أطلقها 4 من خبراء التقنية

دعوة إلى إنشاء شبكات اجتماعية بديلة.. عائداتها الإعلانية للجمهور

الدعوة تحمل اسم «ثورة الجمهور».. وجرى إطلاقها في 16 الجاري. من المصدر

أطلقت مجموعة من كبار رواد ومتخصصي تقنية المعلومات والاستثمار في رأس المال المخاطر، دعوة لإنشاء شبكات اجتماعية جديدة، قوامها أن تكون بيانات المستخدمين بحوزة قاعدة بيانات عامة، غير مملوكة لشركة أو طرف بعينه، وتتم المشاركة في استخدامها وتوظيفها بناء على اختيارات كل مستخدم على حدة، وفي الوقت نفسه تكون مؤمنة وتحقق أعلى درجات الخصوصية، لتحل محل الشبكات الاجتماعية القائمة التي تستمد قوتها وتحصل على عوائدها من بيانات المستخدمين وليس من أعدادهم.

وتحمل الدعوة اسم «ثورة الجمهور»، وجرى إطلاقها في 16 يوليو الجاري، عبر موقع revolutionpopuli.com، الذي يعرض أهدافها ومؤسسيها، ويقدم «وثيقة بيضاء» بكل تفاصيلها، والرؤية التي تعمل من خلالها، ونموذج العمل المتوقع أن تعمل من خلاله. ووصفها عدد من الخبراء عبر تقارير نشرتها مواقع تقنية كبرى، خلال الأيام الماضية، بأنها أول رد فعل مناهض لشبكات التواصل الاجتماعي الحالية، يتسم بأنه منظم ومستند إلى رؤية طويلة الأجل، ونموذج عمل واضح الملامح، ما قد يمنحها فرصة للتأثير والانتشار.

4 أهداف

ويقف وراء هذه الدعوة أربعة من كبار خبراء التقنية، يتقدمهم الدكتور ديفيد جيليرتر، أحد منظري ومفكري التقنية الكبار، وأحد رواد علوم البرمجيات عالمياً، والذي يعمل أستاذاً لعلوم الحاسب بجامعة «ييل» الأميركية، وصمم في مطلع تسعينات القرن الماضي برنامج «لايف ستريم»، المعروف تاريخياً بأنه أول برنامج شبكات اجتماعية.

والعضو الثاني في المجموعة، هو روب روزنتال، أحد الرؤساء التنفيذيين السابقين ببنك «جولدمان ساكس»، والذي عمل بمجال الصيرفة والبنوك لمدة 19 عاماً، بينما العضو الثالث هو الدكتور باولو كوبولا، الشخصية الشهيرة المتعددة المواهب، فهو رجل أعمال وطبيب ومهندس ومنتج أفلام حائزة جائزة الأوسكار، فضلاً عن أنه المؤسس المشارك لشركة «ستات هيلث»، المتخصصة في أنظمة معلومات الرعاية الصحية. والعضو الرابع والأخير هو تود إيديلوت أحد رواد تسويق منتجات تقنية المعلومات بالولايات المتحدة، والمسؤول عن إدارة العملات الترويجية والتسويقية العالمية لمجموعة من العلامات التجارية الرائدة.

وبحسب المنشور على الموقع الخاص بالدعوة، فإن المؤسسين الأربعة يستهدفون تحقيق أربعة أهداف: الأول: إنشاء قاعدة بيانات عالمية عامة تعمل بتقنية سلاسل الكتل، محكومة من قبل الجمهور، وتتسم باللامركزية، وتكون ملكيتها للمستخدمين.

والهدف الثاني: تمكين الأشخاص من التحكم الكامل والمباشر في بياناتهم الشخصية وبيعها بحسب ما يرونه مناسباً، بينما الهدف الثالث هو ابتكار وتصنيع شبكة اجتماعية ونظام بيانات يزيل التحيز السياسي والعنصري وكل أشكال التمييز. وأخيراً يركز الهدف الرابع على إطاحة المستعمرات الرقمية الحالية مثل «فيس بوك»، عن طريق جعل المعلنين يدفعون للمستخدمين أصحاب البيانات، وليس لأصحاب هذه المستعمرات.

«فيس بوك»

ويتضمن موقع الدعوة فيديو يقدم فيه المؤسسون الأربعة مزيداً من الشرح حول النقاط المختلفة المتعلقة بهذه الدعوة، وأولى النقاط التي تناولوها بالشرح كانت الدوافع التي يمكن أن تجعل الناس تتحول إلى شبكة اجتماعية جديدة، بعدما اعتادوا وبنوا عاداتهم حول «فيس بوك». وفي هذه النقطة، قال الدكتور ديفيد جيليرتر إن «هذا مجال ضخم للعمل، وستحدث به تطورات على مدار عقود وليس أشهراً، والدعوة الجديدة مجرد خطوة في الاتجاه الصحيح، و(فيس بوك) ليست غلطته أنه كان أول من وصل إلى مجال الشبكات الاجتماعية، لكن من المستغرب ألا تكون هناك رغبة في أي شيء آخر، لأن (فيس بوك) ليس نهاية القصة».

