حققت نجاحاً مبدئياً في تقديم توصيات بحضور الأحداث

دراسة تستخدم «الموقع الجغرافي» للتنبؤ بالفعاليات المفضلة لدى المستخدمين

نمط السلوك السابق يلعب دوراً مهماً في حضور الشخص فعاليات متشابهة مستقبلاً. الإمارات اليوم

تنتشر عبر شبكة الإنترنت العديد من المواقع والأدوات التي تقترح على المستخدمين القيام بأشياء مختلفة، فمن الصعب قراءة تقرير إخباري، أو شراء كتاب إلكتروني، أو ملابس من دون أن تظهر اقتراحات بمشتريات أخرى مسبوقة عادة بعبارة: «الأشخاص الذين أحبوا هذا المنتج أحبوا أيضاً المنتجات التالية»، حتى صارت بمثابة قول مأثور للعصر الحديث.

لكن وحتى الآن تتخلف المواقع التي تعرض أماكن الفعاليات والأحداث بعض الشيء عن ذلك، فمن الصعب معرفة أن حضور شخص ما للاجتماع السنوي للجمعية الفيزيائية الأميركية في مدينة أوستن الأميركية، يعني اهتمامه بحضور مباراة كرة قدم أو مسرحية هزلية في العاصمة البريطانية لندن بعد أشهر عدة.

ونتيجة لذلك، ظل هذا الجانب بعيداً عن تقديم توصيات واقتراحات جيدة للمستخدمين، ويعود سبب ذلك إلى حدٍ كبير إلى غياب البيانات التي تتيح للعلماء إيجاد صلات للتنبؤ باهتمام الأشخاص بالفعاليات، بعكس خدمات مثل «أمازون» و«نيتفليكس» اللتين تمتلكان ثروة من البيانات، مثل من اشترى أي سلعة، وفي أي وقت.

وهذا الأمر دفع فريق من الباحثين في جامعة «كامبريدج» البريطانية للاستفادة من بيانات الشبكة الاجتماعية المعتمدة على الأماكن «فور سكوير» في تحليل الأسباب التي تزيد من احتمال إقبال الأشخاص على حضور حدث معين، سواء كانت اجتماعية أو سلوكية، وهو أمر لا تقتصر أهميته على جانب العلوم الاجتماعية فقط، بل له أيضاً تطبيقات مهمة في تصميم نظم تُوفر توصيات للمشاركة في الفعاليات.

وأظهرت نتائج الدراسة، التي حملت عنوان «نداء الحشد: المشاركة في الفعاليات في الخدمات الاجتماعية المعتمدة على الموقع»، وجود العديد من العوامل المُؤثرة، ورأى الباحثون أن احتساب أكثرها أهمية يُتيح توقع الأحداث والفعاليات، من حفلات ومباريات ومؤتمرات، التي سيذهب إليها الأشخاص بدرجة من الدقة لافتة للنظر.

وجمع فريق البحث بيانات خدمة «فور سكوير» عن تحركات ما يزيد على 190 ألف شخص في كلٍ من لندن ونيويورك وشيكاغو، خلال ثمانية أشهر في عاميّ 2010 و2011.

وكشفت البيانات بوضوح عن شبكة أصدقاء الشخص، وموقع المنزل، وتواريخ وأوقات الذهاب إلى الفعاليات.

واتجه الباحثون أولاً لإيجاد الفعاليات التي صُنفت إلى فئات عدة، منها المهرجانات الموسيقية والأحداث الرياضية والمؤتمرات، كما احتسب الفريق درجة الجاذبية الاجتماعية لكل فاعلية وفق عدد أصدقاء المستخدم الذين وجودوا في المكان ذاته.

وبهدف تحديد العوامل المُؤثرة في إقبال الشخص على حدث معين، استخدم فريق البحث 90% من البيانات كمجموعة تدريب للتعلم منها، في حين اعتمدوا على نسبة 10% المتبقية كمجموعة بيانات للاختبار، ليروا ما إذا كانت بمقدور الروابط التي اكتشفوها التنبؤ بالفعل بحضور الأحداث المختلفة.

وقدمت النتائج بعضاً من الجوانب المُثيرة للاهتمام في السلوك البشري، فاتضح أن مشاركة أصدقاء الشخص في الفاعلية يلعب دوراً أساسياً في احتمال حضوره، وهو ما يبدو منطقياً لأن معظم التجمعات الكبيرة تُعد أحداثاً اجتماعية بصورة أو بأخرى.

وإضافة إلى ذلك، أشارت النتائج إلى عوامل أقل وضوحاً ومهمة في الوقت نفسه، منها المسافة بين منزل الشخص ومكان انعقاد الفاعلية، فيُسافر الناس عادةً مسافة محدودة للوصول إلى حدثٍ ما، كما يلعب وقت نشاط كل شخص دوراً في تحديد فعالياته المفضلة، فإذا كان الشخص ينشط في الصباح الباكر، فسيميل إلى حضور الفعاليات التي تجري في وقتٍ مبكر من المساء.

ويلعب نمط السلوك السابق دوراً مهماً، فعلى سبيل المثال، إذا ذهب شخصٌ ما إلى العديد من مباريات كرة القدم في الماضي، فمن المرجح أن يهتم بحضور مباريات أخرى مستقبلاً.

واتضح هذا النوع من السلوك بشكل خاص في مدينة لندن بسبب حس الانتماء في تشجيع فرق كرة القدم.

واستناداً إلى مفعول جميع هذه العوامل، استخدم الباحثون خوارزمية تلتقط السلوك العام، وسعوا إلى اختبارها على نسبة 10% من البيانات، وبشكل عام، نجحت الخوارزمية في التنبؤ بحضور الفعاليات بنجاح لشخصٍ واحد من كل ثلاثة مستخدمين في لندن، ولواحد من كل خمسة في نيويورك وشيكاغو.

وترفع هذه النتائج من آمال تطوير محركات البحث عن الفعاليات التي توفر توصيات للمستخدمين، ويمكنها التنبؤ بدقة بالأحداث التي قد يحبون المشاركة فيها، لكن هذا لا ينفي وجود بعض المحاذير، منها اعتماد الدراسة على بيانات نشرها مستخدمون رغبوا في نشر مكان وجودهم للعلن، بعكس مجموعات أخرى من المستخدمين تُفضل عدم نشر هذه المعلومات، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول كفاءة مثل هذه الخوارزمية للفريق الأخير.

ومع ذلك، تبدو أن محركات البحث عن الفعاليات التي توفر اقتراحات للمستخدمين في سبيلها لتصبح جزءاً بارزاً من تجربة استخدام الإنترنت، خصوصاً لدورها المتوقع في زيادة أرباح منظمي الفعاليات وبائعي التذاكر، إذ ستتيح لهم فرصاً للوصول للأشخاص الأكثر اهتماماً بمناسبات معينة.

ويرجع السبب الرئيس وراء شعبية محركات التوصيات إلى دورها في زيادة المبيعات بصورة واضحة في بعض الأحيان، وهو إنجاز يتجاوز الأساليب التقليدية في التسويق والإعلان، وبالمثل من المرجح أن يؤدي نجاح محركات البحث عن الفعاليات في ازدهارها.

تويتر