مسؤولون أكدوا أن آلية استرداد «الضريبة» وتوقيتها بالنسبة للقطاع السكني غير واضحين

ارتباك في قطاع المقاولات بعـــــــد تطبيق «القيمة المضافة» بسبب ارتفاع كلفة التنفيذ والخــــــلافات مع المُلاك

صورة

قال مسؤولون في قطاع المقاولات والإنشاءات، إن «القطاع يشهد حالياً مظاهر ارتباك مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، مطلع الشهر الجاري، تأثراً بارتفاع كلفة تنفيذ المشروعات، وتعريض مشروعات قيد التنفيذ لتأخير إنجازها وتسليمها، إضافة إلى خلافات مع ملاك لمحاولة تحصيل التكاليف الإضافية للضريبة».

وأضافوا لـ«الإمارات اليوم» أن «المشروعات التي قيد التنفيذ، هي الأكثر تأثر حالياً، خصوصاً أن تطبيق الضريبة أثر بشكل كبير في أرباح المقاولين، فيما تتأثر العقود الجديدة بارتفاع كلفة تنفيذها، ونشوب خلافات مع ملاك حول تقدير كلفة التنفيذ، خصوصاً مع ارتفاع أسعار مواد البناء بعد تطبيق الضريبة».

وأشاروا إلى أن «تحمّل بعض الشركات للضريبة نيابة عن المستهلكين يعد قراراً فردياً»، لافتين إلى وجود زيادات في أسعار مواد البناء تفوق نسبة الضريبة.

وشددوا على أن هناك أموراً غير واضحة في ما يتعلق بآلية استرداد الضريبة وتوقيتها بالنسبة للقطاع السكني، حيث سيكون من الصعب على الكثير من الشركات تحمل الضريبة لعدد من المشروعات السكنية في الوقت ذاته لفترة طويلة.

من جانبها، أفادت الهيئة الاتحادية للضرائب، بأن «آلية استرداد المواطن قيمة الضريبة التي دفعها لبناء مسكنه الخاص، سيتم إصدار نشرة مفصلة بشأنها».

وصرّحت الهيئة، أخيراً، لـ«الإمارات اليوم»، بأن «كل التوريدات والخدمات التي يورّدها المقاولون وأصحاب المشروعات تخضع لضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%».

وأشارت إلى أن «الضريبة تسري على جميع المقاولين المسجلين دون استثناءات، وبالنسبة للعقود فيمكن معالجتها بإضافة بنود أو فقرات تتضمن إضافة نسبة الضريبة».

شركات المقاولات

• الهيئة الاتحادية للضرائب: «نشرة مفصّلة حول آلية استرداد المواطن قيمة الضريبة التي دفعها لبناء مسكنه الخاص تصدر قريباً».

• تطبيق «الضريبة» على المشروعات التي يتم تنفيذها حالياً يهدّد بتأخير تسليمها.

وتفصيلاً، قال المدير العام لشركة «الخيل للاستشارات الهندسية»، وائل حسن، إن «بعض شركات المقاولات أبلغت شركات استشارية بتحمل ضريبة القيمة المضافة، في العقود القديمة الخاصة بالمشروعات التي يتم تنفيذها حالياً».

وأضاف حسن أن «هذه الشركات اعتبرت أن العقود المتفق عليها تشمل الضريبة، وذلك بهدف رفع ميزة هذه الشركات التنافسية وتنشيط السوق التي تعاني سابقاً من بعض الركود»، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جاءت في ضوء ارتفاع عدد شركات المقاولات مقارنة بحجم المعروض من المشروعات.

وأوضح أن «هناك في الوقت ذاته خلافات كبيرة بين بعض شركات المقاولات وبعض الملاك، نتيجة لرفض الملاك تحمل قيمة الضريبة في العقود القديمة التي يتم تنفيذها حالياً، خصوصاً التي تم إبرامها، غير شاملة الضريبة، باعتبار أن هامش الربح قليل في الفترة الراهنة».

ولفت حسن إلى أنه رغم تطبيق الضريبة بنسبة (صفر) على القطاع السكني، ما أتاح استرجاع الضريبة وقلل من حدوث تأثيرات سلبية في القطاع، إلا أنه لايزال هناك العديد من الأمور غير الواضحة، خصوصاً في ما يتعلق بآلية استرداد الضريبة وتوقيت الاسترداد، حيث سيكون من الصعب على الكثير من الشركات تحمل الضريبة لعدد من المشروعات السكنية في الوقت ذاته لفترة طويلة.

وتابع أنه «رغم عدم تطبيق الضريبة على القرض السكني الحكومي، إلا أنه من غير الواضح هل ستطبق الضريبة على القروض السكنية الأخرى لتمويل القطاع أم لا؟».

