حكايات يومية في «الاتجاه الخفــي»

عبدالرحمن العويس وفاروق حسني ويسرا خلال افتتاح المعرض. تصوير: مصطفى قاسمي

تمكن معرض «الاتجاه الخفي» الذي جمع 29 فنانا مصريا من تقديم فكرة واضحة عن اتجاه الفن المصري المعاصر بمختلف تقنياته. وقدمت الأعمال الموجودة في المعرض الذي افتتح، أول من أمس، في «غاليري آرت سوا» أفكارا مستقاة من واقع البيئة المصرية، وتفاصيل الحياة اليومية، ببساطتها ومظاهرها الشعبية، حتى أنه يبدو ان وقائع الحياة البسيطة هي الشغل الشاغل للفنان المصري، وأنها البيئة الخصبة التي تغذي أفكاره. وعلى الرغم من أن الأعمال تقاربت على مستوى الموضوع، فإنها تنوعت على مستوى أدوات التعبير، فمع التشكيل والنحت والتصوير احتلت الوجوه وكذلك الأشخاص المساحة الكبرى من بين الأعمال، وربما يمكن تبرير هذا الخيار بكون التعابير الإنسانية هي الأكثر صدقا في ترجمة الواقع.

قد لا تختصر الأعمال الموجودة مختلف تفاصيل الحياة المصرية، ولكنها تبرز الهواجس والمفاهيم السائدة والمظاهر الشعبية التي ترافق حياة الناس، وقد أثنى وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن العويس الذي افتتح المعرض بحضور وزير الثقافة المصري فاروق حسني، والفنانة يسرا، على الأعمال الموجودة، واعتبر المعرض فرصة «لتشارك الرؤى والأفكار». وأكد العويس، «أن اللوحة الحديثة تترك المجال للمشاهد ليفكر، فلا تحصره في إطار مشهد معين، وهذا النوع من الطرح المفتوح لديه بعد إضافي في الحركة الفنية عموما»، أما لجهة الأفكار الجديدة فاعتبر العويس، أنه «علينا منح الجيل الجديد فرصة لطرح أفكاره غير الكلاسيكية والجميلة، لأن الجمال مطلوب في الفن قبل التقنية، والفنان يخاطب الناس وليس هناك أفضل من الجمال كوسيلة لذلك».

أبعاد ثنائية

ركزت الأعمال التشكيلية في المعرض على البشر، فأظهر الفنان عصام معروف من خلال لوحاته الاكريليكية الثنائية الأبعاد تعابير الوجوه البشرية، فكان التباين في إبراز معالم الوجوه وسيلة للتأكيد على التفاوت في تعامل البشر مع الأشياء وكيفية تعبيرهم عن ذاتهم. في المقابل بدت وجوه هيثم نوار موجهة لتحديد الاختلاف في النفس البشرية، والتناقض الذي يكون داخل الشخص الواحد، واعتبر نوار، « أن التعابير مهمة بالنسبة له كفنان، وان تقديم الحالات الإنسانية، وإبراز الملامح، هما تحديدا مفهوم الفن المعاصر». وأضاف «ليست التقنيات هي التي تبرز الفنان المعاصر، بل الفكرة والاتجاه الذي يريد ان يظهره».

ومن جهته أظهر الفنان عاطف إبراهيم في لوحاته التي يجمع فيها بين اللون والتصوير، الناس الذين يزورون الموالد في مصر، وقال عن أعماله، «اجمع بين التصوير والرسم، إذ ألتقط الصور وأطبعها على الخشب قبل أن ألونها، وأحيانا قد أغير وأعدل من خلال الرسم». ورأى إبراهيم أن «هذا الفن الذهني يجعل المساحة ضيقة أمامي في اللعب على الألوان، وهذا يلزمني بالفكرة التي أكون اخترتها مسبقا في التصوير». ولم تتوانَ اللوحات التشكيلية عن إبراز موضوعات أكثر عمقا في الحياة الاجتماعية عموما، ومنها لوحة الفنان محسن شعلان التي أبرزت عدم قدرة المرأة على ترك الرجل على الرغم من أنها تريد ذلك، وكذلك لوحات الفنان وائل درويش التي تسلط الضوء على عدم فهمنا لأقرب الناس إلينا.

ومن الناحية الأخرى، كانت الأعمال التصويرية أقرب إلى الغموض لكن المصورة الفوتوغرافية رندا شعث نجحت في توثيق جانب مهم من حياة المصريين على أرصفة القاهرة، وأبرزت من خلال عدستها معنى الرصيف بالنسبة للكثير من الناس الذين يقضون أوقاتهم عليه. وأوضحت شعث اختيارها هذا الموضوع بالقول «الفن يجب أن يكون تفسيرا للواقع، وعلى الرغم من أن الرصيف مكان عام، إلا أن هناك من يعيش أموره الخاصة عليه». واعتبرت شعث ان «الصورة ليست واقعا من دون رأي، لأن المصور يبدي رأيه في الفكرة التي يطرحها».

نحت للجمال

أما الأعمال النحتية الموجودة في المعرض الذي حضرته الفنانة يسرا، فقد تميزت في تقديمها لأفكار محملة بتأويلات مختلفة، فالنحات أرمين أغوب ركز على جمال البرونز ليظهر التعقيد الذي يمكن أن يتجلى من البساطة، فتعمد خلق التقوسات في المنحوتات البرونزية التي تفرض على المتفرج محاولة فك لغز معنى المنحوتة. بينما من الجهة الأخرى بدا النحات محمد الفيومي أكثر وضوحا في أعماله التي ركزت على البشر، فقد استقى أعماله من شخصيات مصرية شعبية كالفلاح وأم السعيد ليظهر عبر التاريخ الدور الذي احتلته هذه الشخصيات في الحياة المصرية. ومن الوجوه إلى «الفراخ» المصرية التي قدمها الفنان أحمد عسقلاني والمنسوجة من أوراق شجر النخيل، والتي استغنى فيها عن الكثير من التفاصيل، فصورها بشكلها العام من دون ملامح ليبرز الجمال في الابتعاد عن التعقيد، وليؤكد أن «المادة هي طوع إرادة الفنان القادر على ابتكار الجمال من لا شيء».

 
 
الفنانون المشاركون

يشارك في المعرض الذي يستمر حتى 14 يونيو، 29 فنانا هم، احمد عسقلاني، احمد الشاعر، احمد نوار، أرمين أغوب، عاطف أحمد ابراهيم، عطيات السيد، ايهاب اللبان، إسلام زين، عصام معروف، فتحي عفيفي، جورج عزمي، حنفي محمود، حنان الشيخ، هيثم نوار، حازم المستكاوي، هند عدنان، هويدا السباعي، إبراهيم الدسوقي، خالد سرور، مها مأمون، مروة عادل، محمد عبلة، محمد الفيومي، محمد زيان، محسن شعلان، نجلاء سمير، رندا شعث، صبحي جرجس، وائل درويش.

 

 

 

 

الفنان عاطف أحمد أمام أعماله.

تويتر