مخرجة فلسطينية تصوّر فيلمها الجديد «العائدون» عن قضية الصحراء المغربية

تغريد سعادة: السينما الوثائقية فن تنويري مؤثر

صورة

تواصل المخرجة السينمائية الفلسطينية، تغريد سعادة، تصوير فيلمها الوثائقي الجديد في أرض الصحراويين المغاربة، بعدما أنجزت معظم مشاهد الفيلم في مدينة الداخلة «جارة المحيط الأطلسي»، التي توصف بأنها «جوهرة الجنوب»، وفي غيرها من المناطق. ويتناول الفيلم القضية الصحراوية والنزاع طويل الأمد بين الحكومة المغربية وجبهة «البوليساريو»، والمواقف منها، إذ إن المغرب يرفض انفصال الصحراء عن التراب المغربي، ويعد «الحكم الذاتي» حلاً مثالياً للقضية.

وينقل الفيلم الوثائقي حوارات مع مسؤولين، من بينهم والي الداخلة، إضافة إلى ناشطين في حقوق الإنسان وشاعرات. ويسلط الضوء على قصص صحراويين كانوا ينتمون إلى «البوليساريو»، بعد عودتهم من مخيم تندوف إلى المغرب.

وقالت سعادة، التي تعمل في الصحافة منذ 17 عاماً، لـ«الإمارات اليوم» حول توجهها إلى إخراج الأفلام الوثائقية منذ أكثر من 10 سنوات إن «السينما الوثائقية فن تنويري مؤثر، يثير قضية من خلال قصص لشخصيات عايشت الأحداث، ويكشف حقائق جديدة عبر استخدام شهادات حية ووثائق متعددة الأشكال»، مشيرة إلى أن الفيلم الوثائقي يعد في جانب منه أداة إعلامية مهمة مثل التحقيق الصحافي الذي يكشف النقاب عن معلومات جديدة. وأضافت أن «الفيلم الوثائقي أداة تنويرية تسهم في عرض حقائق أو تصويب معلومات مغلوطة، أو تكشف النقاب عن أزمة أو ظاهرة مسكوت عنها». وأوضحت أن فيلمها «الضيوف» أثار قضية اللاجئين الفلسطينيين في كندا ومشكلتهم «كان لأول مرة يتم تناول الموضوع كجماعة وقصة واحدة لعدد كبير من الأشخاص، وهي ليست قضية فردية، وهو ما أكده ممثلو الأحزاب الكندية عندما التقيتهم للحديث عن الموضوع، حتى حزب المحافظين الجدد، وهو في سدة الحكم الآن، ويعتبر مقرباً من الاحتلال الإسرائيلي، اعتبر أن الموضوع يستحق البحث والدراسة»، مؤكدة أن «الفيلم الوثائقي له دور في تغيير سياسات أو حل مشكلة أو الدفع باتجاه رؤية جديدة».

ستة أفلام وثائقية رصيد سعادة، معظمها عن جوانب من مأساة الشعب الفلسطيني. وبعد 10 سنوات من الإقامة في كندا، عادت إلى وطنها فلسطين، لتعمل من مدينة رام الله في الصحافة والسينما وترجمة الدراسات. وأكدت أن حياتها في كندا مكنتها من معرفة كيفية تفكير الغرب، كما أتاحت لها فرصة التعرف إلى أساليب جديدة في الخطابين الإعلامي والسينمائي. وأشارت إلى ضرورة اتباع طرق جديدة لاستقطاب تعاطف شعوب العالم ومناصرتها للقضية الفلسطينية، ومعرفة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد شعب كامل. وأوضحت أن الأساليب التقليدية لم تعد مجدية في الخطاب الفلسطيني، سياسياً وإعلامياً، معولة على الثقافة والفنون في تعريف العالم بالقضية الفلسطينية. وأكدت مخرجة رباعية فيلم «أطفال من فلسطين» أن «المقال الصحافي وحده لا يكفي للتعريف بعدالة قضيتي الفلسطينية، لكن الفيلم يساعد على ذلك، لما للأفلام من تأثير بالغ الأثر والانتشار، وهذا ما يشعرني بالتحدي الكبير الذي ينتظرني في كل فيلم».

