تمنح المتعاملين بطاقات ائتمان وقروضاً شخصية بقيمة الدفعة المقدمة.. وتزيد سعر السيارة 20٪ في طلب التمويل

بنوك ووكالات سيارات تلتفّ على ضوابط «المــركزي» للتمويل

وكالات سيارات: التسهيلات تهدف إلى تنشيط المبيعات. تصوير: باتريك كاستيلو

لجأت مصارف ووكالات سيارات في الدولة إلى الالتفاف على قرار المصرف المركزي، القاضي بإلزام المتعامل دفع 20٪ نقداً من ثمن السيارة في حال رغبته في شرائها بالأقساط عن طريق البنك.

ولفت مسؤولون في تلك الوكالات إلى أن الالتفاف على القرار يتم عبر طرق عدة، أبرزها زيادة سعر السيارة، الوارد في العقد، بنسبة 20٪، ما يعفي المتعامل من سداد الدفعة الأولى المستحقة نقداً، وكذا منح المتعامل قرضاً شخصياً بقيمة تعادل مقدم ثمن السيارة، أو إصدار بطاقات ائتمان للراغب في التمويل بحد ائتماني يفوق نسبة الـ20٪ المطلوبة، حتى يتمكن المتعامل من سحب المبلغ من البطاقة وسداده نقداً، بينما لجأ آخرون إلى تقسيط النسبة وإعطاء تسهيلات خاصة بالصيانة لتنشيط السوق مجدداً.

وعزوا لجوء المصارف ووكالات السيارات إلى هذه الطرق إلى التراجع الحاد الذي شهدته مبيعات بعض أنواع السيارات، والذي راوح بين 25 و40٪ خلال عام من بدء تطبيق قرار «المركزي»، الذي دخل حيز التنفيذ منذ مايو ،2011 مشيرين إلى أن استمرار تطبيق القرار ينذر بمزيد من الركود في السوق، مطالبين بالتراجع عنه، خصوصاً بعد توافر السيولة في أسواق الدولة، وعودة الوضع الاقتصادي إلى الاستقرار والنمو مرة أخرى.

وأكدوا أن هذه التصرفات أدت إلى غياب المنافسة العادلة بين الوكالات الملتزمة بالقرار، والأخرى التي لجأت إلى التحايل عليه.

من جهتهما، قال مصرفيان إن البنوك سعت إلى التيسير على الراغبين في تمويل سيارة، فخفضت سعر الفائدة وعقدت شراكات مع وكالات سيارات لمنح المتعاملين مزايا تفضيلية، مثل الحصول على سيارة من دون فائدة للسنوات الثلاث الأولى.

زيادة السعر

تسهيلات

قال المدير العام للمبيعات في شركة الفطيم للسيارات، وكيل سيارات «تويوتا» في الدولة، أندرو سكويرز، إن «الشركة أدخلت تسهيلات في الدفع تتيح للمتعاملين دفع أقساط شهرية مخفضة، وسداد دفعة مقدمة أقل، مع القدرة على تغيير سياراتهم والحصول على سيارة (تويوتا) جديدة كل عامين، مع منح ضمان لسعر إعادة البيع، بما يتوافق مع تشريعات البنك المركزي، في إطار خطة تعرف بـ(عقد الشراء الشخصي)». وأوضح أنه «كان للحزمة التمويلية الجديدة أثر كبير في تنشيط المبيعات خلال الأشهر الماضية، على الرغم من قرار (المركزي)». وكشف أن «(تويوتا) بصدد طرح عقد الخدمات والصيانة، الذي يوفر حزمة خدمات بسعر ثابت لمدة ثلاث سنوات لتنشيط المبيعات».

وذكر سكويرز أن «سوق تصنيع السيارات اليابانية تأثرت بالتسونامي والزلزال اللذين ضربا البلاد في مارس ،2011 ما كان له أثر سلبي في توافر المخزون، خصوصاً أن ذلك تزامن مع إصدار تشريعات البنك (المركزي) المتعلقة بتوفير دفعة مقدمة تبلغ نسبتها 20٪ من سعر السيارة، وتباطأت المبيعات بفعل العامِلَين سوياً، إذ استغرق المتعاملون وقتاً للتكيف مع القوانين والتشريعات الجديدة، لكن تطبيق الخطة ساعدهم على تمويل سياراتهم بسهولة ساعدت على ارتفاع المبيعات مجدداً، جعلت (تويوتا) تسجل العام الماضي نمواً جيداً، فيما سجلت في الربع الأول من العام الجاري نمواً بنسبة 8.7٪، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي».


خفض الفائدة

قال مدير المبيعات التجارية في شركة «النابودة للسيارات»، وكيل سيارات «فولكس واغن»، معتز صيام، إن «البنوك طرحت أخيراً عروضاً لخفض الفائدة وتسهيل إجراءات الحصول على تمويل لشراء السيارات، بالشراكة مع وكالات سيارات».

