الشركات تحدّد أسعار التذاكر بنفسها.. ومستهلكون يشكون بلوغها مستويات «غير مقبولة»

قانون وشيك لتحديد جهة تفصل في منازعات المسافرين وشركات الطيران

مسافرون أشاروا إلى أن شركات الطيران تستغل مواسم الأعياد والإجازات لمضاعفة الأسعار. تصوير: باتريك كاستيلو

شكا مستهلكون عدم مراعاة حقوق المستهلك في الحصول على سعر عادل لتذاكر الطائرات، بحسب تعبيرهم، مطالبين هيئة الطيران المدني ووزارة الاقتصاد والدوائر الاقتصادية المعنية بممارسة دورها في حماية المستهلك، مما وصفوه بـ«ممارسات احتكارية لبعض شركات الطيران»، مشيرين إلى زيادة شركات طيران تجارية ـ وحتى اقتصادية ـ أسعار تذاكر السفر إلى أضعاف سعرها، خصوصاً في أيام العطلات والأعياد، من دون مراعاة حقوق المستهلك.

ولفتوا إلى ضرورة وجود جهة ما يمكن أن يلجأ إليها المستهلك (المسافر) إذا شعر بتعرضه لممارسات احتكارية أدت إلى رفع الأسعار من قبل شركات الطيران، رافضين توجيه شكواهم إلى شركات الطيران ذاتها، لأنه «لا يجوز توجيه الشكوى إلى الخصم»، بحسب تعبيرهم.

وقال المدير العام لهيئة الطيران المدني، سيف محمد السويدي، إنه «لا توجد جهة محايدة يمكن اللجوء إليها في حالة وجود شكوى ضد شركات الطيران»، مشيراً إلى قرب صدور قانون، بعد الموافقة عليه من مجلس الوزراء، يحدد جهة للفصل في المنازعات الناشئة بين المسافرين وشركات الطيران، يمكن أن تكون الهيئة أو جهة أخرى.

وأضاف أن «القانون الجديد للهيئة يجعل من صميم اختصاصاتها التدخل لحماية المسافرين في حال حدوث أي مشكلة بينهم وبين شركات الطيران»، لكنه شدد على أن سوق الدولة مفتوحة، وأن تحديد الأسعار يتم وفقاً للعرض والطلب، بيد أن أي تدخل من أي جهة لتعديل الأسعار يخالف قانون المنافسة.

إلى ذلك، كشف مسؤولون في قطاع الطيران في الدولة أنه لا توجد أي رقابة على شركات الطيران في ما يتعلق بتحديد أسعار تذاكر السفر جواً، مشيرين إلى أن شركات الطيران تتبع سياسات تسعيرية تقوم على تحديد أسعار التذاكر داخلياً، ومراقبة الأسعار ذاتياً بشكل مبني على قانون العرض والطلب.

من جانبه، أفاد مسـؤول في وزارة الاقتصاد، فضل عدم ذكر اسمه، بأن الوزارة ليست لديها أي سلطة للتدخل في سياسة التسعير أو حماية المستهلك في ما يتعلق بإجبار شركات الطيران على خفض أسعارها، لكنها تتدخل لدفع شركات الطيران على منح المسافر جميع الحقوق عند شرائه تذكرة الطيران.

لا رقابة

تفصيلاً، قال المستهلك صبري علي: «هناك ضرورة لتدخل الجهات الرقابية في الدولة لضمان ما يمكن وصفه بـ«عدالة التسعير» من أجل حماية المستهلك والبعد عن الاحتكار».

وتسأل حول الكيفية التي تقوم على أساسها شركات الطيران بحساب أسعار التذاكر، وهل ارتفاع الطلب على شرائها في أوقات الذروة مبرر كافٍ لمضاعفة السعر؟

مطالباً هيئة الطيران المدني أو وزارة الاقتصاد والدوائر الاقتصادية، بممارسة حقها القانوني في حماية المستهلك، من ممارسات بعض شركات الطيران، التي ترفع أسعارها إلى أضعاف عدة، خصوصاً في أيام العطلات والأعياد، من دون مراعاة حقوق المستهلك.

من جهتها، قالت المستهلكة العنود عبدالله: «إنها لا تعرف الجهة التي يمكن أن يلجأ إليها المستهلك (المسافر) إذا شعر بتعرضه لممارسات احتكارية أدت إلى رفع الأسعار من قبل شركات الطيران».

وأضافت «أرفض توجيه الشكوى إلى شركات الطيران ذاتها، إذ إن الشكوى إلى الخصم غير ممكنة».

