محللون يطالبون المؤسسات بـ «رؤية استثمارية».. وينصحون بعدم الإفراط في الحصول على «الهامش»

عدم التهور في البيــع.. أهـــــم الدروس المستفادة مــن انخفــاضــات السوق

المؤشر العام لسوق دبي المالي أنهى تعاملات الأسبوع الماضي محققاً أعلى نسبة ارتفاع يومي في تاريخه وبلغت 13%. تصوير: أشوك فيرما

دعا محلّلون ماليون إلى التعلم من الدروس التي خلفتها الانخفاضات العنيفة التي شهدتها الأسهم، أخيراً، على الرغم من الارتفاعات التي تحققت في أسعار الأسهم في نهاية الأسبوع الماضي، مشددين على أهمية عدم تهور المستثمرين ببيع أسهمهم والتخلص منها عند أي سعر في حال حدوث أي انخفاضات، طالما كانت هذه الانخفاضات غير مبررة.

وقال المحللون لـ«الإمارات اليوم» إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه المؤسسات المالية من الانخفاضات التي حدثت الأسبوع الماضي، هو ضرورة أن تمتلك رؤية استثمارية، وأن تتدخل بالشراء عند الانخفاضات، لتجنب خسارة مليارات الدراهم من القيمة السوقية، مع تفادي وصول أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية لا تتناسب مع أوضاع الشركات المحلية وتوقعات أدائها في المستقبل، لافتين إلى ضرورة معالجة المشكلات الأخرى في السوق، مثل ضعف عمق أسواق الأسهم المحلية، وسيطرة الأفراد على التداولات، والإفراط في منح الهامش، وجميعها كانت من أهم أسباب التراجع الحادث في أسعار الأسهم.

القيمة السوقية للأسهم تقلص خسائرها في أسبوع إلى 11.4 مليار درهم

قلّصت القيمة السوقية للأسهم المحلية خسائرها على مدار الأسبوع الماضي إلى 11.4 مليار درهم جديدة، لتصل في نهاية الأسبوع إلى 688.71 مليار درهم، مقابل 700.11 مليار درهم في نهاية الأسبوع السابق.

وبلغت نسبة الارتفاع في مؤشر سوق الإمارات المالي منذ بداية العام الجاري 0.398% محصلة ارتفاع أسهم 46 شركة، مقابل تراجع أسهم 65 شركة.

وشهد سوق الإمارات المالي خلال الأسبوع الماضي تداول 4.934 مليارات سهم، من خلال 78 ألفاً و388 صفقة، بقيمة إجمالية بلغت 9.148 مليارات درهم.

وأنهى المؤشر العام لسوق دبي المالي تعاملات الأسبوع الماضي محققاً أعلى نسبة ارتفاع يومي في تاريخه (13%)، ليغلق عند مستوى 3426.7 نقطة، فيما شهد السوق تداولات إجمالية خلال الأسبوع بقيمة 6.75 مليارات درهم محصلة تداول 3.72 مليارات سهم من خلال 58 ألفاً و450 صفقة.

وأعلنت إدارة سوق دبي المالي أن صافي الاستثمار الأجنبي في السوق خلال الأسبوع الماضي بلغ نحو 134.35 مليون درهم، محصلة (بيع)، نتيجة مشتريات بنحو 3.3 مليارات درهم، تشكل نسبة 48.9% من إجمالي قيمة المشتريات، ومبيعات بنحو 3.43 مليارات درهم، تشكل نسبة 50.89% من إجمالي قيمة المبيعات.

وأشارت البيانات إلى أن قيمة الأسهم المشتراة من قبل المستثمرين المؤسساتيين بلغت خلال الأسبوع الماضي 2.739 مليار درهم، تشكل ما نسبته 40.58% من إجمالي قيمة التداول.

وفي المقابل، بلغت قيمة الأسهم المباعة من قبل المستثمرين المؤسساتيين خلال الفترة نفسها 2.368 مليار درهم، تشكل ما نسبته 35.08% من إجمالي قيمة التداول. ونتيجة لذلك، بلغ صافي الاستثمار المؤسسي خلال الأسبوع نحو 371.37 مليون درهم، محصلة (شراء).

وفي سوق أبوظبي للأوراق المالية، أغلق المؤشر العام للسوق رابحاً 296.57 نقطة عند مستوى 4365.2 نقطة أول من أمس، ليحقق ارتفاعاً بنسبة 12.25% في آخر يومين تداول من الأسبوع.

 

درس للمستثمرين

وتفصيلاًً، قال مدير مركز الشرهان للوساطة المالية، جمال عجاج، إن ما حدث في أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي، يجب أن يكون درساً للمستثمرين، خصوصاً صغار المتعاملين الأفراد، إذ يجب عليهم عدم التهور ببيع أسهمهم، والتخلص منها عند أي سعر، في حال حدوث أي انخفاضات طالما كانت هذه الانخفاضات غير مبررة.

