43 عملاً لـ 3 مواطنين في مرسم مطر

معرض «رموز».. التفاتة للتراث

خالد أهلي أمام إحدى لوحاته. تصوير: أسامة أبوغانم

لم ترسم أعمال المعرض الفني «رموز»، الذي افتتح أخيراً في مرسم مطر في دبي، ملامح من واقع الحياة الحالية في الإمارات، بل عمدت إلى تصوير الحنين الى الماضي، وكأنه إطلالة على التراث الذي يمضي، وربما محاولة من العمل الفني لأن يبعث الحياة في التاريخ، أو على الأقل أن يترك أثراً من ذكراه للجيل الجديد. وتصور أعمال الفنانين الثلاثة المشاركين في المعرض، وهم راوية مالك وفريد الريس وخالد أهلي، مشاهد من معالم الحياة القديمة، بسفنها، وأحجار بيوتها، فتأخذنا الى أعماقها، لنسترجع معها تفاصيل ولت، وربما نتعرف إلى عادات وقصص حفرت في هذه الأماكن، ولا يمكن أن تموت وإن غاب المكان نفسه.

ويمكن تقسيم أعمال الإماراتي، خالد أهلي، الى قسمين الواقعية والتجريدية. وقد صور في لوحاته أماكن من دبي، ومنها الخور وحتا، وخصب، بالإضافة الى أنه عرض في إحدى لوحاته التمور، وبعض الأدوات التي كانت تستخدم في الصيد. أما الشق الثاني من لوحاته فخصصه للتجريد، حيث قدم ألوانه المائية وكذلك الزيتية والإكريليكة، بأسلوب مرن حاول من خلاله تقديم رؤيته الفنية التي اعتمد فيها تأطير اللون أحياناً ليبدو كأنه «تركيب كولاجي»، أو حتى جمعاً للألوان لتبدو كأنها زخرفة.

حكاية

الفنان فريد الريس، تميز بكونه يتعمد إظهار المشهد الواحد من أكثر من زاوية، فتبدو لوحاته مقاطع لحكاية يرويها على أجزاء. وصور حنينه الى المنازل القديمة، وحاول من خلال تعقبه في لوحات ثلاثة للأماكن، أن يبرز حكايات تترك بقاياها على الأحجار ولا تندثر بسهولة. كما سعى الإماراتي الى تضمين أعماله النزعة الفلسفية أو الهم الإنساني، فأبرز القضية الفلسطينية في أكثر من لوحة، محاولاً تسليط الضوء على مفهوم الحرية والسجن أو حتى الاستعباد، بالتركيز على الظلال اللونية التي تعطي اللوحة أبعاداً فنية تضاف الى الفلسفية، وبالإضافة الى هذه اللوحات، عمد الريس الى عرض تجربته مع الأعمال التجريدية، التي لم يتركها تحمل تأويلات متعددة، فقد عمد الى تضمين أعلى اللوحات كتابات ومنها «الرحمن» أو «الله» ليبرز فيها المعاني الوجدانية.

من جهتها، اعتمدت الفنانة الإماراتية راوية مالك على المناظر الطبيعية، فقدمت في لوحاتها السبع التي شاركت بها ضمن المعرض الذي يختتم اليوم، شاطئ جميرا، ووادي المنيعي، بالإضافة الى لوحات قدمت فيها وروداً وضعت أو تركت على الطاولة، بألوانها الداكنة، التي تظهر المشاعر الدافئة. واستخدمت مالك الألوان المائية، وكذلك الزيتية لتظهر في لوحاتها السبع تعلقها بالمدرسة الواقعية. ولم يغب واقع دبي عن لوحاتها، فرصدت التطور العمراني في احد الأعمال لتُظهر الفرق بين الحياة من قبل وما هي عليه اليوم.

هواية

تحدث خالد أهلي لـ«الإمارات اليوم» عن دخوله مجال الفن، فقال، «دخلت الفن كهواية، ولكن في السابق لم تكن الهواية تدعم كثيرا، حيث كانت اللوحات لا تقدر كما في ايامنا هذه، وهذا كان يحبطنا معنوياً»، وأشار الى أنه يركز على التراث، ولاسيما الأماكن التي في الشندغة وكانت مهددة بالزوال، ثم أمر سمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بإعادة ترميمها والمحافظة عليها، لافتاً الى أن الموضوع التراثي مهم بالنسبة للفنانين المواطنين. واعتبر أن الألوان المائية التي ركز عليها، تعد من اصعب الألوان في العمل الفني، وبالتالي في البداية، يتحدى الفنان نفسه ويقدم أصعب الأفكار والمواد، ثم بعدها ينتقل الى التجريدي والزيتي. ولفت أهلي الى أن اللوحة التجريدية تحمل الكثير من التأويلات، كما أنها تحمل جمالية في الألوان الممزوجة. وأكد أن اللوحات التي تشتمل على الحروف، مطلوبة لاسيما من قبل الأجانب الذين يعجبون بها.

بينما لفت فريد الريس الى انه يحب أن يظهر الهموم والقضايا الإنسانية في اللوحات، لأن «الفن رسالة، ولابد من أن يحملها كل فنان ضمن أعماله»، ونوه الى أن اللوحات التي أبرز فيها المعاناة الفلسطينية رسمها بعد أن شاهد مشهداً في الأخبار واثر فيه. أما اعماله التي تبرز التراث الإماراتي، فبحسب الريس تبرز رسالة من نوع آخر، فهي «تظهر المناظر التي اختفت بسبب التطور الحضاري والعمراني، وبالتالي تحمل رسالة الى الجيل المقبل، مفادها أن هذه المناظر قد تختفي نهائياً، ولا بد من توثيقها والحفاظ عليها». واعتبر الريس أن التنوع في الأنماط الفنية مهم بالنسبة له، لأنه لابد من التغيير في المدارس، علماً بأنه يفضل المدرسة الواقعية. وأشار الى ان صاحب الموهبة هو مدرسة نفسه، فقد اعتمد على البحث الخاص في عمله الفني، واكد انه يركز على الكلاسيكية في الرسم، وبرر لجوءه الى التجريدي بأنه يريحه من الكلاسيكي الذي يستغرق وقتاً وجهداً، مشدداً على ان احد اهدافه هو اعادة هذه المدارس. وأشار الريس الى ان حركة الفن في دبي وابوظبي مميزة، وأن الخامات الفنية الجديدة جيدة ولكنها تحتاج الى التوجيه.

تويتر