أفلام تناولت أوضاع المنطقة العربية بعين إنسانية

«أبوظبي السينمائي».. غــاب «الربيع» وحضرت أوجاعه

صورة

«ليس للسياسة مكان في المهرجان»، هكذا أكد مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الحالية، التي تستمر من 23 أكتوبر الجاري إلى الأول من نوفمبر، لكن البحث في برنامج عروض المهرجان، الذي لابد أن يصيب المشاهد بحيرة شديدة، لما يتضمنه من أفلام تشكل مادة مغرية لمحبي السينما، وإن اختلفت أذواقهم واهتماماتهم، يكشف أن هذا التصريح لم يعن غياب السياسة عن مضمون الأفلام المعروضة، بقدر ما يرتبط باعتماد إدارة المهرجان معايير صارمة في اختيار الأفلام، دون النظر إلى الطابع السياسي، لذا فكثير من الأفلام ليس لها مكان في «أبوظبي السينمائي»، بحسب ما ذكر مدير البرامج العربية وبرنامج سند، انتشال التميمي، عند الإعلان عن برنامج الدورة الحالية. فالسياسة حاضرة بقوة في عدد غير قليل من الأفلام المهمة التي يعرضها المهرجان هذا العام، وإن تدثرت برداء اجتماعي حيناً أو رومانسي وإنساني في أحيان أخرى.

«المطلوبون 18»

يعرض فيلم «المطلوبون 18»، من إخراج عامر شوملي وبول كاون، وهو من الأفلام التي حازت منحة «سند»، قصة حقيقية من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث تبدأ مجموعة من الفلسطينيين بعمل تعاونية لإنتاج «حليب الانتفاضة»، لكن الجيش الإسرائيلي يأمر بإغلاق المزرعة، بعد الإعلان أن الأبقار «تهديد للأمن القومي».

