نظم «بلوك تشين» و«إنترنت الأشياء» تخفض خسائر الاحتيال بـ 114 مليار درهم بحلول 2024

دراسة تتوقع ثورة عالمية في قطاع الأغذية

مبادرة «آي بي إم» جذبت 188 مؤسسة للإنتاج الغذائي حول العالم. من المصدر

من المتوقع أن يحقق قطاع الأغذية في العالم، بحلول عام 2024، وفراً قدره 31 مليار دولار (نحو 114 مليار درهم) في الخسائر الناجمة عن الاحتيال والغش بالأغذية، فضلاً عن التأخير والتلاعب في الفواتير والسجلات المالية المتداولة عبر سلسلة الإمداد والتوريد الممتدة من المزارع إلى أرفف محال البقالة، ومحال سلاسل البيع بالتجزئة، وذلك بعد التوسع في نشر واعتماد نظم الإمداد والتوريد المتطورة، المعتمدة كلياً على تقنية «سلاسل الكتل» أو «بلوك تشين»، ونظم «إنترنت الاشياء» داخل سلاسل الإنتاج، والتوريد، والتوزيع، والبيع بالتجزئة للمواد الغذائية.

جاء ذلك في دراسة أجرتها «مؤسسة جونيبر للأبحاث» في المملكة المتحدة، ونشرت ملخصاً لنتائجها في بيان صدر في 30 نوفمبر عبر موقعها juniperresearch.com/‏‏‏‏‏press/‏‏‏‏‏press-releases، وتناولت حالة تقنية سلاسل الكتل وأنظمة «إنترنت الأشياء» في مجال الغذاء وتجارة التجزئة، والتأثيرات المستقبلية لهذه التقنيات على كامل تفاصيل رحلة الغذاء من المزارع إلى المصانع، وأرفف المحال التجارية.

ثورة غذائية

رأت الدراسة أن استخدام تقنية سلاسل الكتل ونظم «إنترنت الأشياء» لتتبع الرحلة التي يأخذها الطعام من المزارع إلى أرفف متاجر البقالة، سيحدث «ثورة» في صناعة المواد الغذائية، ويقلل من تكاليف تجار التجزئة من خلال تبسيط سلاسل الإمداد، وتبسيط الامتثال للوائح التنظيمية. وقال المحلل في مؤسسة «جونيبر» وأحد معدّي التقرير، مورجان كيميش، إن الأمر يتعلق في كثير من الأحيان بالمواد والمكونات ذات التسمية الخاطئة أو المخففة أو البديلة، التي تعطي للمستهلك الانطباع بجودة معينة للمادة الغذائية، في حين أن الأمر لا يكون كذلك، كأن يكتب على عبوات زيت الزيتون أنها من «زيت الزيتون البكر الممتاز»، ومصدرها اليونان، في حين أن العبوة قد تكون آتية من مكان آخر، وتحمل مواصفات وجودة غذائية مختلفة.

وأوضح أنه في حال الاعتماد على تقنية سلاسل الكتل ونظم «إنترنت الأشياء»، فإنه لا يمكن حدوث مثل هذا الشيء، إذ إن كل تفاصيل رحلة المنتج، منذ زراعة شجيرات الزيتون، وحتى وصول الزيت إلى رف البيع، تكون مسجلة كاملة، بصورة مفتوحة غير قابلة للتغيير، ويمكن لكل الأطراف المشارَكة فيها والوصول إليها بشفافية تامة.

قواعد بيانات

ويقصد بتقنية سلاسل الكتل: قواعد البيانات الموزعة التي تحتفظ بقائمة من السجلات المستمرة النمو بلا انقطاع، والمؤمّنة ضد العبث والمراجعة، ويصفها المصرفيون والمحاسبون العاملون في القطاع المالي بأنها أشبه بـ«دفتر أستاذ إلكتروني عام مفتوح»، تتشارك فيه أطراف عدة منفصلة في بياناتها ومعاملاتها، وتضع فيها بياناتها الخاصة بمعاملاتها المالية، وكل وحدة من هذه البيانات تختص بمعاملة أو عملية معينة، ويطلق عليها «كتلة»، وكل كتلة لديها بصمة وقت، وترتبط مع سابقتها ولاحقتها برابط مميز، لتشكل في النهاية «سلسلة كتل»، ما يسمح لأي مجموعة من المستخدمين بالمشاركة في «الاستاذ الإلكتروني العام»، والانخراط في مدفوعات مالية مشتركة طوال الوقت.

