توسّعات بكلفة 28.8 مليار درهم لرفع الطاقة الاستيعابية إلى 90 مليون مسافر فــــــي 2018

«دبي الدولي».. مدينة تجارية تعكــــس طموحات اقتصادية بلا حدود

«طيران الإمارات» أكبر مشغل في مطار دبي الدولي وتستأثر بـ 50٪ من حركته. من المصدر

قال خبراء طيران ومسؤولون في قطاع النقل الجوي، إن دبي ستواصل نموها، مستفيدة من مزاياها التفاضلية، باعتبارها مركزاً تجارياً يربط بين الشرق والغرب، مؤكدين أن المطارات تلعب دوراً مهماً في شهرة أي مدينة في العالم، وفي نمو اقتصادات الدول، وأن الاستثمار في قطاع الطيران خيار استراتيجي بالنسبة لحكومة دبي.

وأوضحوا أن مطار دبي الدولي يتمتع بمكانة مهمة في الشرق الأوسط، ويشكل حجر الزاوية في صناعة النقل الجوي في دبي، مشيرين إلى أنه أصبح مدينة تجارية عالمية، فيما تعكس التوسعات فيه طموحات الإمارة الاقتصادية.

تاريخ مطار دبي

تحقق في 30 سبتمبر من عام 1960 واحد من أحلام دبي، بأن يصبح لديها مطار خاص سيفتح أمام ابنائها وتجارها أبواب المستقبل على مصراعيه.

ووفقاً لكتاب «الطيران المدني في دبي - النشأة والمستقبل - 1937 - 2020»، لمؤلفه غسان أمهز، شهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، في صبيحة ذلك اليوم افتتاح أول مطار في دبي، بعد أن دشنت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية اللبنانية «ميدل ايست»، من طراز (كوميت 4)، افتتاح المطار وسط حضور نحو 3000 شخص.

وبعد مرور خمسة عقود، سجل مطار دبي متوسط نمو سنوي بلغ 15.5٪، ليصل إجمالي أعداد المسافرين الذين استخدموا المطار خلال العام الماضي الى 47.2 مليون مسافر، مقارنة مع 40.9 مليون مسافر في عام .2009 فيما يستهدف نحو 60 مليون مسافر بحلول العام الجاري، ليتصدّر بذلك قائمة المطارات الأكثر حركة في العالم.

مشروع «دبي وورلد سنترال»

أطلقت دبي مشروع «دبي وورلد سنترال» الذي صمم ليلبي احتياجات دبي في مجال الطيران والسياحة والتجارة والخدمات اللوجستية حتى عام .2050

ويتضمن المشروع ست مناطق متخصصة هي، مطار آل مكتوم الدولي، و«مدينة دبي اللوجستية»، و«المدينة السكنية»، و«المدينة التجارية»، و «مدينة الغولف»، و«مدينة الطيران»، فيما تصل اجمالي تكاليف المشروع، ومن ضمنها مطار آل مكتوم الدولي، إلى 120 مليار درهم (32 مليار دولار).

ومع اكتمال المشروع ستصل طاقة المطار الاستيعابية إلى 160 مليون مسافر سنوياً، علماً أن عدد المسافرين في مطار اتلانتا الأميركي الذي يعد أكبر مطارات العالم من حيث حركة المسافرين، وصل في عام 2008 إلى 90 مليون مسافر، تلاه مطار «شيكاغو اوهيرا» بعدد 69 مليون مسافر، ثم مطار هيثرو في المملكة المتحدة بعدد 67 مليون مسافر.

وتصل الطاقة الاستيعابية من الشحن لمطار آل مكتوم إلى 12 مليون طن سنوياً. ويضم خمسة مدرجات متوازية يصل طول الواحد منها إلى 4.5 كيلومترات بمساحة فاصلة بين المدرجات تصل إلى 800 متر.

