«غارتنر»: اعتبروا أن ندرة الكوادر المؤهلة وتعقيدات التحول أبرز أسباب التعثر

1% فقط من رؤساء مؤسسات عالمية مقتنعون بإدخال «سلاسل الكتل» إلى الأعمال

«سلاسل الكتل» تتشارك فيها أطراف عدة منفصلة في بياناتها ومعاملاتها. من المصدر

برزت خلال العام الماضي «سلاسل الكتل» كتقنية مهمة لتسهيل أعمال المؤسسات والشركات وتحولت الى «نجم» في الساحة التقنية لاستكشاف المستقبل والآفاق الجديدة للعمل والربح. وبلغ هذا الامر ذروته مع الارتفاع الصاروخي الذي حدث في قيمة العملات الرقمية المشفرة التي تعمل بهذه التقنية، لكن هذه النجومية والسطوع في عالم العملات المشفرة قابله بعد ذلك تعثر شديد في نموها والإقبال على تشغيلها داخل المؤسسات والشركات، إذ إن 1% فقط من الرؤساء التنفيذيين لمؤسسات حول العالم مقتنعون بضرورة إدخال هذه التقنية الجديدة على الفور إلى أعمال المؤسسات، فيما بلغت نسبة من قالوا إن لديهم خططاً لتطبيقها على الاجل القصير والمتوسط 8%، وذلك وفقاً لمسح أجرته مؤسسة «غارتنر» للبحوث خلال الربع الأول من العام الجاري على 3100 من الرؤساء التنفيذيين ومديري تقنية المعلومات في شركات ومؤسسات عالمية.

تجربة صعبة

من التجارب الدالة على صعوبة انتشار تقنية «سلاسل الكتل» داخل المؤسسات والشركات، التجربة التي تعيشها شركة «مين فولد» المتخصصة في نشر وتشغيل هذه التقنية بالمؤسسات، وهي شركة أسسها اثنان من خبراء أمن المعلومات السابقين في الولايات المتحدة، هما كريس فينان، وروبرت سيجر، حيث طورت الشركة نظام «التقنية الخالية من الحاسبات الخادمة»، ليوفر تحولاً سريعاً الى تقنية «سلاسل الكتل» داخل المؤسسات، لكن الشركة واجهت صعوبات كبيرة، حتى قال فينان إن «ذلك أشبه بمن ينتج المحركات في قطاع لا يشتري محركات».

تقنية «أوركسترالية»

وتصنف تقنية «سلاسل الكتل» حالياً كواحدة من «التقنيات الأوركسترالية»، التي تتشابه مع حالة «الأوركسترا» الموسيقية المكونة من عدد هائل من العازفين، يصدرون لحنا واحدا موحدا. وبمعيار التعريف التقني المتخصص يقصد بها التقنيات التي تحقق الترتيب التلقائي والتنسيق والتزامن في إدارة وتشغيل أنظمة الحاسبات والبرمجيات ونظم المعلومات والبرامج الوسيطة والخدمات في سياق موحد موجه للخدمة، فضلاً عن المحاكاة الافتراضية، والبنية التحتية المتقاربة، ومراكز البيانات الديناميكية، وذلك من خلال سير العمل الآلي وإدارة الحسابات وإدارة التغيير. وفي إطار هذا المفهوم تعمل تقنية «سلاسل الكتل» كقواعد بيانات موزعة، تحتفظ بقائمة من السجلات المستمرة النمو بلا انقطاع، والمؤمنة ضد العبث والمراجعة، ويصفها المصرفيون والمحاسبون العاملون بالقطاع المالي بأنها أشبه بـ«دفتر أستاذ إلكتروني عام مفتوح»، تتشارك فيه أطراف عدة منفصلة في بياناتها ومعاملاتها، وتضع فيها بياناتها ومعلوماتها الخاصة بمعاملاتها المالية، وكل وحدة من هذه البيانات تختص بمعاملة أو عملية معينة، يطلق عليها «كتلة»، وكل كتلة لديها بصمة وقت، وترتبط مع سابقتها ولاحقتها برابط مميز.

شهرة

وبحسب تقرير حديث صادر عن مؤسسة «غارتنر» العالمية للبحوث والاستشارات، فإن تقنية «سلاسل الكتل» اكتسبت أكبر قدر من الشهرة خلال العام الماضي، بسبب ارتباطها بسوق العملات الرقمية المشفرة، وعلى رأسها «بيت كوين»، وبسبب بعض التعاقدات الضخمة التي عقدت بين بعض العمالقة في عالم التقنية والأعمال، والتي كان أبرزها اتفاق شركة «آي بي إم» لتقنية المعلومات و«ميرسك» للنقل البحري على تشغيل نظام عالمي لتداول الحاويات وتتبع البضائع المنقولة بحراً يعتمد على «سلاسل الكتل»، لتحقيق مستوى غير مسبوق من الفاعلية واللامركزية والتأمين لعمليات الشحن البحري.

لكن خلال الربع الأول من العام الجاري، لم تتم ترجمة هذه الشهرة والنجومية إلى أعمال قوية وواسعة داخل المؤسسات والشركات كما يجب، فقد أجرت «غارتنر» مسحاً على 3100 من الرؤساء التنفيذيين ومديري تقنية المعلومات بالشركات والمؤسسات في القطاعات والتخصصات المختلفة حول العالم، واستطلعت آراءهم بشأن مدى اقتناعهم بضرورة التحول الفوري إلى تقنية «سلاسل الكتل»، أو عما إذا كانت هذه التقنية موضوعة في الخطط القصيرة والمتوسطة الأجل.

وتبين من الاستطلاع أن 1% فقط من الرؤساء التنفيذيين مقتنعون بأنه من الضروري التحول فوراً إلى هذه التقنية في أعمال شركاتهم، فيما قال 8% إن لديهم خططاً على الاجل القصير أو المتوسط للتحول إليها وإدخالها في أعمالهم.

عمل مخطط

وبالمقابل، رأى 77% من مديري تقنية المعلومات الذين شملهم الاستطلاع، أن مؤسستهم لا مصلحة لها في إدخال «سلاسل الكتل» إلى أعمالها، أو ترى أنه لا يوجد عمل مخطط لهذه التقنية في أعمالها لاحقاً.

وتوصل الاستطلاع أيضاً إلى أن 18% من مديري تقنية المعلومات يرون أن هناك صعوبة في الحصول على الكوادر المدربة التي تمتلك مهارات العمل على «سلاسل الكتل»، معتبرين أن التحدي هنا لا يقتصر على ندرة الكوادر المطلوبة للبداية وعمليات التحول وصعوبة الاحتفاظ بهم فقط، بل إيجاد ما يكفي لاستيعاب النمو في الأعداد المطلوبة مع التطور والتوسع في استخدام سلاسل الكتل بعد ذلك.

الأكثر انفتاحاً

وعلى مستوى الصناعات والتخصصات الرأسية، كشف المسح أن الرؤساء التنفيذيين في قطاعات الاتصالات والتأمين والخدمات المالية هم الأكثر انفتاحاً وإقبالاً على التخطيط الجماعي والتجريب في مجال «سلاسل الكتل»، حيث عبر 14% منهم عن أن هذه التقنية الجديدة تتطلب تغييرا كبيرا في ثقافة العمل في إدارات تقنية المعلومات بالمؤسسات والشركات، فضلاً عن ضرورة اجراء تغييرات في نموذج العمل والتشغيل الخاص بالمؤسسة ككل، لكنهم اعتبروا أن تعقيدات التحول هذه تعد سبباً رئيساً للتعثر.

تويتر