وأضاف أن «نسب الفائدة على التمويل في العروض البنكية راوحت بين 1.99 و3.99٪، فيما كانت تبلغ نحو 4.5٪ في معدلاتها الدنيا العام الماضي».

وأضاف أنه «بعد مرور عام على تطبيق نظام الدفعة الأولى، استطاعت الوكالات طرح برامج لتقسيط الدفعة الأولى على المتعاملين عبر اتفاقات عقدتها مع البنوك، لمواجهة التحديات التي أفرزها قرار الدفعة الأولى النقدية على السوق».

وأوضح أن «التعاون بين البنوك والوكالات جاء بآثار إيجابية على السوق، مقارنة بالتأثيرات السلبية التي ظهرت في أعقاب بدء تطبيق قرار الدفعة الأولى، وما أعقبه من تباطؤ في المبيعات»، موضحاً أن «مبيعات الشركات كانت أفضل للوكالات من مبيعات الأفراد، وذلك مع توافرت السيولة المالية لدى الشركات مع قدرتها الأكبر على السداد مقارنة بالأفراد».

وتفصيلاً، قال مسؤول المبيعات في شركة «علي وأولاده»، وكيل سيارات «سكودا» في أبوظبي، محمد أشرف، إن «وكالات سيارات لجأت إلى زيادة قيمة السيارة في عقد البيع المبرم مع المتعامل، بحيث يزيد السعر بنسبة 20٪، ما يعفي المتعامل من سداد هذه النسبة فعلياً»، مشيراً إلى أن «بعض الوكالات تتبع هذا الأسلوب بالذات في بيع السيارات المرتفعة السعر، لأن نسبة الـ20٪ تشكل عبئاً كبيراً بالنسبة للمتعاملين، ما يساعد على تنشيط مبيعات هذه السيارات».

تأثيرات سلبية

من جهته، أكد مدير المبيعات لسيارات «ميتسوبيشي» في «الحبتور للسيارات»، أمجد خان، أن قرار المصرف المركزي بإلزام المتعامل بدفع 20٪ من قيمة السيارة مقدماً «أدى إلى تأثيرات شديدة السلبية في سوق السيارات في الدولة، إذ انخفضت مبيعات السيارات بنسبة 40٪ بسبب القرار».

وأوضح أن «الهدف الرئيس للشركة هو المتعامل الذي يراوح راتبه بين 6000 و10 آلاف درهم، وهؤلاء هم أكثر المتضررين من القرار، إذ يصعب عليهم بشدة دفع نسبة الـ20٪».

ولفت إلى أن «لجوء بعض الوكالات لتقسيط المقدم لا يقدم حلاً، بل يمثل عبئاً إضافياً على المتعامل، إذ إن عليه في هذه الحالة أن يسدد للبنك القسط الشهري للسيارة، إضافة إلى قسط الدفعة الأولى البالغة 20٪ من قيمة السيارة، فضلاً عن رسوم تسجيل المركبة في المرور وتأمينها»، مشيراً إلى وجود منافسة غير عادلة في السوق بين الوكالات التي تلتزم بشرط الـ20٪ وبين الوكالات التي تتحايل عليه بطرق مختلفة.

وطالب خان بالتراجع عن شرط دفع 20٪ مقدماً، خصوصاً أن التصريحات الرسمية تؤكد توافر السيولة في البنوك وقوة القطاع المصرفي، وعودة الوضع الاقتصادي إلى الاستقرار والنمو مرة أخرى.

من ناحيته، قال مدير المبيعات والتسويق في إحدى وكالات السيارات الكبرى في الدولة، فضل عدم ذكر اسمه، إن «قرار (المركزي) أدى إلى تراجع المبيعات بنسبة تتجاوز 25٪ منذ صدوره في مايو 2011».

وأضاف أن «استمرار هذا الوضع يضع سوق السيارات في وضع صعب، وقد يزيد من انكماش السوق بنسبة تتجاوز 30٪ حتى نهاية العام».

اتفاقات مع البنوك

من جانبه، قال مدير مبيعات «شيفروليه» في أبوظبي، أيمن البيجاوي، إن «بعض الوكالات ملتزمة بدفع المتعامل 20٪ من قيمة السيارة نقداً قبل بيعها له بالتقسيط عن طريق البنوك، لكنها تبرم اتفاقات مع بنوك تتيح حصوله على تسهيلات في الدفع، مثل تقسيط المقدم، وذلك بغرض تنشيط السوق».

وأضاف أن «بعض المتعاملين يسددون 20٪ نقداً، ويسدد البعض الآخر بالبطاقات الائتمانية، لكن يتم خصم رسوم متباينة على البطاقة، ما يثير الضيق لديهم».