تغريد سعادة مخرجة فيلم «الرصاص المصبوب» عن الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة عام 2009، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان «هوليوود آرتفيست»، كما حصل على جائزة الجمهور في مهرجان «نيو أولياند ميديل إيست» للأفلام في نوفمبر 2009، قالت حول فيلمها الجديد «أعمل حالياً لإنجاز فيلم حول الصحراء المغربية، خصوصاً أنني أرى أن الإعلام العربي لايزال مقصراً في تناول هذه القضية». وأوضحت أن فيلم «العائدون» يسلط الضوء على قصص الصحراويين العائدين إلى المغرب من مخيم تندوف على الأراضي الجزائرية، وكانوا ينتمون إلى جبهة البوليساريو. وأشارت إلى أن الفيلم يتناول أسباب ذهابهم إلى مخيم تندوف، كما يرصد الجانب التاريخي في الأزمة، ودوافع اتخاذ الصحراويين قرار العودة. كما يركز الفيلم على أوضاعهم بعد العودة إلى الوطن، وقصة نضالاتهم من أجل العمل على عودة بقية عائلاتهم، ويسلط الفيلم الضوء على نظرة المجتمع تجاههم بعد العودة. ويتضمن الفيلم قصصاً لعدد ممن كانوا من قيادات وأعضاء جبهة «البوليساريو»، وهم يقطنون في المناطق الصحراوية في المغرب.

وحول دوافع اختيار القضية الصحراوية لفيلم وثائقي، قالت تغريد سعادة «إيماناً مني بالحرية، وكوني فلسطينية، أرى أن مشكلة الصحراء في المغرب، التي دامت قرابة أربعة عقود، يجب حلها، لأنها تتعلق بمصير أجيال. وكان للفلسطينيين دور في هذا الصراع في مرحلة من المراحل، من أيام الأمين العام للجبهة الشعبية، الراحل جورج حبش، آنذاك، وحتى عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبالتالي لم نكن بعيدين عن الموضوع كفلسطينيين». وأردفت: «رأيت من الضرورة تسليط الضوء على الوضع المغيب عن الإعلام العربي، وتسليط الضوء على أفق الحل، كما أن الفيلم يقدم إضاءة للقضية أمام الغرب، ما يسهم في تعديل أو تغيير بعض الصور النمطية».

وتقوم صاحبة فيلم «الضيوف» بزيارة للمغرب، أبريل الجاري، لاستكمال تصوير المشاهد الأخيرة من الفيلم الذي من المتوقع إنجازه للعرض في غضون أشهر قليلة. وقالت مخرجة فيلم «الرصاص المصبوب» الذي فاز بجائزتين، ورشح لجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان «لوكل فوكس» للأفلام في كندا عام 2010، عن العقبات التي تواجه صناعة الأفلام العربية، ومنها الوثائقية، إن «الصعوبات التي تواجه إنتاج الفيلم الوثائقي كثيرة، على رأسها صعوبة الحصول على تمويل مناسب ودعم وترويج»، مضيفة أن «فكرة الفيلم الوثائقي ذات أهمية خاصة، إذ إنها قد تكون صادمة أو تحدياً فكرياً للمجتمع، وبالتالي فإن من المهم الوصول إلى صياغة سينمائية لفكرة فيلم يجذب قطاعاً واسعاً من الجمهور لمشاهدته». وأشارت إلى أن مؤسسات عدة في كندا تتشجع لدعم الأفلام، نتيجة سياسة الحكومة في اقتطاع قيمة الدعم من الضرائب.

مشاركات وجوائز

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/120196.jpg

تغريد سعادة مخرجة وصحافية فلسطينية، درست صناعة الأفلام في جامعة جورج براون الكندية، وحصلت على الدبلوم العالي في الصحافة من جامعة شيريدان في تورنتو. قامت بإخراج وإنتاج ستة أفلام وثائقية في فلسطين وكندا والمغرب. أفلامها شاركت في مهرجانات دولية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبريطانيا وروسيا وكوبا وباكستان والهند ومصر والجزائر والصين وإيران. قامت بالعديد من الجولات داخل كندا لعرض أفلامها التي تتحدث عن فلسطين، وقدمت محاضرات بهذا الخصوص. وحازت أفلام لها جوائز عدة، رشحت لعدد من الجوائز الاعتبارية في كندا عن أعمالها، وحصلت أيضاً على منح تعليم الأفلام من كانويست وديلوكس.

سيرة أفلام

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/120188.jpg

أنجزت المخرجة تغريد سعادة عدداً من الأفلام الوثائقية، أحدها يتكون من أربعة أجزاء، وآخر من جزأين:

● «من الناصرة»، 2013، يتحدث عن تاريخ الثقافة الفلسطينية منذ الاستعمار البريطاني لفلسطين حتى الآن، من خلال قصة حياة الشاعرة الفلسطينية نجوى قعوار فرح، التي عاصرت كل المراحل، وتعيش حالياً في كندا. وتم تصوير اللقاءات معها في تورونتو، وتصوير منزلها في الناصرة.

