محمد بن راشد أكد ضرورة توحيد الجهود وتعزيز التعاون بين المفكرين والحكومات

شواب: دبي مكان مثالي لمناقشة تحدّيات العالم

محمد بن راشد حضر فعاليات قمة مجالس الأجندة العالمية التي انطلقت أعمالها أمس في دبي. تصوير: مصطفى قاسمي

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ضرورة توحيد الجهود في مواجهة التحديات العالمية من خلال تعزيز التعاون والتنسيق بين المفكرين والحكومات، والاستفادة من أفضل النماذج العالمية على صعيد الممارسات الاقتصادية المرنة القائمة على ريادة الأعمال والابتكار وتوفير الرخاء والرفاهية للجميع.

وأعرب، أمس، خلال حضوره قمة مجالس الأجندة العالمية المنعقدة في دبي، عن ارتياحه لوجود هذا الحشد من المفكرين والخبراء العالميين على أرض الإمارات.

وأشار سموه إلى الدور المهم الذي تضطلع به الدولة في المساهمة بصياغة التوجهات المستقبلية للتعامل مع التحديات القائمة، متمنياً لأعمال القمة العالمية النجاح والوصول إلى النتائج الإيجابية التي تسهم في التغيير المنشود على المستوى العالمي.

إلى ذلك، قال مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، كلاوس شواب، إن «دبي هي المكان المثالي لمناقشة أفضل الحلول للتحديات التي تواجه العالم، كونها تمثل نقطة وصل بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب».

وأضاف في كلمة في الجلسة الختامية لليوم الأول للقمة، أن «الأزمة المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية واجتماعية في بعض بلدان العالم أدت إلى حدوث تغييرات كبيرة في العالم»، مشيراً إلى أنها «أزمة هيكلية لأن العالم تغير خلال السنوات العشر الأخيرة، بسبب تجاهلنا إعادة التفكير في بناء مؤسساتنا».

ودعا شواب، إلى تأسيس شبكة عالمية للمخاطر والفرص لتحسين قدرات العالم على مواجهة التحديات والأزمات، مؤكداً أن الشبكة سيكون لها تأثير مهم في تدعيم استيعاب الأزمات.

الدورة المقبلة

وتفصيلاً، قال وزير الاقتصاد، سلطان بن سعيد المنصوري، إن «أبوظبي ستنظم وتستضيف القمة خلال العام المقبل، إذ إن اختيار الإمارات لتنظيم هذه الفعالية هو شهادة مهمة تؤكد الدور الرئيس للبلاد على المستوى الدولي».

وأشار إلى أن «الإمارات حققت إنجازات ضخمة على صعيد توفير بيئة أفضل للعيش والعمل فيها، وأنه إذا ما تمكن العالم من إنجاز نصف ما أنجزته الإمارات، فإنه سيصبح أفضل».

وأوضح المنصوري، في كلمته، أن «الإمارات تسعى دائماً إلى الارتقاء بالبنية التحتية الأساسية من خلال التركيز على تطوير شبكات الطرق والموانئ والمطارات لتعزيز تواصلنا مع العالم».

وأضاف «نركز أيضاً على ضمان أفضل مستويات المعيشة وجودة الحياة لمواطنينا والمقيمين على أرض الدولة، ونضع دائماً نصب أعيننا المستقبل وكيف سيكون عليه العالم، وليس كيف ستنتهي بنا الأمور اليوم».

من جانبه، قال المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي، سامي القمزي، إن «دبي يسعدها أن تكون منبراً لقادة العالم لمناقشة مسائل التنمية»، مضيفاً «لدينا نخبة من المفكرين الذين يجتمعون هنا لمناقشه مسائل مهمة تؤثر في العالم، وتشجع على الخيارات التنموية».

وأشار إلى أن «اختيار دبي للمرة الثالثة على التوالي لتنظيم هذا الحدث يشير إلى التزامنا، ونحن على قناعة بأننا قادرون على الوفاء بهذا الالتزام».

وأكد القمزي، في كلمة له، أن «دبي تعد نموذجاً مصغراً يحتذى به عالمياً على صعيد التنمية المستدامة»، موضحاً أن «ما تتمتع به الإمارة من بنية تحتية متطورة، وتنوع في الثقافات، واقتصاد قائم على المعرفة، يمثل مقومات اقتصادية جاذبة لها دور كبير في دفع عجلة الاستثمار الأجنبي المباشر».

التعلم من الإمارات

من ناحيته، قال شواب، إن «انعقاد مجالس الأجندة العالمية في الإمارات يوفر إمكانية التعلم من هذه البلاد، وقدرتها على النظر إلى المستقبل وطريقتها في الاستفادة من الفرص»، مشيراً إلى أن «القمة تعزز التواصل الفكري بما يسهم في وضع الآليات التي تجعل العالم يعيش أفضل وتحسن وضع العالم»، واستطرد «دبي مكان مثالي، وهي المكان الأفضل للحديث عن المسائل السياسية والاقتصادية التي تهم العالم».

