تقوده «أمازون» و«مايكروسوفت».. ويكسر هيمنة «غوغل بلاي» و«أب ستور»

توقعات بتحالف يؤسس متجراً جديداً لتطبيقات المحمول

صورة

من المتوقع أن ينشأ، خلال السنوات المقبلة، تحالف جديد بين أكبر خصمين متنافسين في مجال الحوسبة السحابية، هما شركتا «مايكروسوفت» و«أمازون» الأميركيتان، اللتان ستتجاوزان خلافاتهما في الحوسبة السحابية، من أجل بناء متجر جديد عملاق لتطبيقات «المحمول»، يحقق مبدأ الاستقلال التام بين نظم تشغيل الهواتف المحمولة، ومتاجر التطبيقات، ويلغي الارتباط القائم حالياً بين متاجر التطبيقات ونظم التشغيل، المتمثل في ارتباط نظام تشغيل «أندرويد» بمتجر تطبيقات «غوغل بلاي»، وتهيمن عليهما شركة «غوغل» الأميركية، وارتباط نظام تشغيل «آي أو إس» بمتجر «أب ستور»، وتهيمن عليهما «أبل».

وسيقود المتجر الجديد المستقل إلى تحرير المطورين ومصنعي الأجهزة ومستخدميها من القيود الناشئة عن الارتباط الحالي الذي يكبل الجميع، ويجعله رهن إرادة «غوغل» و«أبل». هذه الفكرة ليست سوى سيناريو مستقبلي وضعه المحلل وخبير التقنية في مؤسسة «بروف بوينت»، جيسون بيرلو، الذي تخصص على مدار العقدين الماضيين في دمج بيئات الحوسبة القائمة على التقنيات غير المتجانسة التي ينتجها أطراف متعددون، لمصلحة الشركات العملاقة المصنفة ضمن قائمة «فورشن» لأكبر 500 شركة عالمية، ونشره أخيراً في موقع شبكة «زد دي نت» zdnet.com المتخصصة في التقنية.

أزمة «هواوي»

وقال جيسون بيرلو إن نقطة الانطلاق في السيناريو الذي وضعه، كانت الأزمة القائمة بين شركة «هواوي» الصينية والحكومة الأميركية، وكان آخر تداعياتها أن «هواوي» أطلقت الأسبوع الماضي هاتفها الذكي الجديد «ميت 30 برو»، الذي حصل على أعلى تصنيف بمقياس «دكسو مارك»، الذي يعد أفضل مقياس للمراجعة المرجعية المستقلة للهواتف المحمولة، محققاً 121 نقطة، لاحتوائه على أجود كاميرات «المحمول» على الإطلاق، إضافة إلى معايير الكفاءة الأخرى.

لكن هذا الهاتف الذي يعد، وفقاً لهذا التصنيف، أقوى هاتف ذكي وأكثرها تطوراً في السوق، بات يواجه مشكلة أنه لا يعمل مع تطبيقات وخدمات متجر «غوغل بلاي»، التي تتضمن تطبيقات مهمة مثل «جيميل» و«خرائط غوغل» و«يوتيوب»، إضافة إلى الوصول إلى مئات الآلاف من التطبيقات الشائعة الأخرى، التي يمكن تحميلها من هذا المتجر فقط. بالنسبة للسوق الصينية، لا يمثل ذلك مشكلة حرجة، لأن «الجدار الناري الصيني العظيم» يمنع وصول الصينيين أصلاً إلى «غوغل» وخدماتها بشكل فعال، وتحتوي السوق المحلية في الصين على تطبيقات وخدمات أخرى شهيرة يستخدمها المواطنون الصينيون بدلاً من ذلك، لكن في السوق الأوروبية وأميركا الشمالية وبقية العالم، فإنه يعد أشبه بحكم إعدام على المبيعات، إذا لم يتم تثبيت «غوغل بلاي» مسبقاً على الهاتف.

تعد حالة «هواوي» مثالاً صارخاً لقدرة «غوغل» على التحكم الفعال في سوق نظم تشغيل الهاتف المحمول مع متاجر التطبيقات الخاصة بها والخدمات المجمعة الأخرى المرتبطة بها، وهو أمر بات يثير قلقاً كبيراً، فحكومات مثل الولايات المتحدة والهند تحقق حالياً في ما إذا كانت هذه الهيمنة من قِبل «غوغل» تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار في دولها أم لا، كما أن الاتحاد الأوروبي فرض بالفعل غرامات بالمليارات على «غوغل»، وفي السياق نفسه يستحق متجر تطبيقات «أبل» مزيداً من التدقيق، فالشرطة تتمتع بالسيطرة الكاملة على أجهزتها ونظامها الذي يبدو وكأنه «حديقة مسورة».

