«تويتر» يسعى للحفاظ على المشتركين الحاليين وجذب آخرين جدد. أرشيفية

المنافسة وضغوط مالية وراء زيادة تغريدة «تويتر» إلى 280 حرفاً

بدا قرار موقع التدوين المصغر «تويتر» الصادر في 26 سبتمبر، بزيادة عدد أحرف التغريدة من 140 حرفاً إلى 280 حرفاً مفاجئاً للعديد حول العالم، بما في ذلك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نفسه، الذي سخر من هذه الخطوة، إلا أن وضع هذا القرار في السياق العام لأداء وقرارات الشركة المالكة للموقع الصادرة خلال العام الجاري، يكشف عن أن هذه الخطوة ليست مفاجئة على الإطلاق، بل نتيجة منطقية متوقعة تدخل في باب «الضرورات تبيح المحظورات» الذي كان لابد أن يتم تفعيله عملياً، فـ«تويتر» أقدم على هذه الخطوة مكرهاً لا بطلاً، بعدما وقع تحت تأثير جملة متنوعة من الضغوط الداخلية والخارجية جعلته مجبراً على التخلي عن مبدأ ظل طوال عمره، البالغ 11 عاماً، يعتبره «الكأس المقدسة» التي صنعت نجاحه، وهو مبدأ «التدوين القصير»، الأشبه بزقزقات قصيرة متتالية صادرة عن عصفور صغير.

«تويتر لايت»

أطلق «تويتر» في أغسطس 2017 تطبيق «تويتر لايت» لأصحاب الاتصال البطيء، وهو تطبيق موجه للمستخدمين في الأسواق الناشئة بآسيا والمحيط الهادئ وأميركا اللاتينية وإفريقيا. ويعمل «تويتر لايت» على تقليل استخدام البيانات، وتحميل البيانات بسرعة عند استخدام الاتصالات البطيئة، كما أنه لا يأخذ إلا (1) ميغابايت على الجهاز، ويتميز بسرعة تحميله وتصفحه، فضلاً عن مزايا «تويتر» المعروفة مثل التغريدات، والخط الزمني، والرسائل الخاصة، والملفات الشخصية، وأكثر الموضوعات انتشاراً، والإشعارات.

- «تويتر» دعم ميزة «بيانات الموقع» بعد إعلان «فيس بوك» مشاركة الموقع الجغرافي.

- «تويتر» بدأ خفض تكاليفه داخلياً بكل صمت عبر إجراءات، من بينها خفض عدد الموظفين.

رد فعل

ولقراءة ملابسات هذا القرار ضمن السياق العام الذي يعيشه «تويتر»، عادت «الإمارات اليوم» إلى مجموعة من البيانات الصادرة عن الشركة، والتقارير التي تناولت أداءها منذ مطلع العام الجاري، وفي ضوء المضامين التي حملتها هذه البيانات والتقارير، تبين أن مضاعفة حروف التغريدة هو الحلقة الأحدث في سلسلة قرارات صدرت كرد فعل، أو محاولة لمقاومة ضغوط داخلية وخارجية تعيشها الشركة، أكثر من كونه مبادرة إبداعية خالصة نابعة من «تفكير حر» للشركة.

الأرباح والمشتركين

هناك العديد من العلامات والدلائل التي تدعم هذه الفرضية، فعلى صعيد الأداء العام، وبعد 11 عاماً من بدء العمل، والشهرة، والانتشار، والتأثير، لم يحقق «تويتر» الذي أصبح شركة في عام 2013، أي أرباح على الرغم من أنه نجح في بناء قاعدة من المتعاملين المخلصين تضم مشاهير، وصحافيين، وشخصيات سياسية، من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يغرّد كثيراً على «تويتر».

كما أشار أحدث تقرير فصلي صادر عن «تويتر» إلى ضمور شديد في معدل قاعدة المشتركين خلال العام الجاري، إذ ذكر التقرير أن قاعدة مستخدمي «تويتر» النشطين شهرياً ظلت ثابتة عند 328 مليون مستخدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وبزيادة نسبتها 5% فقط على العام السابق، وبالتالي لم يحقق «تويتر» نمواً يضاهي ما حققه موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي الذي يصل عدد مستخدميه إلى ملياري شخص، وكذلك «إنستغرام» المملوك لـ«فيس بوك»، الذي لديه 800 مليون مستخدم.

كما أعلن «تويتر» عن تسجيل خسارة صافية بقيمة 116 مليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري، أكثر بقليل من خسارة بلغت 107 ملايين دولار قبل نحو عام.