تنافسية قطاع الطيران في دبي

أشار تقرير مؤسسة «أكسفورد» الاقتصادية، المتخصصة في مجال الأبحاث الاقتصادية، حول قطاع الطيران في دبي ودوره على المستويين المحلي والدولي، إلى التنافسية العالية التي تتمتع بها صناعة الطيران في دبي، وإسهاماتها الكبيرة في دعم الناتج المحلي الإجمالي، التي تقدر بـ80 مليار درهم، تشكل نحو 28٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدبي، فيما يصل إجمالي عدد الوظائف التي يوفرها قطاع الطيران في الإمارة إلى 259 ألف وظيفة، تشكل نحو 19٪ من إجمالي الأيدي العاملة في دبي.

وأضافوا أن «طيران الإمارات» تلعب دوراً حيوياً في دعم «دبي الدولي»، إذ تعتبر أكبر مشغل فيه، وتستأثر بـ50٪ من حركته، مؤكدين أهمية التوسعات لتواكب النمو السريع لشركة طيران الامارات، وشركات الطيران الأخرى.

يشار إلى أن صاحب السموّ، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اعتمد في يوليو 2011 مشروع التوسعات الجديدة لمطار دبي الدولي بتكلفة 28 ملياراً و800 مليون درهم (7.8 مليارات دولار)، لرفع الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 90 مليون مسافر بحلول عام .2018

«دبي الدولي»

وتفصيلاً، توقع النائب الأول للرئيس في مؤسسة مطارات دبي، جمال الحاي، أن يصل عدد المسافرين في عام 2020 إلى 98.5 مليون مسافر، وحجم الشحن إلى 4.1 ملايين طن، مؤكداً أن «دبي ستواصل نموها، مستفيدة من مزاياها التفاضلية، باعتبارها مركزاً تجارياً يربط بين الشرق والغرب، إذ إنها تبعد نحو ثماني ساعات عن ثلثي سكان العالم، فضلاً عن انها على أعتاب سوقين من أكبر أسواق العالم، وأكثرها ديناميكية، وهما الهند والصين».

وقال إن «مطار دبي الدولي يتعامل مع أكثر من 100 ألف مسافر يومياً، من خلال أكثر من 130 شركة طيران تسير رحلات إلى 210 وجهات حول العالم، ما دعم وسهل في زيادة الانفتاح التجاري والسياحي للإمارة، وتسويقها علامة عالمية بامتياز»، لافتاً إلى أن «تطوير القطاع السياحي أسهم في تزايد عدد الزائرين، وسهل عملية جذب المستثمرين بقصد التجارة».

بدوره، قال نائب رئيس أول «طيران الإمارات» لدائرة تعزيز العائدات والتوزيع، نبيل سلطان، إن «(طيران الإمارات) تلعب دوراً حيوياً في دعم مطار دبي الدولي، إذ تعتبر أكبر مشغل فيه، وتستأثر بـ50٪ من حركته، كما أنشأت المبنى رقم (3) المخصص لرحلاتها، وتصل مساحته الإجمالية المبنية إلى 515 ألف متر مربع، أي ما يعادل مساحة 94 ملعباً لكرة القدم، ويتألف من ستة طوابق»، لافتاً إلى أن للمبنى مرآب سيارات يتسع لـ1870 موقفاً، إضافة إلى قاعة ضخمة لإنهاء إجراءات السفر مساحتها 4500 متر مربع، وتحتوي على 18 «كاونتراً» مجهزاً لإنهاء إجراءات السفر.

وأضاف أنه «يمكن للمسافرين إنهاء إجراءات السفر بالطريقة التقليدية عبر (الكاونترات) مباشرة، أو عن طريق شبكة الانترنت، أو باستخدام واحد من 60 (كُشكاً) موزعة في أنحاء المطار»، مشيراً إلى أن دائرة الجنسية والإقامة خصصت 50 «كاونتراً» لختم الجوازات، 38 منها تقليدية، و12 بوابة الكترونية، تتوافر بعد قاعة إنهاء إجراءات سفر الدرجة السياحية، إضافة إلى 10 كاونترات تقليدية وأربع بوابات إلكترونية تتوافر بعد قاعة مسافري الدرجة الأولى ورجال الأعمال».