رفض الملاك

من جانبه، قال المدير العام لشركة «قمراء للمقاولات»، عيسى العطية، إن «شركات المقاولات ملتزمة بدفع 5% عن كل فاتورة تصدر، اعتباراً من أول يناير الجاري، التي تمثل ضريبة القيمة المضافة، إلا أن هناك إشكالية كبيرة تتمثل في رفض كثير من الملاك دفع قيمة الضريبة بالنسبة للمشروعات التي بدأت في 2017 وقبلها».

وأشار إلى أن رفض بعض الملاك تحمل الضريبة، يشمل جهات حكومية وخاصة، حيث أبلغت هذه الجهات، شركات مقاولات أنها ملتزمة فقط بسداد قيمة الدفعة المالية من دون الضريبة، وأنه لا توجد تعليمات رسمية واضحة حتى الآن بشأن المشروعات قيد التنفيذ، ما سبب ارتباكاً في القطاع.

ونوه بأن بعض شركات المقاولات قد تضطر إلى تحمل قيمة الضريبة في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه كبديل عن التوقف عن تنفيذ المشروعات التي بدأت بالفعل، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيؤثر سلباً في هذه الشركات لأن هامش الربح قليل ولا يكفي لسداد قيمة الضريبة أيضاً.

وأكد العطية أن أسعار العديد من مواد البناء شهدت زيادات تزيد على 5% منذ مطلع يناير الجاري، بجانب الزيادات التي شهدتها الأسعار استباقاً للضريبة، مشيراً إلى أن تجار مواد بناء أرجعوا هذه الزيادات الكبيرة إلى تحملهم زيادة أسعار الوقود الذي خضع لضريبة القيمة المضافة.

وأوضح في هذا الصدد، أنه «على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الخرسانة الجاهزة 20 درهماً للمتر المربع بنسبة زيادة بلغت 10% بخلاف قيمة الضريبة، كما ارتفعت أسعار (الطابوق) بنسبة تراوح بين 7 و8% بخلاف الضريبة».

حماية المستهلكين

من جهته، قال نائب الرئيس لتطوير الأعمال في «مجموعة الفارعة»، طلال عادل صالح، إن «تطبيق ضريبة القيمة المضافة يأتي في صالح المستهلكين ويوفر حماية كبيرة لهم، لأن الأسعار أصبحت منضبطة ولا تستطيع أي شركة فرض أسعار مرتفعة أو مبالغ فيها لأن كل الفواتير أصبحت خاضعة للرقابة».

واستبعد صالح، أن يكون للضريبة تأثيرات سلبية في قطاع الإنشاءات، موضحاً أن «نسبة الضريبة قليلة ويتحملها المستهلك وليست الشركات نفسها، كما أن الفواتير الجديدة التي يتم اصدراها بعد أول يناير 2018 تضاف إليها نسبة 5% بالنسبة للمشروعات القديمة والجديدة على السواء».

العقود القديمة

واعتبر عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في أبوظبي، رئيس لجنة القطاع العقاري، الدكتور مبارك العامري، أن تحمّل بعض شركات المقاولات للضريبة في العقود القديمة، هو قرار فردي ولكل شركة الحق في اتخاذ قرارها بتحمل الضريبة أو تحميلها للمستهلكين، مشيراً إلى أن بعض الشركات ترى أن تحمل الضريبة ينشط السوق.

واستبعد العامري، أي تأثيرات سلبية للضريبة في قطاع المقاولات، موضحاً أن «نسبة الضريبة ضئيلة وغير مؤثرة في كلفة البناء، كما أنها لن تؤدي إلى حدوث ركود في القطاع خصوصاً أن الضريبة في القطاع السكني (صفر)، ويتم استرجاع قيمتها بعد ذلك، وهذا القطاع يمثل جانباً كبيراً من إجمالي القطاع العقاري».

وأشار إلى أن رفع بعض شركات مواد البناء أسعارها اكثر من 5% قرار خاطئ ويؤثر سلباً في مبيعاتها على المديين المتوسط والطويل، مشيراً إلى أن السوق تنافسية في الإمارات ويوجد بدائل كثيرة، وأن الفترة الأخيرة شهدت نمواً في وعي المستهلكين.

قيد التنفيذ

في السياق نفسه، قال المدير العام في شركة «العروبة للمقاولات»، المهندس أحمد عبدالباقي المصري، إن «أسواق المقاولات تشهد حالياً مظاهر ارتباك مختلفة بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة أخيراً، خصوصاً على المشروعات التي تعد قيد التنفيذ، فتطبيق الضريبة على تلك المشروعات رفع من كلفة تنفيذها بنسب كبيرة، خصوصاً مع إضافة الضريبة على كل منتجات التشغيل سواء مواد البناء أو الوقود المستخدم، إضافة إلى أن رفض أو مماطلة ملاك على سداد أية تكاليف إضافية بعد تطبيق الضريبة والتمسك بالالتزام بقيمة العقود المتفق عليها سابقاً، وهو ما يتسبب في حالة من الجدال والمناوشات بين المقاولين والملاك حول تحصيل تلك التكاليف الإضافية».

