من شركة لبيع الكتب على الإنترنت إلى لاعب مؤثر في اقتصاديات الدول «1-2»

«أمازون» تتحول إلى «شبه دولة» مع نصف مليون موظف ودخل بـ 34.3 مليار دولار في 3 أشهر

«أمازون» تحولت إلى واحدة من أكثر الشركات العالمية نمواً وتأثيراً. من المصدر

في عام 1995 تأسست «أمازون» كشركة لبيع الكتب على الإنترنت، وخلال خطواتها الأولى تعثرت وتعرضت للإفلاس، لولا صمود وجرأة مؤسسها، جيف بيزوس، وقراءته السليمة للمشهد المستقبلي في عالم الإنترنت. واليوم تحولت «أمازون» إلى واحدة من أكثر الشركات العالمية نمواً وأكثرها توسعاً وتأثيراً، حيث تعاظمت قدراتها البشرية والمالية حتى انتهى بها المطاف إلى «شبه دولة» تضم أكثر من نصف مليون موظف، وتحقق دخلاً في ثلاثة أشهر مقداره 34.3 مليار دولار.

• «أمازون» تسبّبت في بيع هيئات بريد حكومية.. وأصبحت تنافس بقوة في قطاعات مختلفة.

• تضرر البنوك

بدأ العديد من البنوك العالمية يعلن تضرره من أنشطة شركة «أمازون»، بعد النمو والتوسع الكبيرين في أعمالها ومدفوعاتها الإلكترونية الضخمة.

ومن أحدث الوقائع الجارية في هذا السياق، ما صدر عن مجموعة «باركليز» المصرفية، التي عبّر مسؤولوها عن ضرورة حماية مصالحها المهددة في مجال تسديد الدفعات إلكترونياً، وهو تهديد صادر عما وصفته المجموعة بالانتهاكات التي تمارسها شركات التقنية، وفي مقدمتها «أمازون».

وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة، جيس ستيلي، إن «هناك تحولات تجري خلسة تقودها شركات التقنية بدعم من بيئات جيوسياسية معينة، حيث أصبحت البنوك كافة موضع تهديد جراء فضاء التسديدات الشبكية».

ويقف مؤسسها ومديرها التنفيذي محذراً الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قائلاً: «لو أصررت على مواجهتنا ستخسر في النهاية».

من ناحية أخرى، بات العديد من الأطراف الدولية المهمة، مثل المفوضية الأوروبية والسلطات الصينية والهندية، يراقب تحركات «أمازون» عن كثب، ويرصد التأثيرات المحتملة لما يصدر عن هذه الشركة من قرارات وخطط، يمكن أن يكون لها آثار في اقتصادات الدول ومواطنيها، بعد أن أصبحت «أمازون» لاعباً يهز عرش الاقتصاد التقليدي عالمياً، ووصلت، عبر رحلتها التي بدأتها بالكتب، إلى التخطيط للسفر للفضاء، والتحدث عن مصير الكوكب ومستقبله.

ظاهرة «أمازون»

ويبلغ عدد موظفي «أمازون» حالياً نحو 542 ألف موظف. وخلال الربع الأول من العام الجاري حققت خدمات «ويب أمازون» للحوسبة السحابية 5.44 مليارات دولار، فيما حققت فئة «المتاجر عبر الإنترنت» 26.9 مليار دولار، كما حققت الإعلانات الرقمية ملياري دولار، بإجمالي 34.3 مليار دولار، بينما وصلت القيمة السوقية للشركة إلى ما يفوق 768.04 مليار دولار.

ولفتت ظاهرة «أمازون» وأداؤها، خلال الفترة الأخيرة، أنظار الكثير من المراقبين والمحللين حول العالم، حتى إنه داخل الولايات المتحدة نفسها تحدث محللو موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com عما أسموه «التأثير الزلزالي لأمازون»، أو حالة الخلخلة والاهتزاز التي تحدثها «أمازون» أينما حلت.

أسعار البقالة

ورصد العديد من الدراسات أمثلة كثيرة على هذا التأثير، حيث كان اللافت أن أبرز مظاهره وقع في عقر دار الولايات المتحدة، ومن ذلك ما حدث في يونيو 2017، حينما هبطت أسعار البقالة وأسهم الشركات العاملة بها، بعد إعلان «أمازون» استحواذها على شركة «هول فودز» بقيمة 13.7 مليار دولار. وفي هذه الخلخلة تضررت شركات عديدة من بينها «كروجر وسبروتس» لسوق المزارعين، و«تارجت وول مارت»، اللتان راوح انخفاض سعر أسهمهما بين 2 و8% لكل منهما.

