أقساطها تصل إلى 85٪ من الراتب شهرياً

بنوك ترفض إعادة جــدولة قروض شخصية وتمويلات مــواطنين

مواطنون أكدوا أن رفض بنوكهم إعادة جدولة التزاماتهم أوجد ضغوطاً كبيرة عليهم للوفاء باحتياجات أسرهم. تصوير: أشوك فيرما

قال مواطنون إنهم تقدموا بطلبات إلى بنوكهم لخفض الاستقطاعات الشهرية للقروض الشخصية والتمويلات التي أخذوها سابقاً إلى ما يعادل 50٪ من إجمالي رواتبهم، وهي النسبة التي حددها نظام القروض الصادر عن المصرف المركزي وبدأ تطبيقه في مايو الماضي إلا أن البنوك رفضت ذلك.

وأوضح بعضهم أن أقساط التزاماتهم الشهرية تصل إلى 85٪ من رواتبهم، ما يضع عليهم ضغوطاً كبيرة لعدم استطاعتهم الوفاء باحتياجات أسرهم وأبنائهم.

من جهة أخرى، أوضح مصرفيان أن المعتاد في عمليات إعادة الجدولة عدم قدرة المتعامل على السداد، وتعثره عن الالتزام بالأقساط الشهرية بالقيم المتفق عليها عند التعاقد.

وأضافا أن البنك لا يلتفت كثيراً لطلبات المتعاملين الملتزمين، إلا إذا قدموا ما يثبت عدم قدرتهم على الاستمرار بالاستقطاعات الشهرية المحددة سلفاً، لافتين إلى أن المشكلة تكمن في تعدد البنوك التي يتعامل معها المتعامل، ولا يوجد أي منها يريد تقديم تنازلات لمصلحة بقية الأطراف، خصوصاً في ظل عدم علمه بوجود التزامات أخرى على المتعامل، مطالبين المصرف المركزي بالمرونة في ما يتعلق بمدة السداد، والسماح بفترة أكبر من أربع سنوات المقررة بالنظام الجديد.

أقساط عالية

زيادة المدّة

أفاد مصدر مسؤول بالمصرف المركزي، فضل عدم ذكر اسمه، بأن «شرط سداد القرض أو التمويل الشخصي بمدة محددة لا تتجاوز أربع سنوات في نظام القروض الشخصية، تم تعديله وجرى مد المدة ثمانية أشهر إضافية، بعد أن طلبت البنوك ذلك لتستوعب السماح بتأجيل الأقساط مرتين في العام بناء على طلب المتعامل»، لافتاً إلى أن «المبالغ الكبيرة لبعض القروض التي منحت قبل تطبيق نظام المصرف الجديد تتجاوز مدة سدادها أربع سنوات، وهي أمور محل دراسة من قبل (المركزي)، ضمن سعيه لمعالجة الاستقطاعات الكبيرة من دخل المواطنين المقترضين».

وأوضح أن «البنوك من حقها قبول أو رفض إعادة جدولة قرض في ضوء ما تراه، وحسب دراسة كل حالة بشكل منفرد»، مشيراً إلى أن «هناك عوامل كثيرة تراعى إلى جانب دخل المتعامل، منها عمره وحالته الصحية، خصوصاً في القروض الكبيرة».

يشار إلى أن نظام المصرف المركزي الجديد للقروض الشخصية حدد رسم إعادة جدولة القرض بـ250 درهماً.

وتفصيلاً، قال المواطن (فارس.ع)، إنه يعمل في جهة خدمية براتب 26 ألف درهم، ولديه مديونية من أحد البنوك قسطها الشهري 18 ألف درهم، إضافة إلى تمويل سيارة من مصرف آخر قسطها الشهري 4000 درهم، ما يعني أن المتبقي له بعد الاستقطاعات 4000 درهم لا تكفي احتياجاته، كونه متزوجاً ولديه أطفال، موضحاً أن التمويلات أخذها في عام ،2008 وتقدم بطلب أخيراً إلى البنكين لعمل إعادة جدولة، بحيث يخفض الاستقطاع إلى 50٪ من راتبه، وفقاً لنظام المصرف المركزي الجديد، إلا أن طلبه قوبل بالرفض.

وتساءل فيما إذا كان يجب عليه أن يتوقف عن السداد ليبين تعثره، فتقبل البنوك التفاوض معه، مشيراً إلى أنه يحرص على دفع أقساطه في مواعيدها، على الرغم من معاناته شهرياً، حتى لا يخاطبه البنك على جهة عمله ما يسبب له إحراجاً.

بدوره، قال المواطن (راشد.س)، إن لديه قرضاً سكنياً وآخر للسيارة وثالثاً لبطاقة ائتمان من ثلاثة بنوك مختلفة، ما يجعل المتبقي من راتبه لا يزيد على 5000 درهم شهرياً، لافتاً إلى أنه حاول مفاوضة البنوك الثلاثة لإعادة جدولة التزاماته، إلا أن طلباته قوبلت بالرفض على الرغم من إرفاقه في طلباته ما يثبت أنه قريب جداً من التعثر.