وأوضح أن «مبنى (الكونكورس) الذي يمتد على مساحة 670 ألف متر مربع، أي ما يعادل مساحة 120 ملعباً لكرة قدم، يوفر صالات فخمة ونادياً صحياً، وفندقين، إضافة إلى 14 مطعماً»، مبيناً أن المسافرين يتوجهون عبر المبنى إلى طائرات (طيران الإمارات) الرابضة عبر 26 بوابة، من بينها خمس بوابات للطائرة العملاقة (إيه 380)».

مكانة سياحية اقتصادية

من جانبه، قال المدير العام لشركة «ميدكس ايرلينز»، التي تعد أول شركة طيران للشحن الجوي في الإمارات، جاسم البستكي، إن «الإمارات وضعت خطة استراتيجية تهدف إلى دعم سياسة الأجواء المفتوحة، لتعزيز المكانة السياحية والاقتصادية للدولة عالمياً، من خلال اتفاقات وقعتها الإمارات مع دول عدة، ما أسهم في فتح الأجواء، واستقطاب استثمارات وسياح بشكل ملحوظ».

وأضاف أن «النقل الجوي أحد المكونات الأساسية في نجاح السياحة، ويلعب دوراً واضحاً في تشكيل الاقتصادات الإقليمية، كما أن لتطوير المطارات أثراً كبيراً في تكامل الدول المحيطة».

وأوضح أنه «بالنظر إلى متوسط النمو السنوي العالمي، والبالغ 4.5٪، فإن حجم النقل الجوي العالمي سيتضاعف خلال 15 عاماً ليصل إلى ستة أضعاف هذه النسبة بحلول عام 2050»، مرجحاً أن تتحقق أعلى معدلات الازدهار في قطاع النقل الجوي في آسيا، لاسيما الهند والصين، إضافة إلى منطقة الشرق الأوسط.

وفي سياق متصل، قال رئيس اتحاد مطارات الخليج، الدكتور خالد المزروعي، إن «دبي حققت أهمية كبيرة في خريطة السفر الدولية، إذ تظهر الاحصاءات نمواً كبيراً يصل أحياناً الى 10٪، ويتوقع أن يحتل مطار دبي الدولي في نهاية عام 2011 الموقع الثالث على قائمة المطارات العالمية في أعداد المسافرين الدوليين، بنحو 51 مليون راكب دولي».

وأضاف أن «مطار دبي الدولي أصبح مركزاً تجارياً عالمياً ومدينة تجارية، خصوصاً المبنى الثالث الخاص بشركة طيران الامارات»، لافتاً إلى أن تطور الخدمات فيه، دفع مطارات الدولة الأخرى إلى تحديث خدماتها ومعداتها المختلفة بما فيها الخدمات الارضية، ما أسهم في مواصلة الامارات تحقيق النجاح والريادة في قطاع الطيران».

وأكد المزروعي أن «التوسعات التي تجري في مطارات الدولة، ومنها مطار دبي الدولي، ضرورية جداً لتواكب النمو السريع لشركة طيران الامارات، وشركات الطيران المستخدمة للمطار»، موضحاً أن طلبيات «طيران الامارات» من طائرات «ايرباص» خصوصاً «إيه 330»، وطائرات بوينغ، لاسيما «بي 777» تتطلب توفير أماكن لوقوف هذه الطائرات أثناء مناولتها في المطار.

وذكر أن «الاعداد الهائلة والنمو السريع لحركة الركاب في المطار تتطلب هذه التوسعات، التي لولاها لما استطاع المطار مواكبة هذا النمو في حركة الطيران والركاب والشحن، ولما استطاع تقديم أفضل الخدمات وأحدثها لمستخدميه»، مشيراً إلى أن أنظار خبراء الطيران تتجه إلى أن المركز الرئيس لنمو الطيران العالمي سيكون في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في الإمارات.

إلى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة اتحاد الطيران الخاص في الشرق الأوسط، علي النقبي، إن «موقع الإمارات رابطاً بين الشرق والغرب، ووجود دول مجاورة مثل الهند والصين وروسيا، ساعد على أن يكون مطار دبي من أهم المطارات»، لافتاً إلى أن المطار وضع نفسه في قلب الحدث من حيث عدد الرحلات والمسافرين.

