يعتبر بعض مستخدميها أن خبرتهم في اللعب تعكس شخصياتهم ومواهبهم الحقيقية

المهارة بألعاب الفيديو تساعد في الحصول على وظيفة

صورة

تنال ألعاب الفيديو جانباً غير قليل من وقت واهتمام مستخدميها، إذ يعتبر بعضهم أن مهاراتهم في الألعاب تعكس شخصياتهم ومواهبهم في العالم الحقيقي، ومن ثم يدرجون إنجازاتهم فيها ضمن حساباتهم في موقع «لينكدإن» المخصص للمهنيين، وفي سيرهم الذاتية عند التقدم لوظائف جديدة.

ويرى هؤلاء أن المهام التي ينجزونها في ألعاب الفيديو، خصوصاً ألعاب تقمّص الأدوات المعتمدة على عدد كبير من اللاعبين على الإنترنت، لا تختلف عن الالتزامات المطلوبة في الوظائف المكتبية الحالية.

وعلى الجانب الآخر الخاص بمديري التوظيف، فتختلف آراؤهم بشأن تقييم قيمة خبرات ألعاب الفيديو، وأهميتها للعمل في العالم الحقيقي.

ومثلاً في لعبة «وورلد أوف ووركرافت» World of Warcraft، تتنوع شخصيات اللاعبين بين السحرة والكهنة والجنود لمحاربة الوحوش في عالمٍ خيالي، ويكون عليهم وضع الاستراتيجيات وتدريب أعضاء الفريق، حسب ما تناول تقرير لصحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية.

وأورد التقرير تجربة، هيذر نيومان، التي أدرجت خبرتها في لعبة «وورلد أوف وور كرافت»، في سيرتها الذاتية، التي ساعدتها في الحصول على وظيفتها الحالية مديرة للتسويق والاتصالات في «كلية المعلومات» في «جامعة ميشيغان».

ولفتت نيومان في القسم المخصص لأوقات الفراغ والأنشطة التطوعية، إلى إدارتها لرابطة من 500 شخص في اللعبة، وتنظيمها غارات واسعة تضمنت ما بين 25 و40 لاعباً، لإكمال مهام متعددة لساعات عدة، وذلك على مدى أربعة أو خمسة أيام أسبوعياً.

وقالت نيومان، التي تبلغ من العمر 43 عاماً، إن مهامها في اللعبة تنطبق مباشرة على نوع الوظيفة التي تشغلها. وأضافت أنه مع إدراكها لعدم معرفة بعض الأشخاص باللعبة، إلا أنها رغبت بتسليط الضوء على خبرتها في جمع المتطوعين على الإنترنت، كإشارة على قدراتها كعضو اتصال ومدير فعال في بيئة العمل.

ويضاف إلى ذلك اعتقادها بأن الإداريين الذين يتخذون قرار التوظيف في مكان مثل كلية المعلومات، التي تركز على التكنولوجيا، سينظرون إلى خبرتها في الألعاب كعلامة على ملاءمتها للثقافة السائدة في العمل.

ويبدو أن رؤية نيومان كانت صحيحة، إذ قال عميد كلية المعلومات، جيفري ماكيماسون: «علمت أن هيذر يمكن أن تتكلم كمهووسة بالتقنية، وأنها ستُدرك خلفيات العديد من طلابنا».

ولا تعد تجربة نيومان فريدة، فقال المدير التنفيذي في شركة «روبرت هاف تكنولوجي» المختصة بالتوظيف في مجال تكنولوجيا المعلومات والتابعة لشركة «روبرت هاف»، جون ريد، إنه شهد عدداً قليلاً من السير الذاتية أشار أصحابها لمهاراتهم في الألعاب، مضيفاً أن متعاملي شركته لم يسعوا إلى تعيين أصحاب الخبرات في اللعب.

ومع ذلك، قال ريد إنه يمكن الاستفادة من الخبرة في ألعاب الفيديو لبدء محادثة خلال مقابلات العمل، على الرغم من أن أمراً كهذا قد يدفع مسؤول التوظيف للتساؤل عما إذا كانت هواية المرشح قد تجعله يواصل اللعب في المكتب طيلة اليوم. وحذر ريد من أن التطرق إلى هذا الموضوع ينبغي أن يتم بطريقة لبقة وجذابة.

وتنظر بعض الشركات إلى قدرة اللاعبين على تنفيذ مهام معقدة عبر الفرق الافتراضية كميزة إضافية.

وقال نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الابتكار في شركة «آي بي إم»، فرانسواز لوجوس، إن اللاعبين يمكن أن يجدوا عملاً مزدهراً في شركات مثل «آي بي إم»، إذ يتوجب على الموظفين التعاون مع زملائهم في أي مكان في العالم، وفي أكثر الأوقات دون اللقاء بهم مباشرة.