تقاعد

من جانبه، قال المواطن (عبدالله.ش)، إنه يتبقى له من معاش التقاعد 3000 درهم شهرياً، نظراً إلى أن البنك يستقطع معظم راتبه نظير قرض سكني قديم وقرض شخصي وتمويل سيارة.

وأكد أنه حاول أكثر من مرة خفض أقساط الالتزامات الشهرية، إلا أن البنك دائماً يرفض بحجة أن المبلغ وسنّه كبيران، لذا يفضل الانتهاء من السداد في أقصر وقت.

وبحسب المواطن (علي.د)، فإنه يتقاضى راتباً قدره 23 ألف درهم من جهة اتحادية، يخصم منها البنك 17 ألف درهم شهرياً نظير قرض شخصي وقرض سيارة، وذلك منذ عام ،2009 لافتاً إلى أنه ملتزم على الرغم من تأثره كثيراً على مدار الأعوام الماضية، بسبب أن المتبقي من راتبه لا يغطي نفقات بيته وأولاده، ما اضطره إلى أخذ قرض آخر باسم زوجته لعمل مشروع تجاري، إلا أن المشروع لايزال في بدايته ويغطي قسط قرض الزوجة بالكاد.

وأضاف أنه منذ بدء تطبيق نظام القروض الشخصية الذي بدأ تطبيقه العام الماضي حاول الاستفادة منه بعمل إعادة جدولة تخفض القسط الشهري إلى 50٪، إلا أن البنك رفض بحجة أنها تعاقدات قديمة، ولا يوجد ما يدعو الى الخفض.

مدة القرض

في سياق متصل، قال المواطن (سعيد.أ)، إنه تقدم مطلع العام الجاري بطلب لخفض القسط الشهري من البنك الذي يحوّل إليه راتبه، إلا أن البنك رفض ذلك على الرغم من أنه يستقطع 65٪ من الراتب، إضافة إلى أنه أحضر ما يفيد امتلاكه بطاقة ائتمان من بنك آخر يدفع لها شهرياً 20٪ من راتبه، أي أن إجمالي الاستقطاعات الشهرية المستحقة للبنوك تبلغ 85٪ من راتبه شهرياً، مضيفاً أن «البنك رفض بحجة أن المتبقي من القرض كبير، ولن تكفي فترة أربع سنوات المقررة من المصرف المركزي لسداده لو تم خفض القسط مع مد فترة السداد».

تعثر المتعامل

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لـ«مصرف الهلال»، محمد جميل برو، إن «من المعتاد عمل إعادة جدولة حال تعثر المتعامل وانتفت قدرته على السداد، إلا أن ذلك لا يعد قاعدة»، موضحاً أن «اقتراب المتعامل من التعثر يعد سبباً في قبول طلب إعادة الجدولة، بشرط أن يباشر التزامه بعد إعادة الجدولة». وأشار إلى أن «البنوك لا تجبر المتعامل على الاستدانة بما يفوق قدرته على السداد، لكن لديها مسؤولية اجتماعية لابد من مراعاتها عند منح التسهيلات، فلا تسرف في إظهار مزايا التمويل من دون التأكد أن دخل المتعامل يسمح بذلك، خصوصاً في القروض الشخصية التي يمنحها البعض بمبالغ كبيرة».

تعدّد البنوك

بدوره، قال الخبير المصرفي، أمجد نصر، إن «هناك إشكالية تواجه عمليات إعادة الجدولة تكمن في تعدد البنوك التي يسدد لها المتعامل، فأقساطه موزعة بين بنك تحويل الراتب، وأخرى تمنحه بطاقة ائتمان أو تمويل سيارة أو قرض شخصي من دون اشتراط تحويل الراتب أو طلب كشف حساب من بنكه الأصلي يوضح وضعه الائتماني»، مشيراً إلى أن «البنوك في ظل عدم علمها بالتزامات المتعامل لا ترغب في تقديم أي تنازلات لمصلحة نظيرتها المقرضة للمتعامل نفسه».وأكد أن «إعادة الجدولة ربما تقبل حال أثبت المتعامل تعدد التزاماته، وعدم قدرته على السداد بالمبالغ نفسها المحددة وقت التعاقد». وأضاف نصر أنه «لابد من وجود طرف ثالث يحصر مديونيات الأفراد المتعددة، مثل المصرف المركزي، بحيث يكون لكل منهم ملف به جميع التزاماته مع البنوك المختلفة، بما يسمح بإجراء تفاوض في ما بينها لخفض الاستقطاع الشهري، بما يتوافق مثلاً مع نسبة 50٪ المحددة بموجب نظام القروض الشخصية »، مشدداً على ضرورة أن «يعيد (المركزي) النظر في فترة السنوات الأربع المسموحة حداً أقصى لسداد القروض الشخصية أو ثمن السيارة، بحيث تكون أكثر مرونة، نظراً إلى وجود تمويلات بقيم مرتفعة للمواطنين تستغرق مدداً أطول لو سمحت البنوك بإعادة جدولتها، بحيث تخفض القسط الشهري وتزيد مدة السداد».

يشار إلى أن المصرف المركزي بدأ قبل أسبوعين مناقشة عدد من الخيارات لمعالجة الاستقطاعات المرتفعة لأقساط القروض الشخصية للمواطنين، من دون أن يوضح مزيداً من التفاصيل.

تويتر