خبراء يتوقعون تأثير ارتفاع الوقود في أسعار المواد الغذائية وتذاكر الطيران وزيادة التضخم

صعود النفط يحمّل الأسر أعباءً مـالية مباشرة

مخاوف من استغلال تجار ارتفاع أســــــــــــــــــــــــــــــــعار الوقود في زيادة أسعار السلع قبل انتهاء المخزون المتوافر لديهم. تصوير: مصطفى قاسمي

أجمع خبراء اقتصاديون على أن الصعود القياسي لأسعار النفط سينعكس سلباً على معيشة المقيمين في الدولة، من خلال زيادة الأعباء المالية المباشرة التي ستتحملها الأسرة، عازين ذلك إلى أن تداعيات ارتفاع أسعار النفط ستظهر في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وارتفاع أسعار البنزين ثم ارتفاع أسعار السلع كافة، لاسيما المنتجات الغذائية، وبالتبعية زيادة معدلات التضخم.

السياحة والطيران

حذر تقرير لشركة «المزايا القابضة» من مخاطر الارتفاع المتزايد في أسعار النفط على قطاعي السياحة والطيران في الدول الخليجية، لما سيكون له من أثر كبير في الحد من تدفقات السياحة العالمية إلى المنطقة. وأكد أن ارتفاع أسعار الطاقة، يعكس نظرة تفاؤلية مستقبلية للقطاع العقاري، إذ إنه سيؤدي إلى رفع الناتج المحلي للدول المنتجة للنفط، وتالياً ستزيد الميزانيات المرصودة لمشروعات البنية التحتية، التي سيكون للقطاع العقاري نصيب وافر منها». واعتبر التقرير أن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، نتيجة لعوامل جيوسياسية تشهدها المنطقة، سينعكس على ارتفاع أسعار تذاكر شركات الطيران، ما قد يؤدي إلى تضاؤل أعداد المسافرين والسياح إلى المقاصد والوجهات السياحية في دول المنطقة، لافتاً إلى أن توقعات المحللين والمختصين في قطاع السفر والسياحة تشير إلى أن أسعار تذاكر السفر ستشهد خلال الأسابيع المقبلة ارتفاعاً مدفوعاً بحقيقة ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى أكثر من 110 دولارات للبرميل في البورصات العالمية، وبناء عليه، فإنه بسبب ضرورة التعامل مع الارتفاع المفاجئ في أسعار الوقود، بدأت شركات طيران احتساب رسوم وضرائب جديدة لتعويض ارتفاع أسعار الوقود».

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو»، فإن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في فبراير الماضي، محذرة من أن الارتفاعات المفاجئة في أسعار النفط بفعل التوترات في الشرق الأوسط ستؤثر في أسواق الحبوب المتقلبة بالفعل.

وقال خبراء إن ارتفاعات أسعار النفط سترفع أسعار جميع المنتجات بدءاً من السيارات والسلع المعمرة وانتهاء بالسلع الغذائية ومدخلات الإنتاج، ما سيجعل الدول النفطية تسدد الأرباح التي حصلت عليها من ارتفاع النفط مجدداً للدول الصناعية المنتجة، التي سترفع أسعار السلع لتعويض ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار النفط.

وأشاروا إلى أن الدولة ربما تستفيد من زيادة إيراداتها النفطية، لكن المقيمين في الدولة سيتضررون من ارتفاع أسعار السلع كافة، لاسيما وأن الامارات تحرص على تطبيق نظام السوق المفتوحة والتنافسية بعيداً عن التدخل المباشر في تحديد أسعار السلع، موضحين أن زيادة إيرادات الدولة سينعكس على زيادة حجم الموازنة العامة وزيادة النفقات الحكومية على قطاعات البنية التحتية مثل الصحة والتعليم والبنية الأساسية والإنشاءات، ما ينعكس على رواج اقتصادي يستفيد منه الأفراد العاملون في تلك الشركات في النهاية.

وتفصيلاً، قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «جينيرو للاستشارات»، تامر بزاري، إن «الارتفاعات الحادثة في أسعار النفط سيكون لها تأثيرات مباشرة في الحياة اليومية للمقيمين في الدولة، سواء من الناحية الإيجابية أو السلبية».

وأضاف أن «أول هذه التأثيرات التي يمكن أن يشهدها الأفراد ارتفاع أسعار البنزين، الذي سيؤثر سلباً في دخل الأسرة من خلال زيادة نفقات الانتقال، وكذا من خلال قرار شركات الطيران رفع أسعار تذاكر السفر لمواكبة ارتفاع أسعار الوقود».

