مشهد افتتاح المهرجان جمع بين فنون متنوّعة

« طـيـران الإمــارات للآداب » ينطلق بالشعر والفلكلور

ماجد بن محمد ونهيان بن مبارك وبدور القاسمي وسلطان السويدي خلال حفل الافتتاح. من المصدر

بمشهد بانورامي، جمع بين فنون عدة، انطلقت فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته الرابعة، أمس، على مسرح ندوة الثقافة والعلوم بالممزر، في دبي. وانسجمت في حفل الافتتاح فنون الشعر والمسرح والرواية والسينما والرقص لترضي أذواق حضور المهرجان، المتعددي الجنسيات والاهتمامات.

أشعار المبدع الفلسطيني مريد البرغوثي كانت بمثابة أيقونة شديدة الخصوصية للافتتاح، بالإضافة إلى عروض موسيقية وأخرى فلكلورية، وغناء مجموعة كبيرة من الأطفال يتجاوز عددها 400 طالب من 16 مدرسة.

وضم مشهد الافتتاح نماذج من أحد أعمال الروائي تشارلز ديكنز قرأها المذيع الإماراتي بإذاعة دبي إف إم، إبراهيم استادي، وعلق على أحداثها الروائي ديفيد نيكولز، وفيلما وثائقيا يستثمر ألق الكاميرا السينمائية، لنقل جوانب من خصوصية النمط المعيشي لأهل البادية وأهل الساحل قديماً، وارتباطهم بمهنة الغوص.

قصيدة البرغوثي

النابودة: المحاذير ضميرية

نفى مدير عام هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، سعيد النابودة، وجود أي محاذير أو توجيهات ذات محتوى رقابي للهيئة أو أي جهة ثقافية أخرى، على طبيعة فعاليات المهرجان، أو ضيوفه، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم»، أن «دبي ارض التقاء الثقافات، ومكان استنشاق الحريات، ولا يمكن أن تقيد فيها آفاق الإبداع الأدبي والثقافي، ولا تعمل هيئة دبي للثقافة والفنون عموماً بعقلية الرقيب، ونراهن دائماً في مختلف الفعاليات الكبرى التي تقام تحت مظلتنا على الرقابة الضميرية، والمحاذير التي يضعها المبدع الحقيقي لذاته، وتصب دائماً في مصلحة الفعل الإبداعي نفسه».

وأكد النابودة أن المهرجان الذي يستمر حتى السبت المقبل، قد أصبح أكثر نضجاً، وأنموذجاً لعالمية دبي الثقافية يساير عالميتها اقتصادياً وعمرانياً، مضيفاً «الخبر السار أن هناك اتجاها لأن تصبح تلك الحالة المهرجانية التي يسبغها (طيران الإمارات للآداب) متجاوزة للمكان التقليدي لاقامة الحدث في دبي فيستفال سيتي، أو ندوة الثقافة والعلوم، لينتشر في مزيد من المؤسسات والمواقع الأخرى التي تجعله أكثر اقتراباً من الجمهور».

مقطوعات البرغوثي الشعرية جاءت بمثابة اختبار لمدى تأييد الضمير العالمي الذي يمثله نخبة من الكتاب والروائيين الذين يستضيفهم المهرجان، من مختلف أنحاء العالم، للحقوق الفلسطينية المشروعة في الصراع مع الكيان الصهيوني، وهو التأييد الذي حمله صوت تصفيق حاد بعد إلقائه قصيدة، مهد لها بقوله: «أعددت هذه القصيدة في عدوي الإسرائيلي» ومنها: «أيها الأعداء شيء ما يثير الشك فيكم.. كل ما في جبل الأوليمب من آلهة.. معكم!.. تتلقى المر من شهواتكم.. ترمي إذا ترمون.. والأرض كما شئتم تدور.. نصركم مهنتكم.. كل حرب ضدنا ترفعكم أعلى وأعلى.. ثم ترمينا على أقدارنا.. مثل سرو في ظلام المدفأة.. كل ما تبنونه يبقى ويزداد.. وما نبنيه تذروه المراثي.. نحن للقبر، وايديكم لشمبانيا الظفر.. والذي في دفتر القتل لديكم.. ليس إلا ميتاً.. مت! فيموت.. أيها الأعداء صار الانتصار.. عادة يومية كالخبز في أفرانكم. فلماذا هذه الهيستيريا.. ولماذا لا نراكم راقصين؟.. ما الذي يجعلكم، في ذروة النصر علينا خائفين».

