عرقل سلسلة الإمداد والتوريد وقيّد حركة السفر وجمد الأنشطة في الصين

«كورونا» يوجّه ضربة لشركات التقنية وصناعة المؤتمرات

قلق من مخاوف انتشار الفيروس وتحوّل المؤتمرات لبؤر ساخنة له. ■من المصدر

تصاعدت خلال الأيام الماضية التداعيات السلبية لفيروس «كورونا» المستجد على صناعة تقنية المعلومات، واتخذت مساراً متسارعاً، إذ أجبرت المخاوف من انتشار الفيروس، منظمي أكبر مؤتمر ومعرض دولي سنوي للهواتف المحمولة على إلغائه، ما يهدد بتوجيه ضربة قاصمة لمؤتمرات ومعارض التقنية الموضوعة على أجندة 2020 ويهدد بإلغائها، كما أعلنت شركات تقنية كبرى عن تأثر أعمالها بالوباء، سواء عبر عرقلة سلسلة الإمداد والتوريد وقنوات التوزيع، أو تقييد حركة سفر موظفيها حول العالم، أو بإيقاف وتجميد أنشطتها بالصين ومناطق أخرى بدأ الوباء يتسع فيها.

معرض الهواتف

وكانت أكبر ضربة وجهها الفيروس لصناعة التقنية الأسبوع الجاري، إعلان جمعية «جي إس إم» الدولية للاتصالات المحمولة، المسؤولة عن تنظيم مؤتمر ومعرض برشلونة العالمي للهواتف المحمولة في 12 فبراير الجاري، عن إلغاء دورة العام الجاري من المعرض، بقرار من مجلس إدارة الجمعية، بسبب فيروس «كورونا»، والخوف من تحول المؤتمر لبؤرة وباء، نظراً لأن ما يزيد علي نصف مليون شخص، سيتجمعون في المؤتمر والمعرض، سواء كمشاركين، أو خبراء، أو عارضين، أو زوار.

خسائر موجعة

وقال الرئيس التنفيذي لجمعية «جي إس إم» الدولية، جون هوفمان، في بيان رسمي، إن القلق العالمي بشأن تفشي فيروس «كورونا»، وقلق السفر والظروف الأخرى، جعل من المستحيل على الجمعية تنظيم الحدث، لافتاً إلى أن الجمعية استجابت في البداية لمخاوف العارضين، واتخذت تدابير صارمة على نحو متزايد لمنع تحول مقر المعرض والمؤتمر لبؤرة شديدة لانتشار الوباء، لكن هذه الاحتياطات لم تكن كافية لثني العديد من الشركات عن الانسحاب من المشاركة، أو تبديد مخاوف العارضين والمشاركين، ومن ثم جاء قرار إلغاء المعرض بالكامل، على الرغم من أن القرار يمثل ضربة قوية للجمعية وأعمالها، ولشركات التقنية، لاسيما الشركات الصغيرة التي كانت لاتزال تخطط للحضور والمشاركة، واستثمرت في ذلك الكثير من الأموال.

وكانت «شركة إل جي الكورية الجنوبية» أول المنسحبين من المعرض، تبعتها شركات: «إيه تي آند تي»، و«فيس بوك»، و«أمازون»، و«دويتش تيليكوم»، و«إنفيديا» و«إيه إم دي».

بدوره، قال كبير الباحثين في مؤسسة «سي سي إس إنسايت» للاستشارات والبحوث، بين وود، إن جمعية «جي اس إم» كانت ضحية لظروف خارجة عن إرادتها، كما أن قرار الإلغاء يلقي بمخاوف عميقة والكثير من الغموض حول مصير جميع المؤتمرات والمعارض الدولية المزمع عقدها خلال العام الجاري بمناطق العالم المختلفة، سواء كانت على المستوى المحلي أو الإقليمي أو القاري أو الدولي، الأمر الذي يشكل ضربة مؤلمة لصناعة المعارض والمؤتمرات لن يتم التعافي منها سريعاً.

عمالقة التقنية

إلى ذلك، أصدر محللو موقع «تيك ريبابليك» techrepublic.com المتخصص في التقنية، تقريراً موسعاً حول تداعيات الفيروس على صناعة التقنية، أوضحوا فيه أن عدد شركات التقنية الكبرى التي بات في حكم المؤكد تعرّضها لتأثيرات سلبية جراء الوباء بلغ 12 شركة، هي: «أبل»، و«غوغل»، و«إل جي»، و«زد تي آي»، و«أمازون»، و«مايكروسوفت»، و«تسلا»، و«إيربنب»، و«أوبر»، و«اريكسون»، و«فوكسون»، و«إنفيديا».

وأشار المحللون إلي أن أوجه التأثر التي حدثت حتى الآن تتضمن اضطراب سلاسل التوريد لمكونات الأجهزة والمعدات التي تصنع في الصين، بسبب القيود على حركة سفر من الصين وإليها، والتشدد في إجراءات الحجر الصحي، لافتين إلى أن كل هذه التداعيات تعد إجراءات «انكماشية» تحد من حركة الإنتاج والبيع والتسويق، وسلاسة تحريك المكونات والمخزون والشحنات.

وقد أغلقت «أبل» جميع متاجر بيع هواتف «آي فون»، وكذلك مراكز الاتصال التابعة لها في الصين، كما توقف التعامل مع موردي المكونات بمنطقة «ووهان» الموبوءة، وفعلت «غوغل» الشيء نفسه وأغلقت جميع مكاتبها في الصين وهونغ كونغ بشكل مؤقت. أما «أمازون» فقالت إنها قيدت السفر التجاري من الصين وإليها حتى إشعار آخر. كما أغلقت شركة «تسلا» مصنعها بمدينة شنغهاي، فيما أكدت شركة «إيربنب» للسفر والحجوزات، أنها فتحت المجال لإلغاء أي حجوزات لديها لأسباب تتعلق بانتشار الفيروس، وذلك من دون غرامات على الحاجزين، رغم أن هذا الإجراء سيؤثر عليها مادياً.

مواجهات رقمية مع الفيروس

دخلت تقنية المعلومات ميدان المعركة ضد الفيروس، إذ أعلنت منظمة الصحة العالمية وبعض وكالات الأمم المتحدة المتخصصة عن إنشاء خريطة لحظية ثلاثية الأبعاد، لتتبع ورصد معدلات انتشار الفيروس، وتعمل الخريطة بنظم المعلومات الجغرافية، وتقدم طبقات متعددة من البيانات، تشمل الإصابات والوفيات والحالات المؤكدة، حسب البلد، وعرضها في رسوم وأشكال بصرية ومشاهد ثلاثية الأبعاد، كما تحتوي الخريطة على صور متحركة ملونة ترصد حركة الفيروس وانتشاره حول العالم.

كما تعاونت منظمة الصحة العالمية مع مراكز بحثية لإطلاق «لوحة المعلومات الحية» حول الفيروس وعنوانها gisanddata.maps.arcgis.com/‏‏apps/

‏‏opsdashboard التي تتابع فيروس «كورونا» على خريطة في الوقت الحقيقي، وتسحب البيانات من منظمة الصحة العالمية ومراكز للسيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة وأووربا والصين، لإظهار جميع الحالات المؤكدة والمشتبه فيها من فيروس كورونا.

كما يجري استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وتحديداً «تويتر» و«فيس بوك»، للقيام بتحليلات لحظية للبيانات الضخمة المتداولة عبر الفيروس بين مستخدمي الشبكتين.

تويتر