بطالـة موسميـة تلاحـــــق أفضـــل ممثل خليجي

«اللوال» مسرحية كشفت ثراء طاقات الممثل الإماراتي. تصوير : محمد حنيف

لم تشفع جائزة أفضل ممثل خليجي في دورة مهرجان المسرح الخليجي الخامسة في الكويت التي حصل عليها قبل أسابيع الفنان الإماراتي سعيد بتيجة عن دوره الرئيس في مسرحية «اللوال» له من أجل تجنب شبح بطالة فنية موسمية، جعلته يقنع هذا العام بالاشتراك في مسلسل وحيد، يجري تصويره في الفجيرة، بعدما فقد فرصة ترشيحه لمسرحية أخرى عرضها مسرح كلباء في دورة أيام الشارقة المسرحية الأخيرة، لأسباب قال إنه لا يعلمها.

ورأى بتيجة أن الممثل الإماراتي يمثل حالة خاصة مقارنة بنظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي، «جعلته واقعاً تحت تأثيرين سلبيينم، أولهما يعود إلى جهات إنتاج محلية تفضل صنع دراما إماراتية بوجوه خليجية بسبب جهلها لطاقات الممثل الإماراتي»، مفصلاً الأثر الآخر بأنه «يعود إلى غياب الإعلام المحلي المساند للفنان الإماراتي، إلى الحد الذي جعل تغطية فوز العمل الإماراتي الوحيد المشارك بمعظم جوائز مهرجان المسرح الخليجي تبدو شديدة التواضع في وسائل الإعلام المحلية».

عبقرية الارتجال

لم يقر الفنان سعيد بتيجة بأن بداياته المسرحية التي جمعته بأشهر الفنانين الإماراتيين في استثمار طاقات كوميديا الموقف التمثيلي القائمة على الارتجال، الفنان جابر نغموش، من خلال مسرحية «انغزوا المريخ» هي ما جذبته نحو مهارة الارتجال، من دون أن يخفي ريادة نغموش في هذا الاتجاه. وقال «الارتجال ليس مجرد أداة تمثيلية، بل هو بمثابة الجوهر الحقيقي لفن التمثيل، وهو ما يؤهل الممثل إلى لعب أدوار شديدة التباين في مسافات زمنية متماسة، على نحو يمنحه القدرة على الخروج من الأبعاد النفسية للدور بشكل سريع، من دون أن يؤثر ذلك على انسجامه مع ملامح الشخصيات المختلفة».

وأضاف بتيجة الذي شارك في أول أدواره على خشبة مسرح رأس الخيمة بـ«انغزوا المريخ» عام1985 لـ«الإمارات اليوم» أن «تلك الحالة من تهميش الفعل المسرحي المحلي رافقت الوفد الإماراتي في أثناء سفره لتمثيل الدولة في مهرجان المسرح الخليجي في الكويت، وعكسها في مشهد أولي غياب أي من موظفي سفارة الإمارات عن استقبالهم هناك، ما جعلهم يضطرون إلى تدبير حافلة لا تليق بوفد رشحته وزارة الثقافة لتمثيل الدولة، من أجل الوصول إلى مقر الاستضافة والتعامل مع موظفي الجوازات بصورة فردية، راقبها كل من تصادف وجوده في مطار الكويت في تلك الأثناء».

وقال بتيجة «تفاعل الجمهور والإعلام الكويتي والفرق المنافسة مع العرض الإماراتي منحنا قناعة بأننا نؤدي رسالة مشرفة للوطن، وهو أمر وثقته نتائج لجنة التحكيم التي منحتنا ست جوائز من ثمان فقط، قبل أن تعيدنا حالة تجاهل أخرى من مؤسسات معنية بالشأن الثقافي بعد العودة إلى الوطن إلى إحباط غياب التقدير لإنجازات المسرح الإماراتي».

أفضل ممثل خليجي وصفته لـ«الإمارات اليوم» شريكته في بطولة مسلسل «حلوم أم العلوم» الذي يصور حالياً في الفجيرة، الفنانة رزيقة طارش، بـأنه «الممثل الخطر على زملائه»، بسبب لجوئه الدائم إلى الارتجال في أثناء تأدية المشاهد، ما برره بتعايشه مع الملامح النفسية للشخصية، على خشبة المسرح أو في مواقع تصوير الدراما التلفزيونية . وقال «هذه الحالة تجعلني أضيف من دون قصد تفاصيل يُقرّها المخرج والسيناريست معا»، مشيراً إلى قناعته بأن «غياب الارتجال معادل موضوعي لغياب الموهبة التمثيلية عن المؤدي»، مستشهداً ببراعة الفنان جابر نغموش بشكل خاص في هذا المجال.