وخلال كلمته في افتتاح المنتدى في جلسته الأولى دعا شواب إلى تأسيس الشبكة العالمية للمخاطر والفرص بهدف تحسين قدرات العالم على مواجهة التحديات والمصاعب، وقال إن «الشبكة لها تأثير مهم في تدعيم استيعاب الصدمات والأزمات»، وأوضح أن «قدرة العالم على مواجهة الأزمات مازالت محدودة، ومن الضروري في الوقت الراهن العمل على تطوير الأفكار لوضع خطة واضحة وآلية محددة تسمح بالتعامل مع الأزمات»، مضيفاً أن «المناقشات في دبي تمثل الأساس الذي ترتكز عليه مناقشات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس والصين».

نمو الاقتصاد

إلى ذلك، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 2.5٪ خلال العام المقبل، مؤكداً أن دبي بدأت تستعيد عافيتها وتشهد بوادر واضحة على التعافي من الأزمة المالية العالمية.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا في الصندوق، مسعود أحمد، إن «نسب النمو التي سيحققها الاقتصاد الإماراتي تعتمد على النمو في القطاعات الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي، ومنها النفط والتجارة والنقل»، واستطرد «بالنسبة إلى دبي فإنها تعمل الآن بشكل جيد، إذ إن قطاعي التجارة والخدمات هما القطاعان الرئيسان اللذان يستند إليهما اقتصاد الإمارة»، ولفت إلى أنه «في ما يتعلق ببقية القطاعات الأخرى ومنها القطاع العقاري، فإنه بدأ في الاستقرار فعلاً، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت للتعافي».

الأبعاد العشرة

أوضح مؤسس المنتدى الاقتصادي كلاوس شواب، أن «هناك 10 أبعاد رئيسة للواقع الجديد للعالم في المستقبل»، واستطرد «البعد الأول يتعلق بضرورة الاستفادة من الفرص التي خلفتها الأزمة العالمية»، لافتاً إلى أن تجربة دبي في هذا الصدد، إذ إنها تعلمت عدم التفكير في الأزمة بل التفكير في الفرص، فالأزمة لم تكن إلا مجرد عقبة بالنسبة لدبي».

ورأى شواب أن «البعد الثاني يتعلق بالدور المهم الذي يلعبه الجيل الجديد في واقع البشرية، إذ يبلغ عمر نصف سكان العالم أقل من 26 عاماً، ما يدعو إلى تعزيز هذا الجيل والتجاوب مع رؤيته»، لافتاً إلى أن «البعد الثالث هو البعد الاقتصادي المتعلق بندرة الموارد الطبيعية، والرابع هو ضرورة دمج التكاليف الخارجية ضمن أعمال العمل الداخلي للمؤسسات، فالشركات القادرة على دمج تكاليفها فقط هي التي ستكون أكثر قدرة على مواجهة المستقبل».

وتابع: «البعد الخامس يتعلق بتكنولوجيا المعلومات وأهمية هذا القطاع والقطاعات أخرى مثل التعليم والخدمات الصحية، وضرورة ترقيم كل تلك القطاعات لإعادة تعريف قطاع الخدمات». وذكر أن «البعد السادس يتمثل في انتقال السلطة من الغرب إلى الشرق، ومن الشمال إلى الجنوب، ودبي بموقعها ومكانتها تمثل نقطة الوصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب».

وأردف «البعد السابع هو إعادة تحديد العمل، فمع زيادة الإنتاجية هناك ملايين الاشخاص الذين ينتقلون إلى المدن من الريف، ولن يكون لدينا وظائف كافية لهم، فيجب أن نعلم الاشخاص ونثقفهم لكي يكون في مقدورهم توظيف انفسهم، ليس في المجالات الاقتصادية فقط وإنما الاجتماعية أيضا».

وفيما يتعلق البعد الثامن بالعولمة والحوكمة اللتان فرضهما التحول نحو استخدام التكنولوجيا والتوصل إلى النظم الملائمة، فإن البعد التاسع للواقع الجديد يشير إلى تراكم المخاوف الاجتماعية ما يستوجب تعاون الحكومات والشركات والمجتمع المدني لمعالجة ذلك، بحسب شواب. وأوضح أن «البعد العاشر هو المخاطر التي تواجهنا في العالم، الذي بات أكثر تعقيداً ويشهد تغييرات متسارعة».

وقال أحمد، مخاطباً الصحافيين على هامش المؤتمر، إن «التحدي الأكبر الذي يواجه العالم في الوقت الراهن هو التحدي الاقتصادي، إذ يعمل العالم الآن للخروج من أسوأ مرحلة ركود يمر بها العالم في الوقت الراهن، لكن التعافي العالمي يحتاج وقتاً».

