أثبتتها تجربة عملية لخبير متخصص وموقع «بي سي وورلد»

ميكروفونات الحاسبات المحمولة تتنصّت على مستخدميها وتنقل التسجيلات إلى أطراف أخرى

الإيقاف عبر الإعدادات غير كافٍ.. والحل الأمثل فصل الكهرباء عن الميكروفون. من المصدر

إذا جلست في مكان ما، كغرفة اجتماعات أو مكتب عمل، أو غرفة معيشة، أو مقهى إنترنت، أو مطار أو غيرها، وقمت بتشغيل حاسبك المحمول، فيمكنك أن تغمض عينيك، وترهف السمع للأصوات الدائرة من حولك، وستجد نفسك بالطبع تسمع العديد من الأصوات والمحادثات الجارية في وقت واحد، ثم تخيل أن شخصاً ما يفعل الشيء نفسه، أي يرهف السمع لجميع هذه الأصوات، ثم يقوم بتسجيلها وأرشفتها، ثم يعود إليها بعد ذلك لينسخها ويستمع إليها في هدوء، ويحصل على كل ما تحمله من معلومات ومعانٍ.

هذا الأمر يحدث طوال الوقت، وهنا سيمكنك أن تتصور إلى أي مدى تم اختراق خصوصيتك والتجسس عليك، وهذا بالضبط ما يستطيع ميكروفون حاسبك المحمول القيام به، لصالح أطراف أخرى قد لا تعلمها، وربما يكون من بينها الشركات المصنعة للمساعدات الرقمية الصوتية، وفي مقدمتها «مايكروسوفت كورتانا»، و«مساعد غوغل»، و«أمازون أليكسا»، و«أبل سيري» وغيرها، إذا ما كنت قد قمت بتثبيت أيٍّ من هذه البرامج على حاسبك، وجعلته قيد التشغيل. وهذه خلاصة تجربة عملية قام بها أحد الخبراء المتخصصين في تقنيات الإلكترونيات الاستهلاكية، جيوفري فاولر، وأجرى خلالها مراجعة تقنية لمخاطر خرق الخصوصية التي يمكن أن تحدث من خلال الميكروفونات المثبتة بالميكروفونات الذكية العاملة بالأوامر الصوتية التي بدأت بالانتشار حالياً بالمنازل، ونشرها بجريدة «واشنطن بوست» أخيراً.

وقام موقع «بي سي وورلد» pcworld.com المتخصص في التقنية، بتقييمها وتوسيع نطاقها، حيث أخضع لها عشرات الحاسبات المحمولة الموجودة بالأسواق، لمنتجين رئيسين في مقدمتهم «ديل»، و«إتش بي»، و«لينوفو»، ونشر نتائجها المحدثة في 26 يونيو الماضي، وانتهى إلى أن ميكروفونات الحاسبات المحمولة الموجودة بالأسواق يمكنها القيام بالأمر نفسه، وخرق خصوصية أصحابها.

دوام الاستماع

من الأمور التي تفاقم خطورة الوضع، انتقال الحاسبات المحمولة إلى مرحلة التلاحم الكامل مع تقنيات الاتصالات اللاسلكية والمحمولة، وهو تطور بدأ يتجسد عملياً في الطرز المزودة بخاصية «دوام الاتصال»، أو البقاء دوماً في حالة اتصال. ومن منظور الخصوصية والأمان، فإن دوام الاتصال مع ترك الميكروفونات على حالتها القائمة، يعني تلقائياً «دوام التنصت والاستماع»، لأن الاتصال الدائم يجعل هناك تعرضاً دائماً للتهديدات الأمنية الخارجية المقصودة من قبل المجرمين والهاكرز والمهاجمين المحترفين، وأيضاً للاختراقات المصاحبة للرغبة العارمة للشركات الكبرى في جمع المعلومات عن المستخدمين.

الإيقاف عبر الإعدادات

من المعروف تاريخياً أن هناك وظيفة في إعدادات نظام تشغيل «ويندوز» تتضمن إيقاف الميكروفون «المايك»، ومنعه من التقاط الأصوات المحيطة بالجهاز لتفادي هذا الأمر، وهي وظيفة معلنة لجميع المستخدمين طوال الوقت. وتم الحرص على توفيرها في جميع إصدارات «ويندوز»، وكذلك نظم التشغيل الأخرى المفتوحة المصدر العاملة في بيئة تشغيل «لينكس».

