تسعى وراء المعاملات المالية من أشخاص لا يمتلكون حسابات مصرفية

الأموال الرقمية المحمولة.. أحدث وسيلة لخدمة المجتمعات الفقيرة

«إم بيسا» نظام للأموال الرقمية المحمولة أثبت نجاحه في كينيا. من المصدر

تتحوّل الأموال الرقمية المحمولة شيئاً فشيئاً إلى وسيلة فعالة في كسر حلقة الفقر حول العالم، إذ إنها تسعى وراء 85% من المعاملات المالية التي تتم نقداً خارج المؤسسات المالية، من قبل أشخاص ليس لديهم حسابات مصرفية أو وسيلة للوصول إلى الخدمات التي تقدمها البنوك والمؤسسات الأخرى، وتقدم لهم وسائل أقل كلفة وأكثر سهولة في الاستخدام عند الدفع، أو الاقتراض، أو تحويل الأموال، أو تلقّي العائدات.

الثقافة أولاً

يؤكد البنك الدولي أن على شركات التكنولوجيا تثقيف الناس حول أساسات أنظمة الدفع هذه، مثل تذكّر رقم التعريف الشخصي، وكيفية إيداع وسحب وإرسال الأموال.

وأضاف أنه سيتعين على الشركات التخلص من التكاليف الأولية لبنية أساسية للدفع، يمكن الاعتماد عليها، كما سيتعين عليها أن تثبت للمستهلكين أن خدماتها جديرة بالثقة وآمنة.

ويحظى هذا التوجه بدعم البنك الدولي، ومؤسسة «بيل غيتس» للأعمال الخيرية، والخدمات المالية الحديثة المقدمة من شركات: «أمازون»، و«باي بال»، و«سامسونغ»، و«ماستر كارد» وعشرات الشركات الناشئة.

ووفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي في أبريل الماضي نشره موقع «سي نت نيوز» cnet.com، فإن شركات تقنية المعلومات تقدم بالفعل جهوداً حثيثة في هذا المجال، عبر تقنيات تسعى وراء نحو ملياري شخص، بما في ذلك نحو تسعة ملايين أسرة في الولايات المتحدة ليس لديها حسابات مصرفية، ولا تستطيع الوصول إلى مؤسسة مالية، فيما يحصل نحو 20% على أجورهم، ويدفعون فواتيرهم نقداً.

صعوبات مجتمعية

وبحسب المديرة في البنك الدولي والرئيس التنفيذي للمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء، جريتا بول، فإن المعضلة الرئيسة تكمن في صعوبة «تغيير السلوك» والثقافة السائدة لدى الملايين من الفقراء حول العالم، إذ يتطلب الأمر جهداً كبيراً يجعل الأمر سهلاً من الناحية التقنية وطويل الأمد من الناحية المجتمعية. وبحسب التقرير فإنه ليس من الصحيح أن نتوقع أن يستيقظ أصحاب الماشية في شرق إفريقيا صباحاً، ليستخدموا الهاتف المحمول وخدمة «باي بال» في دفع ثمن أعلاف ماشيتهم التي يسعون وراءها مترجلين وربما حفاة.

تجارب ناجحة

لكن الصعوبات المجتمعية لم تمنع البنك الدولي من الإقرار بنجاح العشرات من التجارب في العديد من البلدان، لعبت فيها الأموال المحمولة دوراً في كسر حلقة الفقر، والتيسير على مئات الآلاف وربما الملايين من البشر في عمليات الدفع وتحويل الأموال، ففي كينيا يتم منذ 11 عاماً تشغيل نظام يدعى «إم بيسا» للأموال الرقمية المحمولة، وهو نظام يقدم خدمة من خلال شركة متخصصة تابعة لشركة «سافاري كوم»، كبرى شركات الهاتف المحمول في كينيا.

ويقول المدير التنفيذي في «ماستركارد»، مايك إليوت، الذي يشرف على مختبر «ماستركارد» في نيروبي الممول من «مؤسسة بيل غيتس الخيرية»، إن هناك فريقاً مكوناً من 22 شخصاً يعمل نماذج أولية ويسوّق المنتجات المالية في خدمة «إم بيسا»، وواحدة منها تسمى «كايونكت»، وهي طريقة جديدة يمكن لأصحاب المتاجر في كينيا استخدامها لشراء الإمدادات عبر الرسائل النصية على هواتفهم المحمولة، وهناك 1500 بائع يستخدمون هذا النظام حالياً، لافتاً إلى أنه من خلال التاريخ المالي، فإنه يمكن لأي منهم بعد ذلك التفاوض على طلب قروض أو ائتمان من البنوك أو خدمات تأمين.

عملات مشفّرة

وفي الأرجنتين، ظهرت تجربة تشير إلى أن العملات الرقمية المشفرة يمكن أن توفر خياراً آخر لخدمة الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، ومن لا تشملهم خدمات المؤسسات المالية، إذ تأسست شركة تدعى «رايبيو» تمثل طليعة هذا الجهد.

وبحسب ما يقوله الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة، سيباستيان سيرانو، فإن شركته تقدم محفظة محمولة ومتنقلة من عملة «بيتكوين» المشفرة، وتوفر قروضاً معتمدة على العملة المحلية في الأرجنتين والبرازيل، وتتيح لهم هذه الخدمة خيارات مصرفية أقل تجعلهم يتفادون ما يواجهونه من صعوبات في التعامل مع العملات المحلية غير المستقرة.

وتسمح الشركة للناس العاديين باقتراض المال باستخدام العملات التجريدية التي يتم تحويلها إلى العملة الرقمية الخاصة بشركة «رايبيرو»، ثم تحويل هذه العملة مرة أخرى إلى عملة محلية، وتتيح الشركة هذه الخدمة للمقرضين في جميع أنحاء العالم، وليس الأسواق المحلية فقط.

شركات عملاقة

كما أن هناك العديد من الجهود التي تقوم بها شركات التقنية العملاقة حول العالم لتقديم تقنيات وأدوات جديدة تعزز انتشار خدمات الأموال الرقمية المحمولة، فشركة «سامسونغ» الكورية قدمت منصة «سي سي بي»، العام الماضي، التي تستخدم تقنية «إن إف سي» للاتصالات القريبة للدفع عبر الهاتف.

من جانبها، طرحت شركة «باي بال» خدمة جديدة للتحقق من النقود الرقمية المحمولة، ويتم من خلالها تخفيض رسوم تحويل الأموال والمدفوعات لتصل الى 1% فقط على كل عملية إيداع، وهو ما يعادل نصف الرسوم التي يتم تحصيلها في مكان صرف الشيكات، أو تتم الخدمة مجاناً مع الإيداع المباشر.

أما شركة «أمازون» فقدمت طريقة جديدة للمتعاملين الذين يتسوقون عبر موقعها، أطلقت عليها اسم «أمازون كاش»، تتيح للأشخاص إضافة الأموال إلى حساباتهم في «أمازون»، وذلك عندما يزورون أكثر من 10 آلاف موقع للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة باستخدام هواتفهم المحمولة.

تويتر