وذكر أن «من التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار النفط ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وكذا المنتجات الغذائية المستوردة من الخارج، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب دخول بعض المواد البتروكيماوية ضمن مستلزمات الإنتاج مثل الاسمدة وغيرها، فضلاً عن ارتفاع أسعار النقل للسلع الغذائية المستوردة».

واستطرد «سيكون لارتفاع أسعار النفط تأثير مباشر في زيادة معدلات التضخم بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات عموماً، ما قد يستلزم زيادة الدعم الحكومي لمواجهة تلك الارتفاعات».

وأشار إلى أن «من التداعيات السلبية لارتفاع النفط أيضاً تأثر تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة المالية العالمية، ما سيبطئ معدلات تعافي الاقتصاد الإماراتي، إذ إن ارتفاع أسعار النفط يسبب أزمة نفطية في الدول الغربية المستهلكة للنفط، ما يبطئ من معدلات نموها وينعكس على التعافي العالمي بشكل عام من تأثيرات الأزمة العالمية»، لافتاً إلى أن «الجانب الإيجابي الوحيد لارتفاع أسعار النفط هو زيادة إيرادات الدولة، والذي ينعكس على زيادة حجم الموازنة العامة وزيادة النفقات الحكومية على قطاعات البنية التحتية، مثل الصحة والتعليم والبنية الأساسية والإنشاءات، ما ينعكس على رواج اقتصادي يستفيد منه الأفراد العاملون في تلك الشركات في النهاية».

من جهته، أكد المستشار الأول في مركز الخليج للأبحاث، الدكتور مصطفى العاني، أن «المقيمين في الإمارات سيستفيدون على المدى القصير من ارتفاع أسعار النفط من خلال زيادة إيرادات الدولة المصدرة للنفط، لكنهم سيكونون خاسرين على المدى البعيد من خلال ارتفاع أسعار السلع كافة».

وقال إن «ارتفاعات أسعار النفط سترفع أسعار جميع المنتجات بدءاً من السيارات والسلع المعمرة وانتهاء بالسلع الغذائية ومدخلات الإنتاج، ما سيجعل الدول النفطية تسدد الأرباح التي حصلت عليها من ارتفاع النفط مجدداً للدول الصناعية المنتجة، التي سترفع أسعار السلع لتعويض ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار النفط».

وأضاف أن «الإمارات دولة منتجة للنفط، لكنها في الوقت ذاته تستورد جل بضاعتها من الخارج، ما يعني أن مصلحتها أن تبقى أسعار النفط عند مستويات مقبولة، بحيث لا تتضرر من ارتفاع أسعار السلع على المدى الزمني الطويل»، لافتاً إلى أن «من السلبيات الأخرى لارتفاع أسعار النفط صعوبة تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة العالمية، إذ إن الاقتصاد العالمي لم يخرج منها حتى الآن، إضافة إلى حدوث نوع من الركود العالمي».

وأشار العاني إلى أن «الأفراد العاديين سيلمسون أثر ارتفاع أسعار النفط على أسعار السلع والخدمات تدريجياً، إذ كانت البداية ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، وحتماً سيليها ارتفاع في أسعار جميع السلع».

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد السامرائي، أن «المقيمين في الدولة سيكونون خاسرين بلا شك من ارتفاع أسعار النفط ووصولها لمستويات قياسية»، عازياً ذلك إلى أن «الدولة ربما تستفيد من زيادة الإيرادات بسبب ارتفاع أسعار النفط، لكن المقيمين فيها سيتضررون من ارتفاع أسعار السلع كافة، لاسيما وأن الإمارات تحرص على تطبيق نظام السوق المفتوحة والتنافسية بعيداً عن التدخل المباشر في تحديد أسعار السلع ». وقال السامرائي إن «بداية الارتفاعات في أسعار السلع ظهرت في قرار شركة (طيران الإمارات) رفع أسعار التذاكر لمواجهة الارتفاعات الحادثة في أسعار الوقود، وربما ستحدث ارتفاعات في أسعار سلع وخدمات أخرى خلال الفترة المقبلة، نتيجة لاستيراد الدولة معظم السلع من الخارج».

وأوضح أن «ارتفاع تكلفة النقل والشحن في ظل ارتفاع تكلفة وثائق التأمين على البضائع المشحونة جواً أو بحراً في المنطقة ــ التي تشهد اضطرابات سياسية متتالية ــ سيزيد كذلك من أسعار السلع»، لافتاً إلى أن «التجار ربما يبادرون إلى رفع أسعار السلع قبل انتهاء المخزون المتوافر لديهم استغلالاً للأوضاع الحالية، وهنا يبرز دور وزارة الاقتصاد وجمعيات حماية المستهلك في التأكد من وجود أسباب حقيقية تفسر ارتفاع أسعار السلع».

تويتر