وأكد بتيجة الذي يوائم في أعماله بين الأدوار الجادة والكوميدية قناعته بأن «لا مجال لنجاح المسرح المحلي في استعادة جمهوره، إلا من خلال أعمال كوميدية»، وقالً «مع كل تلك المشكلات والهموم التي يعيشها الجمهور في تفاصيل الحياة اليومية، لا مجال في أن يحتفظ المسرح بوظيفة معالجة قضايا مجتمعية بأسلوب واقعي، لتبقى الوسيلة الأكثر ضمانة في اجتذاب الجمهور، محورها أعمال كوميدية تقدم الضحكة، من دون إسفاف لحضور اختار الهروب من الواقع مؤقتاً في قاعة المسرح إلى حين إسدال الستار».

واعتبر بتيجة الذي يعمل أيضاً موظفاً في الديوان الأميري في رأس الخيمة أن غياب معايير محددة لتقييم الأعمال المسرحية أحد أهم المعوقات التي تحول دون استثمار طاقات الفنان الإماراتي . وأشار إلى أن الدور نفسه الذي جسده في مسرحية «اللوال»، وحصل به على جائزة أفضل ممثل دور أول في مهرجان المسرح الخليجي هذا العام، قررت لجنة تحكيم مهرجان أيام الشارقة المسرحية عام 2007 منحه عن الدور جائزة أفضل ممثل دور ثان، على الرغم من عدم إدخال أي تعديلات على شخصية «النهام» التي قام بتجسيدها. مؤكداً أن طموحه الفني لا يختلف عن أي فنان إماراتي، وهو الانتشار خليجياً، كخطوة أولى نحو انتشار عربي أوسع.

وفي ما يتعلق بموقع مسرح رأس الخيمة بين سائر المسارح المحلية، رأى بتيجة أن «حال المسرح تغير كثيراً عما كان في السابق عندما كان مفرخاً للمواهب المسرحية التي تستعين بها خشبات المسارح الأخرى، لا سيما في مرحلة السبعينات، مثل إبراهيم بوخليف، حمد سلطان، مبارك الجرمن، عبيد الجرمن. أما الآن فإن الكثير من أعمال رأس الخيمة تتم الاستعانة فيها بجهود منتمين لمسارح أخرى». وأشاد بمبادرة مسرح رأس الخيمة بتكريم أسرة «اللوال» بعد الإنجاز الخليجي، وقال «على الرغم من أن العمل في الأساس من إنتاج مسرح الشارقة الوطني، فإن المبادرة الوحيدة الخاصة بالاحتفاء بإنجاز «اللوال» جاءت من مسرح رأس الخيمة، ما يشير إلى خصوصية التجربة المسرحية الإماراتية التي أفرزت علاقات تعاون مثمرة بين المسارح، على الرغم من تنافسها الدائم في جوائز دورات مهرجان أيام الشارقة المسرحية». وأفاد بأن رئيس الدائرة المالية رئيس المنطقة الحرة في رأس الخيمة الشيخ فيصل بن صقر القاسمي نقل إليه وإلى سائر أفراد أسرة «اللوال» تقديره لتألق المسرحية في الكويت.

بداية ذهبية

على الرغم من مرور نحو 24 سنة على تجربته المسرحية التي بدأت عام ،1985 فإن الفنان الإماراتي سعيد بتيجة استطاع أن يفوز بلقب أفضل ممثل في مهرجان الخليج المسرحي الذي أقيم أخيراً في الكويت، للمرة الأولى في تاريخه، في ظل تفوق نظري للممثل الإماراتي رآه مناقضاً لتواضع الأدوار التي يتم عرضها عليه، من حيث الكم أو الأهمية.

ورأى بتيجة أن الاستثناءات المهمة في هذه القاعدة قام بها مننتجون منفذون استعانت بهم مؤسسة دبي للإعلام من الوسط التمثيلي نفسه من أجل إنتاج مسلسلات محلية، مشيراً بشكل خاص إلى تجربة رئيس مسرح الشارقة الوطني الفنان أحمد الجسمي . وقال «القاعدة قبل دخول لاعبين جدد إلى مجال الإنتاج أن عليك أن تسند نحو 75٪ من الأدوار لفنانين خليجيين، على أن تستكمل النسبة الباقية من المحليين، وهو أمر عكسه الجسمي في مسلسل «ريح الشمال» الذي كان معظم نجومه من الإماراتيين، على الرغم من استعانته بأسماء خليجية مهمة، مثل محمد المنصور وأسمهان توفيق.

تويتر