الترجمة الفورية هنا كانت وسيلة مئات الحضور من اجل الإبحار في خيالات البرغوثي، فيما كانت الصور المعروضة على شاشة العرض مساعداً للتماهي مع قراءات إبراهيم استادي لمقاطع بالعربية تمت إعادة ترجمتها أيضاً للضيوف من رواية «الآمال الكبيرة»، لتشارلز ديكنز. كما عكست معظم فقرات الحفل ما يتناوله المهرجان من موضوعات الهوية، والتراث، إضافة إلى استعراض عدد من اللوحات الراقصة من الإمارات، والفلبين، والهند، وشهادات للكاتبة والإعلامية البريطانية كيت إيدي، استعرضت فيها جوانب من مغامراتها الإعلامية في مناطق خطرة في الشرق الأوسط، وشاركت المعمارية البولندية ساندرا بيسيك بمعلومات سعت عبرها لفك شيفرات عبقرية تصاميم ما اصطلح على تسميته بـ«بيوت العريش».

وحضر افتتاح المهرجان سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والعلوم، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم سلطان السويدي، وعدد من كبار الشخصيات والمسؤولين.

استعراض ورواية

شكّل استعراض أعلام الدول التي يشارك بعض شعرائها وكتابها في المهرجان لفتة جديدة ومعبرة في افتتاحية الحدث، الذي استلهم هذا المشهد من افتتاحيات الأولمبياد الرياضية، لترفرف 30 علماً بإيدي شباب وفتيات أجادوا في عكس المظلة الدولية للمهرجان.

وقدم الكاتب البريطاني ديفيد نيكولاس، معلومات لجمهور الحفل الافتتاحي حول نصه السينمائي لرواية «الآمال الكبرى»، باسلوب لم يتخلَ فيه تماماً عن جماليات السرد الروائي، فيما شاركت فرقة طيران الإمارات الموسيقية بأغنية «من يشتري هذا الصباح الجميل»، التي تم اقتباسها من المسرحية الغنائية «أوليفر تويست».

وعبر كلمات موجزة بسيطة عنوانها «الباب المفتوح»، الذي يحيل إلى فلسفة المهرجان المنفتحة على مختلف الثقافات، وهي الكلمات التي صاغها يوسف خان وسالم باليوحة، قدم الأطفال «نشيد المهرجان»، بعد أن طلبت مديرة المهرجان إيزابيل ابوالهول من الحضور التماس العذر للناشئة الذين ينتمون الى مدارس مختلفة، ولم تتح لهم ظروف اليوم الدراسي سوى الالتقاء سوياً في يوم واحد فقط، لتؤشر بأنها ستضطر لأن تذهب خلف الكواليس من أجل أن تتأكد ما إذا كانوا بالفعل جاهزين للأنشودة الجماعية.

واشارت أبوالهول في كلمتها إلى أن «طيران الإمارات للآداب»، أضحى واحداً من أهم المهرجانات الأدبية في العالم، وقبلة لنخبة من المواهب الفذة من جميع أنحاء العالم، مضيفة «اننا أصبحنا نحتفي في مهرجاننا بالعديد من المواهب الناشئة في دبي، في الوقت ذاته الذي نستقبل فيه جمهرة كبيرة من الكتّاب والمحاضرين الإماراتيين والعرب، ما يجعلنا نشعر حقاً بالفخر، ويسعدنا إقبال الطلبة الكبير على المشاركة في المهرجان»، مؤكدة أنها إذا كانت مضطرة لأن تنحاز لمشهد بعينه فإنها ستنحاز إلى مشهد حشود الأطفال الذين يمثلون أدباء وشعراء المستقبل.

تويتر