يمكن القول إن «الربيع العربي» توارى عن الشاشة في أفلام «أبوظبي السينمائي»، لكن حضرت أوجاعه وآلامه وجروحه بقوة في نفوس أبطال الأفلام، وأحياناً صناعها أيضاً، بداية من فيلم الافتتاح «من ألف إلى باء»، للمخرج علي مصطفى، فالمحرك الأول لأحداث الفيلم هو موت صديق الأبطال الثلاثة في أحداث لبنان 2006، ورغبتهم في تحيته بالذهاب في رحلة برية إلى بيروت، وفي الطريق توقف الأصدقاء في درعا السورية، ليكشف الفيلم حجم الدمار الذي تعرضت ومازالت تتعرض له، المدن السورية، ومعاناة السكان وهم يدفنون كل يوم أحباءهم وأبناءهم. من واقع سورية، كذلك يأتي فيلم «العودة إلى حمص»، للمخرج السوري طلال ديركي، الذي حصل على جائزة في مهرجان ساندانس الأميركي للسينما المستقلة، ويروي الفيلم قصة واقعية عن شابين في المدينة القديمة التي شهدت الكثير من القتل والتدمير، الأول هو عبدالباسط الساروت، حارس المرمى السابق للمنتخب السوري للشباب لكرة القدم ونادي الكرامة، الذي أضحى مع بداية الاحتجاجات أحد أبرز الأصوات التي تقود التظاهرات بالأناشيد، قبل أن يتخلى عن الحراك السلمي ويحمل السلاح، والثاني أسامة، طالب جامعي ساخر، أصبح من أبرز الناشطين الإعلاميين الذين يوثقون يوميات النزاع، إلى حين اعتقاله وانقطاع أخباره. ومن سورية أيضاً يعرض الفيلم الوثائقي «ملكات سورية»، إخراج ياسمين فضة، التي توثق في الفيلم الذي حظي بدعم «صندوق سند»، ويشهد المهرجان أول عرض عالمي له، قصص مجموعة من النساء السوريات اللاجئات في الأردن، عبر نسخة عربية مأخوذة عن «نساء طروادة»، أقدم نصوص الروائي المسرحي اليوناني يوربيديس480 ـ 406 ق.م. وتحكي المسرحية الأصلية معاناة النساء زمن الحرب، لكن يتغير السلاح والحرب تبدو أبدية. من هذا المنطلق، يبحث الفيلم في التشابه الكبير بين مصير النساء في سورية، ومصير نساء طروادة، عبر صور بصريّة متشابهة، مربكة، ويائسة. وكالعادة، تحتفظ القضية الفلسطينية بحضور شبه دائم في عروض مهرجان أبوظبي السينمائي، ويعرض هذا العام فيلم «المطلوبون 18»، من إخراج عامر شوملي وبول كاون، وهو من الأفلام التي حازت منحة «سند»، ويعرض الفيلم قصة حقيقية من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إذ تبدأ مجموعة من الفلسطينيين بعمل تعاونية لإنتاج «حليب الانتفاضة»، لكن الجيش الإسرائيلي يأمر بإغلاق المزرعة، بعد إعلان أن الأبقار «تهديد للأمن القومي». ورغم الفارق الزمني والقالب الاجتماعي والنفسي الغالب، لا يبتعد فيلم «ذيب»، للأردني ناجي أبونوار، عن السياسة والصراعات في المنطقة، لكن تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى، وما شهدته من مواجهات خطرة بين المرتزقة العثمانيين والثوار العرب والمغيرين من البدو في الصحراء العربية، من خلال قصة الفتى البدوي «ذيب» وشقيقه الأكبر حسين. وحصل الفيلم الذي حاز دعماً من «سند» أيضاً، جائزة أفضل مخرج في مسابقة «آفاق جديدة»، ضمن الدورة الـ71 من مهرجان فينيسيا السينمائي. بينما يتناول الفيلم العراقي «صمت الراعي»، للمخرج رعد مشتت، في أول عرض عالمي له، فترة حكم صدام حسين، وصمت العراقيين على ما شهدته تلك الفترة، بسبب البطش والقتل، حيث تكتشف طفلة صغيرة مع أحد الرعاة بالمصادفة مقبرة جماعية بالقرب من قريتها. بينما يناقش فيلم «ذكريات منقوشة على حجر»، لشوكت أمين كوركي، معاناة أكراد العراق خلال حكم صدام، عبر قصة صديقين يقرران تقديم فيلم عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأكراد في 1988. ومن الجزائر؛ يعرض الفيلم المثير للجدل «الوهراني»، للمخرج إلياس سالم، ويتناول تاريخ الجزائر، وفترة استقلال الجزائر من خلال قصة إنسانية تتحدث عن التضحية والصداقة والحب، بنيت على خلفية علاقة صداقة ونضال بين بطل الفيلم جعفر الملقب بـ«الوهراني» وحميد، وتطرقت لقضايا تمس المجتمع وإمكانية المصالحة عقب الحرب. وكان الفيلم لاقى بعض الهجوم من أصوات رأت فيه خروجاً على آداب الحوار المتعارف عليها. هناك أيضاً فيلم «الوادي»، للمخرج اللبناني غسان سلهب، الذي يقدم لانعكاسات الحروب على حياة البشر. الثورات والحروب وما تجره على البشر من أهوال ومعاناة حضرت في أفلام أجنبية كذلك، مثل فيلم «71» للمخرج يان دومانج، وتدور أحداثه في بلفاست خلال الاضطرابات التي شهدتها أيرلندا الشمالية، وما تجره على المدنيين والجنود. ويتناول فيلم «معسكر أشعة أكس»، للمخرج الأميركي بيتر ستيللر، وتقوم ببطولته الفنانة كريستين ستيوارت بطلة سلسلة أفلام «تويلايت»، وتؤدي دور مجندة تنتقل للعمل في معسكر «غوانتانامو»، وهناك تربطها علاقة إنسانية وعاطفية مع أحد السجناء المسلمين. ويتناول فيلم «صوب وإطلق النار»، لمارشال كوري، الحائز جائز ترايبيكا لأفضل وثائقي الأوضاع في ليبيا، قبيل وأثناء قيام الثورة بها على 2011، من خلال رجل يسجن لأنه عضو في مجموعة ثورية.

تويتر