تحليل وصفه بـ«صراع على الجنين لحظة الولادة».. والفوائد تتجاوز تريليون دولار

«الجيل الخامس» مرتبط بأبعاد سياسية وأمنية

لم يعد «الجيل الخامس» للمحمول مجرد تقنية يتم تشغيلها في شبكات الاتصالات اللاسلكية المحمولة لتحقيق سرعات غير مسبوقة، وسعات خارقة في نقل البيانات، بل معضلة دولية لها أبعاد استراتيجية وسياسية واقتصادية تشغل مركزاً متقدماً في أولويات صنع القرار لدى اللاعبين الدوليين الكبار، لأن الريادة في هذه التقنية تعني الفوز بنحو تريليون دولار، وفرص عمل وتسويق تجارية لا حدود لها. لذلك فإن أحداثاً دولية كبرى تجري حالياً، في مقدمتها الخلاف الصيني الأميركي، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي ليست سوى علامات بارزة للصراع حول «الجيل الخامس»، الذي بات يشبه «صراعاً على جنين في لحظة الولادة».

هذه خلاصة تحليل مطول نشره كبار المحللين في شبكة «زد دي نت» zdnet.com المتخصصة في تقنية المعلومات والاتصالات، حول أبرز التحديات التي باتت تقنية «الجيل الخامس» للمحمول تواجهها حالياً، ونقل التحليل آراء ونتائج عشرات من التقارير والدراسات تشير في مجملها إلى أن انتشار «الجيل الخامس» للمحمول بات مرتبطاً بأبعاد استراتيجية وسياسية وأمنية.

ريادة لا منافسة

نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 21 فبراير 2019، على حسابه في «تويتر»، تغريده خاطب فيها شركات التقنية الأميركية قائلاً: «أريد تقنية الجيل الخامس وحتى الجيل السادس، بتكنولوجيا في الولايات المتحدة في أسرع وقت ممكن، ويتعين على الشركات الأميركية تكثيف جهودها، أو أن ستتخلف إلى الوراء».

قدمت هذه التغريدة مؤشراً واضحاً على أن السباق نحو «الجيل الخامس»، لم يعد مجرد منافسة تجارية، بل تحول إلى عملية اندفاع من قبل كثيرين يحرصون على أن يكونوا أول من يبدعون، ويتبنون، ليصبحوا على أول الخط.

وبحسب المحللين، فإن تحدي الريادة مرجعه الأساسي هو الفوائد التي بات في حكم المؤكد أن يحققها «الجيل الخامس» للمحمول، حال اكتماله ونضجه ليصبح بيئة عالمية للاتصالات والأعمال، فمن يحقق الريادة سيمكنه في هذه الحالة أن يفوز بأكثر من تريليون دولار عائدات واستثمارات، وفرص عمل لا حدود لها، فضلاً عن فرص تسويق وبيع ضخمة خلال 10 أعوام إلى 15 عاماً، فضلاً عما يكتنفه ذلك من أبعاد استراتيجية وأمنية وسياسية متعددة الأبعاد وواسعة النطاق.

معايير عامة

تعتبر قضية «المعايير العامة الموحدة» للجيل الخامس للمحمول من العوامل التي تدفع الأمور في هذا الاتجاه، ويقصد بهذه القضية أن الجيل الخامس للمحمول، من الناحية الفنية والتشغيلية والاقتصادية المحضة، لن ينجح ويحقق النتائج المتوقعة منها، ما لم يكون مؤسساً على معايير فنية موحدة ومقبولة عالمياً، ويقر بها مختلف الأطراف.

فى هذا السياق، يقول مستشار الإدارة العالمي لشركة «بين آند كومباني» للبحوث والاستشارات، هربرت بلوم، إنه «لكي يعمل الجيل الخامس للمحمول بكفاءة من الناحية الاقتصادية، فإنه يجب أن تتوافر له بيئة عمل تكون بمثابة محفظة تقنية واحدة، لا تحتمل وجود عدد كبير من التفسيرات الخاصة لمصنعين غير متعاونين، لما ينبغي أن يكون عليه المعيار الأفضل للتشغيل، وإذا كان العالم لا يمكن أن يكون سوقاً واحدة في حد ذاته للجيل الخامس، فإنه لا يمكن لأصحاب مصلحة بمفردهم أن يتحملوا المنافسة في سوق محلية مقيدة ومقسمة، فالجيل الخامس للمحمول يعني: كل شيء أو لا شيء».

خلاف على الجنين

من هذا المنطلق، يرى بعض المحللين أن الخلاف الصيني الأميركي، وبعض تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، في جانب منه، أشبه بخلافات على الجنين لحظة الميلاد، لفرض المعايير والإبداعات الخاصة بكل منهم، لتصبح هي كلاً أو جزءاً من المعايير العالمية للجيل الخامس، سعياً وراء كسب الريادة أو الفوز بأكبر جزء ممكن منها.

لتوضيح ذلك، أورد التحليل بعض الخطوات التي أقدمت عليها كل من الولايات المتحدة والصين في هذا المجال، ففي أبريل 2019، أصدرت لجنة استشارية مستقلة، أنشأتها وزارة الدفاع الأميركية، وضمت كلاً من نائب رئيس «غوغل» للخدمات اللاسلكية ميلو ميدين، وخبير رأس المال الاستثماري الموجه نحو الاستخبارات جيلمان لوي، توصية أو نصيحة جاء فيها: «إن التحول إلى الجيل الخامس سيحمل مخاطر ومكافآت التحولات التي صاحبت الأجيال السابقة، ولكن على نطاق أوسع، فمن المتوقع أن يحصل من يملك الزعامة في الجيل الخامس على عشرات المئات من المليارات من الدولارات من العائدات على مدار العقد المقبل، مع توفير فرص عمل واسعة النطاق في قطاع التكنولوجيا اللاسلكية، والبلد الذي يمتلك الجيل الخامس، سيمتلك العديد من هذه الابتكارات، ويحدد المعايير لبقية العالم».

وفي الصين، وقع الرئيس شي جين بينغ قانوناً شاملاً للأمن القومي، يربط مصالح المخابرات مباشرة بالدولة، وبموجب هذا القانون، فإن جميع المواطنين والشركات الصينية ملزمون بحماية الأمن القومي. وهذا يتطلب منهم، مساعدة وكالات أمن الدولة، ووكالات الأمن العام والوكالات العسكرية ذات الصلة في عمل الأمن القومي، ومن الناحية النظرية، يتيح القانون للحكومة تكليف شركتي «هواوي» و«زد تي آي»، وآخرين تطوير منصة جيل خامس للمحمول حصرياً للصين، تحقق لها الزعامة عند وضع المعايير العالمية لهذا الجيل.


قواعد اللعبة

وفقاً لقواعد اللعبة في الجيل الخامس للمحمول، فإنه يجب إدراج العالم بأسره في ملعب متكافئ، لذلك لا يمكن أن يكون الابتكار محلياً أو إقليمياً، وإذا لعبت الصين على أن يكون لديها شيء حصري في الجيل الخامس مثلاً، فستكون قد لعبت ضد مصالحها الخاصة، ولذلك، يجب أن تكون خطتها عالمية النطاق، وإلا فلن تنجح.

تويتر