

وتحدث قيس السامرائي، من مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، عن مهام المجلس وعن المخطط الجديد لأبوظبي، الذي يجري العمل عليه حالياً، في ظل مشاورات مع القطاع الخاص لإشراكه في عملية التطوير والتحديث، موضحاً أن المجلس منذ إنشائه عام 2008 يعمل على تلافي وقوع أخطاء في المخططات العمرانية للإمارة، وإيجاد حلول للمشكلات التي قد تظهر.

تحرير

ذكر أحمد صادق أن الفترة من 2005 إلى 2007 كان لها أثر كبير في صورة مدينة أبوظبي، حيث اتجهت في تلك الفترة إلى تحرير سوق الأراضي والبناء وظهرت شركات التطوير العقاري، وخلالها شهدت جزيرة أبوظبي مشروعات عمرانية ضخمة عدة، وفي 2008 أدركت الحكومة أن ثمة حاجة إلى إعادة السيطرة على التخطيط العمراني مرة أخرى، وتم وضع خطة أبوظبي 2030 التي تهدف لتحقيق نمو مستدام يعكس التطور الاقتصادي في الإمارة وكذلك الحفاظ على البيئة، وباتت كل أعمال التنمية التي تتم في الإمارة تحت إشراف المجلس.

وظهرت البنايات المرتفعة على أطراف الأحياء في حين كانت الفيلات والمساكن المنخفضة في الوسط.

 

تويتر