وأضاف أن جميع المستثمرين والمحللين كانوا على قناعة بأن الأسواق سترتد صعوداً بعد وصول أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية للغاية، وهو ما تحقق في نهاية الأسبوع، إذ انتفضت الأسهم صعوداً، ليرتفع مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 13%، وهي أعلى نسبة ارتفاع يومي في تاريخ السوق.

وأكد عجاج أن الارتفاعات التي حدثت في نهاية الأسبوع، جاءت محصلة عوامل عدة، أهمها ارتفاع أسعار النفط، وتحسن أداء البورصات الأميركية والسوق السعودية في اليوم السابق، مشيراً إلى أن التصريحات التي صدرت عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال اطلاق «خطة دبي 2021»، أثارت الارتياح، وأعادت الثقة إلى مديري المحافظ وكبار المستثمرين، ما أدى إلى دخولهم بقوة لشراء الأسهم.

وأوضح أن ارتفاع أسواق الأسهم بنسب لافتة يعد طبيعياً، بعد الانخفاضات الكبيرة التي تحققت بنسب تفوق التوقعات وتخالف المنطق، خصوصاً أن تلك الانخفاضات التي جاءت بسبب تراجع أسعار النفط، فاقت التراجعات التي حققتها بورصات الدول التي تعتمد على النفط مصدراً رئيساً للدخل، منبهاً إلى أن تصريحات وزير الاقتصاد حول أن النفط لا يشكل سوى نسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي، هدّأت نسبياً من قلق المستثمرين، وانعكست على ارتداد سوق أبوظبي صعوداً، الأربعاء الماضي.

ودعا عجاج المستثمرين، إلى ضرورة تفادي أخطاء الماضي، وعدم الإفراط في الحصول على تمويلات لشراء الأسهم بالهامش، مع عدم الانقياد للمضاربات التي جعلت أسعار الأسهم تعود إلى مستويات لم يكن أحد يتخيل أن تعود إليها حالياً، لافتاً إلى أن توالي عمليات استدعاء الهامش مع كل انخفاض في الأسعار، كان السبب الرئيس في تراجع الثقة، وتولد حالة من الهلع بين أوساط المستثمرين.

 

رؤية استثمارية

من جهته، قال رئيس قسم الاستثمارات في مجموعة شركات الزرعوني، وضاح الطه، إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه المؤسسات المالية من الانخفاضات التي حدثت في الأسبوع الماضي، هو ضرورة أن تمتلك رؤية استثمارية، وأن تتدخل بالشراء عند الانخفاضات التي تحدث من دون مبرر منطقي.

وأضاف أن دخول تلك المؤسسات إلى أسواق الأسهم قبل أيام، كان يمكن أن يجنب أسواق الأسهم خسارة مليارات الدراهم من قيمتها السوقية، مع تفادي وصول أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية، لا تتناسب مع أوضاع الشركات المحلية، وتوقعات أدائها في المستقبل.

وحذر الطه، المستثمرين، من الاعتقاد بأن الارتفاعات التي تحققت في نهاية الأسبوع، تؤشر إلى أن الصورة أصبحت برّاقة تماماً، وأن أسواق الأسهم المحلية تغلبت على جميع المشكلات التي كانت تواجهها.

وقال إن الارتفاعات تحققت نتيجة لمعطيات خارجية تتمثل في تحسن أداء البورصات الأميركية، وصعود النفط، فضلاً عن إطلاق «خطة دبي 2021»، مشدداً على أن تلك الارتفاعات لا تعني نهاية التذبذبات القوية في أسعار الأسهم، إذ ستظل قائمة، إلا أن من الصعب أن تعود أسعار الأسهم للمستويات المنخفضة التي وصلت إليها خلال الأسبوع الماضي.

 

معالجة الخلل

بدوره، دعا الرئيس التنفيذي لشركة «ثنك إكستريم» للاستشارات المالية، فادي الغطيس، إلى عدم استغلال الارتفاعات التي تحققت في أسعار الأسهم، لنسيان الماضي، وعدم معالجة الاختلالات الهيكلية التي تعانيها أسواق الأسهم المحلية، محدداً هذه الاختلالات في ضعف عمق أسواق الأسهم المحلية، وقلة عدد الشركات المدرجة، والقطاعات التابعة لها، فضلاً عن الخلل في تركيبة المستثمرين في السوق، التي جعلت الأفراد يسيطرون على نسبة تزيد على 80% من التداولات اليومية.

وقال إن الخسائر التي تحققت يجب أن تجعلنا أكثر انتباهاً للممارسات التي قد تضر أسواق الأسهم، ومنها عمليات البيع على المكشوف (شورت سيلنغ)، والإفراط في منح الهامش، وهي من أسباب تراجع الأسهم المحلية بنسب تفوق المنطق، لافتاً إلى عدم وجود ارتباط بين أداء أسواق الأسهم المحلية والبورصات العالمية، بدليل أن الأخيرة كانت تصعد بنسب ملحوظة، في وقت كانت فيه أسواق الأسهم المحلية تنخفض بسبب عوامل داخلية.

تويتر