مراقبون يعتبرون الخدمة بديلاً جانبياً لتعثر مشروع «ليبرا»

خدمة «فيس بوك باي» تقطع الطريق مبكّراً أمام محاولات «تقسيم» الشركة

مشروع العملة المشفرة «ليبرا» من «فيس بوك» يواجه تعثراً واضحاً. غيتي

جاء الإعلان عن خدمة الدفع الإلكتروني الجديدة من «فيس بوك» ليكشف النقاب عن ثلاث قضايا رئيسة تجري داخل شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة، الأولى صراعها مع دعوات البعض لإخضاعها للتدقيق والفحص بغرض تقسيمها، والثانية الحصول على بديل جانبي ـ ولو جزئياً ـ للتأخر والتعثر الذي يواجه مشروعها الطموح لطرح عملتها الرقمية المشفرة «ليبرا»، والثالثة الحصول على توظيف إعلاني وتجاري جديد لقاعدة مستخدميها التي تقدر بمئات الملايين من المستخدمين النشطين.

واعتبر محللون في موقع «بيزنس انسايدر» businessinsider.com وقسم التقنية في «وكالة بلومبرغ التقنية» bloomberg.com/‏‏‏technology أن القضايا الثلاث السابقة تمثل الكواليس الفعلية وراء قرار «فيس بوك» إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني الجديدة «فيس بوك باي»، التي جرى الإعلان عنها وتشغيلها رسمياً في 13 نوفمبر الجاري داخل الولايات المتحدة كمرحلة أولى، قبل نشرها عالمياً.

خدمة عابرة للتطبيقات

قدم نائب رئيس «فيس بوك» للأسواق والتجارة، ديبورا ليو، شرحاً للخدمة الجديدة في تدوينة مطولة نشرها على موقع «فيس بوك» الرسمي fb.com/‏‏‏news، جاءت بعنوان «تبسيط المدفوعات باستخدام فيس بوك باي»، قال فيها إنها خدمة ستوفر للناس تجربة دفع مريحة وآمنة ومتسقة عبر «فيس بوك» و«ماسنجر»، و«إنستغرام»، و«واتس أب» في آن واحد، فهم يستخدمون خدمات الدفع حالياً عبر تطبيقات «فيس بوك» للتسوق والتبرع وإرسال الأموال، وخدمة «فيس بوك باي» ستجعل هذه المعاملات أسهل مع الاستمرار في ضمان حماية معلومات الدفع الخاصة بهم.

وأضاف أن الخدمة تتيح للمستخدم القيام بأشياء عدة، هي إضافة وتشغيل طريقة الدفع المفضلة في خطوة واحدة، ثم استخدامها عبر تطبيقات «فيس بوك» و«إنستغرام» و«واتس أب»، بدلاً من الاضطرار إلى إعادة إدخال معلومات الدفع الخاصة بكل تطبيق على حدة في كل مرة، وعرض سجل الدفع، وإدارة طرق الدفع وتحديث إعداداتك في مكان واحد، والفهم الواضح لخدمات الدفع، دون تعقيد أو جهد إضافي في متابعتها عبر كل تطبيق، والحصول على دعم معظم بطاقات الائتمان والخصم الرئيسة مثل «ماستر كارد»، و«فيزا».

أوضح ليو أنه تم تصميم الخدمة الجديدة لتخزين وتشفير أرقام البطاقات والحساب المصرفي بشكل آمن، وإجراء مراقبة لمكافحة الغش لاكتشاف النشاط غير المصرح به، وتقديم إعلامات لنشاط الحساب، ويمكن للمستخدم إضافة رمز سري أو استخدام القياسات الحيوية للجهاز، مثل التعرف إلى اللمس، أو التعرف إلى الوجوه، دون أن يتلقى «فيس بوك» أو يخزن معلومات القياس الحيوي لجهازك.