ارتفاع غير طبيعي

وقال المستهلك محمد هزاع: «شركات الطيران ترفع أسعار التذاكر بصورة غير طبيعية، خصوصاً الشركات التي تزعم أنها شركات طيران اقتصادي»، مشيراً إلى أن «سعر التذكرة إلى وجهات عدة قد تصل إلى معدلات خيالية خلال المواسم والأعياد».

وأضاف «تأخرت في حجز تذاكر سفري إلى إحدى الوجهات حتى شهر يوليو الماضي، فحجزتها مبدئياً في شهر السفر نفسه، لكني لم أتمكن من إتمام الحجز بعد أن بلغ سعرها ثلاثة أضعاف السعر العادي».

وقال المستهلك أحمد علي، إنه «اشترى تذكرة من إحدى شركات الطيران الاقتصادي إلى الإسكندرية خلال شهر يوليو الماضي قبل موعد سفره بأيام بمبلغ 2300 درهم، علماً بأن سعر التذكرة لا يزيد على 900 درهم في الأيام العادية».

وتساءل: «مَنْ أعطى شركات الطيران الحق لمضاعفة السعر نحو ثلاث مرات بهذا الشكل؟ هل زيادة الطلب مبرر كافٍ لزيادة السعر على هذا النحو؟ أم أن شركات الطيران تعوّض خسائرها من تراجع الحجوزات في الأيام العادية بمضاعفـة السعر أيام العطلات؟». وطالب بسقف أو حد أعلى للسعر وحد أدنى له، بحيث يعرف المستهلك أقصى سعر يمكن أن يبلغه سعر التذكرة إذا حجزها في آخر وقت قبل السفر.

سياسات

من جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لشؤون المبيعات في «الاتحاد للطيران»، حارب المهيري، إنه «لا توجد جهة محددة تراقب سياسات التسعير التي تنتهجها شركات الطيران فى الدولة»، لافتاً إلى أن «شركات الطيران تراقب نفسها بنفسها وتحدد الأسعار على أساس الوضع في السوق والتوازن بين العرض والطلب، وكذلك حسب المناسبات التي تطرح خلالها التذاكر».

وأشار إلى أن «كل شركة طيران بها قسم خاص للشؤون التجارية، وإدارة متخصصة لدراسة السوق وتحديد أسعار التذاكر بناء على ذلك»، مؤكداً وجود سقف أو حد أقصى للأسعار كان قد حدده الاتحاد الدولي للطيران «إياتا» للحفاظ على حقوق المستهلكين. وأوضح المهيري أن «نشاط شركات الطيران مختلف عن أي نشاط تجاري آخر، إذ إن هـذه الشركات ملتزمـة بمواعيد سفر معينـة وعدد محدد للرحلات لا تستطيع إلغاءها، ولو كانت الطائرة لا تحمل على متنها إلا عدداً محدوداً من المسافرين أو حتى لو كانت فارغة».

وأردف أن «إقدام أي شركة طيران على بيع التذاكر بأسعار أغلى من السوق سيؤدي إلى تحقيق خسائر جسيمة وخروجها من السوق خلال فترة قصيرة».

ونفى المهيري إمكانية حدوث حالة من الاتفاق الاحتكاري بين الشركات، بحيث يتم توحيد الأسعار في منطقة جغرافية معينة لإجبار المسافرين على السفر بسعر مرتفع، بحيث لا يجدون بديلاً عن السفر، مشيراً إلى أن «مثل هـذه الاتفاقات تتعارض مـع القانون الدولي، ولم تحدث من قبل في المنطقة العربية».

وقال إنه «من الطبيعي في حالة ركود السوق أن تنخفض أسعار تذاكر الطيران، كما تنخفض الأسعار في حالات وجود ظروف قاهرة تؤدي إلى الإحجام عن السفر، مثل تفشي أمراض مُعدية أو خلافه، إذ تزداد العروض المخفضة التي تقدمها الشركات لجذب المسافرين»، لافتاً إلى أن «العرض والطلب يقوم بدور رئيس في تحديد الأسعار، إذ تزداد الأسعار خلال فترة الصيف والأعياد والمناسبات القومية والدينية بنسبة تصل إلى نحو 30٪ في المتوسط».

ظروف السوق

بدوره، قال مدير محطة شركة «مصر للطيران» في أبوظبي، وفا الزاهد، إن «كل شركة طيران في الدولة تدرس ظروف السوق وأسعار الشركات المنافسة، وعلى هذا الأساس تحدد أسعار تذاكرها».

وأضاف أن «الشركة لديها إدارة للتسعير تحدد على أساسها أسعار تذاكرها»، مشيراً إلى أنه «لا توجد جهة محايدة يمكن اللجوء إليها في حالة وجود شكوى من أي مسافر من شركات الطيران»، مؤكداً أنه «على الراكب أن يلجأ إلى تقديم شكوى إلى شركة الطيران التي يشكو منها، ويوجد قسم للشكاوى فى الشركة، ويتم بحث هذه الشكاوى واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لكل حالة».