وذكر أن «التحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة هو مواجهة البطالة وإيجاد مزيد من فرص العمل والوظائف»، وتابع: «دول الشرق الأوسط تشهد أداء اقتصادياً جيداً خلال العام الجاري وأفضل من العام الماضي، ومن المتوقع أن تشهد اقتصاداتها نمواً خلال العام المقبل، ومن بينها الإمارات التي نتوقع أن ينمو اقتصادها بمعدل 2.5٪».

وأكد أحمد أن «دول المنطقة يجب أن تعمل على تعزيز التعافي في اقتصاداتها من خلال تفعيل وتشجيع الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال وتحسين التعامل مع الموارد الاقتصادية التي تملكها»، مشيراً إلى أن «دول الخليج تضطلع بدور رئيس في الاقتصاد العالمي، وتؤدي دوراً بارزاً في سوق الطاقة العالمية».

التعليم والصحة

من جانبها، قالت استشاري أول الاستراتيجيات في البنك الدولي، داليا خليفة، لـ«الإمارات اليوم»، إن «المنطقة العربية بدأت تبحث في قضايا التعليم والصحة والأمن الغذائي والمائي بشكل جدي»، لافتةً إلى أن «هناك حركة جادة في جميع البلدان».

وتابعت أن «البنية التحتية أخذت الحيز الأكبر من تفكير البلدان في المنطقة»، مضيفة «يجب الاستثمار في الانسان وتحسين حياته إذا ما أردنا النظر إلى المستقبل».

وأشارت إلى أن «الإمارات من أفضل البلدان في المنطقة بالنسبة لأنشطة الأعمال وممارستها، كما أنها احتلت موقعاً جيداً في تقارير مجلس التنافسية العالمية وتتصدر مراكز متقدمة بالنسبة لتحسين بيئة الأعمال والتجارة عبر الحدود».

وقال نائب المدير في صندوق النقد الدولي، جون ليبسكي، إن «هناك فارقاً بين النمو الاقتصادي في الدول قبل الأزمة العالمية وفترة ما بعدها»، لافتاً إلى أهمية تحقيق المساواة بين المجتمعات للقضاء على الفقر.

وأكد أنه «بالنسبة إلى الحصص في صندوق النقد، فإنها تقوم على آلية التوازن، وهذه السياسات ستكون قابلة للمراجعة في العام 2013»، مشيراً إلى أن «هناك اهتماماً كبيراً في الأسواق الشرق أوسطية».

لقاء الشخصيات

وقال العضو المنتدب، ورئيس قسم الاتصال والإعلام في المنتدى الاقتصادي العالمي، أدريان مونك، إن «القمة هي فرصة للقاء الشخصيات الفاعلة في العالم للتحاور حول الموضوعات التي تهم العالم، والتي يمكن طرحها في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي سينعقد في دافوس بداية العام المقبل».

وأضاف أن «الشرق الأوسط مملوء بالمواهب الشابة والإمكانات البشرية الكبيرة، والدور المنوط به الآن هو التعرف إلى المخاطر التي يواجهها العالم والفرص التي يمكن استغلالها في الوقت الراهن».

بدوره، قال الرئيس التنفيذي للعمليات في المنتدى الاقتصادي العالمي، الولايات المتحدة، كيفين شتينبرغ، إن «العالم يمر الآن بتحولات كبيرة وخطيرة، إذ يواجه عدداً من التحديات والمخاطر الطبيعية والمالية والتكنولوجية أيضاً».

وأضاف أن «المنتدى يدرس كيفية تأثير تلك المخاطر في الاقتصاد، وكيفية العمل سويا على مواجهتها»، مشيراً إلى أن «الأفكار التي ستطرح ستساعدنا على وضع الرؤية لما سيكون عليه المنتدى في دافوس خلال يناير المقبل».

وقال المدير الأول في المنتدى الاقتصادي العالمي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، شريف ديواني، إن «الإمارات تعاملت مع الأزمة المالية العالمية بمرونة ساعدتها على التقليل من آثارها».

وذكر أن «الشرق الأوسط يواجه تحديات عدة من بينها التحديات الخاصة بالطاقة والمياه والغذاء، إضافة إلى تحديات التعليم، والعوامل الديموغرافيــة الأخـرى»، مشيراً إلى أن «هناك فرصاً كبيرة للشبـاب في هذه المنطقة التي تتمتع بأعلى نسبة في النمو السكاني والقوة العاملة مقارنة بمناطق أخرى من العالم، ومنها أوروبا».

يشار إلى أن أعمال القمة تستمر مدة أربعة أيام يحضر خلالها أكثر من 700 شخصية مشاركة ورش عمل تفاعلية وجلسات حوار لمناقشة الاتجاهات الناشئة والمخاطر العالمية التي تلعب دوراً حاسماً في صياغة وتشكيل التوجهات المستقبلية.

تويتر