مستأجرون يرفضون تطبيق أي زيادات ويطالبون بتثبيت قيمة الإيجار

عقاريون: 50% تراجعاً في الزيادات السنوية للإيجار بأبوظبي خلال الربع الأول

مسؤولون عقاريون لفتوا إلى تراجع الطلب داخل مدينة أبوظبي بسبب صعوبة إيجاد مواقف للسيارات وتوجه الطبقة المتوسطة إلى المدن المحيطة بالإمارة. تصوير: إريك أرازاس

أفاد مسؤولون عقاريون في أبوظبي بأن السوق العقارية شهدت تراجعاً في الزيادات السنوية للإيجارات داخل المدينة بنسبة تفوق الـ50% منذ بداية العام الجاري، وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أن عدداً متزايداً من الملاك بدأوا يجددون عقود تأجير الوحدات العقارية من دون زيادات سعرية، في حين يطلب البعض زيادات بنسبة تبلغ 5%، وذلك بعد الزيادات الكبيرة التي شهدتها السوق خلال العامين الماضيين، والتي جاءت بعد إلغاء سقف الزيادة السنوية، وراوحت في أحيان كثيرة بين 20 و25%، وجاوزت نسبة 50% في الإيجارات القديمة نسبياً. ولفتوا إلى تراجع الطلب داخل مدينة أبوظبي، بسبب صعوبة إيجاد مواقف للسيارات، ووجود خيارات أخرى، منها توجه الطبقة المتوسطة إلى المدن المحيطة بأبوظبي مثل «مدينة محمد بن زايد» و«الريف» و«مصفح»، في حين يفضل الأجانب وبعض المقيمين السكن في جزيرة «الريم».

من جانبهم، أعرب عدد من المستأجرين عن رفضهم لزيادة الإيجارات، والمطالبة بتثبيت قيمة الإيجار، لافتين إلى تراجع الطلب داخل مدينة أبوظبي.

تجديد العقود

إصدار مؤشر للإيجارات

قال الخبير العقاري، مبارك العامري، إن «تراجع الزيادات يعد أمراً مطلوباً، بعد الزيادات الكبيرة التي شهدتها الإيجارات خلال الأعوام الماضية»، مطالباً بسرعة إصدار مؤشر للإيجارات، وإعلان الإحصاءات الخاصة بعقود التوثيق في أبوظبي، لتحديد نسب الزيادات الإيجارية بدقة، وفي أي مناطق تحديداً لمعرفة وضع السوق بدقة وشفافية.

وأضاف العامري أنه لا يمكن للسوق أن يصحح نفسه دون تشريعات ولوائح حاكمة، مشيراً إلى أهمية وجود مثل هذه التشريعات، لضبط السوق خلال الأعوام المقبلة.

وتفصيلاً، قال المستأجر يحيى فواز، إن مالك الشقة السكنية التي يقيم فيها، وافق على تجديد عقد الإيجار للوحدة السكنية التي يستأجرها بالقيمة السابقة للعقد دون زيادة، مشيراً إلى أن المالك أبدى تفهماً، لاسيما أن القيمة الإيجارية ارتفعت العام الماضي من 70 ألف درهم إلى 85 ألف درهم، بنسبة زيادة جاوزت 21%.

بدوره، قال المستأجر أحمد مالك، إن المالك طلب منه رفع القيمة الإيجارية من 90 ألف درهم إلى 95 ألف درهم، بزيادة نسبتها 5.5% عند تجديد عقد الوحدة السكنية في مايو المقبل. وأوضح أنه رفض هذه الزيادة، وبدأ رحلة بحث عن شقة سكنية، لافتاً إلى أن عدداً من الملاك بدأوا يؤجرون الوحدات السكنية وفق مستويات تأجير العام الماضي نفسه، وبالتالي لا يوجد مبرر للزيادة.من جهته، أكد المستأجر محمد مصطفى، أنه رفض طلب المالك بزيادة القيمة الإيجارية للوحدة التي يقيم فيها في منطقة النادي السياحي من 80 ألف درهم إلى 85 ألف درهم سنوياً.

وأضاف أنه أبلغ المالك، أنه يوافق على تجديد العقد بالقيمة الإيجارية نفسها للعام الماضي، لاسيما أن العديد من الملاك بدأوا يجددون العقود بالقيمة التأجيرية نفسها. ولفت إلى أنه بدأ البحث عن بدائل أخرى، خصوصاً أنه يدفع القيمة الإيجارية دفعة واحدة، ما يشكل عبئاً كبيراً عليه.

في السياق نفسه، رفض المستأجر محمد عبدالرحمن، طلب مالك الشقة رفع القيمة الإيجارية من 80 إلى 95 ألف درهم، بزيادة نسبتها 18.7%، وأكد أنه قرر ومجموعة من السكان في البناية نفسها، مغادرة البناية في حال إصرار المالك على الزيادة الكبيرة، موضحاً أن نسبة الزيادة كبيرة، في الوقت الذي تشهد فيه السوق تراجعاً ملحوظاً في القيم الإيجارية.

تراجع الإيجارات

من جانبها، قالت رئيسة مجلس إدارة شركة «إنفينت دايمنشنس» للاستشارات العقارية، فايزة الزرعوني، إن «الزيادات السنوية في القيم الإيجارية في أبوظبي شهدت تراجعاً منذ بداية عام 2016، جاوزت نسبته 50%». وأضافت أن الفترة الماضية شهدت وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، تجديد عقود إيجارية من دون زيادات سنوية، في وقت لايزال فيه ملاك يرفضون مواجهة الحقيقة، وهي أن السوق تتغير، وأنه ينبغي عليهم عدم المطالبة بزيادات كبيرة مقابل تجديد العقود، لاسيما أن الطلب بدأ يشهد انخفاضاً.