هجوم «فيس بوك»

رأى محللو قسم التقنية في «بلومبرغ» في تحليل أولي لهذه الخدمة، أنها ثاني مؤشر على لجوء «فيس بوك» لأسلوب «الهجوم خير وسيلة للدفاع»، في معركته المستقبلية مع من يسعون إلى تقسيم الشركة، وهو أمر بدأت بوادره مع الجهود الجارية لإخضاع الشركة لتدقيق يتعلق بمكافحة الاحتكار من وكالات تنظيمية متعددة. ويتمثل هجوم «فيس بوك» في اللجوء إلى فكرة توحيد العلامات التجارية والبنية التحتية التي تخدمها في «خيط واحد»، لتصبح كياناً موحداً غير قابل للتقسيم والفصل، أو يصعب للغاية تقسيمه وفصله، وكان المؤشر الأول في هذا السياق هو دمج «فيس بوك» تطبيقات المراسلة الموجودة في «ماسنجر»، و«إنستغرام»، و«واتس أب» في كيان واحد، بحيث يمكن للمستخدمين التنقل بسهولة بين التطبيقات، وإرسال رسائل إلى أشخاص مشتركين في التطبيقات الثلاثة. وقدم «فيس بوك» علامة تجارية جديدة للشركة في وقت سابق من هذا الشهر لإضفاء مزيد من الوضوح على المنتجات التي تمتلكها، وعلى المنوال نفسه قدم خدمة الدفع الإلكتروني المشتركة بين التطبيقات الثلاثة، كثاني خدمة مدمجة موحدة، تعزز البنية التحتية المشتركة للشركة، بما يقطع الطريق مستقبلاً على فكرة التفكيك والتقسيم.

بديل جانبي لـ«ليبرا»

على الرغم من أن «فيس بوك» حرص في تقديمه لهذه الخدمة على التأكيد بأنه ليس لها علاقة بمشروع العملة الرقمية المشفرة «ليبرا» التي يجري العمل عليها حالياً، فإن الكثير من المراقبين قالوا بغير ذلك، واعتبروا أن مسارعة «فيس بوك» إلى إطلاق خدمة الدفع الجديدة، ليست سوى بديل جانبي، يخفف من التعثر الذي يواجه مشروع «ليبرا» في الفترة الأخيرة.

ففي توقيت «قاتل»، وقبل أربعة أيام فقط من اجتماعات التأسيس وإقرار الميثاق الأساسي لعملة «فيس بوك» المشفرة التي جرت بجنيف في 14 أكتوبر 2019، أعلنت ست شركات أميركية للمدفوعات الإلكترونية انسحابها من مشروع إصدار هذه العملة، بسبب مخاوف تتعلق بقدرتها على الاتساق مع الإجراءات التنظيمية، وإمكان استخدامها في غسل الأموال، وانسحبت الشركات تاركة المشروع يترنح.

و«ليبرا» أشبه بجنين يواجه صعوبات جمة في الولادة، ولا يعرف على وجه الدقة هل سيولد حياً، ويواصل نموه، أم يولد ميتاً؟.

الانسحاب من المشروع

أفادت تقارير نشرها موقع «ذا فيرج» theverge.com، بأن شركة «باي بال» كانت أول المنسحبين من مشروع «ليبرا»، وبعد ذلك حدث الانسحاب الجماعي حينما أعلنت كل من «فيزا»، و«ماستر كارد» و«ستريب»، و«اي باي»، و«ميركادو باجو» انسحابها من المشروع، وذلك في غضون أربع ساعات فقط من يوم الجمعة 11 أكتوبر الماضي، ويعني هذا التطور أن شركات المدفوعات الإلكترونية الكبرى بالولايات المتحدة أصبحت عملياً خارج المشروع، لذلك يرى العديد من المراقبين أن «فيس بوك باي» يعد في الحقيقة بديلاً جانبياً لمشروع «ليبرا» سواء اعترف «فيس بوك» بذلك أم لا.

تويتر