يضم أكثر من 200 قطعة نادرة ويستمر حتى 27 يونيو المقبل

«روائع الرافدين» فـي أبوظبي

المعرض يمثل رحلة في تاريخ يعود إلى أكثر من 3000 عام. تصوير: إريك أرازاس

أكثر من 200 قطعة نادرة من روائع ما نتجته حضارة بلاد الرافدين، بات من المتاح لعشاق الفنون والمقتنيات الثمينة مشاهدتها عن قرب من خلال معرض «روائع بلاد الرافدين» الذي افتتح مساء أمس في منارة السعديات في أبوظبي، بتنظيم من شركة التطوير والاستثمار السياحي، المطور الرئيس للمنطقة الثقافية في السعديات.

برنامج تفاعلي

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/374127.jpg

 

قال العضو المنتدب لشركة التطوير والاستثمار السياحي مبارك حمد المهيري، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس، أن «المعرض يُنظم بالتعاون مع المتحف البريطاني، ضمن سلسلة مكونة من ثلاثة معارض مماثلة تنظمها الشركة في أبوظبي بهدف تسليط الضوء على الرؤية السردية لمتحف زايد الوطني قبل افتتاحه في العام ،2014 ولعكس النهج الشامل للمنطقة الثقافية في السعديات، الذي ترمي من خلاله إلى تنظيم معارض فنية متميزة تشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية أبوظبي الثقافية». مشيراً إلى أن الأعمال القديمة من مجموعة الشرق الأوسط المتميزة من المتحف البريطاني مع القطع الأثرية المُعارة من متحف العين الوطني ستتشارك في حوار يتناول مختلف جوانب نشوء وتطور «مهد الحضارات» وقد تم وضع تصاميم المعرض خصوصاً ليتم عرضه في منارة السعديات التي تشكل محور حراك الأنشطة والفعاليات الثقافية في المنطقة الثقافية في السعديات.

وبالتزامن مع المعرض، تنظم شركة التطوير والاستثمار السياحي برنامجاً عاماً حافلاً بالفعاليات يشتمل على مجموعة من المحاضرات يلقيها نخبة من المتحدثين المعروفين على المستوى العالمي مثل نيل ماكجريجور، مدير المتحف البريطاني. ويحفل البرنامج العام بالعديد من الندوات الثقافية، بما في ذلك محاضرة بعنوان «اكتشاف بلاد الرافدين» يقوم من خلالها جون كيرتس، المسؤول عن دائرة الشرق الأوسط في المتحف البريطاني، بالتحدث عن اكتشاف حضارات بلاد الرافدين في القرن 19 وأوائل القرن الـ20 وسيقوم نايجل تاليس، المنسق الفني للمعرض، من خلال محاضرة بعنوان «روائع بلاد الرافدين: سومر وآشور وبابل» باستعراض العوامل التي أسهمت في نهوض مجتمع بلاد الرافدين إلى المفهوم «العالمي» المعروف حالياً. وإضافة إلى ذلك، سيقوم ثلاثة من أهم خبراء المتاحف في العالم في جلسة نقاش بعنوان «المتحف الوطني: هوية رمزية» بتناول أهمية المتاحف الوطنية على اعتبارها رمزاً يجسد الدولة الوطنية، والإنجازات الإنسانية.

كما يتيح المعرض الفرصة للزوار لحضور حلقات حوارية حول الإنجازات والاختراعات التي قدمتها شعوب بلاد الرافدين للحضارة الإنسانية، بما في ذلك أقدم نظام معروف للكتابة في العالم، إضافة إلى عرض حول نشأة التشريعات الأولى في بلاد الرافدين يقدمه أستاذ في التاريخ من جامعة كولومبيا في ولاية نيويورك الأميركية، والعديد من ورشات العمل والجولات التعليمية.

