حذروا من انعكاساتها على ارتفاع الكلفتين الاستثمارية للشركات والمعيشية للأفراد

خبراء يطالبون بضوابط للزيادة الإيجارية المتصاعدة في أبوظبي

ارتفاع الإيجارات تسبب في حدوث موجة من الطلب غير الحقيقي على السكن في أبوظبي. تصوير: إريك أرازاس

حذر خبراء اقتصاديون من انعكاسات سلبية لاستمرار الارتفاعات الكبيرة غير المبررة في القيم الإيجارية في أبوظبي، بعد إلغاء سقف الزيادة الإيجارية البالغ 5%، أخيراً، مطالبين بوضع آليات تضبط الزيادات الإيجارية في الإمارة.

وأوضحوا أن استمرار الارتفاع الكبير في الإيجارات سيؤدي إلى ارتفاع الكلفة الاستثمارية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق، وإغلاق العديد من الشركات الصغيرة بالتالي، والتأثير في حالة الرواج الاقتصادي التي تشهدها الإمارة حالياً.

ولفتوا إلى أن استمرار الارتفاع في الإيجارات سيزيد الأعباء المالية الخاصة بالموظفين والرواتب.

وأكدوا أن ارتفاع عوائد الاستثمار بشكل كبير في القطاع العقاري، سيؤدي إلى طفرة في استثماراته، ما قد يؤدي إلى حدوث فقاعة عقارية تضر بالاقتصاد المحلي، وتؤدي إلى انصراف المستثمرين في مختلف القطاعات الأخرى، وأهمها القطاع الصناعي.

وكانت القيم الإيجارية في الإمارة حققت ارتفاعاً كبيراً جاوز 100% بعد إلغاء سقف الزيادة، وتركزت الزيادة بالنسبة للعقارات المملوكة لمستثمرين أفراد.

الكلفة الاستثمارية

وتفصيلاً، قال الخبير الاقتصادي في صندوق النقد العربي، إبراهيم الكراسنة، إن «استمرار الارتفاع الكبير في الإيجارات بشكل غير مبرر سيؤدي إلى ارتفاع الكلفة الاستثمارية على الشركات التي تستثمر في أبوظبي، ما سينعكس على ارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق، ويزيد مستويات التضخم، ما قد يؤثر سلباً في نسبة النمو».

وأوضح أن «ارتفاع عوائد الاستثمار بشكل كبير في القطاع العقاري سيؤدي إلى طفرة في استثماراته، وبالتالي زيادة المعروض من الوحدات بأنواعها المختلفة، ما يمهد لحدوث فقاعة عقارية تحدث ضرراً بالاقتصاد المحلي»، لافتاً إلى ضرورة أن يتناسب العائد الاستثماري للقطاع العقاري في الدولة مع العائد الاستثماري في الدول الخليجية المجاورة، ذلك أن العائد ارتفع بشدة بعد إلغاء سقف الـ5% بعد ارتفاع الإيجارات.

وأشار إلى أن «القطاع العقاري سيجذب استثمارات كانت ستتجه إلى قطاعات أخرى يقل العائد فيها عن القطاع العقاري، ما يؤدي إلى انصراف المستثمرين عن هذه القطاعات، ومن أبرزها على سبيل المثال القطاع الصناعي، ما يؤدي إلى تشوهات تؤثر في الهيكل الاقتصادي للإمارة».

وطالب الكراسنة بإقرار ضوابط تحكم عمليات الزيادة الإيجارية، وعدم الاعتماد فقط على الطلب باعتباره طلباً غير حقيقي مبنياً على الارتفاعات الكبيرة في الإيجارات، في حين يظل عدد كبير من الوحدات السكنية بصفة خاصة مغلقة.

المشروعات الصغيرة

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الإماراتي، رياض خليل مطر، إن «هناك العديد من الآثار السلبية الناجمة عن الارتفاع الكبير للقيم الإيجارية في أبوظبي، ومعظم هذه الآثار سينصب على المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأوضح أن «المشروعات الصغيرة أمامها خياران لمواجهة الارتفاع الكبير في الإيجارات في أبوظبي، إما أن تغلق أبوابها وتسرح العمال أو أن ترفع أسعار منتجاتها وخدماتها بشكل كبير لمواجهة الزيادة، ما يشكل ضرراً بالغاً بالمستهلكين».

ولفت إلى أن «الإيجارات تشكل أكثر من 40% من إنفاق الأسرة في أبوظبي، وأي زيادة في الإنفاق عليها تؤدي إلى زيادة نسب التضخم، وبالتالي تراجع القيمة الشرائية للدرهم، ما سيؤثر سلباً في حالة الرواج السائدة في أسواق الإمارة ومبيعات التجزئة».

وأكد مطر أن «استمرار هذه الارتفاعات غير الطبيعية يؤدي إلى عودة عمليات التأجير من الباطن بشكل كبير، وحدوث حالات من عدم الاستقرار الأسري، نتيجة ترحيل المشتغلين عائلاتهم، ومحاولة الحصول على مسكن أصغر بسعر أقل، ما يؤثر في إنتاجية الفرد»، مشيراً إلى أن «نسبة كبيرة من القضايا في محاكم أبوظبي حالياً، فضلاً عن المشكلات في لجان التوفيق والمصالحة في الإمارة تتعلق بارتفاع الإيجارات». ودعا مطر إلى وضع ضوابط تحكم عمليات زيادات الإيجارات، وتحدد آلياتها بوضوح، لوقف الزيادات العشوائية الكبرى التي تحقق صالح الملاك فقط.

خسائر

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي، المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، أن «عدم وضع حد للارتفاع الكبير في الإيجارات سيؤدي إلى خروج شركات كثيرة من السوق، نتيجة عدم قدرتها على مواجهة تنامي الأعباء والالتزامات المالية عليها، فضلاً عن تحول أرباح بعض شركات وبصفة خاصة الصغيرة إلى خسائر».

وحذر مسلم من أن استمرار هذا الوضع خلال الأشهر المقبلة من دون تدخل رسمي لإعادة الانضباط إلى مستويات الإيجارات المتصاعدة سيؤدي إلى إحجام شركات قائمة بالفعل في الدولة، خصوصاً الأجنبية منها، عن خططها للتوسع محلياً.

تويتر