جديد أنجلينا جولي «فبركة» تجارية عن الخطر الروسي

«سولت».. فيلم «جانك» على نار الحرب الباردة

الفيلم يستعين بوصفات السيناريو المعروفة في هوليوود. آوت ناو

لابد أن تتبع أخبار علاقة أنجلينا جولي مع براد بيت أفضل من مشاهدة فيلم جولي Salt «سولت» المعروض حالياً في دور العرض المحلية، لا بل إن تلك الأخبار المتواترة وعلى تفاهتها تحمل شيئاً من «الأكشن» أكثر جذباً من فيلمها الذي ينبش مجدداً ومن حيث لا ندري الحرب الباردة ويجعل من الروس خطراً داهماً على الأمن القومي الأميركي، بحيث يبدو اقتحام البيت الأبيض من أسهل ما يمكن القيام به، لا بل إن منع نشوب حرب عالمية وتدمير العالم الإسلامي لا يتعدى نزع سلك كهربائي يمد الكمبيوتر الشخصي لرئيس الولايات المتحدة الذي يتلقى اللكمات في ملجأ تحت الأرض بعد أن يقتل كل أعوانه ومساعديه.

دور عرضنا تحمل لنا أسبوعياً أفلاماً تجارية لها أن تكون وجبات سريعة على مقاس علبة الناتشوز، بحرارة متباينة تخضع لحر الصلصة لا الجو، لكن مع انجلينا جولي وفيلمها «سولت» يمكن الحديث عن «الجانك» لا الوجبة السريعة، كون الوجبات السريعة قد تحمل قيمة غذائية ولو ضئيلة غير حشو بطوننا بكل ما هو معد سلفاً، وبالتأكيد فإن الحملة الإعلانية التي رافقت هذا الفيلم كانت مماثلة تماماً لكل الرداءة التي يتولى أمرها الإعلان فيجمّلها ويلمعها وهي لا تتعدى كون الفيلم من بطولة أنجلينا جولي.

لا يبتعد فيلم «سولت» عن أفلام ستيفن سيغال أو فان دام وآخرين يدعونا لمشاهدة فيلم لا يتوقف إطلاق النار فيه من أوله إلى آخره، وفي تتبع متفق عليه بأن يكون البطل لا يقهر أبداً، ولا يمكن لأي شيء أن يقف في طريقه، وعليه يصنع له أعداء في كل فيلم جديد له ويمضي في قتلهم أو الانتقام للأبرياء الذين نكل بهم الأشرار، وهكذا دون اهتمام بأي منطق درامي، إذ يكفي الاستعانة بوصفات السيناريو المعروفة التي تتبعها 95٪ من إنتاجات هوليوود، بداية ووسط ونهاية وفي خط أفقي واحد، تمهيد يمتد كحد أقصى لعشرين دقيقة، ومن ثم خلق بؤرة درامية مهما كانت تافهة وحلها في النهاية، وليجد كاتب فيلم «سولت» كيرت ويمير ومعه المخرج فيليب نويس في الروس شيئا جديداً على مبدأ القديم الجديد، حين كان الروس في ما مضى لا يفارقون الانتاجات الهوليوودية، وصناعة فيلم مرتجل المهم فيه أن نقع على جولي وهي تقفز من شاحنة إلى أخرى، وتنجو من كمين إلى آخر.

القصة العبقرية في فيلم «سولت» ستكون بالتأكيد متمركزة حول ايفلين سولت (انجلينا جولي) عميلة الـ«سي آي أيه» التي يكشف عميل سابق في الـ«كي جي بي» أنها جاسوسة لحساب جهاز الاستخبارات الروسي، وعليه تبدأ مطاردتها بعد أن نقع عليها في البداية وهي تتعرض للتعذيب في كوريا الشمالية وكل همها زوجها عالم العناكب الألماني ومسعاها ألا يطاله شر جراء عملها الاستخباراتي. وبعد مطاردات ستذهلنا سولت بقدراتها، سنكتشف وهنا اللغز الذي تقشعر له الأبدان أن الاتحاد السوفييتي السابق قام بتنشئة أطفال منذ صغرهم لخدمة المخابرات السوفييتية وتربيتهم وفق ثقافة أميركية تجعلهم أميركيين 100٪، لكن بولاء جنوني للاتحاد السوفييتي ومن ثم قامت بزرعهم في الولايات المتحدة جواسيس نائمين مثلما هو مصطلح «الخلايا النائمة»، إذ آن الأوان ليستيقظوا فقد «طمى الخطب حتى غاصت الركب»، كون روسيا تناديهم، والضابط الذي أشرف على تنشئة هؤلاء الجواسيس ضاق ذرعاً بضعف روسيا الحالي ويريد لها أن تعود قوة عظمى كما في السابق. أولى العمليات ستكون اغتيال الرئيس الروسي الذي يكون في زيارة للولايات المتحدة لتقديم العزاء في وفاة نائب الرئيس الأميركي، ولنكتشف أن سولت من ستقوم بهذه المهمة، والتي تنفذها دون أن يتمكن أي أحد من إيقافها، ورغم استعداد واستنفار كل العناصر الأمنية لهذا الغرض. لكن مهلاً من المستحيل أن تكون سولت عميلة روسية، هذا ما يقوله لنا عرف السينما الهوليوودية، رغم أنها واحدة ممن تلقوا التنشئة سابقة الذكر وزرعوا في أميركا بعد وفاة والديها في روسيا، وقد كانا يعملان في السلك الدبلوماسي الأميركي، ثم إن مسألة اغتيالها الرئيس الروسي سرعان ما تتكشف عن شيء آخر، فهي خدرته فقط لا غير، ومن ثم ستتوجه بكامل قدراتها الخارقة إلى تصفية كل إخوتها الذين نشأت معهم في روسيا وأولهم الضابط الذي أشرف عليها، الضابط المتوحش الذي يرتدي خاتماً عليه المنجل السوفييتي. فيلم «مفبرك»، ولعل متابعة أحداثه ستقودنا إلى نتيجة مفادها أن السيناريو يأخذ بكل ما في طريقه وصولاً إلى نشوب حرب نووية، خصوصاً عندما نكتشف كما هو متوقع أن العميل تيد (ليف شريبر) زميل سولت هو أيضا من أولاد الاتحاد السوفييتي المزروعين في أميركا ونحن نراه يقتل كل مساعدي الرئيس الأميركي مبقياً على حياة الأخير ليتمكن من إطلاق الصواريخ النووية باتجاه إيران ومكة، وذلك كما يقول لنا لتصعيد العداء الإسلامي لأميركا، الفكرة الساذجة الأخرى، أو الخلاصة العبقرية التي على فيلم بهذه السذاجة أن يصل إليها.

تويتر