وفر مالي

تؤكد دراسة «جونيبر» أنه مع زيادة التبني في صناعة سلسلة التوريد الغذائية، ستوفر سلاسل الكتل ونظم «إنترنت الأشياء» وفورات ناجمة عن الحد من عمليات الاحتيال في مجال الأغذية بقيمة 31 مليار دولار، على مستوى العالم، بحلول عام 2024 من خلال تتبع الأغذية بشكل غير قابل للتغيير عبر سلسلة التوريد.

وتتوقع الدراسة أن يبدأ الوفر في سلسلة الإمداد والتوريد الغذائي عالمياً من عام 2021، ثم تتسارع وتيرة التخفيض في التكلفة لتصل إلى 30% في وقت مبكر من عام 2024.

وتستند الدراسة في هذه التوقعات إلى أن نظم تتبع المواد الغذائية تعتمد بشكل كبير حالياً على المعاملات الورقية لتتبع الأصول يدوياً في جميع أنحاء سلسلة التوريد، وهو نظام غير فعال، لأنه يسمح بفقدان السجلات أو عدم تسويتها في التوقيت المناسب، إضافة إلى أنه لا يمكن مشاركة السجلات الورقية بين جميع مستخدمي سلسلة التوريد، ما يقلل من الرؤية الكلية لسلسلة تفاصيل عمليات التوريد من قبل المشاركين في هذا النشاط.

كما أنه غالباً ما يتعين على الشركات الاعتماد على الوسطاء لأداء هذه المهام، وكل هذا يضيف مستوى من التعقيد إلى سلسلة التوريد، ينعكس في النهاية في صورة زيادة في الهدر والفاقد وعمليات الاحتيال، أما في حالة سلاسل الكتل وأنظمة «إنترنت الأشياء»، فإنه يمكن إنشاء سلاسل الحظر الخاصة أو «المسموح بها» داخل جدران شركة واحدة، أو بين عدد لا حصر له من الأطراف الموثوقين المشاركين في سلسلة توريد ما، وإدارتها مركزياً، مع الاحتفاظ بالسيطرة على من لديه حق الوصول إلى المعلومات على الشبكة، ويمكن أيضاً استخدام سلاسل الكتل بين الشركاء التجاريين، مثل «البائع السحابي»، ومزود الخدمات المالية وعملائه.

مبادرة «الغذاء الموثوق»

ذكرت الدراسة العديد من قصص النجاح الباهرة التي تحقق تقدماً سريعاً، منها مبادرة شركة «آي بي إم» الأميركية: «الغذاء الموثوق» التي تقدم حلولاً للإمداد والتوريد معتمدة على سلاسل الكتل والذكاء الاصطناعي وأنظمة «إنترنت الأشياء»، واجتذبت حتى الآن 188 مؤسسة للإنتاج الغذائي حول العالم، من بينها أسماء كبرى مثل «نستلة» و«تايسون فوزدز»، و«غولدن ستيت».

بدورها، تنشر شركة «ساب» المتخصصة في نظم إدارة موارد المؤسسات، حلولاً قائمة على تقنية سلاسل الكتل وأنظمة «إنترنت الأشياء»، انضمت اليها مؤسسات تعمل في 565 صنفاً من المنتجات الغذائية، وتتعامل مع نحو 70% من السوق الأميركية.

«ستاربكس» و«مايكروسوفت»

نشأ تحالف بين شركة «مايكروسوفت» الأميركية وسلسلة مقاهي «ستاربكس» الشهيرة، لبناء سلسلة إمداد سلاسل الكتل تهدف إلى تتبع حبوب البن من المزارع إلى المتاجر، وإنشاء تطبيق على الهواتف المحمولة يتيح للمتعاملين تتبع رحلة سلسلة التوريد للحبوب التي يشترونها والقهوة التي يشربونها. وحالياً انضم 12 ألف شخص يمثلون 10% من مزارعي البن في هندوراس إلى هذه الأنظمة، ويستهدفون أن يغطي النظام كامل إنتاج البن في هندوراس بحلول أبريل 2020.

تويتر