قرارات للمواجهة

حاول «تويتر»، منذ مطلع العام الجاري، مواجهة هذا الوضع المتأزم على جبهة الموارد المالية، ومعدل نمو المشتركين، فاتخذ سلسلة اجراءات، كان من بينها أنه تخلى مطلع عام 2017 عن بعض الشروط في التغريد؛ مثل احتساب الصورة من عدد الأحرف في التغريدة.

وفي مارس 2017، حاول الموقع جذب مزيد من المشتركين، فأطلق خاصية «الوضع الليلي» التي يمكن تفعيلها من خلال الضغط على صورة الحساب الخاصة بالمشترك أقصى اليمين، وهي خاصية توفر راحة كبيرة لمستخدمي الشبكة الاجتماعية ليلاً، أو في حالة وجود المستخدم بمحيط مظلم، إذ تخفض إضاءة الموقع قدر الإمكان لتحسين الرؤية. كما وزع «تويتر» استبياناً على بعض مستخدميه لتقييم احتمالات البدء بخدمة اشتراكات مدفوعة جديدة تتيح لمشتركيه الناشطين عبر الخدمة، الإفادة من خدمات إضافية، وتشمل هذه الخدمات تطوير تطبيق «تويت ديك» الذي يسمح للمستخدم بعرض مضمون شاشات عدة، وتنظيم سيل المعلومات على موقع المدونات الصغرى، مع أدوات أقوى لمساعدة الاختصاصيين في التسويق، والصحافيين، وغيرهم من المهنيين على اكتشاف ما يحصل في العالم بشكل أسرع، والحصول على إيضاحات أكثر، ورؤية ممكنة مما يقوله الناس على «تويتر».

وفي التوقيت نفسه تقريباً، كشفت تقارير صحافية أن «تويتر» بدأ خفض تكاليفه داخلياً بكل صمت، عبر إجراءات، من بينها خفض عدد الموظفين في مناطق عدة حول العالم، وإيقاف ميزة «تثبيت التطبيقات» ضمن حسابات «تويتر».

بيانات الموقع

وفي أبريل 2017، أطلق «تويتر» أداة جديدة للعلامات التجارية، يمكن استعمالها عند التفاعل مع المتعاملين، إذ أصبح بإمكان العلامات التجارية والشركات طلب «بيانات الموقع»، أو مشاركتها ضمن إطار الرسائل المباشرة، ما يساعد في توجيه الأشخاص نحو متاجر البيع بالتجزئة القريبة.

وتم توفير هذه الخدمة من خلال برنامج المطورين على «تويتر» للشركاء الذين يعملون على توفير أدوات خدمة عملاء للعلامات التجارية، فهي تتيح لشخص ما متواجد ضمن مدينة جديدة، ويرغب بالوصول إلى أقرب فندق، توفير موقعه لممثل خدمة المتعاملين التابع للفندق، ليعرض للمستخدم مكان الفندق. ويمكن استعمال هذه الميزة من خلال التفاعل مع المتعامل، أو ضمن الرسائل التلقائية، أو في أي مكان آخر، وتعتبر ميزة «بيانات الموقع» بمثابة أحدث تحديث تحصل عليه الشركات والعلامات التجارية في ما يخص الرسائل المباشرة، وتأتي في أعقاب ميزة الردود السريعة ورسائل الترحيب، وخيار للمساعدة في جعل ظهور العلامات التجارية بشكل اكثر إنسانية. وجاء دعم «تويتر» لـ«بيانات الموقع» بعد أيام من إعلان «فيس بوك» عن إمكانية مشاركة الموقع الجغرافي بشكل مباشر مع الأصدقاء وجهات الاتصال ضمن تطبيق «ماسنجر».

وفي يوليو اتخذ «تويتر» قراراً، بدا منه أنه قرر تطوير نفسه وإحداث تغييرات ملحوظة على موقعه، وتمثل هذا القرار في توظيف تحديث جديد لواجهته الرئيسة، يركز على الجانب الجمالي والرسومي، لتلتحق بذلك بالمواقع المنافسة، مثل «فيس بوك» و«إنستغرام».

تغيير الثوابت

كل هذه المؤشرات كانت دليلاً على وقوع «تويتر» تحت ضغوط أدخلته في حالة صراع بين المحافظة على الثوابت التي قام عليها، ومن أهمها التدوين المصغر الذي لا يتجاوز 140 حرفاً، وبين ضرورات مواجهة الضغوط المالية الداخلية، وضغوط المنافسة الخارجية. وظل الأمر يتأرجح إلى أن جاء قرار مضاعفة الحروف، ليؤكد أن الضرورات أباحت المحظورات، والضغوط أثرت في الثوابت وخلخلتها، فحدث اختراق مبدأ الـ140 حرفاً لكل تغريدة، ليصبح 280 حرفاً، في محاولة للحفاظ على المشتركين الحاليين وجذب آخرين جدد.

الأكثر مشاركة