موجة الانبهار بالتقنية تصطدم بالرفض المجتمعي لـ«الاستعباد الرقمي»

أزمات شركات التقنية تخيّم على «سي إي إس 2020»

170 ألف شخص من مطوري برمجيات ومحللين وباحثين يشاركون في «سي إي إس». من المصدر

للمرة الأولى في تاريخه، يواجه أكبر معرض تجاري للتقنية في العالم، وهو معرض الإلكترونيات الاستهلاكية «سي إي إس» في دورته الحالية لعام 2020 وضعية صعبة غير مألوفة بعالم المعارض التجارية، إذ يتوقع العديد من الخبراء أن تعصف القضايا ذات الطابع المجتمعي والاجتماعي بدورة المعرض، وتخيّم على أجوائه، لتطفئ أو تحد من بريق ما يقدمه من منتجات تجارية، وتضع المعرض في تحد غير مسبوق وغير مألوف بعالم المعارض التجارية التقنية، فهذه القضايا تعد موجة مرتدة من قبل المستهلكين والمستخدمين ضد شركات التقنية وعمالقتها الكبار، جراء ما تكشف خلال 2019 من أزمات اقترفتها في مجال الخصوصية وحماية البيانات، والأسعار والتوجه نحو «الاستعباد الرقمي» للمستهلكين.

جاءت هذه التوقعات في سياق تحليل نشرته شبكة «زد دي نت» zdnet.com المتخصصة في التقنية حول المحتمل حدوثه أو عرضه خلال معرض «سي إي إس» الذي يعقد حالياً في مدينة لاس فيغاس الأميركية، بمشاركة نحو 170 ألف شخص من مطوري برمجيات، وكبار المديرين التنفيذيين، والمسؤولين التنفيذيين في الشركات، ومحللين وباحثين وعارضين.

«غوغل» والصواريخ

وفقاً للعديد من المحللين، فإن 2019 هو العام الذي تراكمت فيه التداعيات الناجمة عن كل الأخطاء والفضائح والأزمات المجتمعية التي تسبب فيها عمالقة التقنية خلال الأعوام السابقة، وحولت التفاؤل الوردي حول كيفية تغيير التكنولوجيا للعالم إلى قلق واهتزاز ثقة. ومن أبرز ما حدث أن «شركة غوغل الأميركية» وقعت عقداً مع وزارة الدفاع الأميركية لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في مشروع يُعرف داخل الشركة باسم مشروع «مافن»، وقالت تقارير إنَّه من المحتمل استخدام هذه التقنية في تحسين دقة صواريخ الطائرات من دون طيار التي عادةً ما تتسبب في إسقاط ضحايا مدنيين، لهذا وقَّع الآلاف من موظفي «غوغل» خطاباً موجها إلى رئيس الشركة سوندار بيشاي، يطالبون فيه بإلغاء التعاقد، قائلين: «نعتقد أنَّ (غوغل) يجب ألاّ تدخل في الحروب».

الانتخابات الأميركية

تفجرت خلال الفترة نفسها أيضاً أزمة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عبر شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، التي جرت أحداثها في عام 2016، وتفجرت فعلياً في 2018، حينما أعلنت «فيس بوك» أنَّها توقفت عن التعامل مع شركة «كامبريدج أناليتيكا»، وهي شركة بيانات استخدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحملة الرئاسية عام 2016، بسبب انتهاكها خصوصية المستخدمين، إذ تعرّضت بيانات 50 مليون مستخدم للاستغلال بواسطة «كامبريدج أناليتيكا» دون إذن منهم، وارتفع الرقم في ما بعد ليصل إلى 87 مليون مستخدم.

فضيحة التنصت

وفي منتصف عام 2019 واجهت شركات «أمازون» و«غوغل» و«أبل» و«مايكروسوفت» موجة عاصفة من النقد، لاستخدام المساعدات الرقمية الصوتية في التنصت علي المحادثات التي تجرى بين هذه المساعدات الصوتية ومستخدميها، وذلك من خلال السماح لموظفيهم بالحصول على نصوص من هذه المحادثات، في خرق قاضح وغير مسبوق لخصوصية المستخدمين.

استعباد رقمي

يطلق الخبراء وصف «الاستعباد الرقمي» و«التسليع التقني» على الحالة التي تمارسها الكثير من شركات التقنية تجاه مستخدميها، ومستهلكي منتجاتها، فمن ناحية بات المستخدم والمستهلك في وضعية ضعيفة للغاية أمام خدمات ومنتجات التقنية الكبرى، ومسلوب الإرادة تقريباً، كما أصبح مليارات من البشر مجبرين في معظم الأحيان على استخدام هذه المنتجات والخدمات، في ما يشبه حالة «الاستعباد»، التي تتحول لدى العديدين إلي «إدمان بمحض إرادتهم».

وجعلت وضعية الاستعباد الطريق مفتوحاً بدرجة غير مسبوقة لأن يتحول المستخدم أو المستهلك إلى سلعة تتم المتاجرة فيه من خلال تجميع وفهرسة وفهم كل البيانات الدالة على تحركاته وسكناته وقراراته في العالم الرقمي على مدار اللحظة، ثم استخدامها في استهدافه بالإعلانات والسلع والمنتجات، ودفعه نحو سلوكيات بعينها، بحيث لم يعد الإنسان الفرد سوى هدف «تسليع تقني»، أو التحول إلى سلعة باستخدام التقنية.

اعتراف بالأزمة

اعترفت جمعية تقنية المستهلك «سي تي إيه» التي تدير معرض الإلكترونيات بهذا الوضع غير المسبوق في المعرض. وقالت المتحدثة كارولين فينيل إن «سي إي إس 202» سيشمل جلسات تركز على الخصوصية والأمان، فضلاً عن طاولة مستديرة تضم كبار مسؤولي الخصوصية من «فيس بوك» و«أبل».

وأضافت أن برامج الجمعية تركز بشدة على التكنولوجيا من أجل الخير والتنوع والشمول، وستتحدث عن جهودها لإعطاء المزيد من الأميركيين الفرصة للوصول إلى وظائف عالية المهارة.

من ناحية أخرى، قال المحلل في مؤسسة «ويدبوش» للخدمات المالية، مايكل باشتر، إن المعرض ربما يكون فرصة للشركات لإعادة تركيز انتباه الجمهور على فوائد التقنيات الجديدة.

تويتر