يحفل المعرض الذي يستمر حتى 27 يونيو المقبل بالعديد من القطع الأثرية التي لا تتوقف أهميتها على عمرها الموغل في التاريخ، الذي يراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف عام قبل الميلاد، ولكن أيضا لكونها آيات وشواهد على عظمة الحضارة التي نشأت في منطقة بلاد الرافدين، وقدمت للعالم معارف غير مسبوقة كان لها أكبر الأثر في تطوره. ورغم أن القطع التي يضمها المعرض تمثل مجموعة من المقتنيات النادرة التي يفخر المتحف البريطاني باقتنائها، إلا أن هناك قطعاً بعينها تصيب من يشاهدها بدهشة شديدة لما تتميز به من دقة وجمال شديدين، وأيضا لاحتفاظها بحالتها وبرونق ألوانها ومكوناتها المختلفة رغم مرور آلاف السنوات عليها، ومن أبرز هذه المقتنيات مجموعة الحلي والمجوهرات التي تعود إلى الاسرة الثالثة الملكية، في الحضارة السومرية، وهي مصنوعة من الذهب واللازورد وبعضها مطعم بالعقيق الأحمر، وتضم هذه المجموعة ما يشبه غصن شجر من العقيق تزينه أوراق ذهبية كان يستخدم كزينة رأس للمرأة، وأيضا أقراطا ذهبية على شكل أهلة، وقلائد ودبابيس فضية لزينة الشعر وحلقات لتزيين الشعر المستعار للرجال والنساء على السواء وغيرها. ومن مجموعات المجموهرات الرائعة التي يضمها المعرض، لكنها أكثر حداثة، مجموعة مجوهرات السيدة ليارد، التي اهداها اوستن هنري ليارد، اعظم علماء الآثار الآشورية، إلى زوجته في مارس ،1869 وتشمل المجموعة عدداً من الأختام القديمة التي يعود تاريخها إلى الحقب الأكادية والفارسية والاخمينية، بالإضافة إلى قلادة وسوار وقرطين وكلها مصنوعة من العقيق الأحمر والأبيض والأزرق والرمادي والمرمر المرقط وغيرها.

رحلة في التاريخ

وتم تصميم المعرض ليمثل ما يشبه قصة عمرها أكثر من خمسة آلاف عام تستعرض تاريخ الحضارات الثلاث الرئيسة التي قامت على أرض بلاد الرافدين بما في ذلك السومرية والآشورية والبابلية. بداية الرحلة تأتي مع الحضارة السومرية، وهو القسم الذي يبين التطور المبكر لمنطقة الرافدين ونمو مجتمعاتها واتصالها مع بقية أنحاء العالم في الألفية الثالثة قبل الميلاد. كما يستعرض العلاقات التجارية الوثيقة بين الحضارة السومرية ومنطقة الخليج من خلال عرض مجموعة من اللقى الأثرية التي تعود إلى حضارتي حفيت وأم النار في أبوظبي واللتين عاصرتا حضارة السومريين، وقد وضعت هذه اللقى التي عثر عليها في العين وأم النار في قسم خاص بها. ومن المقتنيات التي تعود إلى الحضارة السومرية مجموعة من الاختام، وألواح طينية عليها كتابات مسمارية.

أما القسم الثاني فيركز على المملكة الآشورية التي ازدهرت في القرن الأول قبل الميلاد، وتعد أعظم إمبراطوريات بلاد الرافدين التي امتدت لتشمل معظم أنحاء منطقة الشرق الأوسط. ويضم هذا القسم مكتشفات أثرية من مدينتي نمرود ونينوى، ومن بينها تمثال للملك آشور ناصربال، وألواح طينية تتضمن نصوصا إدارية مختلفة بالكتابات المسمارية، وكذلك لوحا طينيا يضم ملحمة جلجامش الشهيرة، بالاضافة إلى جدارية تضم نقشاً حجرياً لمعركة تل توبة، التي انتصر الآشوريون فيها على العلاميين، وقد قسم إلى ما يشبه الفصول المتتالية، كل فصل يوضح اتجاه سير المعركة وفي احد الفصول يظهر جندي يقوم بقطع رأس الملك تيومان ملك عيلام، بينما يقتل ابنه بالضرب بالصولجان على رأسه. كما يضم قسم الحضارة الآشورية نقشاً يعتبر تحفة من تحف الفن القديم، وهو يمثل أسد يحتضر بعد إصابته بسهم، ويعتبر جزءا من مشهد يظهر فيه آشوربنيبال وهو يصطاد من عربته.

القسم الأخير من معرض أبوظبي يوثق تاريخ الحضارة البابلية التي كانت تعتبر المركز الثقافي الرئيس لبلاد الرافدين، إذ يضم مجموعة كبيرة من المعروضات الأثرية التي توضح الملامح التاريخية لهذه الإمبراطورية وحكامها وشعبها، مسلطة الضوء على مكانتها الرائدة، ومن أبرز ما يضمه هذا القسم نقشا حجريا يصور حديقة في نينوى، وهو قريب جدا من التصور الذي وضع لحدائق بابل المعلقة، كما يضم مجسماً لبوابة عشتار البابلية وطريق المواكب، الذي يعد من أبرز إنجازات الملك نبوخذ نصر، إلى جانب ألواح طينية تسجل الوقائع الملكية لكل الأحداث التي شهدها عصر نبوخذ نصر.

تويتر