وأوضح أن «المطارات تلعب دوراً مهماً في شهرة أي مدينة في العالم، وفي نمو اقتصادات الدول»، موضحاً أن السبب الرئيس في شهرة مدن مثل نيويورك ولندن، هو وجود كل من مطار «جي أف كينيدي» في نيويورك، ومطار «هيثرو» في لندن.

وقال إن «وجود مطار عالمي مثل (دبي الدولي) أسهم بشكل كبير في شهرة الإمارة بين مدن المنطقة».

خيار استراتيجي

بدوره، قال مؤلف كتاب «الطيران المدني في دبي - النشأة والمستقبل - 1937 - 2020»، غسان أمهز، إن «قطاع الطيران يعد واحداً من أبرز القطاعات الاقتصادية في دبي، ويشارك بما نسبته 25٪ من اجمالي الناتج المحلي للإمارة»، مؤكداً أن «الاستثمار في قطاع الطيران يعتبر خياراً استراتيجيا بالنسبة لحكومة دبي، لإتاحة الفرصة لصناعة الطيران في الامارة، ومواصلة تفوقها وتحقيق طموحاتها بأن تصبح الصناعة الأبرز على مستوى العالم».

وأشار إلى مليارات الدراهم التي استثمرتها الحكومة لضمان تفوق مطار دبي، لرفع طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 90 مليون مسافر سنوياً بحلول عام .2018

وفي سياق متصل، أفاد مدير الاتصالات المؤسسية في الاتحاد الدولي للنقل الجوي، أنتوني كاونسيل، بأن «منطقة الخليج تستفيد من سياسات حكوماتها التي تعمل على ضمان بناء بنية تحتية للمطارات، تلبي متطلبات النمو لشركات الطيران»، مشيراً إلى قلق من أن تطور القدرات الاستيعابية لهذه البنية التحتية للقطاع، لا يساير النمو الذي تشهده شركات الطيران في المنطقة.

وقال إن «خدمات الملاحة الجوية في المنطقة بحاجة إلى مزيد من الاستثمار والتعاون بين قطاعي الطيران المدني والعسكري، لفتح مزيد من القطاعات أمام حركة الطيران المدني»، مؤكداً أنه إذا لم يتم التصدي إلى هذه المشكلة، فإن هناك خطراً ستواجهه البنية التحتية، وأساطيل الطائرات المتنامية، في عدم قدرتها على العمل بطاقها القصوى خلال السنوات المقبلة».

وفي وقت قال فيه المدير التجاري لمنطقة الشرق الأوسط في شركة الخطوط الجوية البريطانية، باولو دي رنزيس، إن «مطار دبي الدولي يتمتع بمكانة غاية في الأهمية في الشرق الأوسط، إذ يعتبر الأكبر في المنطقة، وهذا ما يؤكده نيله جوائز عدة لاعتباره الأفضل في الشرق الاوسط، والثالث عالمياً»، اعتبر رئيس شركة «بوينغ الشرق الأوسط» جيفري جونسون، المطار «حجر الزاوية في صناعة النقل الجوي في دبي».

وأضاف أن «المطارات المهمة تعد محركات اقتصادية أساسية، إذ إن حجم المسافرين والبضائع عبرها انعكاس للتنمية الاقتصادية والرخاء»، لافتاً إلى أن «التوسعات في مطار دبي تعكس طموحات الإمارة الاقتصادية، نظراً لوجود طلب كبير متوقع خلال السنوات المقبلة».

وقال إنه «من خلال توفير البنية التحتية، فإن المطار يساعد في تسهيل عمليات الطيران لشركة طيران الإمارات، التي تعد واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم، وشركة (فلاي دبي) التي هي واحدة من شركات الطيران منخفضة التكلفة الأسرع نمواً في المنطقة، إضافة إلى عدد من شركات الطيران الدولية والإقليمية التي تسير رحلات إلى دبي».

وذكر أن «توقعات السوق الحالية لدى (بوينغ) هي تسليم نحو 2520 طائرة جديدة لشركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الـ20 المقبلة، ما يؤكد الحاجة إلى المطارات في جميع أنحاء المنطقة».

تويتر