وأضاف لوجوس، الذي يشغل حالياً نائب الرئيس لشؤون التحول في شبكة «واي إيه آي» للمنظمات غير الهادفة للربح، «تعد القدرة على الانخراط في بناء استراتيجية، وبناء فريق، ومشاركة المعرفة، وحل المشكلات عن بعد أموراً مهمة حقاً».

لكن يبدو أن إضافة خبرات ألعاب الفيديو إلى السير الذاتية لا يحقق دوماً النتيجة المرجوة في الحصول على وظيفة، فعلى سبيل المثال، أضاف مهندس الإلكترونيات، دون سبافورد، ترتيبه في رابطة اللاعبين ودوره في قيادة الغارات في لعبة «ورلد أوف ووركرافت» إلى سيرته الذاتية خلال بحثه عن وظيفة بدوام كامل.

واعتبر سبافورد، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، أن هذه الخبرة إلى جانب وظيفته الأخيرة في شركة «نرويجان كروز لاينز» وست سنوات قضاها في البحرية الأميركية، تثبت جميعها قدراته في القيادة والتواصل.

وأشار إلى ما تتيحه الألعاب من فرصة لتوسعة قدراته في القيادة، لافتاً إلى خبرته في ترؤس الفرق المؤلفة من الجنود الافتراضيين الذين يسهل تشتتهم، وشبّه سبافورد الأمر برعي القطط، في إشارة إلى صعوبة تنظيم قطيع من القطط أو فئات مختلفة متنافرة.

ومع ذلك، لم يُبدِ مديرو التوظيف كثيراً من الاهتمام بخبرته في الألعاب. واعترف سبافورد أن التفاصيل المتعلقة بدوره في لعبة الفيديو ربما تؤدي بسيرته الذاتية إلى كومة المرشحين المرفوضين.

وتمثل مسألة إدراج خبرات ألعاب الفيديو مثار قلق أعضاء منتديات الإنترنت، الذين يتخوفون من أن ترويجهم لهوايتهم في اللعب سيؤدي بالآخرين إلى النظر إليهم ككسالى، أو أشخاص يُواجهون صعوبات في التواصل الاجتماعي.

ومثلاً، يعمل بيتر موريس مسؤولاً تنفيذياً عن المبيعات الإقليمية في شركة «إنفورميشن بيلدرز» في نيويورك، إلى جانب كونه لاعباً متحمساً للعبة «وورلد أوف ووركرافت»، لكن موريس، ومن خلال عمله السابق مديراً للتوظيف، يحذر زملاءه اللاعبين من إضافة إنجازاتهم في اللعب إلى سيرهم الذاتية.

وقال موريس، الذي يبلغ من العمر 50 عاماً، إنها في نهاية اليوم تظل نوعاً من التخيل أو التظاهر، منبهاً إلى تفهّم القليل من مسؤولي التوظيف قيمة الموظف الذي يلعب دور القائد في لعبة خيالية.

ويفضل بعض هواة ألعاب الفيديو الإشارة إلى مهاراتهم في اللعب، حسب علاقتها بالوظيفة التي يتقدمون إليها، ومنهم ماري برينر، خطيبة دون سبافورد، فأدرجت تجربتها في التنسيق وتنظيم اللقاءات في لعبة «وورلد أو ووركرافت» في بعض نسخ سيرتها الذاتية، وحذفتها عند التقدم لوظائف لا تتضمن مهامها تنظيم الفعاليات.

من جهته، قال الأستاذ المساعد في الاتصالات في جامعة «جنوبي كاليفورنيا»، ديمتري وليامز، إن البارعين في الألعاب، مثل «ليج أوف ليجندس» League of Legends و«دونجونس آند دراجونز» Dungeons and Dragons Online، يظهرون مهارات استثنائية في الاستراتيجية وبناء الفريق.

ووفقاً لبحث وليامز، الذي يركز على الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمستخدمي ألعاب الفيديو، يستخدم معظم اللاعبين مثل هذه السمات داخل وخارج بيئة اللعب. وأشار إلى أن عدداً من اللاعبين البارزين ممن التقى بهم أصحاب شخصيات قيادية في الحياة الافتراضية والحقيقية.

وقدم وليامز مثالاً عن لاعب شاب ساعدته خبرته في شن الغارات على فهم كيفية النجاح في الجامعة وبيئة العمل، ولاعب آخر قاد رابطة للاعبين، وانطلق منها إلى إدارة استديو لتصميم الألعاب، وأسّس لاحقاً استديو خاصاً به.

وقال وليامز: «يوجد اعتقاد خاطئ بأن الشخص حين يلعب يتصرف مثل شخص آخر، وأظهر البحث أن عالم اللعب يكبر ما يوجد بالفعل».

تويتر