وقال إن «الاتحاد الدولي للطيران كان يحدد سابقاً سقفاً لأسعار التذاكر، إلا أن هذا الأمر توقف بعد بدء عصر السماوات المفتوحة، إذ تتمتع شركات الطيران بحرية كاملة فى تحديد أسعار التذاكر».

وبيّن أن «هذا الاتجاه أفضل بكثير لأنه يأتي في مصلحة المسافرين ويسمح لشركات الطيران أن تحدد أسعارها بحرية كاملة وفقاً لظروف عدة».

تدخّل «الهيئة»

إلى ذلك، كشف المدير العام لهيئة الطيران المدني في الدولة، سيف محمد السويدي، أن «القانون الجديد لهيئة الطيران المدني يجعل من صميم اختصاصات الهيئة التدخل لحماية المسافرين في حالة حدوث أي مشكلة بينهم وبين شركات الطيران في الدولة».

وقال السويدي لـ«الإمارات اليوم» إن «مشروع القانون الجـديـد تم رفعـه إلى مجلس الوزراء لدراستـه أخـيراً، تمهيداً لإقراره بعد إدخال تعديلات عليه إذا لزم الأمر، خلال فترة تراوح بين شهرين وثلاثة أشهر على الأكثر».

سوق مفتوحة

قال المدير العام لهيئة الطيران المدني في الدولة، سيف محمد السويدي، إن «سوق الدولة مفتوحة ويتم تحديد الأسعار وفقاً لقانون العرض والطلب، وأن أي تدخل من أي جهة لتعديل الأسعار يعد مخالفاً لقانون المنافسة، كما أنه من المستحيل وغير العادل أبداً أن يتم تحديد أسعار واحدة للتذاكر إلى الوجهة نفسها على شركات طيران مختلفة»، لافتاً إلى تباين تكاليف شركات الطيران من واحدة إلى أخرى.

واستطرد: «ليس من المعقول ـ على سبيل المثال ـ أن تتساوى أسعار تذاكر شركة تجلب طائرات حديثة بشكل مستمر، وتعمل على إدخال تجهيزات حديثة وتقنيات متقدمة، بشركة أخرى تشغل طائرات قديمة، لأن تكلفة كل شركة مختلفة تماماً، وبالتالي تختلف أسعار التذاكر».

 مستوى الأسعار

قال المتحدث باسم شركة «طيران العربية»، حسام ريدان، إن «الراكب هو الذى يحدد مستوى الأسعار إلى حد كبير في شركات الطيران الاقتصادي، إذ إن سعر التذكرة يعتمد على العرض والطلب، وكلما حجز المسافر متأخراً وزاد الطلب ارتفعت مبيعات الشركة، وارتفعت الأسعار تلقائياً، والعكس صحيح».

ولفت إلى أن «أسعار التذاكر تنافسية تماماً، خصوصاً في ضوء وجود عدد كبير من شركات الطيران التقليدية الكبيرة والاقتصادية على حد سواء»، وأكد أنه «لا يمكن لأي شركة أن ترفع الأسعار بشكل منفرد، لأن في هذه الحالة لن يسافر أحد على هذه الشركة وستحقق خسائر جسيمة في النهاية».

وأوضح أن «القانون ـ في حالة الموافقة عليه ـ ينص على وجود ثلاث مراحل في حالة وجود خلاف بين المسافر وشركة الطيران»، وتابع: «المرحلة الاولى تقديم الشكوى للشركة نفسها، ومن المعروف أن شركات الطيران الجيدة تضع على رأس أولوياتها الحفاظ على حقوق المستهلكين، والمرحلة الثانية أن يلجأ الشاكي إلى الجهة المخوّلة بحل الخلاف، وهي هيئة الطيران المدني أو أي جهة أخرى يقرها القانون، فيما المرحلة الثالثة أن يلجأ إلى رفع دعوى قضائية أمام المحاكم فى حالة تعذر حل الخلاف».

التعامل مع التذاكر

من جانبه، قال مسؤول في وزارة الاقتصاد، فضل عدم ذكر اسمه، إن «الوزارة تتدخل في معايير حماية المستهلك في ما يخص سياسة التعامل مع التذاكر بالاسترجاع أو التبديل، لكنها ليست لديها أي سلطة للتدخل في سياسة التسعير أو حماية المستهلك في ما يتعلق بإجبار شركات الطيران على خفض أسعارها إلى أي مستوى كان».

وأضاف «الوزارة تستطيع التدخل لإلزام شركات الطيران بمنح المسافر الخدمة المناسبة، وجميع حقوقه عند شرائه تذكرة الطيران».

تويتر