تجمع بين المواصفات الراقية والسعر الرخيص

دراسة: «التكامل الرأسي» يدعم قيادة الشركات الصينية لصناعة الهواتــــــف الذكية

«الدراسة» أكدت أن «هواوي» تمضي قدماً في ترسيخ وتوسيع استراتيجية «التكامل الرأسي». أرشيفية

خلال سنوات قليلة من الآن، ستكون الشركات الصينية في وضعية تمكنها من احتلال مركز الصدارة والقيادة في صناعة الهواتف المحمولة، وذلك بفضل تمكنها من المضي بقوة على طريق بناء ما يطلق عليه «التكامل الرأسي»، الذي يجعل هذه الشركات في وضع يمكنها من التأثير في حركة التطوير والإبداع، جنباً إلى جنب مع القدرة على إضافة كل المزايا التي تكفل لمنتجاتها التفوق كهواتف راقية المستوى عالية المواصفات، وفي الوقت نفسه تباع بأسعار منخفضة، تصل إلى أقل من ثلث أسعار منافسيها من الفئة نفسه.

جاء ذلك في دراسة أعدها ونشرها محللون من شبكة «زد دي نت»، المتخصصة في التقنية. وأشارت إلى أن المقصود بـ«التكامل الرأسي»، هو امتلاك الشركة الواحدة لكل المستويات المطلوبة لصناعة الهواتف المحمولة، من حقوق ملكية فكرية وبراءات اختراع متعلقة بتصميم وابتكار المعالجات والشرائح الإلكترونية، وقدرات على وضع البنية المعمارية للمعالجات والشرائح والهاتف ككل، ثم القدرات التصنيعية والإنتاجية والتشغيلية والتسويقية والبيعية.

«هواوي» في المقدمة

وأكدت الدراسة أن أهم شركة صينية تمضي علي هذا الدرب هي شركة «هواوي»، التي تمكنت من قطع خطوات واسعة في هذا المجال، أهمها أنها تقوم حالياً بتصنيع هواتف محمولة ذكية، لا تحتاج فيها إلى الحصول على دفع رسوم وكلفة لشركات أخرى، نظير الترخيص لها باستخدام حقوق ملكية فكرية أو براءات اختراع، خصوصاً في ما يتعلق بشرائح المعالجات الدقيقة المستخدمة في تشغيل الهواتف المحمولة، حيث بدأت الشركة في استخدام ملكية فكرية وبراءات مملوكة لها، وتراكمت لديها خلال السنوات القليلة الماضية.

ووفقاً للدراسة، فإن «هواوي» تمضي قدماً في ترسيخ وتوسيع استراتيجية «التكامل الرأسي»، وتحقق نجاحاً ملحوظاً، وتحذو شركات صينية أخرى حذوها مثل «تشاومي»، وظهر العديد من الدلائل على أن هذا التوجه بدأ يثمر نتائج مهمة، في مقدمتها طرح منتجات راقية المستوى والمواصفات بأسعار رخيصة قليلة الكلفة.

«إكس 7»

• من الصعب للتقنية الفوز في منافسة يتفوق فيها السعر، وتتقارب فيها المواصفات.

• أنماط تطبيقات «أندرويد» تدعم فرص هواتف «هواوي» الرخيصة السعر.

وقام المحللون باستعراض تفصيلي لمواصفات الهاتف الذكي «هواوي أونر إكس 7» باعتباره ثمرة من ثمار هذا التوجه. وفي هذا السياق، استهل المحللون عرضهم لهذا الهاتف بالتساؤل عن الكلفة الحقيقية لهاتف ذكي مزود بمعالج متعددة النواة، وكاميرا خلفية مزدوجة، وشاشة عالية التحديد، وخاصية مقاومة الماء والصدمات، والعمل ببطاقتي تعريف شخصي (سيم كادر)، و«روبوت برمجي» وجهاز استشعار لبصمات الأصابع وقرنية العين، متسائلين: هل يفترض أن تكون كلفته 800، أم 600، أم 400، أم 200 دولار أميركي؟

وقد يبدو هذا التساؤل بسيطاً لكنه حقيقة، فهناك «آي فون إكس» الذي يزيد سعره على 800 دولار، وهاتف «أونر إكس 7» من «هواوي» ويبلغ سعره 200 دولار فقط، والأخير يفتح الطريق نحو أكثر الأسعار انخفاضاً، والقدرة الأكبر على الاحتفاظ بالمواصفات العالية للهاتف، ما يجعل منه معادلة ربما ترسم مستقبل صناعة الهواتف المحمولة، بعيداً عن كلفة «أبل» الباهظة، وضجيج «سامسونغ» الاحترافي.