وأوضحت أن عدداً متزايداً من الملاك يطلبون زيادات بنسبة تبلغ 5% من القيمة الإيجارية، وتصل أحياناً إلى 10%، مقابل زيادات جاوزت 20% خلال العام الماضي، لافتة إلى أن ارتفاع القيمة الإيجارية بنسبة 10% يعد زيادة كبيرة.

وأكدت الزرعوني أن السوق العقارية أصبحت أكثر استقراراً، وتوقفت القفزات الكبيرة في الإيجارات التي غلبت على السوق خلال العامين الماضيين، ولفتت إلى أن عدد المستأجرين الذي يرفضون الزيادات السنوية، لاسيما الكبيرة، ازداد خلال الفترة الأخيرة، وبدأ العديد منهم يتركون الوحدات المؤجرة في حال مطالبة المالك بزيادات كبيرة، باعتبار أن هناك خيارات أخرى في السوق، وإن كانت غير كثيرة، إذ يتطلب الانتقال التنازل عن بعض المزايا مثل الموقع القريب من خدمات معينة، وتوافر مواقف سيارات كثيرة.

وتوقعت الزرعوني أن يبدي عدد أكبر من الملاك تفهمهم لأوضاع السوق الجديدة خلال الفترة المقبلة، والتوقف عن طلب زيادات كبيرة، مشيرة إلى أن ملاكاً لا يمتلكون عقليات استثمارية صحيحة، إذ يفضل البعض ترك الوحدات العقارية خالية بدلاً من تأجيرها بأسعار أقل، بينما يفرض التوجه الاستثماري السليم قبول قيم إيجارية أدنى مقابل عدم تركها خالية فترة طويلة.

تراجع الطلب

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة «سكاي لاين» للاستشارات العقارية، نادر حسن، إن «أوضاع السوق في أبوظبي وما تشهده من تراجع الطلب قد بدأت تفرض نفسها على المتعاملين في السوق، حيث بدأ بعض الملاك تجديد عقود الإيجار دون زيادة، أو قبول زيادات سنوية في حدود 5%، بينما لايزال عدد قليل من الملاك يقاومون من جانبهم ويصرون على فرض زيادات تزيد على 5%». وأضاف حسن أن الربع الأول من العام الجاري شهد لأول مرة منذ فترة طويلة طلبات من عدد كبير من الملاك بزيادات في حدود 5%، كما شهدت الفترة الماضية رفضاً من مستأجرين وجود زيادات، حتى ولو كانت بنسبة 5%، واللجوء لإخلاء الوحدة السكنية، وعدم التجديد بحثاً عن بدائل أخرى، خصوصاً في ظل الزيادات الكبيرة التي شهدتها السوق خلال الأعوام الماضية، بعد إلغاء سقف الزيادة السنوية. وتابع حسن أن «الفترة الماضية شهدت تزايداً في الشيكات المرتجعة من جانب مستأجرين بعد رفع الإيجارات بنسب كبيرة»، لافتاً إلى أن الملاك لابد أن يعرفوا أن السوق لم تعد كما كانت خلال العامين الماضيين، لاسيما مع انخفاض أسعار النفط وانخفاض الإيجارات.

وأشار إلى أن هناك ظاهرة تتعاظم حالياً، وهي رفض عدد كبير من المستأجرين زيادة الإيجارات، والمطالبة بتثبيت السعر، أو قبول زيادات سنوية بسيطة، أو ترك الوحدة المؤجرة. وأوضح حسن أن التفاوض بدأ حالياً بين الجانبين حول نسب الزيادة، بينما كان الملاك خلال الفترة الماضية يفرضون شروطهم بشكل كبير على المستأجرين، مشيراً إلى أن ملاكاً يصرّون على الزيادة لأن هناك توقعات بقرب ارتفاع أسعار البترول مجدداً خلال النصف الثاني من العام الجاري.

في السياق نفسه، قال استشاري العقارات في «شركة الوادي الأخضر للعقارات»، إكرامي حماد، إن عدداً كبيراً من المستأجرين أصبحوا يجددون الإيجار بالقيمة نفسها، وآخرون يجددون بنسبة زيادة 5% تقريباً، أي بنسب تراجع في الزيادة تفوق الـ50%، بينما يصرّ عدد محدود من الملاك على تجديد الإيجار بنسبة زيادة 10% أو أكثر، إلا أن عددهم ليس كبيراً.

الزيادات الكبيرة

وأضاف حماد أن تحديد نسب الزيادة تتم حسب إمكانات العقار وحجم الطلب والمنطقة الموجود فيها، فإذا كان هناك طلب كبير تراوح الزيادة بين 5 و10% على الأكثر، بينما في حالة الطلب الأقل يجدد الإيجار بالقيمة نفسها، خصوصاً بعد الزيادات الكبيرة خلال العامين الماضيين، والتي راوحت بين 20 و25% في عام 2015، وزادت إلى 50% في الإيجارات القديمة نسبياً خصوصاً خلال عام 2014. وأرجع حماد التراجع في الزيادات إلى أن الطلب في داخل مدينة أبوظبي تراجع بشكل ملموس، خصوصاً في ظل صعوبة إيجاد مواقف للسيارات، وتوجه الطبقة المتوسطة إلى بعض المدن المحيطة بأبوظبي، مثل مدينة «محمد بن زايد» و«الريف» و«مصفح» خصوصاً في المناطق المحيطة بالمراكز التجارية، في حين يفضل الأجانب وبعض المقيمين السكن في جزيرة «الريم»، حيث تتوافر فيها التسهيلات والخدمات غير الموجودة في أبوظبي، بجانب توافر مواقف السيارات.

تويتر