كما أنه في الربع الأخير من العام الماضي، كانت هناك معلومات عن دخول «أمازون» مجال الرعاية الصحية، إذ تأثرت بهذا الأمر أسهم كل من شركات «سي في إس»، و«كرادينال هيلث»، و«ماكيسون» و«إكسبرس سكريبت»، وراوح انخفاض سعر أسهمها بين 1 و5%.

وبعد ذلك تراجعت أسهم شركات التجزئة في الملابس الرياضية بعد نشر تقرير عن دخول «أمازون» في مشاركة مع شركة «نايك» للملابس والأدوات الرياضية.

وفي مارس 2018 عاش الملايين حول العالم حالة من التوتر والقلق، بعد أن حول مؤسس الشركة جزءاً من ثروته إلى منصة «كود المتاجرة في بيتكوين»، حيث اشترت «أمازون» ثلاثة نطاقات أسماء جديدة مرتبطة بتقنية سلاسل الكتل والعملات المشفرة. وصدرت تحليلات تؤكد أن «أمازون» ستدخل سوق العملات المشفرة، إما بدعم صريح لإحدى العملات القائمة، أو بتصميم عملة خاصة بها.

مؤسسات البريد

وبحسب تقرير نشرته مجلة «الإيكونوميست»، أخيراً، فإن «أمازون»، إلى جانب الشركات المشابهة لها، أحدثت أضراراً بالغة بالعشرات من مؤسسات البريد الحكومية حول العالم. وأظهر التقرير أن عدد الخطابات والطرود في عام 2007 وصل إلى 350 مليار طرد في مختلف الدول، لكن على مدار الـ10 السنوات التالية واجهت هذه الصناعة العديد من الضغوط من قبل «أمازون» بالأساس، حيث عملت على التوسع في تقديم خدمات البريد عن طريق الإنترنت، ما تسبب في هبوط حاد لعائدات هذه المؤسسات.

وأشار التقرير إلى أنه في بريطانيا تسببت هذه الخدمة بخسائر فادحة لخدمة البريد الحكومية، كما أن «أمازون» كانت من أسباب بيع خدمات البريد الحكومية للقطاع الخاص في بلجيكا وسنغافورة.

أما داخل أميركا نفسها فإن الحرب مع «أمازون» يقودها الرئيس ترامب نفسه وبصورة علنية، حيث تحدث مراراً عن بغضه لشركة «أمازون»، متهماً إياها بأنها تسبب الأذى ليس فقط لتجارة التجزئة التقليدية، وإنما لصناعات وأنشطة أخرى، من بينها شركات التطوير العقاري وهيئات البريد حول العالم.

المقاهي

إلى ذلك، دخلت «أمازون» مجال المقاهي، وبدأت تنافس بقوة أشهر سلسلة متاجر مشهورة في هذا المجال وهي «ستاربكس»، طارحة بديلاً جديداً للعمل في هذا النطاق، يتمثل في المقاهي الذكية، المزودة بماكينات لتحميص وإعداد القهوة، تتلقى أوامرها من تطبيقات التجارة الإلكترونية بالـ«ويب» والهواتف الذكية المحمولة.

كما دخلت «أمازون» معركة قضائية مع المفوضية الأوروبية حول قضية الضرائب والمكاسب التي تحققها من وراء التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، إذ وصل المبلغ محل الخلاف إلى نحو من 1.5 مليار دولار. لكن «أمازون» فازت في دعوى رفعتها أمام المحاكم الأميركية.

وخلال الأيام الماضية، تقدمت «أمازون» بطلب رسمي للاستحواذ على حصة مسيطرة تقدر بنحو 60% من سوق «فليب بارت» الهندية لتجارة التجزئة، التي تسيطر على حصة كبيرة من مبيعات التجارة الإلكترونية في الهند، المقدرة بنحو 200 مليار دولار خلال 10 سنوات، لتعلن بذلك «حرباً جديدة» مع سلسلة «وول مارت» خارج الولايات المتحدة.

تويتر