محللون يتوقعون سيادة المستقلين على الأحزاب في مجلس الشعب المقبل

الانتخابات المصرية: صعود «في حب مـــصر» وهبوط «النور السلفي» وبروز «المال السياسي»

صورة

انتهى الجزء الرئيس من المرحلة الأولى في الانتخابات البرلمانية المصرية، التي اجريت في اجواء خلت من المنافسة الحادة والأحداث العنيفة المعتادة، وفيما توالى اعلان النتائج الفرعية استباقاً لإعلان النتيجة النهائية، تبلورت مؤشرات سياسية واضحة أبرزها صعود قائمة «في حب مصر» القريبة من الحكومة، وتراجع حزب النور السلفي، إذ تلقى هزيمة ساحقه في معقله بالاسكندرية، رغم مخاوف واسعة من صعوده قبل الانتخابات، ومحدودية المشاركة بشكل عام بالقياس النسبي، مقارنة بانتخابات برلمانية سابقة.

حزب النور يقر بهزيمته

أقر حزب النور السلفي بهزيمته خلال المرحلة الأولى من الجولة الأولى بانتخابات مجلس النواب، سواء في ما يتعلق بالقوائم أو المقاعد الفردية. ووجه المهندس صلاح عبدالمعبود عضو المجلس الرئاسي للحزب من خلال تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» خطاباً لشباب النور قائلاً: «يا شباب النور: ﻻ تنزعجوا، فالله عنده الخير ﻻ ندري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً».

ولم تحسم حتى الآن نتيجة القوائم.

يتألف البرلمان الجديد من 568 عضواً منتخباً، منهم 448 نائباً بالانتخاب الفردي، و120 عضواً بنظام القوائم المغلقة. ويحق لرئيس الدولة أن يضيف إليهم بالتعيين 5% من الأعضاء على الأكثر.

وأعطت جهات مصرية اشارات مختلفة لنسب التصويت، ففي حين امتنعت اللجنة العليا للانتخابات، على لسان ناطقها عمر مروان، عن الإفصاح عن نسب المشاركة، قال رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل إنها تراوح بين 15-16%، بينما قال نادي القضاة انها 2% في اليوم الأول و6% في اليوم التالي.

وقدر قضاة يشرفون على الاقتراع النسبة بـ20% وقال التلفزيون المصري، إن نسبة التصويت بلغت 40%، بينما قال ناطق باسم قائمة حب مصر إنها بلغت 30% تقريباً. ورصدت مانشيتات صحف كبرى مؤيدة للحكومة ضعف المشاركة، فعنونت صحيفة المال «انتخابات بلا ناخبين». وعنونت صحيفة الشروق «انتخابات بلا طوابير».

ويتوقع أن تفوز قائمة «في حب مصر»، وتضم أحزاباً وسياسيين بأغلب المقاعد التي ستنتخب بنظام القوائم، وعددها 120 مقعداً.

وكانت قائمة «صحوة مصر» وتتألف من أحزاب اشتراكية وليبرالية معارضة، وسياسيين مستقلين، قد انسحبت من السباق محتجة على تعقيد اجراءات قالت إنه متعمد.

وقال أمين سر قائمة «صحوة مصر» د. أحمد حسني لـ «الامارات اليوم»، إن القائمة تعرضت لضغوط مباشرة وغير مباشرة، دفعتها للانسحاب.

وقال المنسق العام لقائمة «في حب مصر»، اللواء سامح سيف اليزل، بمداخلة في ساعة متأخرة أمس مع برنامج «على مسؤليتي» إن المؤشرات تؤكد اكتساح قائمة «في حب مصر» في معظم الدوائر الانتخابية، وأن الشعب المصري وعى الدرس جيداً، ولن يعيد الماضي أبداً، وأن برلمان «قندهار» لن يعود مرة أخرى، كما أن قائمة «في حب مصر» ستحسم دوائر الصعيد من الجولة الأولى في القوائم.

وأضاف سيف اليزل أن قائمة «في حب مصر» عملت بجدية منذ أول يوم من المعركة الانتخابية، مضيفاً أنه تم وضع خطط، وتم تنفيذها على الأرض سواء في الدعاية، أو الحضور في اللجان للإدلاء بالأصوات، حيث إنه تم بذل مجهودات كبيرة من أجل حسم الجولة الأولى من الانتخابات، مشيراً إلى أن الشعب المصري أصبح لديه وعي كبير، ولن يعيد الماضي.