ويتميز هذا الهاتف بشاشة لمس تعمل بتقنية «هاي سيليكون 659» فائقة التحديد، واثنتين من الكاميرات الخلفية، وبطارية قادرة علي العمل ليوم كامل، ومن ثم فهو هاتف يقف بثقة ورسوخ بين فئة الهواتف المحمولة العالية المواصفات، لكنه بسعر 200 دولار فقط، وهذه هي المعضلة أو القيمة الحقيقية. يضاف إلى ذلك أنه هاتف جذاب، صلب لدرجة تجعلك لا تخاف من كسره أو تحطيمه بواسطة طفل صغير بالمنزل، ولا يجعل الأبناء خجولين من إظهاره والتباهي به أمام أقرانهم ممن يحملون أجهزة أكثر كلفة.

ويمكن إسقاط هذا الهاتف على أرض خرسانية من ارتفاع ست أقدام أكثر من مرة، دون أن يصاب بأذى أو يتوقف عن العمل، ولا يضره كذلك أن تستخدم جراباً من الجلد المطاطي الرخيص الرقيق ليعمل كغطاء، فهو مصمم بمعيار «آي بي 67» الخاص بمقاومة الماء والغبار، وهو المعيار الأعلى بين مقاييس الحماية، لذلك فإن إغراقه في الماء لا تترتب عليه أي نتائج سلبية بعد تجفيفه.

الجودة والسعر

وفي ضوء هذه المواصفات، وضع المحللون تساؤلاً: كيف وصل منتجو هذا الهاتف إلى مستوى يجمع بين سعر 200 دولار، والمواصفات العالية على هذا النحو؟

وتمثلت الإجابة في «التكامل الرأسي»، أو الملكية الكاملة لسلسلة التوريد وفواتير مواد التصنيع في هذا الجهاز معاً، فـ«هواوي» تعتبر كياناً متفرداً من نوعه إلى حد كبير بين الشركات الصينية الضخمة، لأنها تمتلك الكثير من حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، التي تضعها في منتجاتها. ومن خلال امتلاكها حقوق الملكية الفكرية لما يعرف بتصميمات النظام على شريحة، أو «إس أو سي»، فهي ليست مضطرة لشراء مثل هذه التصميمات من السوق المفتوحة، أو من الشركات المالكة لها مثل «سامسونغ» أو «تي إس إم سي»، باعتبار أن كلتاهما تقوم بترخيص استخدام البنية المعمارية لمعالجات «إيه آر إم»، وتصنع أجهزة تعمل بمعالجات «كوالكوم سناب دراجون»، التي أصبحت موجودة بكل علامة تجارية رئيسة من الهواتف الذكية. ولا تنتج «سامسونغ» شرائحها الإلكترونية الخاصة، التي تستخدم عالمياً، بل تستخدم شرائح إلكترونية متوافقة مع التقنيات المستخدمة لدى المشغلين الكبار لشبكات الهواتف المحمولة حول العالم، منها شركات مثل «فيريزون»، و«سبرنت» بأميركا الشمالية، وكلتاهما لديها بنية تحتية لاسلكية تستخدم تقنية «سي دي إم أيه» من شركة «كوالكوم». وهكذا تدفع «سامسونغ» وغيرها من الشركات رسوم تراخيص ملكية فكرية لآخرين، بينما «هواوي» لا تفعل، لأنها حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها. وبالنظر لما أحرزته «هواوي» خلال العامين الماضيين مع علامتها التجارية «أونر»، فإنه لم يكن هناك شيء مذهل، فقد أخذت الشركة الميزات والخصائص التي قدمتها، مع منتجاتها المميزة مثل هواتف «بي 9»، و«بي 10» في السوق الصينية المحلية، ثم توسعت في تصنيع المكونات للخارج لتحقق خفضاً في مستويات الأسعار وتصبح في متناول أي شخص، لذلك فإن مستوى 200 دولار يكون ثمناً لجهاز به المزيد من المواصفات الأفضل.

وبالطبع فإن شرائح «كوالكوم سناب دراجون» العالية المواصفات تعتبر أسرع من شرائح «هاي سيليكون» التي تستخدمها «هواوي»، لكن هذا لا يهم حسب ما قاله المحللون، لأن أنماط تطبيقات «أندرويد» التي يستخدمها معظم المستخدمين وتعمل بصورة اعتيادية على هواتفهم، لا تتطلب ميزة التفوق في السرعة الإضافية في قوة المعالجة بالهاتف المحمول، لأنها مرتبطة أكثر بشرائح الذاكرة، وهذا يدعم فرص هواتف «هواوي» الرخيصة السعر. وأخيراً، وصف المحللون الأمر بأنه قريب الشبه بالمنافسة القائمة بين سيارة «هيونداي جينسيس» الفاخرة الرخيصة السعر، مع «لكزس» اليابانية الفاخرة الباهظة الثمن، خلال السنوات الخمس الماضية، وحينما يكون الأمر متعلقاً بالسعر، فمن الصعب للتقنية والهندسة الفوز في منافسة يتفوق فيها السعر، وتتعادل أو تتقارب فيها المواصفات.

تويتر