● «أطفال من فلسطين» 2012 - 2013، يحكي قصة أطفال فلسطين، ويتضمن أربعة أفلام قصيرة، هي: «خلف القضبان» يتناول قصة طفل (11 عاماً) اعتقل اكثر من ثماني مرات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. والفيلم الثاني «طفولة معدومة»، قصة صمود الطفل والشاعر والرسام الصغير (محمد) الذي تشوه وحرق بسبب القنابل الفسفورية التي استخدمها جيش الاحتلال في عدوانه على غزة. والجزء الثالث «حرمان» يروي قصة طفلة (12 عاماً) حرمت من أبيها المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويبين الفيلم قصة زيارتها لوالدها في المعتقل. والجزء الرابع «ضياع» يسرد قصة طفل من مخيم الأمعري، ترويها أمه، وكيف استشهد خلال الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رام الله عام 2004.

● «الرصاص المصبوب» 2009 - 2010، فيلم يروي قصة عائلتين فلسطينيتين فقدتا أولادهما أثناء العدوان على غزة.

● فيلم «كندا وطن جديد» من جزأين 2003 و2006 يتحدث عن قصص القادمين الجدد إلى كندا، ولماذا اختاروا هذا البلد، الفيلم ضمن متطلبات التخرج في جامعة جورج براون للإخراج السينمائي.

● «الضيوف» فيلم وثائقي يحكي قصة مئات اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى كندا، والصعوبات التي واجهتهم وتأثير اللجوء في حياتهم ومستقبل أبنائهم، خصوصاً أنهم يعيشون في كندا من دون تأشيرات إقامة.

حلم

قالت المخرجة الفلسطينية، تغريد سعادة، إنها تحلم بإخراج فيلم روائي عن نكبة 1948، مضيفة «خلال مهرجان دولي للأفلام في كندا التقيت ممثلي شركات انتاج عالمية، طرحت عليهم فكرة فيلم روائي عن حرب 1948 والتهجير القسري للشعب الفلسطيني، ووعدتني بعض تلك الشركات بإنتاج الفيلم بعد إنهائي كتابة السيناريو». وأوضحت أنها تعكف على كتابة سيناريو الفيلم منذ عامين، مؤكدة «هذا الفيلم يعتبر حلمي، على الرغم من أنني لم أكن أرغب في خوض إخراج أفلام روائية، إلا أنني أريد أن يكون الفيلم وثيقة للأجيال».

مخرجة فيلم «من الناصرة» الذي يتحدث عن تاريخ الثقافة الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني لفلسطين، قالت حول بداية توجهها إلى إخراج الأفلام الوثائقية «عملي الصحافي الذي يعتمد على البحث والاستقصاء، عزز ميولي للبدء في إخراج الأفلام الوثائقية، وبدأت دراسة الإخراج في جامعة جورج براون في تورونتو في كندا، وقمت بإخراج وإنتاج أول عمل لي بعنوان (كندا وطن جديد)، ضمن متطلبات التخرج».

وعن فيلمها «الرصاص المصبوب»، قالت «كنت في كندا أثناء العدوان العسكري للاحتلال الإسرائيلي على غزة نهاية عام 2009، فوجدت من الظلم ألا يفهم الشعب الكندي حقيقة ما يجري، إذ تركز محطات التلفزيون والصحف الكندية على أي صاروخ يسقط على مناطق الاحتلال من دون أن تذكر شيئاً عن حجم الدمار والقتل والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال». ونجحت في إخراج فيلم قصير يحكي قصة قتل كثير من المدنيين، ومن بينهم أطفال ونساء. وبعدما عرض الفيلم لمست المخرجة مدى تأثر كثير من الكنديين من أصول غير عربية بالفيلم. وعندما عرض الفيلم في كتشنر، إحدى ضواحي مقاطعة اونتاريو، نزلت من المدرج امرأة ثمانينية شكرت المخرجة تغريد سعادة على الفيلم، وتبيان الحقائق في ظل إعلام يعمل على مسح عقول الكنديين.

وحول الفيلم الوثائقي «الضيوف» قالت المخرجة «يحكي الفيلم قصة مئات اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسورية الذين لجأوا إلى كندا، في التسعينات، بعدما تقطعت بهم السبل»، مبينة أن الفيلم يجسد معاناة اللاجئين وأسباب قدومهم إلى كندا، ويصور معاناتهم، بعد رفض الحكومة منحهم تأشيرات إقامة أو الجنسية الكندية. وذكرت أن «الفيلم تطلب بحثاً لثمانية أشهر للحصول على وثائق وإحصاءات، ومقابلة ممثلي مؤسسات تعنى باللاجئين، وتطلب السفر من تورونتو إلى أوتاوا ومونتريال وغيرهما، والتقيت شخصيات من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة».

تويتر