اعتمدت على تقنية «الواقع المعزّز»... والهواجس الأمنية تمثل «الجانب المظلم» للعبة

تحليل: توقعات بانحسار «حمى البوكيمون» بنهاية الصيف الجاري

صورة

أفاد تحليل نشره موقع «زد دي نت» zdnet.com، أخيراً، بأن حمى «البوكيمون» التي اجتاحت العالم خلال الأسابيع الأخيرة، وجعلت ملايين الناس يلتفون حول هذه اللعبة من مختلف الطبقات والتوجهات والأجناس، يتوقع لها أن تنحسر مع نهاية فصل الصيف، لينتهي بعدها الهوس، وينحسر الاحتفاء، وتبقى فقط تقنية «الواقع المعزّز» التي تعمل بها، والانتقال بها من حالة الهوس باللعب إلى التفكير في العمل وتحسين الإنتاجية، وكيفية التعامل مع النقل العشوائي اللامتناهي للمعلومات والصور بلا ضوابط، وبطريقة تثير هواجس أمنية ومجتمعية لا يصح تجاهلها.

دروس مهمة

وأكد التحليل أن التعامل مع حمى «البوكيمون» انتقل من الملاحقة الإخبارية واصطياد الطرف والتسالي من هنا وهناك إلى ما بات مجتمع التقنية يفكر فيه جدياً، ويحاول استخلاصه من دروس مهمة حفلت بها خبرة التعامل مع هذه اللعبة منذ بدء طرحها. ولعل الدرس الأول أن اللعبة وفرت نقطة انطلاق لم تكن في الحسبان لتقنية «الواقع المعزّز» التي تم بناء اللعبة على أساسها.

وتقوم تقنية «الواقع المعزّز» Augmented Reality على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية، لتوفر معلومات إضافية، أو تكون بمثابة موجّه له، فلو تصورنا أن هناك شخصاً يحمل في يده هاتفاً ذكياً، ويفتح الكاميرا ويدور بها في البيئة من حوله، فيمكن عند نقطة معينة أثناء الدوران بالكاميرا إظهار جسم أو شيء افتراضي، يعرض معلومات معينة، أو جعل هذا الشيء يتحرك ليقود إلى هدف ما، وهذا عكس ما يحدث في حالة «الواقع الافتراضي»، الذي يتم فيه إسقاط أجسام حقيقية في بيئة افتراضية.

وتعمل بيئة «الواقع المعزّز» مع خدمات تحديد المواقع، ومع الخرائط والكاميرا أو التطبيق الذي يعمل على الجهاز المستخدم، بما يجعل كل هذه العناصر تعمل كبيئة متكاملة مترابطة معاً، ويمكن لتقنية «الواقع المعزّز» أن تعمل مع أجهزة متنوعة، سواء كانت محمولة كالهاتف الذكي أو من خلال الأجهزة التي يتم ارتداؤها كالنظارات، والعدسات اللاصقة. وجميع هذه الأجهزة تستخدم نظام التتبع الذي يوفر دقة في الإسقاط وعرض المعلومة في المكان المناسب، كنظام تحديد المواقع العالمي (نظام التموضع العالمي)، والكاميرا، والبوصلة كمدخلات يتم التفاعل معها من خلال التطبيقات.

البدايات الأولى

وعلى الرغم من أن البدايات الأولى لهذه التقنية تعود إلى النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، فإن ما حققته من الشعبية والانتشار والقبول طوال هذه السنوات الطويلة يمثل مكاسب صغيرة أمام ما تحقق خلال الأسابيع الأخيرة التي ظهرت خلالها لعبة «البوكيمون»، فبفضل اللعبة تحولت تقنية «الواقع المعزّز» إلى تقنية منزلية شائعة معروفة محبوبة، الأمر الذي سيساعد الأفراد والمؤسسات على الوقوع في هوى هذه التكنولوجيا وليس اللعبة فقط.

نقطة تحول

وكمحصلة نهائية يعني هذا الأمر وجود أرضية جاهزة لاستقبال عشرات بل مئات التطبيقات والخدمات المبنية على فكرة «الواقع المعزّز»، وهذا هو «الجانب المشرق» للعبة، فمطورو المؤسسات سيكونون قادرين على وصف تطبيقاتهم باعتبارها شيئاً قريباً من «البوكيمون»، والموظفين والعاملين، وبالتالي فإن استخدامها سيخفض من نفقات التدريب. وعند تحويل تطبيق مثل «بيكاتشو» للعمل ضمن نظام لإدارة المخزون في مستودع كبير، سيرفع أداء العاملين ويجعلهم يعملون ويتحركون بنشاط. وسجلت اللعبة تطورات ملموسة في ما يتعلق بعدد الخطوات التي يقطعها ممارسو اللعبة سيراً على الأقدام في عطلة نهاية الأسبوع بحثاً عن «البوكيمون». والخطوة المتبقية الآن هي نقل الإمكانات الكامنة في «البوكيمون» و«الواقع المعزّز» إلى المؤسسات؛ لتسريع التدريب عن بعد والتعاون المشترك والتدريب، وتدعيم الأعمال القائمة على التصورات والتخيل.

وكانت صناعات وخدمات كثيرة قد فكرت في تطبيق تقنية «الواقع المعزّز»، وبدأت مشروعاتها وخططها على مهل، لكن ما حدث مع «البوكيمون» شكّل دفعة هائلة لهذه الخطط، فصناعات الشاي والصحافة والمشروبات الغازية جميعها انجرف إلى هذه التقنية، واستلهمت منها أفكاراً للترويج وتحسين الإنتاج. كما تسارعت وتيرة الحديث عن استخدام «الواقع المعزّز» في التعليم والمتاحف والأماكن السياحية، سواء لإرشاد الطلاب والسائحين إلى معلومات وأماكن بعينها، أو المساعدة بأي طريقة أخرى مبتكرة، وهذا ما يسهم في نقل «الواقع المعزّز» من «الترفيه واللعب» إلى العمل وتحسين الإنتاجية.

المخاوف الأمنية

في المقابل، أثارت هذه الحمى الهواجس والمخاوف الأمنية من قبل مؤسسات وأفراد حول العالم، فخلال ممارسة اللعبة يتم البحث عن «البوكيمون» في ظل تشغيل كامل لنظام تحديد المواقع العالمي والخريطة والكاميرا، وهذا معناه أن ممارسي اللعبة يصوّرون كل الأماكن من حولهم، بدءاً من المنازل الشخصية إلى الشوارع وأماكن العمل وما يصادفهم من أماكن أثرية وحيوية. وهذه المعلومات يتم نقلها مباشرة إلى الحاسبات الخادمة المسؤولة عن تشغيل اللعبة، ليتم تسجيلها، وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن من يمارسون اللعبة يتجاوزون عشرات الآلاف داخل الدولة الواحدة، فمعنى ذلك أنه بالإمكان الربط بين المعلومات الواردة من كاميرات ومواقع الجميع لتكوين ما يعرف بالصورة الكاملة، التي يمكن من خلالها استخلاص معلومات وتقديرات موقف لها أبعاد أمنية بالغة الأهمية. وشبه البعض ما يحدث بأن اللعبة تحول الكثير من ممارسيها إلى جواسيس بالمجان، وهذا هو الجانب «المظلم» في حمى «البوكيمون»، فضلاً عن الأضرار التي يمكن أن تنجم عن عدم التركيز أثناء ممارسة اللعبة، بينما الشخص يقود سيارة أو يجتاز تقاطعاً في شارع مزدحم، وغيرها من المواقف الخطرة.

تويتر