وأشار إلى أن «تطبيق الضريبة قد يعرض عدداً من المشروعات لتأخير تسليمها مع ارتفاع كلفة تنفيذها على المقاولين»، لافتاً إلى أن «المشروعات التي قيد التنفيذ تستأثر بحصص كبيرة من أسواق عقود الإنشاءات، فيما تشهد العقود الجديدة مظاهر ارتباك مختلفة مع تطبيق الضريبة بشأن الجدل حول تقدير قيمة التكاليف، خصوصاً مع حرص المقاولين على إضافتها للعقود». وأوضح أن «ارتفاعات مواد البناء، أخيراً، من الممكن أن ترجع إلى حالة زيادة الطلب في الأسواق مع دخول حزمة كبيرة من المشروعات للأسواق، خلال الفترة الأخيرة، ودخول عدد منها لمراحل التنفيذ الفعلي، وأسهمت تلك الارتفاعات السعرية في زيادة كلفة إنجاز المشروعات».

غموض التطبيق

في سياق متصل، قال مدير شركة «مانشستر للمقاولات»، عبدالعزيز اللنجاوي، إن «الارتباك في قطاع المقاولات حالياً مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ينتج عن عوامل عدة هي: غموض عمليات التطبيق وآلية التحصيل في المشروعات السكنية للمقاولين، بجانب الارتفاعات الكبيرة في أسعار مواد البناء قبيل تطبيق الضريبة لدى منافذ البيع، التي رفعت الأسعار خلال ديسمبر الماضي، ثم أضافت عليها نسبة الضريبة لزيادة أرباحها وهو ما رفع من كلفة التنفيذ بنسب كبيرة للمشروعات»، لافتاً إلى أن «أبرز مواد البناء الأساسية التي ارتفعت أسعارها هي الحديد، حيث زاد سعر الطن من نحو 1700 درهم منذ نحو شهر ونصف الشهر ليصل أخيراً إلى 2450 درهماً للطن، بالإضافة إلى نسبة الضريبة بنحو 5%». وأشار إلى أن «كلفة إنجاز المشروعات التي تعد قيد التنفيذ حالياً من الممكن أن تؤثر في عمليات تنفيذها في مواعيدها المقررة».

بداية التطبيق

بدوره، أوضح نائب رئيس اللجنة الفنية والاستشاري في «جمعية المقاولين»، الدكتور عماد الجمل، أن «الارتباك في قطاع المقاولات من الممكن اعتباره من الأمور الطبيعية مع بداية تطبيق الضريبة كعامل متغير جديد في الأسواق»، لافتاً إلى أن «الجدل بين المقاولين والملاك حول تقدير وتحصيل نسب الضريبة حالياً ناتج عن حالة الارتباك مع بداية التطبيق، ولكنه من الممكن أن يتم بشكل أسهل خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن «تطبيق الضريبة على المشروعات التي يتم تنفيذها حالياً يهدد بتأخير تسليمها، مع عدم قدرة معظم المقاولين على تحصيل فروق كلفة الضريبة من الملاك بعد اعتماد أسعار محددة سابقاً عند التعاقد، وأن نسبة 5% تعد مكلفة خصوصاً على شركات صغيرة أو متوسطة، قد تكون نسبة أرباحها من تنفيذ مشروعات تقارب تلك النسبة، وبالتالي فارتفاع كلفة التنفيذ، وتعرّض شركات لعمليات نقص في السيولة المادية لإتمامها، قد يهددان بتأخير مواعيد إنجازها».

عقود «الفيديك»

قال نائب رئيس اللجنة الفنية والاستشاري في «جمعية المقاولين»، الدكتور عماد الجمل، إن «عدم التطبيق المناسب لعقود (الفيديك) في أسواق الدولة بشكل مماثل لأسواق عالمية مختلفة، يعد من الأسباب التي عرّضت شركات المقاولات لتلك التأثيرات السلبية، فالعقود التي يتم تطبيقها تتعرض لحذف بنود وإضافة أخرى، كما أن صيغ عقود (الفيديك) - التي تنص على تغير قيمة التعاقد وفقاً لمتغيرات كلفة الإنشاءات سواء للمقاول أو للملاك - لا تنفذ إلا لدى عدد محدود من الشركات الكبيرة فقط، فيما تتعامل الشركات الصغيرة والمتوسطة بعقود تقليدية يتم الاتفاق على بنودها مع الملاك».

تويتر