والمعتاد أن يصل إليها المستخدم عبر فتح لوحة التحكم ثم الوصول إلى لوحة النظام والأجهزة، وهناك طرز خصصت مفتاحاً بلوحة المفاتيح يقوم بإيقاف الميكروفون بمجرد الضغط عليه في خطوة واحدة دون الذهاب لقائمة الإعدادات.

خطر مستمر

من جانبهم، أكد خبراء مشاركون في عملية التقييم والمراجعة أن وظيفة إيقاف الميكروفون الموجودة في إعدادات «ويندوز» لا تزيل هذا الخطر، لأن الميكروفون يظهر بين قائمة الأجهزة والمعدات النشطة بلوحة إعدادات النظام، وبالتالي يظل قادراً على التنصت والالتقاط، وأن الحل الأمثل هو وجود مفتاح تحويل ميكانيكي، يعمل من خارج نظام التشغيل كلية، ويفصل الطاقة الكهربائية عن الميكروفون تماماً.

ومن الحلول المقترحة، أيضاً، أن تتم إعادة تصميم ميكروفون الحاسب المحمول، ليأتي مزوداً بمصراع أو مفتاح غرق تلقائي، على غرار ما ظهر في بعض كاميرات الويب وكاميرات الهواتف الذكية، التي بات الوضع الافتراضي لها أن تكون مغلقة ومختفية وغير ظاهرة، ولا تلتقط صوراً على الإطلاق. وعند رغبة المستخدم في تشغيلها يتحرك مفتاح الغلق، ليفتح الطريق أمام تحرك الكاميرا وبروزها لتبدأ العمل. وأكد خبراء ضرورة أن يكون تشغيل هذا المفتاح ميكانيكاً بحركة يقوم بها المستخدم بيديه، بعيداً عن نظام التشغيل.

ردود الشركات

تواصل موقع «بي سي وورلد» مع العديد من شركات تصنيع الحاسبات المحمولة للتعليق على هذه النتائج، ولم تنفِ الشركات إمكانية حدوث الأمر من حيث المبدأ، لكن تنوعت الخطط والتوجهات التي يتعاملون بها مع المشكلة، فشركة «إتش بي» قالت إن مهندسيها صمموا «مفتاح قتل» لفصل الطاقة عن كاميرا الويب في الحاسب المحمول من طراز «سبكتر 15 إكس 360»، يعمل كمفتاح لإخفاء الشاشة وفصل الطاقة عنها، ولم تستبعد الشركة أن يتم تطبيق الحل نفسه على الميكروفون.

ومن شركة «ديل»، قال نائب الرئيس والمدير العام للمنتجات المتنقلة التجارية بالشركة، راهول تيكوو، إن مشكلات الخصوصية مع الميكروفون أمر تنظر إليه «ديل» باعتباره «مجال تركيز» لمنتجات الجيل التالي، واليوم هناك فقط مفتاح إيقاف التشغيل من لوحة المفاتيح، كما هي الحال مع طراز «لاتتيود 7400 – 2».

أما «لينوفو» فقالت إنها تستخدم أسلوب «المصراع» و«مفتاح القتل» مع الساعات الذكية والشاشات الذكية، وبعض طرز أجهزة «ثينك باد» المحمولة المزودة بأمر على مستوى «البايوس» لتعطيل الميكروفون، وهو أقوى من الخواص الموجودة في نظام تشغيل «ويندوز»، لكنها ستعمل على إدخال وظيفة المصراع ومفتاح القتل بالطرز المقبلة.


معلومات مدمرة

قال خبراء إنه ينبغي ألا نقلل من الأثر الأكبر الذي يمثله سماع شخص ما لما تقوله حول أموالك، وخططك الكلية، ونقاط المبيعات، وتحقيق تقدم في البحث والتطوير، واستراتيجية شركتك لمدة خمس سنوات، والمشكلات القانونية. وفي السياق الصحيح، خصوصاً بيئة العمل، تكون المعلومات التي يتم التقاطها من الميكروفون مدمرة بشكل لا يصدق.

تويتر