 

وقال القيادي في حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي سيد بدري لـ«الإمارات اليوم»: «إن المال لعب دوراً كبيراً في ارتفاع نسبة التصويت في قرى العديسات، وبعض مناطق الطود والبياضية بالأقصر في صعيد مصر، كما لعبت القبلية والنعرات والجهوية دوراً كبيراً ايضاً في بعض مناطق مركز الزينية، كما حدث تراخ أمني عن اثبات المخالفات الانتخابية، حيث يتم توجيه الناخبين امام اللجان وداخلها».

 

وقال استاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية د طارق فهمي، إن «المستقلون سيكونون سادة الموقف في البرلمان المقبل، وهذا سببه مرتبط بغياب السياسة منذ 30 يونية، فلدينا 104 أحزاب لا يعلم المواطن المصري عنها شيئاً، والشخصيات السياسية التي لدينا لم يعد لديها ما تقدمه، وكان لابد من عقد سياسي جديد والمجلس القادم لن تكون به معارضة وستكون الأولوية فيه للاقتصاد لا للسياسة».

وقال القيادي بحزب التجمع اليساري أحمد عبدالرازق لـ«الإمارات اليوم»: إن «المفاجأة الحقيقية في الانتخابات، تتمثل في عزوف حزب النور السلفي عن الحشد بعد تراجع نسب التصويت المؤيدة له، رغم كل الضجيج الذي فعله قبل الانتخابات، وأحاديث قادته عن اكتساح مؤكد، فالأرجح كما كشفت النتائج الأولية، أن حزب النور تأثر بحالة الانفضاض عن تيارات الإسلام السياسي، الحادثة في مصر والمنطقة».

من جهتها، اصدرت الخارجية المصرية بياناً، قالت فيه إن محاولات بعض الصحف الغربية استباق نتائج الانتخابات وتفسير انخفاض نسب المشاركة، بأنه مؤشر إلى تراجع تأييد الشعب المصري لقيادته، تكشف عن يأس أصحابها واستمرار منهج الترصد ولي الحقائقوأوضح المستشار أحمد أبوزيد المتحدث باسم الخارجية، أن ما نشرته الصحف الغربية وخروجها باستنتاجات تربط بين نسب المشاركة ومدى دعم الشعب المصري لقيادته، يعبر عن يأس من يتبناه، بعد أن خسروا كل محاولة على مدار العام الماضي لتشويه صورة مصر، والإيحاء بتراجع عملية التحول الديمقراطي فيها. وعبر المتحدث عن اندهاشه لمحاولات القفز إلى استنتاجات بشأن نتائج الانتخابات ومدلولاتها، في الوقت الذي شرعت فيه تلك الصحف في طباعة نسختها الأولى قبل انقضاء اليوم الأول من المرحلة الأولى للانتخابات.

وقال إن محاولات الإيحاء بغياب كل أشكال المعارضة السياسية في الانتخابات لمجرد عدم مشاركة تنظيم الإخوان الإرهابي، والتشكيك في قدرة البرلمان الجديد على سن التشريعات، على الرغم مما يمنحه له الدستور، تبرهن على عدم صدقية تلك الصحف.

وأكد أبوزيد أن أي مراقب أو محلل يتمتع بحد أدنى من الصدقية، والإلمام بديناميكيات الحياة السياسية في مصر، يدرك أن «الانتخابات البرلمانية هذا العام تخضع لاعتبارات ومعايير كثيرة ومتشعبة، يرتبط بعضها بوضع الأحزاب والقوى السياسية، وبرامج المرشحين، ومدى معرفة الناخب بها، وحالة الإرهاق الانتخابي التي تمر بها مصر، بعد ثمانية انتخابات على مدار أربعة أعوام».

وقال إن أي محاولة لتصوير الانتخابات البرلمانية هذا العام على أنها تمثل شكلاً من أشكال الاستفتاء على حجم دعم الشعب المصري لقيادته، هي محاولة يائسة ومحكوم عليها بالفشل.

تويتر