وأوضح البيجاوي أن «بعض البنوك تساعد في التغلب على مشكلة المقدم عن طريق بدائل عدة، من ضمنها خفض الفائدة على التمويل لنسبة وصلت إلى 2.9٪، ما من شأنه تنشيط البيع».

مبيعات الجملة

من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي لشركة «العربية للسيارات»، وكيل سيارات «نيسان» و«رينو» في دبي والإمارات الشمالية، ميشيل عياط، إن «قرار (المركزي) بسداد دفعة مقدمة تبلغ 20٪ نقداً من ثمن السيارة أثر في مبيعات السيارات للأفراد تراجعاً، وقد ظهر ذلك جلياً منذ بداية العام الجاري»، لكنه أشار إلى أن «زيادة مبيعات السيارات بالجملة للشركات وقطاعات الأعمال، الذي أتي نتيجة لنمو الأنشطة الاقتصادية والسياحية في الدولة، أسهم في تعويض جزئي لوكالات السيارات عن التراجع الذي شهدته مبيعات الأفراد».

وأشار إلى أن «تنافس البنوك في طرح عروض تمويل للسيارات بفائدة مخفضة بلغ متوسطها نحو 3٪، كان له آثار إيجابية في الأسواق منذ بداية العام، لكنه في الوقت نفسه لم يسهم في عودة مبيعات السيارات للأفراد إلى معدلاتها السابقة لتطبيق قرار (المركزي)، ما جعل كفة معادلة نمو المبيعات تتجه إلى مبيعات الجملة لشركات تأجير السيارات أو لقطاعات الأعمال والضيافة أو الخدمات اللوجيستية المتنوعة».

التفاف على الضوابط

من جهته، أكد رئيس الخدمات المصرفية للأفراد في بنك وطني، فضل عدم ذكر اسمه، أن «البنوك لا يمكنها تجاهل الضوابط التي وضعها المصرف المركزي، لكنها تتبع طرقاً عدة للالتفاف على القرار، منها إصدار بطاقة ائتمان بحد ائتماني يفوق نسبة الـ20٪ المطلوبة، حتى يتمكن المتعامل من سحب المبلغ من البطاقة وسداده نقداً».

وأضاف أن «من الطرق الأخرى أن يتم منح المتعامل قرضاً شخصياً بقيمة تعادل مقدم ثمن السيارة، بحيث يتم سداد مقدم الثمن نقداً ويقسط بعد ذلك المتعامل وفقاً للجدول الزمني للقرض الشخصي، الذي تكون فائدته أعلى نسبياً من فائدة قرض السيارة»، لافتاً إلى أن «البنوك اكتشفت أن وكالات السيارات تتبع أسلوباً مختلفاً للالتفاف على ضوابط المركزي وإعفاء الراغبين في شراء سيارة من سداد الدفعة المقدمة، إذ تتفق مع بعض البنوك على زيادة قيمة السيارة في مستندات التمويل التي تقدم للبنك بنسبة 20٪، بحيث تكون نسبة الـ80٪ من إجمالي التمويل بعد زيادة السعر معادلة للقيمة الفعلية لكامل ثمن السيارة».

ترشيد التمويلات

إلى ذلك، أكد نائب الرئيس للتسويق والعلامة التجارية لمجموعة «الإمارات دبي الوطني»، سيف المنصوري، أن «الضوابط التي وضعها المصرف المركزي لتنظيم عملية الإقراض، التي تشترط سداد المتعامل لنسبة 20٪ نقداً من ثمن السيارة التي يرغب في تمويلها لم تؤثر في حجم التمويلات التي وفرتها البنوك، لكن ربما أصبح المتعاملون يختارون سيارات بأسعار أقل نسبياً حتى يتمكنوا من سداد المقدم المطلوب».

وأضاف أن «الهدف من تلك التعليمات هو ترشيد التمويلات ووضع ضوابط لضمان جدية المتعاملين والتأكد من قدرتهم على السداد، خصوصاً أن إفراط بنوك في التمويلات في الماضي حوّل المجتمع إلى النمط الاستهلاكي غير الرشيد»، مضيفاً أن «خفض سعر الفائدة على قروض السيارات يأتي محاولة من البنوك لتشجيع الأفراد على طلب التمويل والتيسير عليهم في الوقت ذاته».

وذكر المنصوري أن «من الطرق الأخرى التي اتبعها البنك لمنح ميزة للراغبين في اقتناء سيارة هو عقد شراكات مع وكالات سيارات لمنح المتعاملين مزايا تفضيلية، مثل الحصول على سيارة من دون فائدة للسنوات الثلاث الأولى، مع الحصول على بطاقة (سالك) وسعر تفضيلي للتأمين على السيارة، إضافة إلى منح أسعار فائدة مخفضة وثابتة تبلغ 2.99٪ سنوياً لبعض أنواع السيارات».

تويتر