فك ارتباط

من وجهة نظر جاسون بيرلو، فإن هذه الأوضاع تجعل فك الارتباط بين نظم التشغيل ومتاجر التطبيقات ضرورة تحتمها مصالح مطوري التطبيقات، ومصنعي الهواتف ومستخدميها على حد سواء، لأنه لا ينبغي إجبار أي شركة مصنّعة للجهاز الحصول على ترخيص لمتجر التطبيقات، كما لا ينبغي تحميل متجر التطبيقات مسبقاً على جهاز ما في المقام الأول، ما لم يتخذ مصنع المعدات الأصلية الأصلي هذا القرار بنفسه، ولا ينبغي أن يجد المستخدم نفسه مضطراً لشراء جهاز ما، أو غير قادر على شراء جهاز آخر، لمجرد أن الجهاز ممنوع من دعم متجر تطبيقات بعينه.

تحالف بديل

ولا يمكن مواجهة هذا الوضع إلا بسيناريو ينشأ عفوياً وتلقائياً من قلب السوق نفسها. وبحسب جاسون بيرلو، فإن السيناريو الأقرب للواقعية أن تدخل «مايكروسوفت» و«أمازون» في تحالف لتحويل هذا الوضع إلى فرصة جديدة بالنسبة لهما معاً، وتقومان ببناء متجر تطبيقات عملاق مستقل جديد، يلبي تطلعات واحتياج المصنعين والمطورين والمستخدمين.

أما اختيار «مايكروسوفت» و«أمازون» لهذا السيناريو، فمرجعه إلى أن وجود متجر مستقل مزدهر يمكن لأي مستهلك تحميله على أجهزته دون أي تدخل من أي طرف، هو أمر يحتاج إلى شركات مؤثرة تتمتع بخدمات قوية، فـ«أمازون» تعد الطرف رقم واحد المؤهل للدخول في هذا السيناريو، بحكم خبرتها وهيمنتها على سوق الحوسبة السحابية وتطبيقاتها المختلفة، لكنها تحتاج إلى تعاون مع طرف يملك خبرة هائلة في تطوير البرامج والتطبيقات والتعامل مع مجتمعات المطورين، وهذا الطرف ليس سوى «مايكروسوفت» التي تعد أقوى مطور برامج في العالم، ولديها أقوى علاقات مع مجتمعات المطورين عبر أكثر من 40 عاماً.

نقاط تلاقٍ بين الشركتين

هناك الكثير من نقاط التلاقي التي تدفع باتجاه عقلانية هذا التحالف، فلدى «مايكروسوفت» أقوى تقنية للمصادقة، ومجموعة واسعة من التطبيقات، ويمكن ربط هذه المصادقة بخدمات لإدارة الهوية، التي سيحتاج أي شخص يشارك فيها كعميل إلى شراء التطبيقات، واستخدام خدمات مثل البريد الإلكتروني أو الخرائط، وهي أساسيات مهمة لمتجر تطبيقات محتمل، أما «أمازون» فلديها خدمات سحابية للمستهلكين لا توفرها «مايكروسوفت»، مثل تدفق الموسيقى، والكثير من محتوى الفيديو من خلال خدمات التأجير الأولية والمدفوعة.

يوجد في «أمازون» أيضاً نظام «أليكسا» المهيمن على سوق المساعدات الرقمية الصوتية الذكية، كما أن هناك قدرات متناثرة لدى الشركتين يمكن دمجها في تطبيقات قوية وبديلة لـ«غوغل بلاي» و«أب ستور»، مثل الخرائط والملاحة والبريد الإلكتروني، إذ تنفق «أمازون» بالفعل الكثير على خدمات رسم الخرائط لاستخدامها الداخلي.

وهناك خطوات تلاقت فيها «مايكروسوفت» مع «أمازون»، فقد وافقت «مايكروسوفت» بالفعل على دمج مساعد «أليكسا» مع «ويندوز»، فيما وافقت «أمازون» على أن يعمل تطبيق «دليل آزور النشط» التابع لـ«مايكروسوفت» مع تطبيق «اتحاد الحساب بمعرفات مستخدمي أمازون»، وهذه أشياء يمكن الاستفادة منها إذا قررت الشركتان إنشاء متجر تطبيقات كمشروع مشترك.

تويتر