وتحدث روب روزنتال في هذه النقطة، قائلاً إن «الأمر يتعلق كثيراً بما يعرف بـ(التطبيق القاتل)، أو التطبيق الذي يلقى رواجاً واسعاً سريعاً لما يحمله من فوائد يقبل عليها ملايين المستخدمين، ويعد نقطة تحول في مسيرة أي شيء، والدعوة تسعى لرعاية سلسلة مفاتيح عامة يمكن لأي شخص بناء تطبيقات عليها، ما يفتح الفرصة لأن يتم التحول بـ1000 تطبيق».

وتوقع روزنتال أن يقوم الدكتور ديفيد جيليرتر بتقديم شبكة اجتماعية جديدة رائعة، أنيقة بشكل لا يصدق في تصميمها، وسيتمكن المستخدم الفرد من الحصول ليس فقط على الموسيقى والفيديو الحي، وهو أمر رائع، لكن أيضاً سيمكنه جني الأموال مقابل ما يضعه من بيانات ومعلومات.

الدجاجة أم البيضة

تناول المؤسسون كذلك قضية أخرى، هي كيفية جذب المبرمجين والمطورين إلى الشبكة الجديدة للوصول إلى نوعيات متعددة من «التطبيقات القاتلة»، وهل يبدأ الأمر بجذب المبرمجين الذين يصنعون هذه التطبيقات، فتحفز المستخدمين على القدوم للشبكة، أم يبدأ الأمر بجذب المستخدمين، وعلى أثر ذلك ينجذب المبرمجون للشبكة.

وقال روزنتال إن «الأمر هنا أقرب إلى الجدل المعروف حول من جاء أولاً (البيضة أم الدجاجة)، وفي هذا السياق فإن الرؤية الموضوعة للدعوة ترى أن البداية ستكون إنشاء قاعدة بيانات عامة حقيقية، مملوكة ومدارة من قبل المستخدمين».

فيما قال الدكتور ديفيد جيليرتر إنه «ليس لدى المجموعة اتفاق يرقى للكمال والتأكيد»، مضيفاً «يعتقد أن الكرة في ملعبنا لتقديم تطبيق جذاب للغاية، وهو تطبيق جميل. وحان دورنا لتزويد البرامج الجميلة. إنه التطبيق الجميل الذي سيجذب الناس، وتكمن قوة هذه العملية في حقيقة أن قاعدة البيانات مهمة، والتطبيق مهم للغاية، ثم تتم دعوة الجميع لتصميم تطبيقه الخاص».

ومن أجل تسهيل عملية الانتقال من «فيس بوك» للشبكة الاجتماعية الجديدة، صمم جيليرتر أداة يمكن للمستخدم استعمالها لتنزيل بياناته من «فيس بوك»، وتحميلها على قاعدة البيانات الجديدة في 10 دقائق فقط، لتفتح له مجالاً للسعادة والخصوصية والكسب خلال الـ10 سنوات المقبلة. وقال: «سيستخدم الناس هذه الأداة، لأنها تطبيق جميل مصمم بشكل أفضل، وإذا لم تعجبك، فسيكون هناك الكثير من التطبيقات الأخرى التي ترغب فيها بشكل أفضل».

وفي النهاية، أشار روزنتال إلى أن هذه ليست المشكلات الوحيدة التي تواجه الدعوة لشبكات تواصل بديلة، فهناك قضايا التشفير، والمدفوعات الإلكترونية، وتحويل عائدات الإعلانات للمستخدمين، لذلك سيصدر المؤسسون، خلال الأسابيع المقبلة، المزيد من التفاصيل الفنية حول هذه النقاط، لطرحها للنقاش العام.


دور الحكومات

يرى أصحاب الدعوة أن دور الحكومات في هذه الشبكة سيكون أقرب إلى ما قامت به الحكومات في سنوات إنشاء البنية التحتية العامة للإنترنت، خصوصاً بروتوكولات الإنترنت الأساسية، وكذلك نموذج المشاركة بين القطاعين العام والخاص، وفيما عدا ذلك فإن الحكومات ليست هي الحل الصحيح، ونعتقد أنه ينبغي حل المشكلة خارج ذلك، والأمر متروك لمفكري وباحثي البرمجيات، لتقديم شيء مثير للاهتمام.

تويتر